د. أمين العلياني

د. أمين العلياني

أكاديمي في جامعة عدن

كل الكتابات
عاصفة الحزم ودخول عامها السادس
الأحد, 29 مارس, 2020 - 01:44 صباحاً

تدخل عاصفة الحزم عامها السادس بعد أن تحركت عقارب الساعة 00.01 من ليلة يوم أمس الأربعاء 25مارس 2020م، معلنة يومنا هذا الخميس 26 مارس 2020م وهو العام السادس منذ انطلاقتها في 26 مارس 2015م .
 
ستة أعوام وعاصفة الحزم متعثرة ومشتت نبض حركات عقاربها اقتراباً من مسافة الأهداف المثالية التي جاءت وأعلنت لأجلها ومن أجلها، ( إعادة الشرعية وانهاء الانقلاب الحوثي الإيراني وإصلاح منظومة الحكم ونقل السلطة وفقا للمرجعيات المتفق عليها كما كان ذلك في التقنين القانوني لانطلاق العاصفة).
 
ومع مرور خمسة أعوام كاملة ودخول عاملها السادس لم نر من تلك الأهداف المثالية اي منها شيء أو يتحلى منها ..يا ترى ما هي الأسباب التي اعاقت هذه العاصفة التي كانت تؤيدها عشرون دولة عربية وإسلامية؟!. 
 
وليس هناك من سبب واحد يعلل هذا التعثر والشتات، فالغالب أن هناك أسباب عديدة ومتفرقة ترجع إلى: بينوية وسياقية، داخلية وخارجية، إنسانية وسياسية، قتالية واستثمارية، ذاتية وموضوعية، أيديولوجية دينية  وقومية.
 
عاصفة الحزم  وأسباب التعثر والشتات في الهدف:
 
عند الرجوع الى تفنيد تلك الأسباب التي أعاقت تلك الدوافع المثالية ونجدها قد توزعت إلى أسباب:  بينوية وسياقية، داخلية وخارجية ، إنسانية وسياسية ، قتالية واستثمارية ، ذاتية وموضوعية، أيديولوجية دينية  وقومية، لكن المتأمل يرى أنها في مجملها تتمثل في عدة أطراف:
 
-  طرف يتمثل في بنى الشرعية الثلاثي وتشظيها .
- طرف في التحالف وبنيته.
- طرف في العدو الحوثي الذي الذي قامت العاصفة لإنهائه.
 
وعلى وفق هذه الثلاثية ترى أن بنية الشرعية كطرف بالحرب  وما استند إليها من مكونات ثلاثة،  متفقة معها في الهدف العام المتمثل في قتال الحوثي لكنها مختلفة بنيويا  في استثمار ذلك القتال لمشروعها السياسي.  وهذه الأطراف منها ما مثلت قوة الشرعية في مأرب وشبوة وبوادي حضرموت وأطراف تعز.  وقوة أخرى تتبع التحالف ومال أغلبها إلى طارق صالح كما في الساحل الغربي واجزاء من تعز. وقوة ثالثة تتبع المجلس الانتقالي الجنوبي وهي الأكبر من حيث الوجود العسكري والقتالي.
 
 أما طرف التحالف فقد تعامل مع أطراف الشرعية الثلاثة بوعي الاخلاص من جهة والتكوينة الأيديولوجية والثقافية والثورية من جهة ثانية واستغل التركيبة السياسية لهذه الأطراف من جهة ثالثة على أمل تأليب كل هذه القوى في بنية الشرعية كطرف وتكون هي الفاعلة بالميدان ليكون مسار التحول عبرها للعمل السياسي في اخر المطاف حين تضع الحرب أوزارها.
   
  لكن تعدد طموح مكونات الشرعية الثلاثي أعطى الوحدة تناقضا وتشظيا مما انعكس على علاقة تقبل التحالف للشرعية كرمز سياسي استند إليه في تشريع تدخل العاصفة. كما أن التحالف في تعامله مع بنى الشرعية الثلاثي كان بداية في إطار مفهومين متوازيين من حيث الرؤية هما  :  مفهوم القومية وهو ما كسب به وعي الجناح اليساري والتقدمي لبنى النخب المنضوية في جسد الشرعية للمكونات الثلاثة بصورة عامة، وأما المفهوم الثاني فكان أيديولوجيا دينيا  ناضحا بثنائية الرؤية، شيعي/ سني .
 
وهذان المفهومان سببان في ارتجاج التقبل والمثلولية بسبب تناقضهما بالتطبيق مما انعكس عيانا على عملية المعركة، ناهيك على التركيبة السياسية لبنية التحالف اللوجستية والعسكرية  وتفككه حيث كان عشرين دولة، لكن سرعان ما تراجع وتماهى في دولتين فقط هما السعودية والإمارات، وصارت السعودية هي صاحب الريادة والتصدر بالموقف وكل ذلك التراجع في بنية التحالف أدى بالمقابل إلى سيرورة اختلاف واضحة للعيان.
 
أما الطرف الثالث فقد تشخّص  في بنية الحوثي المتمرد،  وقد استمد قوته النابعة من تفكك بنى قوة الشرعية من جهة واستثمر مفهوم الطبقية والثنائية الايديولوجية واستخدامه مفاهيم الوعي الثوري والوطني للتجيش (ثنائية الغازي والعدوان) من جهة ثانية، ومما ساعده من جهة ثالثة تناقض وتشظي العلاقة بين التحالف وقوى الشرعية واستخدامه الجانب الإنساني لتأليب تعاطف دولي من ناحية أخيرة .. وكل هذه الأسباب أضعفت عاصفة الحزم  ميدانيا في تحقيق أهداف تتناسب وحجم الخسارة المادية لها.
 
أما ما يمكن تفنيد هذه الأسباب إلى طبيعة تناقض مكونات البناء السياسي لقوى الشرعية نفسها من جهة وما طبيعة التجاهل الحاصل في القواسم المشتركة في بنيتها إلا نتاجا موضوعيا أفرزته الظروف الموضوعية والذاتية من جهة أخرى.
 
وكل هذه القوى الثلاثة للشرعية هي قوى مخرجات الحوار والأقلمة وقوى الاستقلال وعدالة القضية الجنوبية وقوى انشقت عن الحوثي وصارت تؤسس وعيها في مسار فعل الثورة وردة الفعل. فالطبيعة التكوينية  لهذه القوى صار كلا له ميدانه القتالي ومساحته النضالية.. وهو ما انعكس على مسرح عمليات القتال، من المستوى  الرأسي إلى مسرح عملياتي أفقي.  ورغم هذا التعثر والشتات في أهداف العاصفة المثالية، فهل يمكن أن تصبح عاصفة كورونا العالمية مسار تحول في وعي تلك القوى نحو أهدافها البنيوية والاستفادة من اختلافها الذي سيؤدي بالضرورة إلى تقويض في عملية بقاء وجودها، ام أن الأمر في منحى أخر .
 
عاصفة الحزم وعاصفة كورونا العالمية:
 
وتدخل عاصفة فيروس كورونا المستجد كوفيد19 بوصفه حربا عالمية في الخط وتشل خضارة المسار العام وتحدد رؤيا ربما تقلب المواقف لصالح الإنسانية من جهة، وتغيير المواقف الدولية من الحروب المغلفة بالنزعات البرجماتية إلى حروب مع الوعي والوجود من جهة ثانية، أو من جهة أخيرة تكون محطة تأمل وتفكير بالجدوى والغاية لتلك الشعوب المتهالكة بفعل حروبها الداخلية وقتالها واقتتالها مع ذاتها لعلها تراجع من عنفها وتعيد في حسبانها المتهالك من أن لا جدوى من تلك الحروب العبثية غير انتاج مزيد من السلطة الاستبدادية التي غالبا ما تنتجها اشتعالات الحروب وتحولهم ما بين مهزوم ومنتصر،  متناسين  أن لغة الحوار هي الفعالية الكبرى في لغة المنتصر للوعي واحترام آدمية الإنسان الذي هو محور التحول أو الفوضى بالوجه المقابل على اعتبار أن الحوار هو المسؤول البنيوي لتطوير البلدان والحفاظ على القواسم المشتركة بينها المتمثل في ثنائيات، بين الحاكم والمحكوم وبين السلطة والمعارضة وبين الأغلبية والأقلية.
 
 عاصفة الحزم و التعاطي الاجباري مع النتائج المحتومة:
 
إذا كانت العاصفة قد قامت بفعل أسباب مثالية مقدسة لشرعية الدخول وبفعل استمرارها هذا الزمن الطويل الداخل في عامه السادس من دون أن تحقق هدفها المثالي في إنهاء الانقلاب ووو..  فإنها وبالتأكيد تكون النتائج المحتومة غير داخلة في مشروعية الهدف المثالي، لأسباب تعود إلى النتائج التي تحققها الحرب واطالتها التي ربما تغيير من خارطة هذا الهدف المثالي أو الأهداف إلى أهداف تتناسب وحجم التضحيات ومساحات السيطرة والإخلاص في المشاركة ونيل من ثقة الداعم والممول، أو لنقل أهداف تصنعها الضرورة ليصبح التعامل بها كضرورة ولضرورة التعاطي بها ومعها.
 
وكلما أوغلنا في نتائج العاصفة لخمسة أعوام ودخول عامها السادس، فالنتائج التي حققتها  مساحات الحرب يصبح الهدف القريب للكل في مسار الاحتواء الذي تحدده خريطة التضحيات وطاولة التفاوض القائم على مساحات السيطرة بمدخل قانوني يخرج منه قادة العاصفة  بممهدات ميدانية تقلص من مساحة المنقلب المتمرد لصالح الأطراف المحاربة ضده، تحت غاية أن الحل الان هو الذي يقرره أبناء  الشعب اليمني شمالا وجنوبا باعتبار أن هذا وضعا يمنيا خاصا بهم وليس للعاصفة ما تقرره غير مساعدتهم في إنهائه أو لنقول بإجازة العبارة تحديد من تمدده ومحاصرته في مكان لا يقدر أن يضر الإقليم بأمنه القومي والسيادي.
 

التعليقات