عبثية السيسي والمكايدة السياسية
الخميس, 17 سبتمبر, 2020 - 01:54 مساءً

لطالما اشهر السيسي عداءه لثورات الربيع العربي بطريقة أو بأخرى منذ انقلاب الثالث من يوليو 2013. وقد انعكس ذالك في جرائمه مع التيار الإسلامي في ميدانيين رابعة العدوية والنهضة وفي الجامعات ، مسكتا أصوات الطلبة بقوة الدبابة الذين يصرون على إسترجاع ثورتهم من قبضة العسكر على مدار سنتين من النضال، بينما كان النظام مُصِرا على اصطياد هؤلاء الشباب في حرم الجامعات كالذباب!! والباقية من المناهضين اما بين مختف قسريا أو مرمي في ظلمات السجون يتسلى على أنفاسهم وهي تزهق قطرة قطرة.
 
لم يكتف نظام السيسي باشهار سيف العداء في الداخل، بل تعداه إلى ما وراء الحدود المصرية متدرعا بشماعة حماية الأمن القومي ومحاربة الإرهاب، يتقفى اثر كل مناهض لنظامه سواء قنوات فضائية أو أفرادا قد يراهم مؤثرين على الساحة.
.
السيسي واللعب على أكثر من حبل.
 
ليس بالسهل على كل متتبع للنظام السياسي في مصر أن يحصر تاريخ خطواته متى وكيف نشأت هذه العلاقات مع الجبهات المناهضة لثورات الربيع العربي وراء الحدود المصرية ، اهي سوريا أم ليبيا ام اليمن؟! وذلك لأسباب عدة منها إدارة الدولة العميقة لمثل هذه القضايا بين دول المنطقة، وتقاعس النظام الدولي عن تحجيم ديكتاتوريات الأنظمة، بل وغض الطرف عنها وامدادها بالمعدات العسكرية على اقل تقدير.
 
حفتر أم حكومة الوفاق؟
 
كانت شرارة الثورة الليبية 15 فبراير 2011 بسبب استبداد القذافي بالسلطة على مدار اكثر من الاربعين عاما، تأسيا بباقي الثورات العربية وحلم كل الشعوب بالعيش والحرية والعدالة الاجتماعية. أملا أن يحيوا حياة كريمة كباقي الشعوب الغربية. بعد ثلاث سنوات من النضال اسقط الثوار صنم القذافي في الوحل بغض النظر عمن كان وراء هذا السقوط؟
 
لكن ظهور الجنرال المتقاعد خليفة حفتر على الخط كجبهة مناهضة للثورة خيب آمال الليبيين في إرساء الدولة الآمنة على قوعد الحرية والعدالة.
 
الجنرال خليفة حفتر كان عسكريا مغمورا في جيش القذافي، وقد حاول النظام المصري والاماراتي تلميعه ثم توظيفه لإفشال الألية الديمقراطية في ليبيا، لمجرد ان هذه الشعوب اختارت التيار الإسلامي، وئدت التجربة في مهدها وانهالت عليها كل المؤامرات إقليميا ودوليا.
 
حارب السيسي ونظامه الثورة الليبية على المستوى الديبلوماسي باستقبال الجنرال خليفة حفتر شخصيا متجاهلا رفض الشعب الليبي له لأنه جزء من النظام البائد والثورة المضادة.
 
لم تفلح الزيارات المكوكية بين السيسي والجنرال المتقاعد خليفة حفتر على إسقاط حكومة الوفاق في سرت والجفرة وغيرها، فماكان منه أن جيش طائراته الحربية وضرب مدينة درنا أقصى الشرق الليبي في صيف 2017 ، تبعد اكثر من الف كلم عن الحدود المصرية بدعوى محاربة الإرهاب والملشيات الداعشية، يقول أنها تتسلل بالسلاح إلى سيناء والتنسيق مع نظام الدولة هناك.
 
قد يقول قائل أن بقية من بركات جهاد عمر المختار ابان جهاده مع الإحتلال الإيطالي في ليبيا قائمة، مما جعلها مستعصية على المغتصبين للحريات وافشالهم رغم كل المحاولات المتمثلة فى ثالوت انظمة الشر مصر والامارات والسعودية، وبغطاء روسي ماثل بكل ثقله العسكري هناك.

ورغم ذلك فأغلب الشعب الليبي لايزال يناضل من أجل حقه في تمكين الحرية والعدالة، ويحقق انتصاراته على الأرض بدليل تراجع النظام المصري مؤخرا على اختيار الحرب ضد الثورة الليبية، رغم محاولاته المتكررة والتي باءت بالفشل لما حاول استدعاء شيوخ القبائل والاستعانة بهم في زرع الفتنة.
 
وقد اثبتت التحريات فيما بعد أن هؤلاء ليسو زعماء قبائل ، وانما هم " تيوس مستعارة" مجهولة الهوية .
 
الاستعانة بزعماء القبائل وتوظيفهم ضد بعض لاذكاء التناحر الأهلي، هي آلية يوظفها نظام السيسي لحد الآن بين قبائل سيناء، الهدف منها هو إبقاء الأجواء ساخنة هناك كمصوغ لمحاربة الإرهاب وارسال رسائل إلى الخارج.
 
سوريا واللعب على الوتر الثاني من الثورات المضادة
 
بعد انقلاب 2013/6/3 مباشرة تسربت اخبار على تبادل الزيارات بين المخابرات المصرية والأسد، والتنسيق بين النظامين الهدف هو التآمر على آمال الشعوب على وثيرة الثورة والثورة المضادة، ونظرا لفظاعة الاوضاع المأساوية والدموية التي ولغ منها بشار حتى الثمالة، وتهجير اكثر من 13 مليون سوري حول العالم، كان نظام السيسي يتوارى عن المجاهرة بمساندته لبشار الأسد، في حين كان يسلط إعلامه على تمجيد" نضاله وجيشه الوطني " والسنفونية واحدة وهي " محاربة الإرهاب "
 
سقوط ورقة التوت
 
في شتاء 2016 عرض ثوار سوريين أسلحة ومعدات عسكرية مصرية في معارك الحرب. في هذه الأثناء كان يبدو ظاهريا أن العلاقة بين سوريا والنظام السعودي في صف الثورة بحكم المناكفة التاريخية التي كانت بين آل سعود أيام الملك فهد وعبد الله ونظام بشار. رغم ذالك فإن سياسة مصالح السيسي جعلته ألا يأبه بحساسية هذا التنسيق القائم بينهما.
 
السيسي والحوثيين اية علاقة؟!
 
في ربيع 2015 انطلقت حملة التحالف العربي ضد الحوثيين " عاصفة الحزم " ، اشتهر السيسي ساعتها بجملته المشهورة " مسافة السكة " في هذه الأوقات كانت الحرب مستعرة بين الحوثيين ودول التحالف، والطبيعي أن يدخل السيسي الحرب نصرة للاشقاء العرب. غير أن مناوراته من تحت الطاولة كشفت استدعاء الحوثيين وحزب الرئيس المخلوع عبد الله صالح إلى القاهرة، مستنسخا الإيقاع ذاته الذي لعبه مع الأسد ضاربا عرض الحائط مصلحة السعودية على الخصوص.
 
السيسي والبشير واللعب على وتر حلايب وشالتين
 
عقد الرئيس المخلوع البشير صيف 2017 مؤتمرا إعلاميا يتهم فيه نظام السيسي تقديم الدعم للمتمردين في دارفور جنوب السودان، مستشهدا بصور من الآليات الحربية عليها ختم مصري.
 
بل تعدى اتهام البشير آنذاك السيسي إلى دعم المتمردين الاريتيريين ضده على نقط الحدود بين البلدين.
 
ربما كان هدف السيسي من ذلك هو الضعط على البشير بالسكوت عن تحريك قضية حلايب وشالتين بين الفينة والأخرى.
 
لاشك أن المكايدة المتكررة في مواقف السيسي وراءها اسباب معينة لعلها ظاهريا هي ابتزاز أطراف النزاع لدفع المزيد من الأموا
 
ربما كان هدف السيسي من ذلك هو الضعط على البشير بالسكوت عن تحريك قضية حلايب وشالتين بين الفينة والأخرى.
 
لاشك أن المكايدة المتكررة في مواقف السيسي وراءها اسباب معينة لعلها ظاهريا هي ابتزاز أطراف النزاع لدفع المزيد من الأموال. ونظام الجباية هذا كان ديدنه منذ انقلابه على الرئيس محمد مرسى مع شعبه إلى اليوم. لذلك فهو لا يخجل أمام الرأي العام أكان مستجديا أم مبتزا.
 
ومن ناحية أخرى في حال تشريح سيكولوجية الرجل على سرير الطب النفسي ، فهي تركيبة معقدة ربما تصنفه من ذوي العاهات المستعصية .
 
والسؤال؟ أي مستقبل في الواقع المنظور لبلد كمصر تعداد سكانها يتجاوز المائة مليون ومساحتها 1.002.00كلم مربع، تحكمها شخصية تجمّعَ فيها ألوان الطيف المرضي بين السيكوباتية والسادية، صاحب" ساعة الاوميجا 3" وطبيب الفلاسفة.

* الرباط المغرب

* المقال خاص بالموقع بوست
 

التعليقات