بيع الكتاب المدرسي.. عن سقوط رمزية التعليم
الخميس, 05 سبتمبر, 2024 - 07:08 مساءً

في خضم هذا الواقع المرير الذي يعيشه وطننا الحبيب، يبرز مشهد مؤسف ومؤلم يوجع القلوب ويستفز العقول، إنه مشهد الكتب المدرسية وهي تباع على أرصفة الشوارع، وكأنها بضاعة رخيصة لا قيمة لها، بينما توجد في رفوف المحلات الفاخرة أحذية وأثواب باهظة الثمن. هذا المشهد البائس يكشف عن عمق الأزمة التي يعيشها مجتمعنا، ويطرح تساؤلات جوهرية حول قيمة المعرفة والتعليم في ظل هذه الظروف الصعبة.
 
الكتاب المدرسي ليس مجرد مجموعة من الأوراق المطبوعة، بل هو بمثابة جواز سفر إلى عالم المعرفة، ومفتاح لتحقيق الأحلام، وبناء المستقبل. إنه الركيزة الأساسية التي تقوم عليها عملية التعليم، وهو الاستثمار الأمثل في الأجيال القادمة. عندما يتم حرمان الطلاب من هذا الحق الأساسي، فإننا نحرمهم من فرصة التطور والنمو، ونحرم الوطن من طاقاته الشابة المبدعة.
 
إن بيع الكتب المدرسية في الشوارع هو دليل على تدهور القيم والمبادئ، وغياب الاهتمام بالتعليم، وتفشي الفساد والمحسوبية. إنه انعكاس لواقع مؤلم يعاني منه قطاع التعليم في بلدنا، حيث يعاني المعلمون من نقص الرواتب، وتفتقر المدارس إلى الموارد اللازمة، وتنتشر ظاهرة التسرب من المدارس.
 
إن هذا الوضع المأساوي لا يقتصر على اليمن وحده، بل هو مشكلة تعاني منها العديد من الدول النامية، والتي تعاني من صراعات وحروب وأزمات اقتصادية. ولكن ما يميز الحالة اليمنية هو استمرار هذه الأزمة لسنوات طويلة، دون أن يتم إيجاد حلول جذرية لها.
 
إن حرمان الطلاب من الكتب المدرسية هو جريمة بحق الوطن والمستقبل، وهو تهديد مباشر لأمننا القومي واستقرارنا الاجتماعي. فالعلم والمعرفة هما السلاح الأقوى لمواجهة التحديات التي تواجهنا، وهما الضمانة الوحيدة لبناء مجتمع متماسك ومتطور.
 
إننا ندعو جميع الجهات المعنية إلى تحمل مسؤولياتها، والعمل على حل هذه الأزمة بأسرع وقت ممكن. ندعو الحكومة إلى توفير الميزانيات اللازمة لقطاع التعليم، وتوفير الكتب المدرسية مجاناً لجميع الطلاب، وتحسين أوضاع المعلمين، وتحديث المناهج الدراسية. ندعو المجتمع المدني إلى القيام بدوره في توعية الناس بأهمية التعليم، ودعم المبادرات التي تهدف إلى تحسين جودة التعليم. وندعو أولياء الأمور إلى الاهتمام بتعليم أبنائهم، وتوفير بيئة مناسبة للدراسة.
 
إننا على يقين بأننا إذا عملنا جميعاً معاً، يمكننا أن نخرج من هذه الأزمة، وأن نبني جيلاً جديداً من الشباب المتعلم والمؤهل لبناء مستقبل أفضل لليمن.
 
ختاماً، أقول إن الكتب هي ثروة الأمم، وهي الاستثمار الأفضل في المستقبل. فلتكن الكتب في أيدي الطلاب، وليكن التعليم هو أولوية وطنية.
 

التعليقات