تابعت ما وقع لفتاة ترتدي بدلة سباحة محتشمة على شاطىء فرنسي يغص بشبه العاريات. ولقد زاد العري والخلاعة على شواطىء البحار فتطور الى تحجيم تلك القطع ثم تطور المياوه الى ما يسمى (الثونج) وهي يغطي فقط من الامام .
ولقد احسنت المصممة العربية الأسترالية التي ساهمت في إيجاد حل بتصميم مناسب وعملي لملابس سباحة واسمتها( بوركيني) وهي كلمة مدمجة من (البرقع والبكيني). مع انه كان من الافضل ان تبتعد عن كلمة (البرقع) فهي صارت مشكلة أمنية في أورباء وخصوصا فرنسا.
صحيح ان المحكمة الفرنسية الغت الملاحقة اليوم بحق من ترتدي( البوركيني) ولكن الحادثة التي تعرضت لها تلك السيدة على الشاطىء الفرنسي اثبتت ان هناك (رهاب) ، وان هناك ترصد وكراهيات ضد المسلمين . والسبب ربما يعزى الى ما تعرضت له فرنسا من أحداث فاجعة، لكن التشدد والكراهيات اخذ مداه الى درجة ملاحقة نساء يرتدن الشاطىء بملابس محتشمة.
لقد علّمت فرنسا العالم الحرية وكانت الثورة الفرنسية هي ام الثورات في العالم، من الثورة الامريكية الى الثورة البلشفية ولم نعرف حقوق الإنسان او العدالة الا بعد ان اهتدينا بهدي فرنسا . لكن في ديننا الاسلامي من العدل ومن القيم ومن الإنسانية ما يشمل الانسان والحيوان بل والبيئة .
مرة أخرى لقد سمعت احد الدعاة المسلمين يقول اننا نطالب بتحقيق العلمانية الأنسانية الحقيقية وعدم تجزئتها او بسترتها ، كلمة (علمانية) صارت اليوم مرادفة ( للكفر) بينما هي الاعتراف بحقوق بقية الاديان والمذاهب، ومساواتها في القانون والدعم والحماية. ف (العلمانية) تتيح لنا المطالبة بفرص تعليم ديننا ولغتنا في كندا، فضلا عن إرتداء الحجاب ، كما انها توفر لنا فرصة الاعتراف الدستوري بالمناسبات والأعياد الدينية .
أن حقوق الاقليات قائم وثابت في كندا ، في الحصول وبقوة القانون على إجازات في المناسبات، مثل عيد الفطر وعيد الاضحى، بل ووصل الامر انهم يقدرون اليوم ويراعون في (كندا) نوع الطعام الذي يقدمونه للمسلمين في اي مناسبة او احتفالية وطنية.
إن (العلمانية )ترجمت بشكل مغلوط ( من كلمة انجليزية ( سكيولرزم) ونطالب بأعادة ترجمتها بما يتناسب مع روحها ، واشعر ان الاخرين يعتبرون العلمانية رديف للزندقة بل الكفر. والعلمانية هي الاعتراف بحقوق كل الاديان، كالاسلام والمسيحية واليهودية بل والبوذية والهندوسية بل وكل العقائد والمذاهب. ومعاملتها بمساوة تحت ظل الدستور.
اليوم كندا قررت السماح بإرتداء الحجاب لكل من تقبل في العمل في الشرطة الكندية من السيدات المسلمات . في كندا مساحة من العلمانية الإنسانية و التعايش والتوادد والتعاطف والتسامح ما لا نجده في دولنا الإسلامية.
* كاتب وأديب يمني مقيم في كندا