الحركات الطلابية نواة الثورات
السبت, 10 ديسمبر, 2016 - 04:37 مساءً

لعبت الحركة الطلابية اليمنية خلال القرن الماضي دوراً محوريا في صناعة الأحداث المفصلية على الساحة اليمنية، حيث أدت إلى تحرر اليمن من عهود الكهنوت الإستبدادية المظلمة التي أمتدت لأكثر من ألف عام، وطرد الإحتلال البغيض الذي جثم على شطر الوطن الجنوبي لعشرات العقود.

فقد كان الطلاب اليمنيون في الخارج في طليعة الثوار الذين وضعوا اللبنات الأولى للتحرر من الإستبداد والإستعمار، جراء جهودهم في إنشاء تكتلات طلابية جامعة هدفت إلى توحيد الرؤى الوطنية للطلبة وزرع شتلات الحس الوطني في نفوسهم لما من شأنه التهيئة لإحداث التغيير المطلوب في وطنهم ورفع الظلم الذي يرزح تحته أهلهم وذويهم وأمتهم اليمنية جمعاء.

الشهيد محمد محمد الزبيري حمل هموم وطنه في حِلِّه وترحاله وكان أول من أنشأ تكتل طلابي في مصر في بداية الأربعينات عندما كان طالباً بدار العلوم بالقاهرة تحت إسم " كتيبة الشباب اليمني"، ذلك التكتل الذي أنضوى تحته كل الطلاب اليمنيين في مصر آنذاك والتحق به بعد ذلك العديد من رموز الثورة المتنورين منهم الأستاذ الشهيد عبده محمد المخلافي والشيخ السبتمبري عبدالمجيد الزنداني وغيرهما، وقد كان ذلك التكتل بمثابة الطليعة الثورية اليمنية الأولى التي أفضت في النهاية إلى تفجّر ثورات ضد الحكم الإمامي بدءاً بثورة 48 مروراً بحركة 55 وانتهاءً بثورة الألف عام ثورة 26 من سبتمبر الخالدة التي استعادت الدولة اليمنية وفتحت لليمن بقعة ضوء نحو السموات الرحيبة.

المتنورون بشكل عام ومنهم الطلاب هم من حملوا هموم وطنهم وأحدثوا تغييرات جذرية في الحياة السياسية اليمنية، وإذا ما راجعنا تاريخ الحركة الوطنية اليمنية شمالاً خلال القرنين الأخيرين سنجد أن كل من قارعوا الحكم الإمامي كانوا من المتنورين، الفقيه المتنور سعيد بن ياسين كان أول من ثار على الحكم الإمامي في القرن التاسع عشر وألتفّ حوله جمع غفير من اليمنيين لنصرته وإنجاح ثورته، الفقيه المتنور حميد الدين الخزفار كان أيضاً أول من ثار على الحكم الإمامي في تعز بعد خروج العثمانيين في بداية القرن العشرين مروراً بالمتنورين من آل النعمان أمثال الشهيد عبدالوهاب نعمان والأستاذ أحمد محمد نعمان اللذان أحدثا تغييراً كبيراً في مفاهيم الحركة الوطنية والنضال الوطني.

الفقيد فيصل عبداللطيف الشعبي أحد أهم الطلاب الذين شكلوا حالة ثورية في جنوب الوطن، حيث بدأ حياته الثورية عندما كان طالباً في مصر وعمل مع رفاقه على إيجاد وعاءٍ ثوري لهم مكنهم بعد ذلك من رسم خطوط المواجهة مع الإحتلال البريطاني من خلال عملية التنوير التي قادوها في صفوف المقاومة الجنوبية وتكللت جهودهم مع رفاقهم في صفوف المقاومة بطرد المحتلين من الجنوب وغروب شمسهم في عدن.

وفي ثورات الربيع العربي كان للحركة الطلابية القول الفصل، ففي اليمن على سبيل المثال كان طلاب جامعة تعز الشرارة الأولى لإنطلاقة ثورة فبراير حين خرجوا إلى شوارع المدينة المتنورة صادحين بالثورة، تبعهم طلاب جامعة صنعاء الذين زلزلوا الأرض بمسيراتهم الثورية السلمية وأشبعوا السماء إرعاداً ثورياً وأحدثوا التغيير الذي نشدوه بعد حكم فردي متسلط دام لأكثر من ثلاثة عقود.

الحركة الطلابية المتمثلة بالإتحادات والنوادي والتكتلات الطلابية لا يمكن مطلقاً أن تبقى واقفة في المنطقة الرمادية في ظل المتغيرات التي تحدث في وطننا، وفي ظل تآكل الدولة اليمنية المستمر وعملية القضم التي تطالها من المليشيات القادمة من رحم الكهنوت الذي قضى عليه أوائل الطلبة اليمنيين الأحرار الذين حملوا هموم وطنهم وواجهوا كل صروف الدهر وتقلباته انتصاراً لليمن المختطف ولليمني المسحوق.

ما فائدة التنوير الذي يتلقاه الطالب اليمني إذا لم يسخره للدفاع عن وطنه ودولته ويقدم عصارة علمه وتنوّره نخباً صافياً لإرواء جذور شجرة الوطن حتى تخضوضر أوراقها وتمتد فروعها وتسمق سيقانها حتى تطاول السحاب؟!

المطلوب والمأمول راهناً من الحركة الطلابية اليمنية في الخارج هو الخروج من حالة الجمود التي تعيشها واستعادة تاريخ الحركة الطلابية اليمنية التي أحدثت تغييراً كبيراً في حياة الأمة اليمنية، فأي همٍّ طلابي سيكون غير همّ الوطن اليمني الذي خطفته مليشيا متخلفة جاهلة لا تؤمن بالعلم ولا ترى له لزوما؟

هموم الوطن اليمني هي من أولوليات طلاب العلم المتنورين، والهم الأول هو السعي لاستعادة الدولة اليمنية وإيقاف تدميرها من خلال النشاطات الطلابية الوطنية سواء عن طريق إقامة المؤتمرات الطلابية والنقاشات العلمية لتعرية المليشيا الإنقلابية وتنوير العقول التي أظلمت بفعل تقلبات الأيام أو عن طريق استغلال الوسائل الإعلامية الحديثة لكشف هادمي بنيان الوطن ومسعري الحروب على امتداد أرضه وسماه.
 

التعليقات