وجاء دور العسكر
السبت, 16 يناير, 2021 - 02:55 صباحاً

على أن العسكر هم من يتحكموا بزمام الأمور في بلدان عربية كثيرة منها اليمن منذ عقود، إلا أن الوضع برمته لم يكن قائماً على الجندية فقط كما هو حال الواقع اليوم.
 
لأسباب كثيرة تملشنت المنطقة وأصبحت العسكرية هي البضاعة الرائجة في بلدان الربيع خصوصاً، والشعوب ليست معفية من هذا التأزم الحاد للواقع المُرّ التي تعيشه بلدانهم، وكما قال إليوت كوهين في كتابة "العصا الغليظة" الذي تحدث فيه عن السياسة الأمريكية لمائة عام "إن الشعوب خلعت رؤوسها واستبدلتها ببيادات العسكر."
 
ومع إرتفاع وتيرة العنف التي أنتجتها الثورات المضادة لإجهاض مشاريع التغيير تداخلت المصالح الخارجية بالخلافات المحلية وتزاحمت شركات الأمن الخاصة بتقديم خدماتها لإرسال مرتزقة للقتال في اليمن وليبيا وسوريا لحساب الإمارات التي باتت تلعب دور شرطي المنطقة وتنشئ أجنحة عسكرية تتبعها تمويلاً وإعداداً وقراراً.
 
ولأن لغة الحرب هي التي تصدرت المشهد الساخن في كثير من الدول العربية فإنه بات من الطبيعي أن يعود العسكر من جديد.
 
 وفي منظرٍ حزّ بنفسي كثيراً في إحدى شوارع تعز، رأيت معلماً معدماً يمشي بالطريق العام بوجه شاحب وجيب فارغ، بالوقت الذي تمر من أمامه عربات العسكر بسرعة جنونية وهي الحاكم الأول بالوقت الراهن، وكأني بمعلم الأجيال يتمنى أن يترك قلمه وحقيبته ويلتحق بأحد تلك الأطقم كعسكري يسير منتشياً بما يكسبه مقابل إرتداءه بزة الحرب وحمله لآلة الموت بصرف النظر عن عدالة قضيته.
 
لم يعمل المشرعون اليمنيون على عقد جلساتهم لمسائلة الحكومة عن دورها تجاه القطاعات العامة في البلد ومالذي أنجزته خلال سنوات الحرب، كما لم يكن هناك دور شعبي في تحريك هذه الحجرة الصماء إلى مربع الفعل، وربما فقد الشارع قدرته بالتأثير على السياسين واستجاب لعمليات الملشنة وبات لسان حاله يحدثه بالإنخراط بلعبة الأباطرة والبحث عن ممول يدفع له مقابل خدمات يقدمها.
 
إن آلة الحرب طحنت بجبروتها أحلام السلام وأضفت على نفسها أولوية تتلاشى أمامها الأولويات الأخرى في الحياة ليغدو التعليم والصحة والتنمية هامشاً لا يذكر أمام ما يلزم لتهيئة جندي وتوفير جميع الإمكانيات التي يحتاجها.
 
 
 
 
 
 

التعليقات