محللون: التحالف يدفع لزرع انقسام مناطقي يؤسس لاقتتال أهلي في تعز
- تعز - خاص الاربعاء, 27 مارس, 2019 - 03:43 مساءً
محللون: التحالف يدفع لزرع انقسام مناطقي يؤسس لاقتتال أهلي في تعز

[ أرشيفية ]

كشفت الحملة الأمنية التي أطلقها محافظ تعز نبيل شمسان فور وصوله إلى المدينة وبعد مرور شهرين من تعيينه، حجم المشكلة التي تعيشها تعز، ووضعتها أمام تحديات وتعقيدات بالغة. الجماعات المسلحة التي تقف وراءها أطراف إقليمية وأطراف حزبية محلية، أكدها اليوم هذا التطور الأمني الأخير وبدقة.

 

خمسة أيام تعرض فيها مدنيون للاستهداف جراء قيام تلك العصابات بمواجهة قوات الجيش والأمن، ورفضها تسليم المطلوبين.

 

خمسة أيام عادت فيها أصوات الرصاص والمدافع وحوصرت أحياء كحي المدينة القديمة وباب موسى وصينة، وذلك بسبب رفض العصابات تسليم المطلوبين، وقيامها بالقصف العشوائي على الجيش وعلى المباني والأحياء السكنية، بل انتشر القناصة على أسطح بعض المنازل ومارسوا القتل بحق مدنيين كثر.

 

استهداف المدنيين من قبل العصابات وتفاصيل المواجهة وحجمها ونوعها، جعلت محافظ تعز أمام تحدٍّ صعب وبالغ، لينتهي الأمر بسرعة إيقافها وتوجيه قوات الجيش بالانسحاب من المواقع.

 

وانتهت الحملة الأمنية المشتركة لملاحقة مطلوبين بالسيطرة على مبنى مدرسة هائل للبنات مقر كتائب العباس، بعد مواجهات عنيفة مع مطلوبين أمنيا على ذمة اغتيال ضابط في اللواء 22 ميكا، سقط فيها قتلى مدنيون.

 

وشكل محافظ تعز لجنة قضائية للتحقيق في الأحداث التي جرت والكشف عن المتسببين فيها وتعويض المتضررين المدنيين، بعد اتهامات للحملة الأمنية بتجاوز قرار المحافظ الذي أوقف الحملة مساء الجمعة، وأمر بانسحابها، في حين تقول الحملة إنها واجهت هجوما كثيفا أثناء تنفيذ قرار الانسحاب مما اضطرها للتعامل مع المسلحين بحزم.

 

وفي الوقت ذاته شكل محافظ تعز حملة امنية جديدة من كافة الوحدات الأمنية في المناطق الشمالية والشمالية الشرقية للمدينة، بهدف إلقاء القبض على المطلوبين أمنيا واستتباب الأمن وفرض هيبة الدولة. وقد تمكنت الحملة من إلقاء القبض على غزوان المخلافي في حي الروضة، ومستمرة في ملاحقة بقية المطلوبين أمنيا، طبقا لمصادر أمنية.

 

وكشفت مصادر مطلعة عن توجيهات أصدرها محافظ تعز نبيل شمسان بالسماح لعناصر قاتلت الحملة الأمنية بينهم مطلوبون أمنيا على ذمة جرائم اغتيالات وأعمال تخريبية بمغادرة المحافظة.

 

الكتائب في وجه الدولة

 

وبشأن الجدل الذي دار حول استهداف الحملة الأمنية للمدنيين بالقصف العشوائي، ربما يمكن العودة إلى أحد الأدلة التي تثبت تورط كتائب أبو العباس بذلك مقطع الفيديو الذي تم تداوله في وسائل التواصل الاجتماعي لقائد ميداني تابع لكتائب أبو العباس يدعى "محمد نجيب" قائد عمليات الكتائب، ظهر وهو يهدد ويتوعد بإحراق تعز بالصواريخ الحرارية، ووفق محتوى الفيديو أمر القائد مقاتليه بكسر أبواب البيوت ونهب محتوياتها وسط ترديد هتافات التكبير.

 

وبشأن الحملة الأمنية، يقول الكاتب الصحفي عبد العزيز المجيدي، في حديثه لـ"الموقع بوست": "كانت الحملة الأمنية ضرورية للغاية ومهمة.. لماذا؟ لأنها جاءت بعد واقعة اغتيال ضابط ومرافقه، وسط المدينة، بعد يوم واحد من وصول محافظ تعز الجديد لأداء عمله".

 

وهذا يعني، بحسب المجيدي، أن "العصابات التي تدير جرائم الاغتيالات اختارت توقيتا محددا ونفذت جريمتها، ويبدو أنها كانت تستعد لتفجير الأوضاع بمدينة تعز مجددا. وبالتالي كان لا بد من الحملة".

 

ثم جاءت قرارات المحافظ بتشكيل حملة أمنية للقبض على المطلوبين بمختلف الجرائم وبالتالي كان لا بد أن تبدأ الحملة بالأكثر خطورة. هل هناك ما هو أكثر خطرا من الجريمة المنظمة؟

 

ويقول المجيدي "المتورطون في عملية الاغتيال بحسب الحملة الأمنية وتوجيهات المحافظ ثبت أنهم من كتائب أبي العباس ولاذوا بها للاحتماء ورفضت تسليمهم. هل هي مصادفة أن يكون أبو العباس هو الكيان الذي يصطدم دائما بالحملات الأمنية التي تلاحق مطلوبين على ذمة اغتيالات كما حدث العام الماضي؟".

 

كيف ظهر المحافظ مرتبكا؟

 

وما حدث لاحقا، يقول المجيدي "أمر لا يستطيع أحد تقديره سوى الحملة الأمنية نفسها فهم كانوا في الميدان وواجهوا المطلوبين مسنودين بأفراد أبي العباس واستخدموا مختلف أنواع الأسلحة".

 

 كما حدث في المرات السابقة تبين أن أبي العباس يتوفر على منصات وناشطين وحتى أحزاب تدافع عن تمرده، وعدم خضوعه لأي جهة نظامية واشتعلت المنصات وحملات الدعاية، وتدخلت طائرات التحالف، فعلق المحافظ الحملة مقابل تسليم المطلوبين.

 

 لكن الاتفاق لم ينجز، وقالت الحملة إنها تعرضت لهجمات وإطلاق نار، ليخرج بعدها المحافظ مرتبكا بأكثر من توجيه، فوجه حملة أمنية إلى شمال وشرقي المدينة والحملة الأولى لم تفرغ بعد من مشكلة أبو العباس، ثم وجه بإيقاف الحملة وسحبها، ثم أصدر توجيها آخر يحمل قيادة المحور والشرطة المسؤولية، وكأن هناك من يضغط على الرجل، بينما في نفس الوقت هو لا يستطيع أن يلزم أبو العباس بأي شيء، لا بتسليم المطلوبين ولا بإيقاف إطلاق النار.

 

وبالتالي كانت الحملة ستنتهي إلى مشكلة كبيرة للمدينة برمتها، فالمسلحون ظنوا أنهم قد عثروا على كلمة السر، وقال مقرر الحملة عدنان السقاف إن المسلحين لم يتوقفوا عن إطلاق النار وقنص المواطنين وإحراق المستشفى، فاضطرت الحملة للتعامل معهم.

 

طبقا للمعطيات، فإنه حين يقرر مسؤول ما إنفاذ حملة وهو غير قادر على توفير الحماية لأفراده، وليس لديه خطة للخروج بماء الوجه ولا إنفاذ قراره على التشكيلات التي يتم شرعنتها، رغم تمردها وعدم خضوعها لأي جهة نظامية فهو يتحمل المسؤولية أيضا.

 

ويقول المجيدي "أي انتهاكات أو تجاوزات لأفراد الحملة بالتأكيد تتحمل مسؤوليتها الحملة، ويجب أن يخضع أي مرتكب لجناية بحق بريء للمحاسبة. لكن السؤال من المسؤول الأول عما حدث؟".

 

يجيب المجيدي، متابعا حديثه لـ"الموقع بوست": "هناك من نسي واقعة الاغتيال، وراح يتحدث عن النتائج، والحق أن من نفذ جريمة الاغتيال ووفر الحماية والسلاح للقتلة يتحمل كامل المسؤولية".

 

السبب الرئيس في المشكلة، في نظر الكاتب المجيدي "هو وجود تشكيل مسلح يرفض الاندماج في الجيش وثبت للعيان أنه يوفر ملاذات وحماية وأسلحة لعصابات الاغتيالات وهو ملحق اسميا بلواء عسكري ولا يخضع لأوامر قائده، لهذا السبب تكررت هذه المشاكل وبتواطؤ القوى السياسية وحتى مسؤولين محليين مرتبطين بأجندات تخدم أطرافا إقليمية تريد الانتقام من تعز".

 

ويتابع متسائلا "كيف تزعم أنك تريد دولة، بينما تدعم وتدافع عن مليشيا لا تخضع لأي جهة نظامية، بينما تدين حملة أمنية، مكونة من تشكيلات مختلفة؟".

 

كان الأولى التوجه لهذا التشكيل بالانصياع وتسليم المطلوبين. هذا لا يعني أنه يجب غض الطرف عن بقية المطلوبين. الحملة ليست ليومين أو ثلاثة أيام، فهي مستمرة ويجب أن تشمل كل المطلوبين على ذمة قضايا جنائية ونهب وبلطجة وتعرض لأملاك وحقوق الناس، وهؤلاء معظمهم ينتمون لتشكيلات عسكرية. وكان قرار المحافظ جيدا حين حمل كل قائد مسؤولية ما يقع من أفراده.

 

تشكيلات مسلحة مرتبطة بجهات خارجية

 

ومن زاوية أن هناك أولويات يجب أن ينظر لها بعين العقل، ومدى الضرر الذي تلحقه بالسلم الاجتماعي والأهلي. يقول المجيدي "شخصيا أرى أن الجريمة المنظمة التي تتوفر على السلاح والتمويل وتنشط بأجندة معادية لتطلعات محافظة مخنوقة ومحاصرة وتريد صناعة سلطات متعددة وتشكيلات مسلحة مرتبطة بجهات خارجية".

 

 يجب أن تكون ذات أولوية. وفي نفس الوقت لن تكسب السلطات ثقة الناس مهما فعلت إن لم تجابه ظواهر البلطجة والاعتداءات على الحقوق الخاصة والعامة، وهي استحقاقات عاجلة وجب تنفيذها بأسرع وقت.

 

وقد أصبحت هذه الأجهزة ومصداقيتها على المحك، وعلى المحافظ أن يتجنب صناعة انقسامات في أجهزة السلطة كما فعل سلفه، فتعز لا تحتمل المزيد وإذا أراد أن يختبر مصداقية الأجهزة فليذهب معها لمواجهة الظواهر الأخرى.

 

الخوض في معارك من شأنها خلق حالة من عدم الانسجام مع بقية السلطات سيكون سيئا وسيرتد سلبا على الناس والمحافظة، وستضيع استحقاقات أنن المواطنين ضمن صراعات لن يستفيد منها أحد.

 

ويختم المجيدي حديثه لـ"الموقع بوست" وتحليله بالقول "يحتاج المحافظ إلى إغلاق أذنيه عن وسوسات الشياطين في القاهرة. فهم لن يرتاحوا حتى يصطدم الجميع ببعضهم، لأنهم يقبضون الأموال المدنسة من افتعال الفوضى والمعارك بمحافظتهم".

 

التحالف وزرعه صراع مناطقي في تعز

 

من جهته يقول الكاتب الصحفي مصطفى راجح، معلقا على التطورات في تعز "التحالف يدفع لزرع انقسام مناطقي يؤسس لاقتتال أهلي في تعز (حجرية/شرعب) بعد أن فشل في إشعال حرب بواسطة الانقسام الحزبي الذي غذاه (إصلاح/ناصريين)، (إخوان/سلفيين).

 

ويضيف راجح "يريدون أن يأمنوا تأثير تعز، وأن يعزلوها ويحيدوها في الفترة القادمة حين تتحول التمهيدات الإماراتية في الجنوب إلى خطوط فصل نهائية".


التعليقات