تمر اليمن في الوقت الراهن بمرحلة بالغة التعقيد والخطورة سياسيا واقتصاديا وأمنيا واجتماعيا وفكريا، وتعتبر الثورة التي انطلقت ضد النظام السابق في فبراير 2011 من أهم المحطات السياسية التي شهدتها اليمن في العصر الحديث.
وكغيرها من الثورات الشعبية التي شهدتها بعض الدول العربية في العامين 2011 – 2012 أفرزت الثورة في اليمن تحولات جذرية في المشهد السياسي، ومن أبرز التحولات سقوط نظام الرئيس السابق على عبد الله صالح، وتغير خريطة التحالفات السياسية، والصراعات المسلحة بين أطراف سياسية كانت في السابق متحالفة فيما بينها، إضافة إلى زيادة التدخلات الخارجية الإقليمية والدولية بكل تناقضاتها، وتأثيرها المباشر على المسار السياسي والواقع اليمنى بعمومه.
وفى كتابه "إيران والحوثيون" للكاتب أحمد أمين الشجاع، والصادر عن مطبوعات البيان ومكتبة طريق العلم، يرى أن اليمن بعد هذه الثورة انفتحت الجراح القديمة واستجدت آلام حديثة منها أزمة القضية الجنوبية، وفى الشمال أزمة الحركة الحوثية، وهناك أزمة تنظيم القاعدة، والأزمة الاقتصادية والتوترات السياسية والفوضى الأمنية، كل هذه الأزمات تصاعدت حدتها، لكن أزمة الحوثيين تجاوزت كل هذه الأشياء وأصبحت البلاد معرضة لنزيف طويل بسبب القهر والكبت لسنوات طويلة.
والكتاب يعرض للأزمة في عدة محاور، الأول منها يتناول نشأة الحوثية وتطورها، ومسار الصراعات المسلحة التي خاضتها، حتى أنها تحولت، عبر 6 حروب طاحنة، إلى قوة مذهبية سياسية مسلحة لها القدرة على فرض نفسها على الواقع اليمنى، فبعد إعلان نجاح الثورة الإيرانية 1979 كانت المظاهرات المؤيدة للخميني تجوب شوارع صعدة في اليمن حتى أن هذه المظاهرات استفزت الحكومة فقامت بحملة اعتقالات لإخمادها، وكان أتباع الزيدية في صعدة ينظرون إلى هذه الثورة على أنها هبة سماوية لإنقاذ الكرامة الإنسانية في العالم، ومن بعدها صبت الأحداث كلها في صالح الحوثيين. كما تناول الكتاب الجانب العقائدي والفكري لهذه الحركة، والدور الذي لعبته العقيدة في صياغة المشروع الحوثي لتحويله إلى أداة إيرانية تسعى بواسطتها إلى تحقيق طموحاتها الدينية ومطامعها السياسية في اليمن.
ويستعرض أحمد أمين الشجاع، الظاهرة الحوثية في مرحلتها الجديدة التي ظهرت مع قيام الثورة الشعبية في 2011، حيث سنجد أن الحركة دخلت في مرحلة أكثر خطورة وجرأة وكشفت عن غايات وأهداف لم تكن تبدأها من قبل، فأخذت بالتوسع الكمي والنوعي على المستويات السياسية والجغرافية والفكرية.
ويتوقف الكتاب كثيرا أمام الدور الإيراني في اليمن، وهو الدور الذي يعتبر المحرك والداعم الأهم والأساسي للأزمة الحوثية، ويشمل الأمر التدخلات الإيرانية وحقيقتها، ودورها السلبي في الواقع اليمنى، فمع بداية العام الميلادي 2002 بدأت الدولة تشعر أن تنظيم "الشباب المؤمن" بقيادة حسين بدر الدين الحوثي بدأ يشب عن الطوق ويثير المخاوف.
في النهاية يمكن القول بأن اليمن خسرت كثيرا من الأموال ومن البنى التحتية ومن الكوادر والأرواح نتيجة للحروب التي تدور فيها، كما ضاعفت الحروب التي تدور فيها من الأزمات الاجتماعية للشعب اليمنى وأوجدت نوعا من الانقسام الداخلي.