علي محسن كسلم للارتزاق! (2-2)
الاربعاء, 18 ديسمبر, 2019 - 03:42 مساءً

من تابع ظروف العراق قبل الاحتلال الأمريكي عام 2003 والحملات الإعلامية ضد نظام الرئيس الشهيد صدام حسين يدرك حجم تلك الحملة الرهيبة ضد نظامه محلياً وإقليمياً ودولياً التي صاحبت الحملة العسكرية عليه، رغم كذبها، ولم يتم الاستماع للعقلاء منهم، وكانت أصواتهم ضائعة وسط الكم الهائل من الآلة الإعلامية الرهيبة، وتواطأت الغالبية العظمى للعراقيين على إسقاطه وخيانته حتى تم إسقاط دولة العراق القوية ونظام صدام واحتلالها وليس إسقاط صدام فحسب، وجاءت المليشيات الموالية لإيران حاكمة على الشعب العراقي، فدمرت كل شيء، وأذاقتهم الويلات، وأغرقتهم بالمليشيات والأفكار الضالة، وصار الشعب العراقي العظيم ضائعاً تائهاً في الحضيض، وأصبح يحن لنظام صدام ويبكي دماً عليه، حتى أنهم في ثورتهم المباركة الآن كلهم هتفوا له بصوت واحد ولكن بعد فوات الأوان، وفي الليلة الظلماء يفتقد البدر.
 
نحن في اليمن اليوم نمر بنفس المرحلة، ولن نعرف قيمة الرجل إلا بعد رحيله، ولكن نريد للشعب اليمني اليوم أن يصحو ولا يندم بعد فوات الأوان ويلتف حول الرجل للتحرير من المليشيا الإيرانية التي لن تبقي على أية قوة سياسية معارضة في البلد كما لم يبقها ملاليها في إيران.
 
إذ إنه ومع ثورة 2011 وتأييد الرجل لتلك الثورة وتبني حمايتها كنا كمراقبين لهذه الحملات الإعلامية، وخاصة من تجاه المليشيا الحوثية وتصعيدها وحركة الاستقطاب الكبرى التي قامت بها، وتحالف صالح معها، كان مؤشر تلك الحملات يتصاعد بشكل كبير وسريع جداً، وشهدت الصحف قفزات نوعية في التمويل والتهويل مما ضاعف من تلك الحملات، وصارت الأموال تتدفق إلى الكتاب والصحفيين ورؤساء الصحف بشكل منقطع النظير، بلغت أوج ذروتها ولم تشهده منذ تأسيس الجمهورية وحتى اليوم، وكان كل من يفند تلك الحملات ولو بالأدلة القاطعة كمن يعيش وسط محيط هادر في عمق الأمواج المتلاطمة متعرضاً لإرهاب فكري وتحريضي ليس له مثيل، وكنا نرى في تلك الحملات مقدمة للقضاء على الجمهورية خاصة ونحن نرى التصاعد السريع للمليشيا الحوثية.
 
كانت الأموال المتدفقة من قوى إقليمية داعمة لانقلاب المليشيا الحوثية تصرف بسخاء على كل من يتناول محسن ومن معه من القوى الثورية التي تقف ضد الانقلاب، وتناسلت الصحف والمواقع الإلكترونية والذباب الإلكتروني بشكل أغرق البلاد وأتاه العباد، وسط كل تلك الحملات المسيئة والمغرضة الهادفة لإسقاط الرجل وأوراقه القوية ومن معه، متمنين آلاف المرات القضاء عليهم فكان انهيار الدولة والمنظومة السياسية بشكل عام.
 
لم يأت انقلاب الحوثيين في 21 سبتمبر 2014 إلا وسارعت تلك القوى المهزومة في كل المحطات السابقة إلى التلاحم مع المليشيا الحوثية وساهمت بأشكال متعددة بالإنقلاب وهللت في صحفها وبشرت بالمشروع الحوثي (المنقذ) حتى ضاعت الدولة والجمهورية، وعادت تلك الحملات تحمل الفريق محسن التقصير وعدم الوقوف بجدية لمواجهة المشروع الحوثي متجاهلين الرئيس والحكومة وكل الأجهزة وبعض القوى تتشبث به لاستعادة شيء من الكرامة المهدورة ما يدل على ثقل الرجل ومكانته في المجتمع اليمني.
 
من يراكم هذه المعلومات محطة محطة وموقعاً موقعاً سيدرك لم كل هذه الحملات والتعبئة ضد الرجل.. إنها الفوضى والصراعات الداخلية وإزاحته عن المشهد ليخلو الطريق لها وللقوى الداعمة لها، لكنها ارتطمت مرة أخرى بالمشروع الحوثي الذي لا يقر لأحد غيره بأحقية الحكم ولا حتى المشاركة فيه.
 
اليوم تعود تلك الحملات وتشهد بعداً إقليمياً ودولياً، وتقفز الحملات الإعلامية المسعورة مجدداً بأقوى ما تمتلك من إمكانيات وتتناسل وسائل الإعلام مرة أخرى من صحف ومواقع وقنوات ومراكز أبحاث وذباب إلكتروني في مختلف وسائل التواصل الاجتماعي لمواصلة المشوار بعد أن أدركت أن كل تلك الحملات السابقة وما صاحبها من أعمال هدم للدولة ومؤسساتها والصراعات العسكرية لم تثمر ولم تزد الرجل ومن معه إلا قوة وصلابة، وخاصة بعد انقلاب المجلس الانتقالي في عدن، على الرغم من أنها لم تنشئ نموذجاً إيجابياً للحكم المؤسسي البديل يمكن تأليف اليمنيين حوله، ولم تدعم بالخدمات ما هو موجود على علاته.
 
من يتابع الذباب الإلكتروني لهؤلاء وحملاتهم التي لا تفتر يدرك أن نصف الشعب ربما تحولوا إلى إعلاميين بقدرة قادر وتمويل الممول، وبدل أن تتجه كافة القوى التي اكتوت بنيران الانقلاب الحوثي سواء أجنحة المؤتمر الشعبي العام المختلفة وما تلحقه من أذرع عسكرية أو القوى الجنوبية والمجلس الانتقالي أو الأحزاب التي كانت منضوية في إطار اللقاء المشترك أو المستقلين أو بقية القوى الأخرى وتنصهر في بوتقة واحدة لبناء الدولة ومواجهة الانقلاب الحوثي كلها تحرف بوصلتها تجاه الرجل وأوراق الشرعية القوية، متناسية كل المحطات الحوثية ضدها.
 
مرة أخرى تتدفق الأموال إلى كل من فغر فاه سفهاً تجاه الرجل، منتظرين العائد المالي حتى لو كان على حساب الوطن والشعب والمبادئ التي لطالما تغنوا بها ونظّروا لها، وما هي إلا أن مُنحوا التجربة حتى تعرت كل القيم لديهم، وصاروا يمارسون أسوأ الممارسات من الذين قبلهم، وباعوا أوطانهم مقابل حفنة بسيطة من المال أظهرتهم وأظهرت اليمنيين بأسوأ أنواع المظاهر وهي البيع والشراء والارتزاق الرخيص.
 
فلا يمكن وصف هذه الحملات إلا أنها إرهاب فكري منظم وممول محرض وقاتل، يذهب الكثير من أعمدة الشرعية اغتيالاً ضحية لمثل هذه الحملات الإرهابية التي تفتت الشرعية وتضعف صفها وتقوي صفوف المليشيا الانقلابية وكأن الجميع في صف محاربة الشرعية ورموزها ورموز الجمهورية، يدفعهم غل مبطن وحقد ينثر سمومه في كل اتجاه.
 
العجيب في الأمر أن من رموز هذه الأقلام المحرضة تعترف بأنها مأمورة ومدفوعة الثمن، وطلب إليها أن تلعب هذا الدور رغم إحسان الفريق محسن لها ورعايته لها وتعهده إياها طيلة الفترة الماضية، حتى إذا ما وجدت لقمة أكبر تاقت لها أنفسهم ولهثوا وراءها وباعوا كل القيم الإنسانية أو الجمهورية أو الوطنية، وما تغني أموال الدنيا كلها إن كان الفرد منا سبباً في ضياع الوطن بلهثه وراء دريهمات لئيم حاقد لا يريد خيراً للوطن ويسلك كل سبيل لتمزيقه وإضعافه!!
 
ينبغي على جميع من يدعي وقوفه مع الشرعية عدم الحياد عنها إلى غيرها، والعمل توحيد الكلمة وتقوية الصفوف، وأن يكون معيار الجميع لتقييم الآخرين أو الوقوف معهم هو موقف كل تلك الشخصيات من الانقلابيين الحوثيين بعيداً عن كل الضغائن والمواقف الجانبية التي تضعف الصف الوطني، كما هو حالنا مع الجميع.
 
لو أن كل تلك الأقلام والجهات وحدت صفوفها ووجهت سهامها نحو الانقلاب الحوثي لكنا في صنعاء اليوم آمنين مطمئنين منذ السنة الأولى لعاصفة الحزم، ولكانت الدولة قائمة هناك، والمليشيا قد دحرت، ورفع العلم اليمني فعلا فوق جبال مران، ولكانت تلك القوى وأقلامها اليوم كلهم شركاء في حكم اليمن دون منغصات وعادوا إلى وطنهم وديارهم بعد ضياع وتشريد، لكنه على ما يبدو جيل التيه الذي سيضربه الله علينا ردحاً من الزمن إما أن نعود إلى الطريق وإما أن يتولى هذا الجيل ويستبدل الله جيلاً غيرنا فلا يكونوا أمثالنا.

* نقلا عن صفحة الكاتب من الفيسبوك

التعليقات