ما السيناريوهات والآثار المتوقعة من حرب إيران وإسرائيل؟
الأحد, 15 يونيو, 2025 - 07:37 مساءً

حرب إيران واسرائيل اليوم نقطة انعطاف نحو مرحلة جديده في بناء وجه الشرق الأوسط الحديد، فتاريخ المنطقة متشابك وممتد منذ قجر التاريخ، فالحرب اليوم أكثر من مجرد مواجهة عسكرية بين دولتين؛ إنها لحظة انقطاع تاريخي، تعلن سقوط ما تبقى من قواعد الاشتباك القديمة، وتفتح الجبهات من طهران إلى البحر الأحمر. الحرب هذه ليست فقط بين جيشين، بل بين مشاريع، بين سرديات، وبين مستقبلين متضادين للمنطقة.
 
تتم الحرب في ظل هشاشة بنوية داخلية بين طرفيه ، ففي إيران، النخبة السياسية تعاني من تصدع علي مستوي معين ، الاقتصاد يترنح، والإجماع الداخلي يتآكل ، في المقابل إسرائيل تعيش أزمة ، أزمة ثقة متفاقمة، واختراقات أمنية صاعقة منذ 7 أكتوبر، وعجز متزايد عن إدارة حرب طويلة الأمد ، فرغم كل ما نشاهده ، لكن الاهم أن اسرائيل تعاني من السقادة الكاريزمية الملهمة كالتي اسست الدولة ، وحافظة عليها في الحروب المتتالية ، الانحازات تتحقق بسبب فارق النار والتقنية ، كل ذلك يجعل من هذه المواجهة اختبارا وجوديا لا لطرف واحد، بل للمنطقة بأكملها.
 
ولذا هذه الحرب تفتح الياب علي سيناريوهات مختلفة ،  اذا انتصرت إسرائيل، فلن يكون ذلك نصرا عسكريا فقط، بل تتويجا لرؤية شرق أوسط جديد، تطبع فيه العلاقات بلا شروط، وتُقمع فيه الحركات الديمقراطية والسلمية باعتبارها خطرا على “الأمن القومي” ، وقد نرى ذوبان مشاريع مقاومة في مسار المشروع الجديد ، وستضيق مساحة المناورة للدول الاقليمية التي تحتضن جماعات للاسلام الساسي او الديمقراطي ، سترى تغييرا في النمط الهيكلي للاقتصاد بما يخدم اسرائيل ، تضخيم المؤسسات الامنية علي حساب العسكرية لصالح الانظمة المستبدة ، هذا السيناريوا قد يقود الي ايران جديده ، اكثر ليبرالية وميلاً للغرب ، وستتحول الي مشروع استثماري للغرب ، فإيران دولة واعده بعد حصار انهك كل مجالات الحياة ، وكان وقت الاستثمار في بناءها بعيدا عن المخلب النووي. 
 
واذا ا انتصرت إيران، فستتوسع إمبراطوريتها من اليمن إلى لبنان، قد نرى عودة الحياة لحزب الله ، وتسليم اليمن  لجماعة الحوثي ضمن حل سياسي ، العودة الي سوريا بصوره من الصور ، وقد نري نمو وظهور للحركات الشريعية في منطقة الخلية بصورة اكثر وضوحا ، وتشرعن  القبضة الأمنية بشعارات “التحرير”، وتؤجل  المطالب الديمقراطية إلى أجل غير مسمى.
 
السناريوا الثالث إذا طال أمد الاستنزاف، فسنشهد المزيد من الانهيار، مزيدا من العنف، دون أفق أو انفجار حاسم ، قد نري انهيارات هنا او هناك  ، وجبهات مشتته تدخل في الخط ليس شرط ان تنظم الي طرف ما ، الجماعات المسلحة المتطرفة ، وهذا سيخلق ضغط علي الواقع الاقتصادي ، مما سينعكس علي الشارع الذي قد ينفجر  متمرا من الفشل الاقتصادي ، والمساس بالكرامة.
 
وسط هذا الخراب، تبقى الشعوب هي الفاعل الغائب، لكنها ايضا الأمل الوحيد. وحده مشروع عربي مستقل، لا يبني على السلاح ولا على شعارات الماضي، يمكن أن يكسر هذا التيه. مشروع ينبثق من وجع الناس، من حاجتهم للحرية والكرامة والمواطنة، ويعيد تعريف النصر لا كغلبة عسكرية، بل كقدرة على إعادة بناء الإنسان.
 
ربما تكون الحركات السلمية والديمقراطية الطرف الأضعف اليوم، لكنها الوحيدة التي لا تحتاج للقتل كي تُثبت وجودها. وحدها تطلب منّا شيئًا بسيطًا: أن نؤمن بها.
 
فالمعركة الحقيقية اليوم  ليست على شاشات التلفزة ، بل المستقبل  ومضمون الواقع العربي .
 

التعليقات