احتمال سقوط النظام الإيراني عال. مع سقوطه ستتفكك أواصر الدولة الإسلامية في نسختها الشيعية/ الإيرانية.
انتقلت إسرائيل من مهاجمة إيران إلى إذلال النظام. حدث هذا خلال ساعات قليلة. خلال ما يداني النصف قرن وهو يعمل على مستويين: فرض الهارمونية الإيديولوجية في الداخل، وتكديس السلاح. القدرة غير القوة، كما لاحظ أمين هويدي في تفكيكه للمعضلة السوفيتية. القدرة هي جماع كل القوى، بما فيها العسكرية. أما القوة فتذهب إلى السلاح.
كان الاتحاد السوفيتي قد صار إلى عملاق قوي العضلات لكنه مجوف من الداخل. محاولة إصلاحه على يد غورباتشوف أدت إلى انهياره. في العام 1969 كتب أندريه أمالريك مقالته الشهيرة "هل سيعيش الاتحاد السوفيتي حتى العام 1984"؟. توقع أمالريك انهيار ذلك البناء العملاق USSR بسبب تناقضاته الداخلية في المقام الأول. مات أمالريك مطلع الثمانينات قبل أن يرى نبتوءته تتحقق.
عجز النظام الإيراني عن فرض الامتثال الإيديولوجي رغم كل استثماراته. هناك مجموعة بحثية إيرانية تعمل من هولندا، تخصص دراساتها في الشأن الإيراني، تحديداً اتجاهات الرأي والمزاج العالم. لاحظت المجموعة في دراستين منفصلتين، 2021/2023، أن النظام الإيراني تمكن فقط من تحويل 5% من الإيرانيين إلى الشيعة (من ذوي معتقدات أخرى)، بينما تسبب في اتجاه حوالي 7% إلى الزرادشتية (عقيدة غير توحيدية) وخروج أكثر من 5% من الشيعة إلى فضاءات أخرى. أي أن حاصل الدعاية/ الدعوة الإمامية -باستخدام إمكانات الدولة- بالسالب. رد النظام الإيراني على البيانات تلك بنشر بيانات (قال إنها علمية) تؤكد أن أكثر من 99% من الشعب مسلم. نشر البيانات على تيليغرام، وعلق الباحثون من هولندا بالقول إنه ربما أجرى الاستطلاع أثناء صلاة الجمعة.
ولا يبدو نجاحه العسكري بأفضل من نجاحه الإيديولوجي على ما نرى. تلك الأرض الواسعة (1.7 مليون كم مربعاً) كانت ملعباً إسرائيليا خلال عقدين من الزمن، وكانت المزود الرئيسي للطاقة بالنسبة لإسرائيل. في العام 1957 شارك الموساد في بناء جهاز السافاك الإيراني (الاستخبارات والأمن القومي)، وإئتلف الكيانان فيما سمي آنذاك بتحالف الأطراف. حلّ جهاز السافاك مع الثورة الإسلامية وبقي المثال والمدرسة للأجهزة للتي ستخرج من رحمه.
كان عهداً سعيداً بالنسبة لإسرائيل التي فاجأتها الثورة.
تغيرت القواعد مع وصول الخميني إلى السلطة، وصعود الجهادية الإمامية. ربما ترى إسرائيل أن الفرصة باتت الآن مواتية لإزاحة نظام الولي الفقيه. تبدو شهية إسرائيل قد فتحت على مصراعيها فجأة، وهي تجد نفسها طليقة اليد في سماء فارس، ونظام العضلات (والضرط - صوتي، بحسب الشيخ اليمني الحميقاني) فريسة.
إيرانيون كثيرون رأوا هذا اليوم ممكناً، كما رأى أمالريك مستقبل بلاده. وسيكون من نتيجة ذلك انهيار المستعمرات الإمامية وتداعيها، بما في ذلك البعيدة كاليمن، التي انتعشت تحت ظل الثورة الإسلامية في طهران. حدث ذلك مع الاتحاد السوفيتي، والبناءان المتشابهان يهويان بالطريقة ذاتها وإن اختلفت الأسباب.
*من حائط الكاتب على فيسبوك