الجلسة التي عقدها مجلس النواب اليمني، يوم أمس، والتي لم يكتمل نصابها، جاءت لتكرس العديد من العمليات الانقلابية التي أقدم عليها تحالف الحوثي والمخلوع صالح، منذ السيطرة على العاصمة صنعاء في الحادي والعشرين من سبتمبر/أيلول، من العام 2014، وتعتبر قفزة جديدة تقود البلاد إلى المجهول، وتباعد بين القوى السياسية للوصول إلى اتفاق شامل، يعيد للبلاد الأمن والاستقرار المفقودين.
جاء انعقاد جلسة مجلس النواب، أمس، مخالفاً للدستور، حيث لم يقم بأي دور لمنع الانقلاب الذي شهدته البلاد خلال العامين الماضيين، وكان انقلاباً في المقام الأول على المجلس نفسه، إذ لم يقم بمهمته الدستورية بالتصدي للانقلابيين، منذ اقتحامهم للعاصمة صنعاء، وإشهار ما عرف ب «الإعلان الدستوري»، الذي ألغى العمل بالدستور، ونسف بالتالي شرعية مجلس النواب، وشرع للحوثيين انتهاك القوانين والأعراف الدستورية.
مباركة مجلس النواب للاتفاق الذي تم التوقيع عليه، من قبل طرفي الانقلاب في البلاد، والذي عرف ب «المجلس السياسي الأعلى»، وهو الهدف الذي عقد المجلس جلسته، أمس، من أجله، بدعوة من الرئيس السابق علي عبدالله صالح وجماعة الحوثي، يجدد التأكيد على صواب موقف الشرعية من المجلس، الذي ينعقد تلبية لمواقف الانقلابيين وتأييد ما أقدموا عليه من مخالفة للدستور والقانون.
وقد استبق الرئيس الشرعي للبلاد، عبدربه منصور هادي، جلسة المجلس بتوجيه رسالة تحذيرية إلى رئيس وهيئة مجلس النواب اللذين أعلنا تأييدهما لما سمّاه الانقلابيون المجلس السياسي لإدارة الدولة، سياسياً وعسكرياً واقتصادياً واجتماعياً، معتبراً أنّ ذلك جريمة توجب عقاب فاعلها.
وأكد هادي، أنّ رسالته تأتي «انطلاقاً من مسؤولياته عن سلامة عمل المؤسسات الدستورية للدولة، وإجراءاتها التنفيذية منها، والتشريعية والقضائية، والتي من خلالها وجب تصحيح مسار المجلس».
خطوة مجلس النواب الانفرادية تأكيد على عدم الرغبة في إيجاد حل سياسي للأزمة التي تمر بها البلاد، فقد كانت مشاورات الكويت قريبة من التوصل إلى حل سياسي يخرج اليمن مما يمر به، لكن الانقلابيين رفضوا التوقيع على الاتفاق، الذي كان قد أعده مبعوث الأمم المتحدة إلى اليمن، إسماعيل ولد الشيخ أحمد، والذي استند إلى قرارات مجلس الأمن الدولي، بخاصة القرار 2216، والذي دان الانقلاب على الشرعية القائمة في البلاد.
الخطوة التي أقدم عليها مجلس النواب جاءت لتضفي شرعية على مؤسسة غير شرعية، وبذلك ينضم المجلس إلى قائمة المنتهكين للدستور، المعني هو قبل غيره بحمايته من الانقلاب، لا إضافة مسمى انقلابي آخر، كالذي تم إشهاره بين الحوثيين والرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، الأسبوع الماضي.
نتائج الخطوة ستضعف أي حلول سياسية مقبلة، وستكون لها تداعياتها السياسية والاجتماعية، والتي ستنعكس على الشعب اليمني الذي كان ينتظر من المجلس أن يكون مساعداً على إنجاز حل سياسي، لا على صب الزيت على نار الأزمة المستعصية في البلاد، وهذا دليل على غياب الحكمة والحصافة لدى مجلس يستخدم مع الأسف ورقة في أيدي الانقلابيين، على الرغم من أن ما اتخذه في خطوة الأمس لا يغير من سلامة الشرعية في شيء