كيف أوصل التحالف الدولة اليمنية إلى المرحلة الحرجة؟
الأحد, 21 أغسطس, 2022 - 07:01 مساءً

الدولة اليمنية دخلت مرحلة حرجة بعد تشكيل مجلس القيادة الرئاسي في السابع من نيسان/ أبريل 2022، وهي اليوم في خطر شديد لأسباب تتعلق بشكل رئيس بالدور المخادع والخائن والغادر للتحالف، ويتعلق بعضها الآخر بالدور الخانع الذي يؤديه مجلس القيادة الرئاسي، الذي سطا على صلاحيات الرئيس المنتخب والمخيب للآمال عبد ربه منصور هادي، تحت رماح السلطة السعودية في الرياض.
 
في تقرير سري نشره موقع المصدر أونلاين، الذي يتمتع بمصداقية واسعة في اليمن، كشف هذا التقرير عن وجود وحدة خاصة هي نقطة الارتباط المفترض بين المجلس الانتقالي الجنوبي والتحالف.. ويكشف هذا التقرير عن مؤشرات خطيرة؛ منها أن التحالف أنفق في العام 2020 على المجلس الانتقالي ومشاريعه والمهام التي نفذها لحساب التحالف، 1.162 مليار ريال سعودي، أي ما يعادل أكثر من 300 مليار ريال يمني. وهذا إلى جانب حصل أن الانتقالي على نحو 120 مليون دولار من البنوك اليمنية.
 
وما ذلك إلا في سياق مخطط لإفقار السلطة الشرعية وتجريدها من إمكانياتها وخياراتها، وضمان عجزها الكامل أمام قوى الأمر الواقع الجديدة التي أنشأها التحالف لتحل محل الشرعية كسلطة؛ بلا ملامح سياسية ولا هوية تعيد خلق الإجماع الوطني حول المستقبل الجديد لليمن، وهو ما تحقق في السابع من نيسان/ أبريل الماضي عندما تم نقل السلطة قسراً من الرئيس هادي إلى مجلس القيادة الرئاسي.
 
لذلك من المهم أن نتحرر قليلاً من تأثير التشويش الذي تمارسه الخلية المرتطبة بالسفير السعودي لدى اليمن محمد آل جابر، بشأن مجريات الأحداث، حيث تتركز مهمة هذه الخلية التي تضم سياسيين وقادة وناشطين وإعلاميين، على إظهار ما جرى في 11 آب/ أغسطس في محافظة شبوة وما سيجري في مناطق أخرى بأنه صراع يدور بين "الاخوان المسلمين" و"قوات حزب الإصلاح" من جهة، وبين خليط غير متجانس من القوات الانفصالية التي باتت تمثل الشرعية الجديدة للأسف الشديد، مما يضع القوات الحكومية في موقع المتمرد الذي يتعين ضربه وإقصاؤه من المشهد بشكل عام، واحتساب ذلك مجرد جولة من المواجهة المحتومة مع "الإخوان المسلمين الأشرار".
 
وهنا تكمن الخطورة، فقد بات مجلس القيادة الرئاسي الثغرة التي ينفذ منها المشروع التخريبي وداعميه الإقليميين لهدم الدولة اليمنية.
 
‏علينا أن نوضح بجلاء أن التحالف الذي يضم السعودية والإمارات، هو الذي يقود عبر ما بات يعرف بـ"الوحدة الخاصة" المعركة العسكرية ضد الدولة اليمنية ومؤسساتها، وجيشها، ويوفر لها العدة والعتاد، ويسخّر لها المليشيات، ويحصن دوره العدائي عبر المجلس الرئاسي الذي يسخر قلمه السيال لإمضاء القرارات وإجراء التعيينات، ومباركة التمردات.
 
يريد هذا التحالف إغلاق المحافظات الجنوبية عسكرياً لصالح المشروع الانفصالي، وإقامة حاجز جيوسياسي يعزل الدولة اليمنية عن جيرانها ومنهم سلطنة عمان، وإخضاع منطق الجوار الجديد للأولويات الاستراتيجية والاقتصادية السعودية والإماراتية التي ستحضر بقوة من خلال نفوذها في محافظة أرخبيل سقطرى، وليس للأولويات والمصالح العليا للجمهورية اليمنية.
 
والأهم من ذلك أن السعودية والإمارات تضطلعان بالهيمنة على هذا الجزء الجغرافي المهم من بلدنا؛ ضمن هدف أوسع يتعلق بزيادة فرص حلف الشرور الإقليمي في التحكم بالموقع الجيوسياسي لليمن وزيادة ثقل ذلك الحلف، في معادلة الصراع الدولية التي تدخل فيها الصين بقوة عبر مشروعها العظيم المعروف بـ"مبادرة الطريق والحزام".
 
يستحث التحالف الخطى لحسم الاستحقاقات المتصلة باحتواء الدولة اليمنية وإفنائها، وصولاً الى مرحلة يتمكن خلالها من إنتاج صيغة جيوسياسية لليمن قد تفرز كتلاً وكانتونات سياسية متصارعة، وقد تفرز دولة مشلولة بلا ملامح واضحة وبلا روافع سياسية؛ من أحزاب ومجتمع مدني أو قرار سياسي واستراتيجي مستقل.
 
‏لهذا أوعزت لمجلس القيادة الرئاسي للإطاحة بالسلطة القضائية والسطو على مفاصلها، وفرض سلطة قضائية ذهبت لصالح قوى الأمر الواقع الجديدة، ومشروع الانفصال. وهذه السلطة اليوم تتناسل الى وحدات من القمع القضائي لإسكات الأصوات، إلى جانب أنها تطمر كل الدلائل التي تثبت الجرائم ضد الإنسانية التي ارتكبها التحالف في الجنوب، ولن تكترث للجرائم التي يرتكبها الحوثيون في الشمال.
 
لقد تبنى التحالف والسعودية على وجه الخصوص نهج التعطيل المتعمد لمفعول مجلسي النواب والشورى، لذلك تواجه الدولة اليمنية الخذلان الأكبر جراء صمت أعضاء هذين المجلسين ووزراء الحكومة والمحافظين عن الضربات الموجعة التي تتلقاها الدولة اليمنية ومؤسساتها، فخضعوا للأسف لسطوة المكافأة المالية الشهرية السعودية المجزية.
 
لقد أطلق التحالف آلته الدعائية السيئة من المنتفعين والموتورين، للبدء باستهداف مأرب، ضمن حملة موجهة تهدف إلى وصمها بأنها ملاذٌ للإرهاب، والنيل من جيش المستنيرين والمتعلمين الذي سطر أعظم البطولات في الدفاع عن الدولة اليمنية، وهم اليوم يتهمونه بأنه جيش "التربويين والمدرسين"، ويا له من توصيف مشرف لهؤلاء الأبطال الاستثنائيين.
 
يعتقد التحالف أن هذه الحملة سوف تمهد الطريق لفرض سلطة موالية، وربما ذات هوية مناطقية في هذه المحافظة النفطية؛ من أولوياتها خنق الكتلة الديمغرافية المليونية التي تسكن مدينة مأرب والتي تنتمي لكل محافظات الجمهورية تقريباً.
 
ما من رادع أخلاقي أو ديني يوقف المخطط الخطير لهذا التحالف، غير أن كل هذه الترتيبات قد تكون في تقديري بداية انعطاف حقيقي في الموقف الوطني للشعب اليمني، من شأنها إعادة توحيد اليمنيين وائتلافهم حول الوطن وحريته واستقلاله.
 
لهذا فإن من المهم أن نركز بشكل مكثف على الدور العدواني الخطير للتحالف، وأن نستمر في فضح مجلس القيادة الرئاسي الذي يقود ما تبقى من الدولة بخضوع تام إلى مذبح التحالف المتربص ببلدنا.

*نقلا عن عربي21

التعليقات