عادةً ما كانت توصف السعودية من قِبل جيرانها الخليجيين بـ"الأخ الأكبر".
مضت سنوات، ولم نعد نسمع هذه اللهجة المفضّلة بعد أن عصفت الأزمات بالتكوين الخليجي بشكل غير معهود.
وإن عادت العلاقات بشكل تدريجي مؤخراً، لكنها لاتزال تعاني من تبعات التصدّعات الأخيرة.
قادت المملكة بنفسها هذه الدوّامة من الأزمات والتخريب للعلاقات إلى أهداف حمقى وقصيرة النّظر.
يأتي ذلك في ظروف إقليمية معقّدة، حيث تحيط بالسعودية كوارث وتهديدات ستصل إليها في العُمق حتماً يوماً ما.
وفي حين يقود جيران المملكة حركة دبلوماسية نشطة للترميم والقطيعة مع السياسات الماضية، لاتزال هي تراوح في المكان ذاته، منشغلة برؤية اقتصادية طموحة.
على سبيل المثال: تعد مدينة "نيوم" أحد المشاريع العملاقة العابرة للحدود، ويقع المشروع في أقصى شمال غرب المملكة بإمارة منطقة "تبوك"، ويمتد 460 كم على ساحل البحر الأحمر.
غير أن النّاظر إلى المشروع الضخم، عبر خرائط جوجل، يتساءل: من سيفوز به في المستقبل؟
وهل سيظل في حوزة حكام آل سعود، أم سيؤول إلى حكام آخرين من خارج الأسرة؟
هو واحد من تجليات رؤى محمد بن سلمان، لكنّه أشبه ببناء "قصر في الرّمال"، حيث لا أساس سياسي متين للدولة، ولا رؤية تنبِّئ عن القدرة للحفاظ على كيان الأسرة والدولة من التصدّع.
مثال آخر: رغم الإمكانيات المالية الضخمة للصحافة السعودية ووسائلها الإعلامية، لكنّها لم تغادر مربّع الصحافة الصفراء منذ أن قررت مهاجمة ثورات "الربيع العربي"، وشنّ حملات الكراهية ضد رموزها وأنصارها.
وفي هذا السبيل، الذي سلكته بحقد دفين، تماهت مع سياسة أعدائها المفترضين في طهران.
في الوقت ذاته، تسمح الصحافة السعودية لكتبة مغمورين بتمرير رسائل شيطانية، وكذبات سوداء لا أساس لها في الواقع، مجرد فبركات وصناعة للفشل.
حظ إيران في عهد سلمان ونجله لا مثيل له.
كل حروب المملكة غير المنجزة آلت إلى أعدائها، ومنها الحرب المدمّرة في اليمن.
منذ سبع سنوات، يردد كتبة سعوديون كالببغاوات بيانات التحالف عن انتصارات وهمية ضد مليشيا الحوثي.
يكفي أن ينظر المواطن السعودي إلى السماء لكي يرى الصواريخ الباليستية شبه اليومية، وفي تصاعد مستمر، رغم الادعاءات عن تحييد القدرات الصاروخية للحوثيين.
ويمكن القول -بعد سبع سنوات- إن السعودية خسرت الحرب في اليمن. خسرتها على كل المستويات، ولن تستطيع تأمين حدودها، ولا أمنها القومي، مهما حاورت وناورت مع طهران ومليشياتها في المنطقة.
درس أفغانستان سيكون قاسياً، ومُراً، ولا مجال للمقارنة.
عندما تركت أمريكا البلد لمصيره، ذلك أن بينها وبين كابول قارات وبحار. تركته لجماعة قد تحقق مصالحها التي عجزت هي عن تحقيقها خلال 20 عاماً، لكن السعودية أحاطت نفسها بفوضى، ونيران، وأحقاد عظيمة.
مع مرور الوقت، سيدرك بن سلمان، ومعه الشعب السعودي، أن أمنهم القومي في خطر عظيم. لن تفلح معه رقصات "العرضة"، وبرامج "الترفيه"، والانفتاح الاقتصادي في جلب الرفاهية، والاستقرار الداخلي.