[ المقري حصل على جائز التنويه الخاص مؤخرا ]
«بالنسبة لي استحضر دائماً قول وليم فوكنر إن الفنان الجيّد يعتقد أن لا أحد جيّدا بشكلٍ كافٍ حتى يقدّم له الرأي حول عمله».
هذا ما يؤمن به الروائي اليمني الفائز مؤخرا بجائرة التنويه الخاصة التي يمنحها معهد العالم العربي في باريس ومؤسسة جان لوك لاغاردير عن روايته المترجمة للفرنسية «حرمة» التي صدرت في نسختها العربية عن دار الساقي في العام 2011، خصوصا أن هذا التكريم قد أعلن في فترة تعيش فيها بلاده اتون الحرب والظروف الصعبة.
علي المقري الذي حققت رواياته الثلاث الأخيرة «اليهودي الحالي» و «حرمة» و «بخور عدني» حضورا واسعا وتمّت ترجمتها إلى لغات عدة منها الإيطالية، الفرنسية، الإنكليزية، الكردية وغيرها، كان لنا معه هذا الحوار:
قبل أيام، حازت روايتك «حرمة»، بعد ترجمتها إلى الفرنسية «جائزة الرواية العربية» التي يمنحها «معهد العالم العربي» في باريس.. ما أهمية ذلك بالنسبة إليك؟
ـ لا أعرف كيف يمكن قياس أهمية أي جائزة، إذ إن أي جائزة يرجع منحها لتوجّه المؤسسة المانحة لها، خصيصاً في العالم العربي. لكن هناك بالمقابل جوائز تعطي فسحة للكاتب وتكافئه على مقدرته الكتابية ومنجزه وليس لأي اعتبارات أخرى، وهذا ما أظنه قد تحقق في حصول رواية «حرمة» على جائزة التنويه الخاص من قبل لجنة تحكيم جائزة الرواية العربية التي يمنحها معهد العالم العربي ـ باريس ومؤسسة جان لوك لاغاردير.»
] كمواطن وروائي يمني كيف تقرأ وضع اليمن الحاضر وهل يقوم المثقف اليمني عموما بالدور المنوط به؟
ـ حال اليمن جاء بعد ثلاثة عقود من ضغط النظام الديكتاتوري الذي استحوذ على السلطة والثروة وقمع كل رأي مختلف معه. هناك محاولة من بقايا هذا النظام وتحالفاته للعودة إلى السلطة، بأي شكل كان، وهو ما يرفضه أغلب الناس الذين رأوا في ما يسمّى بالربيع العربي فاتحة أمل لحياة مختلفة. لهذا حدث الصراع المسلّح بين الاتجاهين لتدخل أطراف إقليمية أخرى تريد أن تسيّر نتائج الصراع لمصلحتها.
أمّا عن المثقف ودوره فعلينا، كما يبدو لي، أن نفرّق بين مصطلحي الأديب/ الفنّان والمثقف. فالأول لا قوّة له في أحوال كهذي سوى القيام بدور الشاهد الصامت قد يبوح بشهادته فنياً في يوم ما، والأمر يعود إلى حساسيته الخاصة تجاه الأحداث حوله، وإذا لم تكن الحروب قد هشّمت ذاكرته وتماسكه النفسي. أما بالنسبة للمثقفين، فالجميع يمكنهم أن يحملوا هذه الصفة. فمجرمو الحروب والقتلة ورجال السلطة هم أيضاً من المثقفين، ويمارسون ثقافتهم في هذا المجال باحترافية عالية.
آخر النفق
كيف يتخيل علي المقري آخر النفق ولماذا؟
ـ بعد أن ينهزم الجميع في هذه الحروب القذرة، سيستسلمون لمن له بقايا نفس أو بعض حياة. حين يعترف الجميع بهزيمتهم سنخرج من النفق.
لماذا يحضر التاريخ حديثا وقديما في رواياتك وما الذي تراعيه عند استحضار التاريخ؛ ماذا عن اللغة وروح العصر المستحضر؟
ـ أنا لا أكتب رواية تاريخية وإن احـــتوت كتاباتي بعض الإشــارات إلى أحداث وأزمنة. التاريخ بالنســــبة لي محنة إنسانية وأتعامل مع أحداثه من زاوية أدبية تختبر الجوانب الاستثنائية أو غير المكتشفة فيه.
لماذا الهامش؟ وهل الهامش يتسع أو يضيق في ظل تحولات مجتمعنا؟
ـ الحديث عن تناول الهامش الاجتماعي يتكئ على مقولات أيديولوجية وسياسية، لأنه، كما يبدو لي، ليس هناك من هوامش أو متون في المعالجة الأدبية. فكل القضايا والطبقات سواء أمام المجهر الفني. والمهم كيف تبدو في هيئتها النصية.
كيف ترى واقع الرواية اليوم في بلدنا وهل ترقى إلى حجم حركة الصراع المجتمعي وتحولات ذلك الصراع؟
ـ هذا سؤال مفخخ، إذ لا أعرف إذا كان على الرواية أن تواكب أو ترقى، على حد تعبيرك، إلى مستوى الصراع المجتمعي. فقولك هذا يعني أن حركة الصراع دائما في الأمام أو متقدمة على الأدب. ما يبدو لي أن الأمر يعود إلى مقولات دور الأدب والأديب في المجتمع. وهي مقولات قد استهلكت كثيراً.
تجربة ترجمة رواياتك كيف وجدت صداها لدى القارئ الأجنبي؟
ـ لا أفرق بين قارئ وآخر، ولا أحبذ عبارة القارئ الأجنبي، ففي فعل قراءة الأدب، كما في فعل الكتابة، الناس سواء.
القراءة تأتي لاحقاً، وقد نُشرت الكثير من الكتابات الصحافية حول هذه الكتب المترجمة. وبالنسبة لي استحضر دائماً قول وليم فوكنر إن الفنان الجيّد يعتقد أن لا أحد جيّدا بشكل كافٍ حتى يقدّم له الرأي حول عمله.
العديد من الروائيين اليمنيين تناولوا قضية المرأة اليمنية سواء كانت المرأة المهمشة داخل سواد معتقدات المجتمع الظالمة أو المتحدية لهذه الظلمات.. كيف تختلف رواية حرمة عن منتجهم؟ ما الجديد الذي أردت قوله؟
ـ لا أظن أن رواية «حرمة» يمكن حصرها كموضوع يتعلّق بقضية المرأة اليمنية وإشكاليتها. فإذا كنتُ قد تصورتها على هذا النحو البسيط لما كتبتها.
هل هناك مشاريع قريبة لعلي المقري؟ إن وجدت هلا حدثتنا عنها؟
ـ أنا الآن أحاول أن أتنفس في أجواء حرب تحوطني من كل مكان وفي أي مكان. كيف يمكنني أن أكتب والجثث ما زالت تتراكم أمامنا كلّ يوم؟