حرب غزة والحوثيون!
الإثنين, 30 أكتوبر, 2023 - 01:44 مساءً

بينما كان الاجتياح الحوثي للمدن اليمنية يمضي على قدم وساق دون مقاومة تذكر عام 2014 كان بعض المسؤولين الإعلاميين الإسرائيليين يصرحون أن حليفاً جديداً لهم في جنوب البحر الأحمر ينشأ حديثاً ويستولي على عاصمة اليمن.
 
لم تكن تلك التصريحات لتأتي من فراغ، وما كان النعيق الحوثي بشعار الموت لأمريكا.. الموت لإسرائيل إلا شيفرة يتم التعامل بها بين الحوثيين والإسرائيليين والأمريكيين على السواء.
 
كانت الدولة بكل مؤسساتها مشلولة الحركة بل متواطئة الموقف بضغط دولي إقليمي للتمكين للحوثيين وعدم مقاومتهم او كبح تقدمهم، بينما كانت خطوات السفير الأمريكي لا تتوقف ذهاباً وإياباً طارقة ابواب المسؤولين وشل إرادتهم.
 
كان الجميع لا يدرك بعد هذا التمكين رغم الشعار الواضح الذي لو قاله مكون آخر من مكونات اليمن اليوم لتم إزالته ووصمه بالإرهاب وكل أنواع الجرائم العصرية، لكن السفير الأمريكي الأسبق جيرالد فريستاين برر هذا الشعار أنه مجرد كلام في الهواء ولم يقتل أمريكيا واحداً!
 
وقفت الولايات المتحدة الأمريكية بكل قوة ضد تصنيف الحوثيين منظمة إرهابية منذ عام 2004 وحتى اليوم، رغم مطالبة الرئيس الأسبق صالح مراراً حينها بذلك، الا أن شيئاً من ذلك لم يحدث.
 
كان الإرهاب الحوثي ينمو ويترعرع تحت سمع وبصر ودعم أمريكا وأوروبا طالما اسرائيل راضية عنه واتخاذه حليفاً جديداً في المنطقة، وكان بعض الخبراء الأمريكيبن يزودون الحوثيين بالخطط والمعلومات في حروب صعدة المختلفة، وكانت هناك غرفة عمليات امريكية حوثية مشتركة في منطقة سعوان بالقرب من السفارة الأمريكية!
 
لماذا كل هذا التدليل والرعاية للإرهاب الحوثي إذاً؟!
 
كانت الخطط الأمريكية الإسرائيلية في الغرف المغلقة تمضي في إنشاء قناة بن جوريون من خليج العقبة وحتى البحر الابيض المتوسط مروراً بغزة، وضرب قناة السويس المصرية في مقتل، وشل طريق الحرير الصيني وكبح مساره، وما كان لهذه القناة أن تنشأ دون أن يكون لها تأمين من أية معارضة لها مستقبلا سواء من مصر أو غيرها من سكان غزة والمقاومة الفلسطينية فيها.
 
بدا لإسرائيل أن تزعزع دول المنطقة وتؤمن البوابة الشمالية للقناة عبر خطة تهجير الفلسطينيبن من شمال غزة أو غزة كلها عبر حرب لا تبقي ولا تذر كما هجرتهم من قبل من اراضي 48 وفلسطين التاريخية.
 
أما جنوباً، وخوفاً أو تحسباً لنفوذ مصري وصيني في اليمن وبوابة البحر الأحمر جنوباً في باب المندب كما فعلت في حرب اكتوبر 1973 تم دعم مليشيا ارهابية تدمر كيان الدولة وتخلق فوضى وفراغاً أمنياً واستراتيجياً في البحر الأحمر، وخاصة باب المندب ومحيطه، ولذلك تم التركيز على تعز خصوصاً كونها صاحبة المساحة الأكبر في البحر الأحمر وذات النفوذ الأكبر لباب المندب، وكذلك صاحبة الثقل السكاني والاحتياط البشري والمشروع الوطني المقاوم، حتى تم الاعتراض دوليا وإقليمياً على تحرير تعز بشكل كامل كبعض المحافظات ليتم تجزئتها بين ثلاث قوى متنافرة وغير متجانسة.
 
لن يكتب النجاح لقناة بن جوريون إذاً مالم يتم التحكم بباب المندب وتسليمه لإسرائيل لتبني لها قاعدة عسكرية في جزيرة ميون دعماً لقواعدها على الضفة الأخرى في أرتيريا لتأمين هذا المسار، وهذا ما تم بالفعل، بينما كان الجميع يحلل ويتساءل لماذا تم تسليم تلك الجزر لصالح قوات إسرائيلية، ليأتي الجواب مؤخراً عبر حرب غزة وإنشاء تلك القناة.
 
لهذه التحركات أبعاد دولية أخرى منها مواجهة الطريق الصيني (طريق الحرير) الذي يمر بذات المنطقة، وما إن سارعت الولايات المتحدة الأمريكية لإرسال قواعدها للبحر الأحمر قرب باب المندب تهيئة لحرب غزة ودعم اسرائيل حتى سارعت الصين بدورها لإرسال بوارج حربية إلى ذات المنطقة وكأن احتشاد البوارج العالمية التدميرية في خليج عدن غير كاف حتى اللحظة.
 
ورغم تواجد البوارج الأمريكية الإسرائيلية في البحر الأحمر التي يرفع الحوثيون شعار العداء لها لم يستهدفوها حتى ب(طماشة) َواحدة، َوراحوا يزايدون على المملكة العربية السعودية بفتح حدودها شمالا ليمروا عبرها لإسرائيل!
 
وقف محور ايران صامتاً عن نصرة غزة رغم أنهم وغزة في محور واحد، ولم تصل صواويخ حزب الله إلى حيفا ولا بعد حيفا، بل فتح هذا المحور أبواب المنطقة على مصاريعها لأمريكا وإسرائيل تعربدان بها كيفما تشاءان عبر أجساد أطفال غزة، متخذين من دمائهم أمواجاً لعبور أساطيلهم.
 

التعليقات