مع انتهاء فترة رئاسة الحوثيين لما يسمى بـ(المجلس السياسي الأعلى) التابع لهم، مدد الانقلابيون فترة رئاسة صالح الصماد للمجلس، لأربعة أشهر أخرى.
وذكرت وكالة "سبأ" التابعة للانقلابيين، أن المجلس عقد اليوم الأربعاء 28 ديسمبر/كانون الأول، اجتماعا برئاسة الصماد، أقروا خلاله استمرار القيادي الحوثي البارز في رئاسة المجلس، على سبيل الاستثناء.
وأفادت الوكالة، أن ذلك "جاء بعد نقاش مستفيض للمستجدات في هذه المرحلة الصعبة التي تمر بها البلاد، جراء العدوان السعودي الغاشم (في إشارة إلى التحالف العربي)".
ويرى البعض أن هذه الخطوة، تكشف عن توسع الهوّة بين الانقلابيين، واستمرار هيمنة الحوثيين على المشهد في صنعاء، وكذا ما يُعرف بـ"المجلس السياسي الأعلى"، خاصة مع استمرار اللجان الثورية التابعة للحوثيين بمزاولة عملها، إضافة إلى عدم وجود أدوار حقيقية تقوم بها ما تسمى بـ"حكومة الإنقاذ "التي شكلها الحوثيون وصالح مؤخرا، ولم تعترف بها دول العالم، خاصة مع استمرار اللجان الثورية التابعة للحوثيين بمزاولة عملها.
إلا أن آخرين يرون أن التمديد لـ"الصماد"، إنما هو تكتيك من قبل المخلوع صالح، تحسبا للسقوط الوشيك، حيث يسعى صالح من وراء هذه الخطوة، إلى إلقاء مسؤولية الانهيار الذي بدأت ملامحه بالظهور على عاتق الحوثيين، من خلال استمرار توليهم رئاسة المجلس السياسي، الذي يعتبر أعلى سلطة تنفيذية في المناطق الواقعة تحت سيطرة الانقلاب.
وفي الثامن والعشرين من يوليو/تموز الماضي، أعلن الانقلابيون (الحوثي- صالح) عن تشكيل مجلس سياسي لإدارة المناطق التي تخضع لسيطرتهم في شمال البلاد، وتكون رئاسته دورية بينهما، وهو ما لم يحدث حتى اللحظة، مع استمرار الحوثيين برئاسته.
انعدام الثقة بين الانقلابيين
وفي هذا الصعيد، يقول المحلل السياسي ياسين التميمي، إن بقاء "الصماد" رئيسا لما يسمى المجلس السياسي لمدة أربعة أشهر أخرى، يؤشر إلى عدم توفر الظرف المناسب لإجراء التغيير، وفقا للاتفاق المبرم بين طرفي الانقلاب.
ويبيّن في حديثه لـ(الموقع بوست)، أن هذا الظرف لا يتعلق باستثنائية المرحلة كما جاء في بيان الانقلابيين، إذ أن الوضع كله استثنائي، وإنما يؤكد انخفاض منسوب الثقة بين شريكي الانقلاب.
ويشير إلى أن انتقال رئاسة المجلس لجناح صالح في حزب المؤتمر الشعبي العام، الذي يتولى أيضا رئاسة الحكومة التابعة لهم، يثير خشية الحوثيين من أن يوفر ذلك إطارا إجرائيا لصالح ومؤيديه؛ للمضي في ترتيبات تتناقض مع مصالح ميلشيات الحوثي وأولوياتها وأهدافها.
ولا تؤشر الظروف الراهنة- حسب التميمي- إلى استمرار مستوى التنسيق بالقدر ذاته من الثقة المتبادلة والحماس بين الانقلابيين، مؤكدا أن الكثير من المتغيرات طرأت عليهم، وهو ما قد يجعل الخاتمة أكثر سوءا.
ويُرجح محللون إمكانية أن تندلع حرب بين الانقلابيين، بعد تنامي حدة الخلافات بينهما، على خلفية كثير من التعقيدات التي عمل خلالها الحوثيون على تهميش دور صالح بشكل أو بآخر، وتفكيك حزبه الذي يُعد أكبر الأحزاب في اليمن.
صراع وضغوط
وفي سياق ذي صلة، يقول المحلل السياسي رشاد الشرعبي، إن طرفي الانقلاب لديهما نزعة التسلط والتفرد بالحكم، والأقوى هو من سيفرض قراراته.
ويضيف لـ(الموقع بوست) أن تمديد الانقلابيون لفترة رئيس مجلسهم السياسي، يأتي في ذلك الاتجاه، موضحا أن" الحوثيين يشعروا أنهم الطرف الأقوى، والمتحكم بالمؤسسة العسكرية والأمنية، وكذلك الجهاز الإداري للدولة، والمؤسسات الإيرادية، فبإمكانهم أن يفرضوا إرادتهم، حتى ولو ساقوا مبرراتهم الواهية والخادعة"، حد وصفه.
ويؤكد "الشرعبي" أن الصراع واضحا وقويا بين طرفي الانقلاب والخلافات محتدمة، في إطار كل طرف، في ظل الضغوط التي يتعرضوا لها على الصعيد الاقتصادي، فضلا عن فشلهم المالي والإداري، وعجزهم عن تسديد مرتبات موظفي الدولة، وكذا الانتصارات التي يحققها الجيش الوطني والمقاومة الشعبية، في جبهات بيحان، ونهم، وتعز، والبقع، وعلب وميدي، والبيضاء.
ويستمر الانقلابيون بإفشال كل جهود المجتمع الدولي، للتوصل إلى اتفاق سياسي ينبثق من المرجعيات الثلاث، أبرزها قرار 2216، بإعلانهم في 28 نوفمبر/تشرين الثاني، عن تشكيل" حكومة إنقاذ"، شكلية، في محاولة لخلق كيانات موازية في الدولة، من أجل تعقيد المشهد أكثر، وهو ما يجعل من خيار الحسم العسكري، الحل الأمثل في ظل رفضهم لتسليم السلاح.