شرف الكبسي

شرف الكبسي

كاتب وباحث أكاديمي

كل الكتابات
شتان بين السلام وبين التطبيع
الثلاثاء, 22 سبتمبر, 2020 - 10:35 مساءً

صديقي الذي أتحسر على فهمه القاصر بقضية من المفترض أن تكون من القضايا التي يُعد فهمها فريضة شرعية وضرورة إنسانية - لاسيما- في الوقت الراهن ..
 
قال لي : يا أخي، الإمارات والبحرين على حق بمبادرتهما للسلام ..
 
قلت : أي سلامٌ تعني ؟!
 
عليك أن تتحرى التدقيق الوصفي الصحيح قبل أن تكيف المسألة على فهمك القاصر..؟
 
فالسلام لا يكون إلا بين الأعداء والمتحاربين ، فهل الإمارات وبنو صهيون... متحاربان!! فضلًا عن أن التطبيع بحد ذاته يعني جعل ماهو غير طبيعي طبيعي ، وهذا غير منطقي بحق قضية ليست سياسة فحسب ، بل إنسانية ودينية ..
 
قال لي : هيا ناهي ...إحنا اليمنيين نتقاتل فيما بيننا ودماء تسيل، واليوم جئتم تستنكروا وتدينوا السلام الحاصل، وتناسيتم أن الحرب بين اسرائيل والعرب هو لصالح إيران والشيعة...
 
طيب... عليك أن تدرك أن هناك عدة اعتبارات لابد أن تأخذهنَّ بالحسبان عند الخوض في مثل هذه القضية :
 
أولًا وقبل كل شيء ..الشأن شأن الشعب الفلسطيني وحكومته ، فمتى رضخوا للسلام قلنا ونحن معكم لييييش ؟
 
لأن الشهداء هم فلسطينيون ، والنساء المغتصبات في سجون الإحتلال هنَّ فلسطينيات ، والأطفال الأيتام هم فلسطينيون ، والدم الذي يسيل من أجساد المجاهدين هو دم فلسطيني ، والبيوت المهدمة هي بيوت فلسطينيين ، وليس لنا نحن - كفضوليين - سوى الأقصى الشريف الذي هو - من مقدسات المسلمين على بقاع المعمورة - إذن ولا كلام إلا بعد أن نترك الأمر لأهله ، وعلينا أن نحترم أنفسنا ، ونحترم سيادة دولة فلسطين ، والتدخل في شأنها يخالف القانون الدولي ومواثيق الأمم المتحدة .
 
وأما قولك يا صديقي ، أننا نتقاتل فيما بيننا ، فأنت محقٌ ، ولكن هذا ليس مبرر للصهاينة أن نعقد معهم اتفاقيات حتى يدوسونا بأقدامهم بطريقة شرعية ؛ وفي حينها إذا أدنا أو اعترضنا أي سلوك لا يتناسب مع سياستهم لوحوا علينا بالعصى ، فنلزم الصمت ونحن صاغرون ، كل هذا ليس إلا نتيجة تصرفاتنا اللاعقلانية ،  فالشعوب العربية مضطهدةٌ ومداسةٌ من قبل أمريكا واسرائيل من قبل أن أخلق في  هذا العالم  العجيب، فلسنا منقصين نشرعن لهم بقوة الإتفاقية التي يوهمونا بها .
 
ثانيًا : قل لي بأي صفة يحق للإمارات أن تطبع مع الكيان المحتل ، هل ذاقوا مرارة الحياة كما ذاقها الشعب الفلسطيني منذ الستينيات؟ هل عرفوا كيف تمر عليهم أشهر وليال وهم تحت ويلات الحصار والصورايخ ؟
 
أنسيتم أن الإمارات والبحرين يعيشون في رغد العيش يتمتعون بما لذّ وطاب ، وللعلم فالعاهرات ، والبارات والمراقص الليلية تجدونها في الإمارات وبالتحديد في دبي ، إذن  فلنخاطب ابن زايد يا الأبله ، ونقول له :  هل تساوي نفسك برجالٍ تربوا على الجهاد وميادين القتال في الشدة والرخاء، رجال حفروا الأنفاق الأرضية بالكيلوهات حتى أرغموا الإحتلال الصهيوني دروسًا لن ينساها حتى يوم الدين ، رجال أشداء ضد من يعاديهم حيث أرعبوا اليهود وجعلوهم يعلنون صفارات الإنذار مرات المرات ..
 
ثالثًا : إقرأوا التاريخ وسيرة النبي "ص" وعوا أن اليهود نقَّاضون للعهود منذ خيبر وما بعدها ، وأنهم لا يتمنوا الخير للمسلمين بأي حال ، والذي لا يؤمن بتأريخ الماضي ، فليعِ تأريخ اليوم ما فعلت "مصر والأردن " وما نتائج التطبيع ؟!!!
 
رابعًا : ترامب يبشر العالم بأن السعودية ستلتحق بركب البحرين والإمارات بالتطبيع مع الكيان الصهيوني المحتل ، فهذا ليس بغريب ، فالحليم لن يندهش أو ينصدم ؛ لأنه يدرك سياسة المراهق بن سلمان وكيف يتعامل مع أمريكا ، فالسعودية ومن على شاكلتها حالهنَّ يكمن في قوله تعالى (فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ)52 المائدة .
 
ختامًا وأخيرًا :
 
صديقي قالها ليس إلا نكايةً بالإخوانجيين والشيعة ، وأنا أُجزم أن الشعية والإخوان إن استمروا على هذا المبدأ فهي نقطة تاريخية تضاف إلى رصيدهم ، وشرفٌ لي ولكل مسلم أن ينتسب إلى تلك الجماعتين المارقتين !
 
وعلى فكرة لا أخفيكم أنه يعيش في مجتمع قبلي قائم على الثأر حتى اللحظة ، لذا الأحرى به أن يصلح ما حوله ومن ثم يتدخل بشأن المجتمع اليمني ككل ، ثم ننتقل الى قضية فلسطين .
 
#لا للتطبيع مع كيان محتل ومصادر لحقوق وممتلكات الشعب الفلسطيني .
 

التعليقات