لماذا يلحد بعض أتباع د.عدنان إبراهيم؟
الجمعة, 13 ديسمبر, 2019 - 05:45 مساءً

مؤخرا في العقد الآخير من الآلفية الثانية ظهر لنا مجموعة من الدعاة العصريين والمتحمسين لنشر الوعي وإرساء العقيدة، فمنهم من هداهم الله وأنار دروبهم وجعلهم ضياء شعلة لأجيال الحداثة والتطور، وفي المقابل ظهر لنا جيل من الدعاة تجاوزوا الخطوط الحُمر على غير دراية أو لغاية في أنفسهم، ومن هؤلاء الدكتور عدنان إبراهيم القابع في أوروبا وبالتحديد في النمسا. تابعت هذا الرجل بشغف في باديء الأمر في عدة حلقات له على اليوتيوب، فسلب فكري وغدوت أترنم بأفكاره في كل مناسبة. اسلوبه في الإلقاء وسعة إطلاعه على كثير من العلوم جعلت منه متحدث لبق يجيد الإقناع، ومع قدرته في الحفظ وسرعة استرجاع المعلومة من بواطن عقله أعطته متانة في الطرح، كل ذلك حتى الأن تمام ولا غبار علية.
 
ولكن بعد استماعي للدكتور إياد قنيبي إتضح لي فضاحة ما كنت ساقدم عليه لو استمريت بقناعتي في عدنان ابراهيم، ولولا تغريدة الإستاذة إحسان الفقيه بارك الله فيها لما أدركت هرطقته. يتحدث عن بدأ الخليقة وكيف أن المخلوقات خُلقت عبثا دون تخطيطا مسبقا من الله جل في علاه، وأن ذلك نتج عنه بعض مخلوقات مشوهة، وعلى حسب إدعاءه أن خلق الطير بجناحين حدث صدفة ولم يكن لله عزوجل دورا في ذلك، والعياذ بالله.
 
خرافات وهرطقات لا تمت بصلة للعقل والمنطق، فضلا على أن تكون أصلا من أصول العقيدة. الرجل إتخذ لنفسه مبدأ خالف تُعرف يبتغي الشهرة والمال، ولا  أستطيع أن أجزم حقيقة أمره إن كان هو بوقا لأحد الجهات المعادية للإسلام. خالف جميع ما اتفق عليه علماء الأمة، رغم أنه يستشهد ببعضهم ويشيد بعلومهم. فقد تبنى نظرية داروين التي تنص على تطور الخلق من نطفة خلية حتى يُنفخ فيها الروح ثم تتجزء وتتشطر، وكل شطيره تتحول وتتطور إلى أن تغدو خلقا جديدا. لو إقتصرت نظريته على غير البشر لقبلناه جدلا، ولكن أن ينافي ذلك مع كلام الله جملة وتفصيلا فذلك غير مقبول.
 
قال الله تعالى : {وَمِن كُلِّ شَيْءٍ خَلَقْنَا زَوْجَيْنِ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ} .. سورة الذاريات الآية 49 .. في هذه الآية حسم الله الأمر وهدم نذرية داروين التي يتشدق بها عدنان إبراهيم، ولا أعلم كيف فاتته هذه الآية رغم أنه حافظا لكتاب الله، ولكن أعمته البصيرة، وراح يلهث وراء فلاسفة التخريف والكذب على البشرية محاولين بذلك نفي وجود خالق، وتبني نظرية الصدفة وتشكل المخلوقات من تلقاء نفسها،  مع أن الله ذكر ما يدحض ذلك في قوله :{ذَ?لِكَ عَالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ الْعَزِيزُ الرَّحِيمُ (6) الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ ? وَبَدَأَ خَلْقَ الْإِنسَانِ مِن طِينٍ (7)}..السجدة...
 
وأردف د. إياد قنيبي أن د. عدنان إبراهيم إعتاد على صنع هالة وهيبة للعلماء الغربيين الذين يستشهد بهم وبنظرياتهم، حتى يهيء نفسية المتلقي على قبول الإستدلالات الواردة في مؤلفاتهم، ليسهل عليه إقناعهم بأفكاره المضللة والمشبوهة.
 
وأردف د. إياد قائلا أن د. عدنان إبراهيم يستشهد بالتكونيين الذين يعتقدون جزما على وجود خالق وأنه لا يمكن أن يتكون ذلك الخلق المعقد المتقن لولا وجوده. د.عدنان متذبذب بين هذا وذاك، ولكن يرى أن التطويرين على صواب وأقرب للواقع عن غيرهم، فيتبنى نظريتهم في أن الكون وجد بمحض الصدفة دون تدخل إلآهي، تناقض غير منطقي دليل على أنه مشوش فكريا، ولا سيما تبنيه نظريات العلماء الملحدين وبشدة وكأنهم هم على حق وناكرا لقول الله في كتابه الحكيم :{ قُلْ أَئِنَّكُمْ لَتَكْفُرُونَ بِالَّذِي خَلَقَ الْأَرْضَ فِي يَوْمَيْنِ وَتَجْعَلُونَ لَهُ أَندَادًا ذَلِكَ رَبُّ الْعَالَمِينَ(9) وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِنْ فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِلسَّائِلِينَ (10) ثُمَّ اسْتَوَى إِلَى السَّمَاءِ وَهِيَ دُخَانٌ فَقَالَ لَهَا وَلِلْأَرْضِ اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ (12) فَقَضَاهُنَّ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ فِي يَوْمَيْنِ وَأَوْحَى فِي كُلِّ سَمَاءٍ أَمْرَهَا وَزَيَّنَّا السَّمَاءَ الدُّنْيَا بِمَصَابِيحَ وَحِفْظًا ذَلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ(12)}..فصلت
 
 ويستطرد د. عدنان إبراهيم بأن الملحدين إحتاروا في وجود خالق وأن المعطيات العلمية أعطتهم دلالة واضحة بأن الدنيا تكونت صدفة ولا وجود لخالق، وهنا تأتي الطامة الكبرى لعوام الناس في إرباكهم وزرع الشكوك في أنفسهم وتركهم عرضة للتجاذبات الفكرية والاستهانة بالموروثات الدينية حتى يصل الأمر بهم ينتقضون الآيات التي تُذّكر بعظمة صنع الله طالما أن الدنيا والمخلوقات جاءت محض الصدفة ولم تأتي من خلال نظام كوني متقن كما ندعي نحن المؤمنون المتخلفون في نظرهم بأنها خلق الله سبحانه وتعالى.
 
والأدهي والأمر إحتقاره لدور علماء الملسمين في وقتنا الحالي مقارنة بالغرب، متناسياً دُور الأبحاث العلمية لدى الغرب أنها تعج بالعلماء المسلمين في شتى المجالات العلمية والصناعية، لم يألو جاهدا بالبحث والتنقيب عنهم، ولو دخل معهم في مناظرة لأدحضوا نظرياته الواهية والمدلسة التي تناقض في المقام الأول الشواهد العلمية والبحثية التي إنكب عليها الغرب استدلالا بالقرآن، ولكن على ما يبدوا أنه تقوقع مع النظريات القديمة التي تحتاج إلى مراجعة بحثية من خلال أدوات يجهلها هو نفسه.
 
لماذا لم يراجع كتب التراث في طب العيون والرياضيات والجبر اليس مَن أسس ذلك هم علماء مسلمون. يتحدث في نهاية المطاف عن سماعة هاتفه وأن من صنعها هم الغرب وليس للمسلمين دورا في ذلك، ونسي أنه تغنى بالدكتورة غادة المطيري منذ فترة ليست بالبعيدة التي إخترعت جسيمات متناهية الصغر أمكانية تحريكها داخل جسم المريض لتقوم مقام المشرط الجراحي دون إحداث آثار جراحية على سطح الجلد. ألم يعلم هذا القوقائي أن أفضل جهاز عالمي لحماية البيانات صنعه مهندس مسلم من دولة الباكستان وهناك الكثير لا يسع المقام هنا ذكرهم. والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون.
 

التعليقات