سيف محمد الحاضري

سيف محمد الحاضري

رئيس مؤسسة الشموع للصحافة والاعلام رئيس تحرير صحيفة اخباراليوم اليمنيه.

كل الكتابات
«خارطة الطريق: بين شرعنة الحوثيين وتهميش الشرعية اليمنية»
الأحد, 24 نوفمبر, 2024 - 10:03 مساءً

متغيرات وتطورات سياسية قادمة تفرضها السعودية كأمر واقع.. أحد مكونات المقاومة اليمنية أجرى مؤخرًا محادثات مع الأشقاء في السعودية، وكان الحديث واضحًا: لا حديث في المرحلة القادمة عن مقاومة مسلحة أو عودة للحرب، بل يتم التركيز على تنفيذ خارطة طريق لما يسمى إحلال السلام. يبدو أن الرياض تمضي بإصرار لفرض إرادتها السياسية على الشرعية اليمنية ومكوناتها السياسية والعسكرية.
 
اللقاءات التي أجراها قائد التحالف مع قادة المكونات المسلحة داخل مجلس القيادة حملت رسالة واضحة: لا حرب قادمة. على الجميع الاستعداد لتنفيذ خارطة الطريق بعد التوقيع عليها في الرياض.
 
•• تباين الاستعدادات بين الأطراف
في المقابل، تستعد مليشيات الحوثي لاستكمال جاهزيتها العسكرية لخوض معركة خاطفة تهدف إلى السيطرة على الساحل الغربي، مأرب، ما تبقى من الجوف، والتوغل في عمق شبوة. وفي الوقت الذي تتجه فيه الرياض إلى إخماد كل أشكال المقاومة العسكرية داخل الشرعية، تظهر المليشيات الحوثية كطرف يستغل الهدنة لتعزيز نفوذه واستعداداته العسكرية.
 
•• وعود سعودية بمكاسب متفاوتة
السعودية تسعى لكسب ولاءات مختلفة عبر منح وعود للمكونات السياسية والعسكرية، لكن هذه الوعود تأتي بمضامين متباينة:
 
المجلس الانتقالي الجنوبي: حصل على وعود تتعلق بتمكينه من تحقيق مشروع الانفصال، إلى جانب وعود اقتصادية لتحسين الوضع المالي ووضع حد لتدهور العملة.
 
الكيانات السياسية الأخرى: تلقت وعودًا بدعم وحدة اليمن ومنع مليشيات الحوثي من السيطرة على ما تبقى من البلاد، مع تأكيد الرياض على تمسكها بدعم الشرعية.
 
طارق صالح والمقاومة الوطنية: كان لهما نصيب من هذه الوعود، كما هو الحال مع قوات العمالقة وقياداتها.
 
•• في المقابل: تنازلات سعودية تجاه الحوثيين
من جانب آخر، تسير السعودية في تفاهمات مع إيران ومليشيات الحوثي، وقد نفذت الكثير من التنازلات التي منحت الحوثيين مكاسب كبرى:
 
* تمكين الحوثيين من استعادة السيطرة على الحديدة وموانئها.
* منع الجيش الوطني من أي تقدم نحو صنعاء.
* إعادة انتشار الجيش الوطني إلى أطراف مدينة مأرب.
* الإبقاء على الشرعية في حالة تفكك وصراعات داخلية دائمة.
* الإطاحة بالرئيس هادي ونائبه علي محسن.
* فتح مطار صنعاء ومنح الحوثيين الحق في إصدار الجوازات.
* رفع الحصار عن الموانئ الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
* وقف تصدير النفط والغاز.
* تمكين الحوثيين من السيطرة على شركة الطيران اليمنية.
* التخطيط لإعادة البنك المركزي إلى سيطرة الحوثيين، أو على الأقل منحهم الثلث المعطل لأي قرارات تصدر عنه.
 
•• التوازن بين الواقع والمصالح السعودية
من منظور السعودية، يبدو أن هذه التنازلات تأتي ضمن محاولة لتحقيق استقرار داخلي وإقليمي، خصوصًا في ظل المتغيرات الدولية وضرورة تحقيق مصالحها الاستراتيجية. إلا أن هذه السياسات تأتي على حساب مصالح الشرعية اليمنية ومكوناتها، ما يهدد بخلق واقع سياسي يمكّن الحوثيين من فرض سيطرتهم على الأرض بل ويهدد وجود الشرعية ويقضي على امال الشعب اليمني
 
•• شرعنة الحوثيين وتهميش الشرعية
خارطة الطريق تتجه نحو شرعنة مليشيات الحوثي ومنحهم مكاسب سياسية كبيرة، بينما يتم تحجيم الشرعية ومكوناتها السياسية والعسكرية. الرياض تمارس ضغوطًا خانقة على الشرعية سياسيًا واقتصاديًا، لتغلق أي منفذ للتمرد على خططها في اليمن لذلك ترفض التدخل لإنقاذ الاقتصاد ووقف تدهور العملة إلا من خلال تقدم سياسي في تنفيذ خططها المتمثلة في خارطة الطريق
 
•• الرهان على المتغيرات الدولية
التعويل على عودة الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب أو أي تغييرات دولية لا يبدو أكثر من قشة أمل لغريق. الواقعية تفرض على الشرعية التفكير في البدء بتفاهمات داخلية بين مكوناتها لتجنب خطر التهديد الوجودي.
 
•• خطوات إيجابية وسط العاصفة
لقاء قيادات كبيرة من حزب الإصلاح برئيس المجلس الانتقالي الجنوبي يُعد خطوة إيجابية إذا تم التعامل معه بمنظور استراتيجي يضمن تحقيق الحد الأدنى من المصالح المشتركة للطرفين ضمن مشروع وطني. هذا المشروع يجب أن يعيق المخططات التي تستهدف الجميع، وأن يشمل كافة مكونات الشرعية السياسية والعسكرية لضمان مواجهة مشتركة للتحديات.
 
السؤال الأبرز: هل ستنجح الرياض؟
 
يبقى السؤال: هل ستنجح الرياض في فرض خارطة الطريق كأمر واقع على الشرعية ومكوناتها؟
أولى بوادر ذلك تتضح من التغييرات التي تسعى لإحداثها في الحكومة الشرعية ومجلس القيادة.
 
البرلمان: خطوة رمزية أم بداية جديدة؟
 
الحديث عن عودة انعقاد البرلمان من الرياض يُعد خطوة رمزية أكثر منها عملية. فإعادة هذه المؤسسة الدستورية الأهم إلى العمل قد يُستخدم لتعزيز صورة التحالف كراعٍ للحلول السياسية، لكن السؤال الذي يبقى مطروحًا هو: ما هي أجندة الرياض الحقيقية وراء هذا التحرك؟ وهل تسعى لاستخدام البرلمان كأداة لشرعنة خارطة الطريق أم لتحقيق دور سيادي حقيقي لهذه المؤسسة الدستورية؟
*من صفحة الكاتب على إكس

التعليقات