بعد إخفاء قسري لأكثر من عامين..
ما وراء إفراج الإمارات عن المختطفين في سجونها بحضرموت وعدن؟ (تقرير)
- علي الأسمر الاربعاء, 04 يوليو, 2018 - 08:49 مساءً
ما وراء إفراج الإمارات عن المختطفين في سجونها بحضرموت وعدن؟ (تقرير)

[ رسومات توضيحية رسمها مختطفون في سجون الإمارات بعدن ]

بعد إخفاء قسري لأكثر من عامين أفرجت دولة الإمارات عن عدد من المخفيين في سجونها الخاصة، التي تحرسها قوات موالية لها في محافظتي حضرموت وعدن.

وكان آخرها الإفراج عن 46 مخفي قسرا في سجن بئر أحمد بمدينة عدن يوم أمس، و19مخفيا اليوم الأربعاء، بعد تغييب استمر لأكثر من عامين لم يسمح خلالها لأهاليهم بزيارتهم، تعرضوا خلالها لأبشع أساليب التعذيب الوحشي، بحسب ما كشفت عدد من المنظمات، ووسائل إعلامية محلية وعالمية.

بعض عمليات الإفراج قالت وكالة سبأ الحكومية إنها أتت بحسب أوامر النيابة العامة، لعدم الاكتفاء بالأدلة في ضلوع المتهمين بالإرهاب، وهي الأوامر التي ظلت أبوظبي ترفضها طوال فترة الاعتقال.

واللافت أن الإفراج عن المخفيين أتى بعد تنصل أبوظبي من إدارتها لأي سجون سرية في اليمن، عقب تصريحات رسمية من قبل الحكومة اليمنية، أكدت فيها أن لا سلطة لها على تلك السجون، وكان آخرها تصريحات وزير الداخلية اليمني أحمد الميسري، وتزامن ذلك مع تزايد الاتهامات الدولية لأبوظبي بإدارة عدد من السجون السرية في اليمن، وتعرض المخفيين فيها للتعذيب.

زيارة الميسري

وعقب تزايد الاتهامات الدولية المتزامنة مع التصعيد المتواصل لأهالي المخفيين قسرا، جاءت زيارة وزير الداخلية أحمد الميسري إلى أبوظبي، وكان واضحا أن هذا الملف من ضمن أهم أجندة الزيارة، في محاولة من قبل أبو ظبي للتخلص من هذا الملف الشائك، الذي عرضها للإحراج، والخوف من التبعات القانونية المترتبة عليه.

وعقب عودة الوزير الميسري بحسب المحلل السياسي اليمني عبدالرقيب الهدياني شهد هذا الملف زحزحة باتجاه إنهائه، فلأول مرة يصدر قرار بشأن تشكيل مصلحة السجون.

ضغوط

كان واضحا أن تزايد الاتهامات من قبل المنظمات الدولية وهيئات الأمم المتحدة، لدولة الإمارات بشأن هذا الملف، قد أتى ثماره، وبدت نتائجها على أرض الواقع بالإفراج عن أعداد من المخفيين في محافظتي حضرموت وعدن.

وإضافة لذلك فقد كان كشف وسائل الإعلام لسلسلة من الانتهاكات، التي تمارسها الإمارات، والأجهزة العسكرية التابعة لها في تلك المعتقلات، دورا بارزا في حلحلة هذا الملف.

وكان  تحقيق وكالة "أسوشيتد برس" الأمريكية آخر تلك التناولات الصحفية، وهو التحقيق الذي كشفت فيه الوكالة عن سلسلة من الانتهاكات والتعذيب البشع الذي يمارس بحق المعتقلين.

وقالت الوكالة في التحقيق إنها حصلت على معلومات من شهود عيان ومعتقلين سابقين تفيد بأن الحراس اليمنيين العاملين تحت إشراف ضباط إماراتيين استخدموا أساليب مختلفة للتعذيب والإذلال الجنسيين في خمسة سجون سرية على الأقل تديرها الإمارات في اليمن، وفق "أسوشيتد برس" التي اتهمت ضابطا إمارتيين بالتورط في اغتصاب معتقلين.

خطوة استباقية

ويرجح أن تكون عمليات الإفراج عن المخفيين في سجون أبوظبي السرية في اليمن، استباقا لزيارة وفد أممي للعاصمة المؤقتة عدن، في محاولة للتخلص من هذا الملف.

وهو الوفد الذي أكدت مصادر يمنية وثيقة الاطلاع للموقع بوست في وقت سابق أنه سيزور العاصمة المؤقتة عدن خلال الأيام القادمة للاطلاع على الأوضاع هناك، وسيقابل مسؤولين في الحكومة اليمنية وآخرين في التحالف العربي.

وتأكد وصول الوفد الأممي بلقائه رئيس الوزراء أحمد عبيد بن دغر اليوم في مدينة عدن، حيث التقى بكل من رئيس فريق الخبراء الأممي أحمد حميش، ومسؤولة حقوق الإنسان والمساعدات الإنسانية ماري لويس، وناقش الجميع التسهيلات التي ستقدم للفريق خلال مهمة عمله في اليمن.

إعادة حسابات

الكاتب والصحفي اليمني صدام أبو عاصم قال إن الخطوة كانت خاطئة منذ البداية، وأضاف في حديث خاص للموقع بوست "من غير المعقول أن يتم اعتقال مشتبه به ومن ثم التحقيق معه سنتين أو سنة".

وأشار أبو عاصم إلى أن هذه الخطوة توحي أن الإمارات بأذرعها الأمنية والعسكرية في عدن، شعرت أنها تتورط يوما عن آخر في أول مغامرة سياسية وعسكرية لها في الإقليم.

وتابع بالقول: في كل الأحوال يبدو أن هناك تقارب بين الشرعية والإمارات، خصوصا بعد زيارة هادي الأخيرة إلى الإمارات والتقائه مسؤولين هناك، لتصفية ملف الخلاف بعد حادثة سقطرى وحجز رئيس الوزراء.

وعن إفراج أبوظبي عن عدد من المخفيين في سجونها قال صدام أبو عاصم أن الإمارات تلقت العديد من الانتقادات من قبل مهتمين ومراقبين ودول، وخصوصا فيما يتعلق بملف الاعتقالات والسجون السرية في عدن.

ورجح أبو عاصم أن ذلك دفعها لإعادة حساباتها مع الشرعية، كونها صاحبة القول الفصل في إبقاء الإمارات كشريك في التحالف العربي أو استبعادها بشكل رسمي.

واختتم الكاتب صدام أبو عاصم حديثه للموقع بوست بالقول "يجب أن يكون هناك انسجام في أداء التحالف العربي لإعادة الشرعية في اليمن، وخصوصا بين السعودية والإمارات، وإن كان ثمة تحميل للمسؤولية في أي خلل تقوم به فصائل مدعومة علنا من الإمارات، فيجب أن تتحمله الشرعية، ومعها السعودية كونها صاحبة اليد الطولى في هذا التحالف.

لملمة فضيحة

الكاتب والمحلل السياسي اليمني عبدالرقيب الهدياني من جانبه يرى أن ملف السجون السرية التي أنشأتها الإمارات في عدن، والمحافظات المحررة، والتي يقبع فيها المئات والآلاف من المعتقلين، والذين يتعرضون فيها لأبشع أنواع التعذيب وصل إلى حد الوفاة لبعض السجناء أصبح حملا ثقيلا عليها.

وأوضح أن التناولات الصحفية والتي كان آخرها الصحافة الأمريكية، والتي كان آخرها ما نشرت إحدى كبريات الصحف فيها من تحقيق مطول لاقى رواجا كبيرا.

وأشار في سياق حديثه للموقع بوست إلى أن هذا الملف عقب تناول الإعلام له، كلف دولة الإمارات كثيرا من سمعتها، حقوقيا وسياسيا، واشتغل عليه خصوم الإمارات، ولذلك هي اليوم تحاول أن تتخفف من هذا الملف الكبير .

ويتفق الهدياني مع الصحفي صدام أبو عاصم بأن التقارب الأخير الذي حدث بين الشرعية ودولة الإمارات، حيث يرى أن حلحلة هذا الملف يأتي في سياق هذه التفاهمات.

ووفقا لذلك كما يقول يجري الإفراج عن المعتقلين والمخفيين في عدن وحضرموت، في إطار محاولة لملمة هذه الفضيحة الكبيرة بحسب وصفه، والتي علقت بالإمارات ومشروع التحالف العربي، والحكومة الشرعية، ومثلت وصمة عار في وجه الجميع.

ويؤكد الهدياني أنه وفقا للتفاهمات الأخيرة، يجري حلحلة هذا الملف عبر وزارة الداخلية، وجهات من القضاء، بحيث كل من لم تثبت عليه تهمة، وكثيرا منهم - وفق الهدياني- مغردون في شبكات التواصل الاجتماعي، وفنانون وبعضهم اعتقل بتهمة الاشتباه، والكثير اعتقل بتهم سياسية كيدية.

وبين أن كل هؤلاء جري تنقية أسمائهم،  ومن لم تثبت عليه تهمة، يجري الإفراج عنه، وكل من عليه تهمه سيجري إحالته للقضاء وهكذا سيتم حلحلة هذا الملف.


التعليقات