[ محمد دحلان ]
ذهب معلقون إلى أن زيارة دحلان لموسكو ربما كانت مكافأة له على هجومه على تركيا، خاصة أن العلاقات بين روسيا وتركيا متوترة بشدة منذ أسقطت الأخيرة طائرة روسية انتهكت مجالها الجوي عند الحدود مع سوريا.
مجددا يسعى محمد دحلان لخطف الأضواء، فبعد أن انطلق من أبو ظبي إلى القاهرة لمهام إعلامية ها هو يتمدد باتجاه بروكسل مرتديا ثوب الناصح لحلف شمال الأطلنطي (ناتو) والمهاجم لتركيا قبل أن يظهر أخيرا في موسكو بضيافة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
وكان دحلان الذي تم فصله من منصبه باللجنة المركزية لحركة التحرير الفلسطيني (فتح) في يونيو/حزيران 2011 ودخل في خلافات شديدة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس قد استقر في دولة الإمارات.
وطوال الفترة الماضية ظل دحلان بفضل تصريحاته وتحركاته مثيرا لمتابعات إعلامية لا تخلو من جدل، فمن موقع إسرائيلي يقول إنه سيعود إلى غزة على ظهر دبابة، إلى مواقع تواصل اجتماعي تشهد اتهامات للرجل بأنه يشارك في تمويل الحرب بين الفرقاء الليبيين، وبأنه يمثل رأس حربة للثورات المضادة في الدول العربية التي شهدت ما عرفت بثورات الربيع العربي.
وتردد اسم دحلان بقوة في العاصمة المصرية القاهرة، حيث أظهرت صحيفة اليوم السابع حفاوة واضحة به عندما زارها في سبتمبر/أيلول الماضي، وسط تكهنات بدور مستقبلي له في الإعلام المصري، ثم ظهر اسمه كمشارك في إدارة قناة الغد العربي الفضائية التي تبث من القاهرة.
وفي الأثناء، كان دحلان يسعى لشراء أحد المواقع الإخبارية الإلكترونية في الأردن، ليثير شكوكا جديدة بشأن نواياه ومن يقف وراءه في محاولة خلق منابر إعلامية في أكثر من دولة عربية.
مهاجمة تركيا
ثم تحول دحلان إلى ساحة أخرى، أوروبية هذه المرة، حيث ألقى كلمة أمام منتدى لحلف شمال الأطلنطي (ناتو) في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي تقمص فيها دور الواعظ في ما يتعلق بكيفية التعامل مع قضايا الإرهاب ومواجهته، مركزا على تنظيم الدولة الإسلامية، ومستغلا الفرصة لشن هجوم حاد على تركيا وعلى حركات الإسلام السياسي.
فقد اتهم دحلان تركيا بدعم الإرهاب واعتبر أنها ممر له قبل أن يتهم الدول الأوروبية بأنها تعلم بمرور "الإرهابيين" عبر تركيا لكنها تتجاهل ذلك بسبب مصالحها الاقتصادية مع أنقرة.
كما هاجم دحلان حركات الإسلام السياسي التي طالما ناصبها العداء، وقال إنها "اختطفت الإسلام وجاءت بدين جديد" كالذي جاء به "داعش والقاعدة والقرضاوي"، كما ادعى أن "الدول الغربية التي تعاني من الإرهاب هي نفسها التي احتضنت لسنوات عديدة رموز جماعة الإخوان المسلمين وتركتها تزدهر في مدنها وعواصمها لتولد إسلاما متطرفا".
أما الظهور الأحدث لدحلان فكان في العاصمة الروسية موسكو التي حضر فيها اجتماعا مع الرئيس بوتين وعدد من المسؤولين الروس حسب لقطات مصورة بثتها وسائل إعلام من دون أن يتم الكشف عن سبب الاجتماع أو بأي صفة يقوم دحلان بزيارة موسكو.
وتحدثت الجزيرة نت إلى الخبير الروسي بشؤون الشرق الأوسط فاتشيسلاف ماتوزوف الذي قال إن دحلان زار موسكو للمشاركة في اجتماع المنتدى الثقافي العالمي -الذي عقده الكرملين احتفالا بالذكرى السبعين لإنشاء منظمة اليونيسكو- كشخصية فلسطينية مستقلة، مع أنه كان من المفترض توجيه الدعوة لممثلي السلطة الفلسطينية التي يرأسها محمود عباس.
دور خطير
لكن معلقين عربا ذهبوا إلى أن الزيارة ربما كانت نوعا من المكافأة لدحلان على هجومه على تركيا، خاصة أن العلاقات بين روسيا وتركيا مرت بحالة من التوتر الشديد في الأيام الماضية بعد أن أسقطت تركيا طائرة روسية اخترقت مجالها الجوي عند حدودها مع سوريا.
ويعتقد المحلل السياسي المصري أسامة الهتيمي أن دحلان يلعب دورا خطيرا في المنطقة العربية بالعمل مع الأنظمة والقوى التي تحاول إجهاض ثورات الربيع العربي، خاصة في ليبيا، وهو ما ينسجم مع التوجه الروسي تجاه المنطقة.
ويضيف الهتيمي للجزيرة نت أن بوتين ربما يريد اللعب بورقة دحلان والاستفادة من الرجل ذي العلاقات المتشابكة بالمنطقة العربية، خصوصا أن له رجالا في سوريا يمكنه تحريك الأحداث من خلالهم بشكل ما.
كما يرى أن استقبال دحلان في موسكو ليس بعيدا عن تطور جيد في العلاقات بين روسيا والإمارات ربما يذهب إلى حد تغيير الأخيرة موقفها من الثورة السورية بشكل يقترب من موقف روسيا الداعمة بقوة لنظام بشار الأسد.