[ الرياض احتضنت مؤتمر دعم مرجعيات الحل السياسي في اليمن - سبأ ]
عاد الحديث مجددا عن المبادرة الخليجية باعتبارها أحد ثوابت ومرجعيات الحل السياسي للوضع في اليمن.
وأعلنت الحكومة الشرعية المقيمة في الرياض والمدعومة من التحالف العربي عن مؤتمر تعريفي بالمبادرة الخليجية، مع المرجعيات الأخرى المتمثلة بمخرجات الحوار الوطني، والقرار الأممي 2216، وهي المرجعيات التي ترفعها الحكومة الشرعية، وتقدمها كأرضية للحل في اليمن.
المؤتمر وفق ما أعلن سيعقد اليوم بتنظيم من الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية، ووزارة الدولة لشؤون تنفيذ مخرجات الحوار الوطني في الحكومة الشرعية، بمشاركة سفراء مجموعة الدول الـ 19 الداعمة للعملية السياسية في اليمن، ومجموعة أصدقاء اليمن بالإضافة إلى سفارات الدول والمنظمات الدولية والهيئات الدبلوماسية.
لكن ما الذي أعاد المبادرة الخليجية إلى الواجهة مرة أخرى؟ وما هو واقع تنفيذ المبادرة اليوم، والأخذ بها؟ وما موقف مختلف الأطراف اليمنية منها؟ وهل لا زالت صالحة للتنفيذ اليوم؟
ما هي المبادرة الخليجية؟
مثلت المبادرة الخليجية خارطة طريق قدمتها دول مجلس التعاون الخليجي للوضع في اليمن، عقب اندلاع الثورة الشعبية في العام 2011م، وسقوط نظام الرئيس السابق علي عبد الله صالح.
حظيت المبادرة بتأييد من الأمم المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد الأوروبي، وتشكلت لأجلها العديد من الجهات المشرفة على تنفيذها أبرزها ما عرف لاحقا بالدول العشر الراعية للمبادرة الخليجية، كما أن تخصيص مبعوث أممي إلى اليمن جاء في البداية للإشراف على تنفيذ تلك المبادرة، التي قدمت حلولا مرضية للجميع، رغم ما تسببت به لاحقا من تعقيد للمشهد اليمني.
كانت المبادرة الخليجية عندما طرحت حلا مناسبا في نظر البعض، إذ إنها تلبي مطلب الثوار المطالبين بتغيير النظام، وتحفظ القوى اليمنية من الانخراط في الصراع الدموي، كما تضمن وجود عملية انتقال سلس للسلطة بتراضي مختلف الأطراف اليمنية.
تضمنت المبادرة تفاصيل عديدة لعملية التنفيذ، وألحق بها الآلية التنفيذية لتنفيذها، ورغم التباطؤ في التوقيع عليها من قبل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، فقد وقع عليها أخيرا في العاصمة السعودية الرياض في 23 نوفمبر 2011م، وكانت أولى مراحل تنفيذها، تشكيل حكومة الوفاق الوطني التي تشكلت في الثالث من يناير 2012م برئاسة محمد سالم باسندوة، ثم أعقبها انتخابات توافقية للرئيس عبدربه منصور هادي في الـ21 من فبراير 2012م.
ووقع على المبادرة الخليجية طرفان اثنان، الأول حزب المؤتمر الشعبي العام وحلفاؤه من الأحزاب المناصرة له، والثاني أحزاب اللقاء المشترك، وشركاؤها من الأحزاب والكيانات السياسية، ونصت على أن يتولى حزب المؤتمر الشعبي العام رئاسة الدولة، فيما يتولى رئاسة الحكومة شخصية من أحزاب اللقاء المشترك، وتتشكل الحكومة من الطرفين، عبر تقاسم الوزارات الحكومية بما في ذلك السيادية.
وبموجب المبادرة خاض اليمنيون ماراثونا لمدة عام فيما عرف بمؤتمر الحوار الوطني، خلال العام 2013م، والذي خرج بوثيقة متكاملة للوضع في اليمن، وجرى الانقلاب عليها لاحقا، مع إسقاط جماعة الحوثي للحكومة نهاية العام 2014م بالتحالف مع الرئيس السابق صالح.
حددت المبادرة الخليجية فترة انتقالية من عامين تنتهي مطلع العام 2014م، على أساس أن يعقبها انتخابات برلمانية ورئاسية ومحلية، لكن تعقيدات تلك المرحلة جعلت من المتعذر المضي في الالتزام بالتاريخ المحدد، وجرى التمديد للرئيس هادي في رئاسته للبلد، وقيادته للمرحلة الانتقالية، وكان لذلك تداعيات عديدة كما سنسردها لاحقا.
بداية التحول والتخلي
لعل من أبرز الملاحظات أن دول الخليج العربي حين قدمت مبادرتها، رمت بتلك المبادرة لليمنيين، ثم ألقت ظهرها عن الوضع في اليمن، وبدلا من مواصلة الإشراف عليها، تولى المبعوث الأممي الأول للأمم المتحدة إلى اليمن جمال بنعمر مسؤولية الإشراف على تنفيذها، وبدا واضحا تراجع دور الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي من الاهتمام بالملف اليمني، لصالح الدور الذي لعبه جمال بنعمر.
ومن هنا بدأت المبادرة في التحول نحو كونها مسؤولية أممية أكثر من كونها قضية إقليمية ترتبط بالنطاق الإقليمي في اليمن، وبذلك انتقلت المبادرة وآلية تنفيذها إلى أروقة الأمم المتحدة، وانحسر الحضور الخليجي تدريجيا، ما أدى إلى ظهور أجندات جديدة مرتبطة بالوضع في اليمن.
حرصت الأمم المتحدة على تشجيع المضي في تنفيذ المبادرة الخليجية، وعقد أعضاء مجلس الأمن جلسة لهم في العاصمة صنعاء بحضور الرئيس هادي في السابع والعشرين من يناير من العام 2013م، للتأكيد على أهمية الملف اليمني، وضرورة استكمال المرحلة الانتقالية بنجاح.
بالنسبة لعلي عبدالله صالح فقد وقع المبادرة تحت ضغط شعبي في الداخل، وضغوطات خليجية ودولية عليه في الخارج، وتضمنت المبادرة منحه حصانة من المساءلة مع أعضاء حزبه، مقابل الانخراط في عملية تنفيذها، وصوت البرلمان في 21 يناير من العام 2012م على تلك الحصانة، لكن الدلائل كانت تشير إلى أن صالح الذي نجا من مصير نظرائه في بلدان الربيع العربي، يتطلع من جديد للعودة إلى الحكم، واتخذ من بقائه رئيسا لحزب المؤتمر الشعبي العام واجهة للعودة إلى الحضور السياسي والشعبي من جديد.
كان صالح بانتظار انتهاء الفترة الانتقالية المحددة بعامين، لكن التمديد لهادي قطع الطريق أمامه، وعند هذه النقطة رفع صالح مصطلح الرئيس المنتهية ولايته في وجه هادي، وتعامل إعلام حزب المؤتمر الشعبي العام من هذا التوصيف، وتفجرت الخلافات لاحقا بين صالح وهادي، وانتهت بقرار صالح فصل هادي من عضوية حزب المؤتمر الشعبي العام، ما جعل الهوة تتسع بين الرجلين.
كان صالح حينها قد دخل في تحالف سياسي عسكري مع جماعة الحوثي، التي لم تعترف بالمبادرة الخليجية منذ إقرارها، وتلاقت مصلحة الطرفين مجددا في رفض المبادرة الخليجية، وعدم الاعتراف بها، واعتبارها بحكم المنتهية، رغم أن الطرفين كانا من ضمن الموقعين على وثيقة مخرجات الحوار الوطني التي انبثقت في الأساس من المبادرة الخليجية نفسها.
ورأى صالح في المبادرة بأنها سلبت منه كثيرا من الأوراق التي كانت في يديه، ومن أبرزها إقالة العديد من قيادات الجيش التي كانت موالية له، وإعادة دمج الوحدات العسكرية التابعة له في قوات الجيش ضمن ما عرف بهيكلة الجيش، ووجود خطوات جديدة من شأنها تغيير وجه اليمن متمثلة بالنظام الفيدرالي الذي أقره مؤتمر الحوار، وأسهمت تلك العوامل في تحريك "صالح" لأوراقه، والعمل على منع السير في اتجاه استكمال المرحلة الانتقالية وفق تلك المخرجات المحددة، وتزامن هذا مع رغبة حوثية في الصعود، بعد تحقيق الجماعة لانتصارت ميدانية في شمال اليمن.
تلاقت وجهة نظر الطرفين، ومع الإطاحة بنظام الحكم في مصر الذي جاء من رحم الثورة الشعبية بسهولة، أغرى ذلك الأنظمة الخليجية مجددا للالتفات نحو اليمن، باعتبار أن نظام الحكم الوليد فيها جاء من رحم الثورة أيضا.
دفعت هذه المواقف دول الخليج العربي لرعاية مخطط في اليمن يقضي على النظام الجديد المنبثق من الثورة الشعبية في اليمن، وكانت جماعة الحوثي هي الأداة التي تم تحريكها لخلط الأوراق في اليمن، فتحالفت مع نظام صالح، وتقدمت بمجاميع مسلحة، وبمساعدة من الرئيس هادي نفسه، الذي كان يعمل في إطار التوجهات الخليجية الهادفة لخلق واقع جديد في اليمن، وتمخضت تلك التحركات بسقوط العاصمة صنعاء بيد الحوثيين.
جرح في جسد المبادرة
رغم أن جماعة الحوثي وهي تسعى للاطاحة بنظام الحكم في صنعاء رفعت شعار تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، إلا أن خطواتها كانت بداية التمرد وحرق المبادرة الخليجية نفسها، فقد أطاح تحركها العسكري بحكومة الوفاق الوطني التي انبثقت من المبادرة الخليجية، وفرضت اتفاقا جديدا في اليمن لا يمت بصلة لتلك المبادرة، وهو اتفاق السلم والشراكة، الذي وقع يوم سقوط صنعاء، في الـ21 من سبتمبر 2014م بإشراف من المبعوث الأممي السابق جمال بنعمر، وكان أول من بارك ذلك الاتفاق هي الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، التي قدمت المبادرة في اليمن.
أفرز هذا الأمر واقعا جديدا، لم يعد يستند على المبادرة الخليجية، وآليتها التنفيذية، وتمثل الأمر بتعيين شخصية جديدة لرئاسة الحكومة بعيدا عن المبادرة الخليجية نفسها، التي نصت على أن تكون إدارة البلد بشراكة من مختلف الأطراف، بحيث تكون رئاسة الحكومة من نصيب المشترك، ورئاسة الجمهورية من نصيب حزب المؤتمر كما أسلفنا.
وتمثل هذا الواقع الجديد بقرار هادي تكليف أحمد عوض بن مبارك بتشكيل حكومة جديدة، وحين رفض ذلك القرار من الحوثيين وحزب المؤتمر الشعبي العام برئاسة "صالح" جرى تكليف خالد محفوظ بحاح بتشكيل حكومة جديدة.
تحقق حينها لجماعة الحوثي ما كانت تصبو إليه من عدم الاعتراف بالمبادرة الخليجية، وتحقق لعلي عبد الله صالح أيضا ما كان يتوجس منه من تبعات تطبيق المبادرة الخليجية، وبات الطرفان يعتبران تلك المبادرة بالمنتهية، وشرعا في خلق واقع جديد يستند لتصوراتهما ومصالحهما الخاصة.
ومع انطلاق العمليات العسكرية للتحالف العربي في اليمن، عاد الحديث مجددا عن المبادرة الخليجية باعتبار أن جماعة الحوثي والرئيس السابق انقلبا على تلك المبادرة، ورفع التحالف العربي والحكومة الشرعية المبادرة الخليجية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني من جديد باعتبارهما المخرج للحل في اليمن، وانقسمت اليمن إلى مربعين: الأول الحكومة الشرعية المستندة إلى المبادرة الخليجية ومخرجات الحوار الوطني، ومربع الانقلاب ممثلا بجماعة الحوثي وحزب المؤتمر الشعبي العام بزعامة صالح، مستندين إلى واقعهم الجديد.
وعقب انطلاق الحرب بشهر، صدر عن مجلس الأمن الدولي القرار الأممي 2216 والذي قدم تصورا جديدا للحرب في اليمن، وأعطى للتحالف العربي الحق في الحرب باليمن، وتحول القرار إلى مرجعية ثالثة جرى رفعها لاحقا إلى جانب المبادرة الخليجية، ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني.
ورغم تمسك دول الخليج بالمبادرة الخليجية، فإنها لم تعمل على تصحيح وضع المبادرة وإعادتها للمسار الصحيح، لتبقى فعلا قائمة كأحد مرجعيات الحل في اليمن، ورغم تراجع الرئيس هادي عن اتفاق السلم والشراكة بعد وصوله لعدن، فإنه أيضا لم يقم بأي إجراءات تصحيحية للخل الذي أصاب المبادرة الخليجية.
ففي الرياض عمل رئيس الحكومة السابق خالد بحاح على استئناف عمله في رئاسة الحكومة، رغم أن حكومته استندت في تشكيلها على اتفاق السلم والشراكة الذي ألغاه هادي لاحقا، واستمر في رئاسته للحكومة، وأضيف له لاحقا منصب أعلى تمثل بتعيينه نائبا للرئيس هادي.
لاحقا جرى الإطاحة ببحاح من منصبيه، وكلف القيادي المؤتمري أحمد عبيد بن دغر برئاسة الحكومة، وكان هذا الأمر مغايرا أيضا لما جاءت به المبادرة الخليجية، التي قضت بالشراكة بين مختلف الأطراف اليمنية، واحتفظ حزب المؤتمر بقيادة الدولة بشقيها (الرئاسة والحكومة)، فيما أحيلت بقية الأحزاب المؤمنة بالشرعية وهي الموقعة على المبادرة الخليجية إلى هيئة المستشارين التي شكلها هادي عند وصوله الرياض.
واقع ما بعد الحرب
تدريجيا بدأ التحالف العربي يتجه في توصيفه للحرب في اليمن، باعتبارها بين جماعة الحوثي الموالية لإيران، وبين أطراف يمنية مناهضة للتواجد الإيراني، وبذلك انتقلت المعركة من كونها سياسية بين طرف انقلابي، وطرف يتمتع بالشرعية، إلى معركة طائفية، لا تتمتع بأي مرجعيات، كما انتقلت من معركة داخلية تتعلق باليمنيين أنفسهم، إلى معركة إقليمية لها علاقة بالصراع في المنطقة، وبدأت المواقف تفرز على أساس هذا التوصيف الجديد.
ساعد هذا التوصيف السعودية وحلفاءها على استيعاب مناصرين جدد، خاصة أولئك الذين ظلوا بجوار الرئيس السابق علي عبد الله صالح، والذي أعلن تخليه عن حلفائه الحوثيين الذين اتهمهم في آخر خطاب له بالولاء لإيران، رافضا الاعتراف بالشرعية حتى لحظة قتله.
لكن هذا التوصيف أذاب المبادرة الخليجية من جديد، وأظهر التحالف العربي في اليمن بلا رؤية أو مشروع، إذ إن توصيف ما يجري بأنه حرب ضد إيران، سمح بتشكيل واقع جديد في اليمن، وظهور أطراف أخرى تعمل في إطار التحالف العربي، لكنها لا تؤمن بالمبادرة الخليجية، بل كانت أحد أطراف الإطاحة بها، كحزب المؤتمر الشعبي العام الذي أيد التحالف في اليمن بعد مقتل صالح، والمجلس الانتقالي الجنوبي في عدن، الذي يؤمن بالعمل مع التحالف العربي، لكنه يرفض المبادرة الخليجية.
فبعد مقتل صالح انضمت قيادات من المؤتمر الشعبي العام للتحالف العربي، لكنها لا تزال ترى في الحكومة الشرعية التي تستند للمبادرة الخليجية جزءا من المشكلة التي تمتد جذورها إلى العام 2011م وفق رؤيتهم، والأمر نفسه ينطبق على قادة المجلس الانتقالي الجنوبي الذي يحظى برعاية من دولة الإمارات العربية المتحدة، والذي لا يزال يرفض الحكومة الشرعية، ويقول بأن المبادرة الخليجية انتهت.
الرافضون والمؤيدون اليوم
بالنسبة لحزب المؤتمر فلا يزال يعاني من تبعات التشظي والانقسام، بعد مقتل مؤسسه، ولم تتحدد توجهاته حاليا، وهناك محاولات لإعادة بناء الحزب من جديد، ومن المتوقع أن تركز زيارة الرئيس هادي للقاهرة على هذا الأمر، خاصة مع تواجد العديد من القيادات المؤتمرية هناك.
أما المجلس الانتقالي فقد اعتبر رئيسه عيدروس الزبيدي أن المبادرة الخليجية انتهت، وأن الوضع يقتضي وجود مبادرة خليجية جديدة تستوعب المتغيرات الجديدة، وفق حديثه لقناة أبوظبي الإماراتية.
جماعة الحوثي هي الأخرى أعلنت عن رفضها للمبادرة الخليجية، وقال القيادي في الجماعة محمد علي الحوثي لوكالة سبوتنيك الروسية قبل أيام إن "المبادرة الخليجية انتهت ولا نؤمن بها"، وطالب بحوار مع التحالف العربي بعيدا عن هذه المبادرة.
أما الحكومة الشرعية التي تتكون من عدة أحزاب بينها المؤتمر الشعبي العام الذي انضم للشرعية، فقد انخرطت جميعها في المؤتمر الذي دعت له السعودية لإعادة تفعيل العمل بالمرجعيات الثلاث بما فيها المبادرة الخليجية.
عوائق في طريق المبادرة
تسبب إطالة الحرب في اليمن، وعدم تحقيق أي انتصار عسكري على الطرف الانقلابي، أو التوصل لأي اتفاق سياسي يوقف الحرب، بظهور مستجدات جديدة، وأطراف جديدة، وكل ذلك يجعل الحديث عن المبادرة الخليجية اليوم أكثر صعوبة.
فمن المؤكد أن حديث رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي ورفضه للمبادرة الخليجية يأتي وفق الرؤية الإماراتية، فمجلسه تأسس بدعم إماراتي كامل في عدن وبقية مدن جنوب اليمن، ومع اعتبار أن الإمارات هي إحدى دول مجلس التعاون الخليجي، فإن الوضع يعكس تباين في الرؤى بين دول المجلس إزاء المبادرة الخليجية نفسها.
فالسعودية أعادت إحياء المبادرة الخليجية من الرياض تحت إشراف الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي، ويسلط هذا التباين الضوء على وجود انقسام داخل دول مجلس التعاون نفسها.
وإذا ما أعلنت قطر موقفا رافضا لتحركات الأمانة العامة لمجلس التعاون الخليجي في إحياء المرجعيات الثلاث على غرار ما أعلنته من رفض لموقف المجلس تجاه كندا، فإن التباين الخليجي تجاه المبادرة نفسها سيتسع، وقد يصل ذروته في حال اتخذت سلطنة عمان موقفا مماثلا، خاصة مع عدم تدخلها في الحرب باليمن.
ومن المؤكد أيضاً أن المبادرة الخليجية لا تزال إحدى المرجعيات الأممية، ومختلف القرارات الأممية الصادرة عن اليمن تنطلق من هذا الأساس، وبالتالي فإن بقاءها يعتمد على الدعم الأممي لها، واتخاذ التدابير اللازمة تجاه من يعرقل تنفيذها، كالعقوبات الأممية، التي طالت الرئيس السابق نفسه ونجله وقيادات حوثية، بحجة عرقلة تنفيذ المبادرة الخليجية.
وفي خضم هذا التشظي هل الحديث عن المبادرة الخليجية اليوم وما يلحق بها من مرجعيات يعد مدخلا للحل في اليمن؟ مع التأكيد هنا أن أصوات عديدة بدأت تطالب بإجراء تعديل على القرار الأممي 2216 ليستوعب المتغيرات الجديدة، معتبرة أنه بشكله الحالي يساهم في تعقيد الحوار السياسي داخل اليمن.