تحدث عن تعقيدات المشهد وفرص نجاح المبعوث الأممي الجديد..
الشلفي في حوار مع "بعد أمس": لن يكون هناك حل قريب للأزمة اليمنية وغرندبرغ ليس أحسن حالا من سابقيه
- خاص الجمعة, 20 أغسطس, 2021 - 09:53 مساءً
الشلفي في حوار مع

[ أحمد الشلفي في حوار مع برنامج بعد أمس "بودكاست" ]

استبعد الإعلامي اليمني أحمد الشلفي أي حل للأزمة اليمنية على المدى القريب، في ظل التداخل الإقليمي والدولي متمثلا بأزمة أمريكا وإيران، وإيران والسعودية.

 

وقال الشلفي في إطار حوار أجرته معه المذيعة آمال العريسي في برنامج بودكاست  (بعد أمس) إن "الحرب اليمنية معقدة وعصية على التحليل وهي مجموعة حروب في حرب واحدة تداخل فيها المحلي والإقليمي والدولي، وهو ما يجعلها مستعصية على الحل".

 

وتحدث الشلفي عن فرص نجاح المبعوث الأممي الجديد إلى اليمن هانس غرندبرغ، وكيف يمكنه الاستفادة من أخطاء سابقيه؟ وما هي مقارباته للحل في اليمن؟ وهل يكون غراندبرغ آخر المبعوثين الأمميين؟

 

وأشار إلى أن المبعوثين الأمميين مجرد موظفين في الأمم المتحدة لا يمكن بأي حال من الأحوال الاعتماد عليهم في حل القضايا والأزمات. وقال إن "المبعوث الأممي الجديد السويدي لن يكون أحسن حالا من سابقيه، في ظل وجوده مع مبعوث أمريكي".

 

وبحسب الشلفي فإنه لم تبلور حتى اللحظة رؤية دولية أو أمريكية لحل النزاع في اليمن خارج إطار الصراع الإقليمي والعالمي متمثلا بأزمة أمريكا وإيران وإيران والسعودية.

 

وتابع "لو افترضنا أن حلا جزئيا  تم للأزمة اليمنية في ظل اتفاق أمريكا وإيران فتستمر الحرب، لأن الاستجابة لحل مستدام ليست جزءا من الرؤى المطروحة في ظل حكم المليشيات التي تتوزع كافة الأراضي اليمنية وتتبع الإمارات والسعودية وإيران والجيش الحكومي"، حد قوله.

 

للاستماع لنص الحلقة من بودكاست الجزيرة يرجى الضغط على الرابط

 

نص الحوار:

 

*أهلا بك أحمد الشلفي.

 

** أهلا بك أمل، وسعيد جدا أن أكون معك في "بودكست "بعد أمس" للمرة الثالثة.

 

*في البداية مرت على الأزمة اليمنية سبع سنوات بعض منها حروب ونزاعات فكيف يبدو المشهد في اليمن؟

 

** أعتقد بأن المشهد اليمني صعب وغير قابل للتحليل، هناك فرضيات واحتمالات، حقائق يمكن الحديث عنها، خاصة أن المشهد في اليمن أصبح مجموعة حروب في حرب واحدة، حروب في الشمال، حروب في الجنوب، مليشيات تتوزع بين: الحوثيين، المجلس الانتقالي، الحكومة الشرعية، والجيش الذي يقوده طارق صالح برعاية الإمارات.

 

هذه التعقيدات التي يشهدها الملف اليمني تدل أن اليمن ساحة حرب، ليس لليمنيين فقط، وإنما أيضا لبعض دول: الإمارات، السعودية، إيران، وحتى أمريكا الآن صحيح أنها تتحدث عن الحل في اليمن ويوجد لديها الآن مبعوث أمريكي خاص لليمن، لكنها جزء من الصراع، لأنها تربط بين الأزمة اليمنية والملف النووي الإيراني، حتى لو أنكرت أمريكا هذا الأمر. من الواضح أن الأزمة اليمنية معقدة، لأنها لم تعد أزمة محلية يمنية.. أزمة دولية إقليمية يزيدها تعقيدًا أن الأمريكان دخلوها الآن، لتكون هذه الأزمة مربوطة ومرتبطة بالملف النووي الإيراني.

 

* لماذا تعثرت الجهود الأممية في تحقيق انفراج وإنهاء هذه الحرب الدائرة؟

 

**هناك مجموعة أمور لا يمكن إغفالها طبعا ونحن نتحدث عن الشأن اليمني والمبعوث الأممي.

 

أولا: هناك عدة عوامل إقليميا ودوليا، دخول السعودية وإيران، دخول أمريكا، والآن أضيف لها الملف النووي الإيراني، هذا أولا، بالتالي من الصعب تفكيك الأزمة بهذا الشكل.

 

الأمر الآخر: المبعوثون الأمميون هم مجرد موظفين، بكل تأكيد، سواء بن عمر، أو ولد الشيخ، مارتن غريفيث، أو المبعوث الجديد، المبعوثون يستطيعون أن يقدموا رؤى، ولكن لا يستطيعوا أن يتحكموا بالميدان.

 

الأمر الثالث: القضية اليمنية الآن، تغيرت خارطة الصراع الجغرافي في اليمن، وخارطة الصراع العسكري، أصبحت خارطة الصراع العسكري تتحكم بالمشهد السياسي.

 

الحوثيون عندما دخلوا صنعاء في 2014م، بالتعاون مع علي عبد الله صالح، كانوا أقل قوة، الآن لو أردنا أن نتحدث عن التشكيلة العسكرية في اليمن، سيكون الحوثيون هم في البداية.. لديهم قوة عسكرية منضبطة ومنظمة، لديهم دعم إيراني واضح، لديهم أيضا القدرة على تهديد الدول المجاورة، سنتحدث عن السعودية، أو حتى أحيانا الإمارات، لكنها طبعا توقفت. هذه العوامل هي التي تحول دون تحقيق تغير سياسي في هذا الأمر، لأن الحوثيين، كما قلت، لديهم القوة الآن، وبالتالي إذا أردت أن تدخل الحوثيين في القالب السياسي، أو الاتفاقات السياسية، عليك أولاً أن تمهد هذه الخارطة السياسية، ليكونوا أقل قدرة على تهديد مناطق مثل مأرب، أو تعز، والمناطق الشرقية التي سيطروا عليها وما يزالون حتى هذه اللحظة تهدد الحكومة الشرعية والمناطق التي تسيطر عليها، وبالتالي، هم معتقدون الآن أنهم أقوى، وبالتالي، القدرة على تهديد المناطق الحكومية وفرض وجودهم بالقوة العسكرية، بأنه يتأخر الحل السياسي، ويكون الحل السياسي بعيدًا.

 

*هذا الحل السياسي الذي ظل بعيدًا، كما ذكرت على مدى هذه السنوات، الآن مر على اليمن ثلاثة مبعوثين أمميين، أين أخطؤوا؟

 

** أريد أن أقول أولاً وأكرر ما قلته سابقا بأن المبعوثين الأمميين مجرد موظفين، وبالتالي، الدول الخمس الكبرى في الأمم المتحدة ومجلس الأمن، هي التي تتحكم في مفاصل أي أزمة، سواء الأزمة اليمنية أو غيرها. هذا ما يحدث تماما في الأزمة اليمنية، عندما يأتي المبعوث الأممي، سواء المغربي جمال بن عمر، ربما حقق بن عمر حضورًا في الملف اليمني، لأن المسألة لم تكن بهذا التعقيد، كانت هناك أخطاء لهذا المبعوث، وربما هناك من يتحدثون بأنه أدخل الحوثيين الدائرة السياسية في غير وقته، وأنه كان يفترض أن ينزعوا سلاحهم، ويسلموها للدولة قبل أي قرار سياسي بدخولهم إلى الحوار الوطني، هذه من أخطاء جمال بن عمر كما يتحدث كثيرًا من الناس.

 

المبعوث الثاني وهو ولد الشيخ أحمد، لم يكن لديه دراية كافية بالملف اليمني ولا بتعقيداته، وبالتالي فترته القصيرة ربما ثلاث سنوات، لم يستطيع أن ينجز فيها أي شيء.

 

المبعوث الآخر مارتن غريفيث هو مبعوثا بريطانيا وليس مبعوثا أمميا، وكانت بريطانيا تتحكم بالملف اليمني عبر غريفيث، وحتى عندما أزيح من مبعوث إلى اليمن لا زال وكيلا للأمم المتحدة للشؤون الإنسانية، وأيضا لديه علاقة بالملف اليمني. كانت بريطانيا هي المتحكمة بالملف، وهي التي تسير المبعوث، وبالتالي لم ينجز أي شيء.

 

*ولكن ألا يحسب توقيع "اتفاق ستوكهولم" بمثابة اختراق نوعا ما قام به غريفيث؟

 

**الحقيقة لا تستطيع أن تقول إنه اختراق. هناك ثلاث قضايا تحدث عنها "ستوكهولم" لم يستطع أن يحقق منها أي شيء، بالنسبة لاتفاق الحديدة، لم نستفيد منه أي شيء، غير أنه لجنة من الأمم المتحدة تقوم بمراقبة وقف إطلاق النار، ولم يتوقف الطرفان عن القتال، هذا أولا.

 

كان هناك أيضا موضوع تعز لم ينفذ منه أي بند من هذه البنود، وربما حقق اختراقا في بعض الأمور في موضوع الأسرى. وهنا موضوع الأسرى طبعا ليس جديدًا في الملف اليمني، هناك تبادل أسرى محلي بشكل شبه يومي بالمئات والألوف، سواء في مأرب أو تعز وكل المناطق التي يدور فيها الاقتتال بين الحوثيين والحكومة اليمنية.

 

المعقد في ملف الأسرى هو ملف الأسرى الخارجي، الأسرى السعوديين أو السودانيين مقابل الأسرى الحوثيين، وبالتالي ستوكهولم لم يعد إنجازا ولم يحقق أي شيء. الحرب لا تزال في هذه المناطق وحتى تعز التي يفترض أنها كانت واحدة من البنود لم يحقق منها شيء ولم يتحدث عن هذا الموضوع.

 

* أحمد لفت انتباهي أنك ذكرت أكثر من مرة أن المبعوثين الأمميين هم مجرد موظفين، ألا ترى أن هذه العبارة تقليل من الدور الأممي في الأزمة اليمنية؟

 

** بالطبع أنا لا أتحدث عن المشهد اليمني، أنظري حواليك، في الملفات التي يكون فيها مبعوثين من الأمم المتحدة، الإنجاز يكون فيها أقل أو حتى من الدول الأخرى، حتى المبعوثين الأمميين عندما يتحدث إليهم في المقابلات الصحفية وفي المؤتمرات الصحفية، يقولون: نحن مجرد ميسرين، وهم بالفعل مجرد ميسرين، إذا كان هناك رغبة من الدول الضليعة بملفات الحرب مثل السعودية واليمن، مثل إيران في اليمن مثل أمريكا دورها في اليمن، إذا كان هناك رغبة من هذه الدول بالحلحلة تحل الأمور، بعيدا عن تدخل هؤلاء المبعوثين.

 

المبعوثون كما قلت لكِ هم ميسرون كما يعبرون عن أنفسهم، بمعنى يقدمون مقترحات للأطراف، لكن الحقيقة أن قرار حسم الحرب هو للدول الضالعة في هذا النزاع، وأتحدث عن السعودية وإيران، والآن عن الحضور الأمريكي بثقل كبير وواضح، رغم أنه لم ينجز أي شيء، وأيضا تغيير الخارطة العسكرية هو الذي يجعل الأطراف الموجودة ضمن الصراع، تقدم تنازلات سواء أكانت منتصرة أو مهزومة.

 

*هناك تقارير إعلامية تتحدث عن المبعوث الجديد يملك أفكارا وصفت بالجريئة.. ما هي هذه الأفكار الجريئة برأيك، وكيف له أن يتلافى أخطاء أو عجز أسلافه؟

 

**أنا مازلت مصرًا على أن المبعوث الرابع لن يستطيع أن يفعل أي شيء في الملف اليمني وخاصة أنه لم يعد وحيدًا لهذا الملف، أنا اعتقد بأنه سيكون ملحق بالمبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن، وتعرفين الثقل الأمريكي طبعا.

 

بالنسبة للأفكار الجريئة، طبعا من الأفكار الجريئة التي يتحدث بها من عرفوا هذا المبعوث في اليمن وهو كان سفير الاتحاد الأوروبي إلى اليمن لعدة سنوات، هم يقولون بأنه يريد أن يتجاوز، ليس لديه مشكلة بأن يتجاوز القرار 2216.

 

* وما هو هذا القرار؟

 

** قرار 2216 هو القرار الذي أدخل اليمن في الفصل السابع، وهو القرار الذي أتاح التدخل السعودي والإماراتي أن يأتي إلى اليمن، وهو القرار الذي يعترف بالمشروعية اليمنية، بالرئيس عبد ربه منصور هادي ممثلاً شرعياً ووحيدًا في اليمن، وهذه الحرب التي تجري في اليمن وتدخل التحالف في اليمن يجري ضمن هذا الفضاء.

 

هم يقولون بأنه سيتجاوز هذا القرار، وأنا أعتقد أنه من الصعوبة بمكان تجاوز هذا القرار حتى يتم باتفاق كامل من جميع الدول أو من الحكومة اليمنية ومن السعودية التي تدعم الحكومة اليمنية، يتجاوز هذا القرار كما قلت لكِ، المشكلة اليمنية.

 

*الآن المبعوث الرابع جاء ليكون وضعه أكثر سوءا، ولن يكون أفضل حالاً من سابقيه، وخاصة جريفيث وولد الشيخ، لماذا؟

 

**كما قلت لكِ، بأنه سيكون مجرد ملحق بالمبعوث الأمريكي الخاص الذي لن يستطيع أن يتقدم خطوة واحدة، أنا من الناس الذين يقولون بأن الملف النووي الإيراني هو صندوق بريد كل المشكلة اليمنية، وهذا واضح منذ ستة أشهر، لم يتم التقدم ولا خطوة واحدة.

 

* وهذا ما يفسر رد فعل مفاوض حركة الحوثيين، محمد عبد السلام، الذي قال: لا جدوى من إجراء مباحثات مع المبعوث الأممي الجديد دون تحرك بشأن شروطها الرئيسية التي طرحتها سابقا، والمتعلقة أساسا بفتح المطارات والموانئ كأولوية خاصة وضرورة إنسانية، هذه الشروط المسبقة هل ستزيد من تعقيد مهمة المبعوث الجديد؟

 

** هذه الشروط ستزيد من تعقيد مهمة المبعوثين، وعندما نتحدث عن المبعوث الأممي، لا بد أن نربطه بالمبعوث الأمريكي الخاص، لأن الثقل الأمريكي هو الأكبر وكما تعرفين أمريكا من الدول الخمس التي تقرر الملفات في الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي.

 

هناك نقطتان رئيسيتان: النقطة الأولى، لا بد أن تتغير خارطة الصراع العسكرية ليقوم الحوثيون بالتنازل من أجل السلام.

 

الأمر الآخر، لا بد أن تحل المشكلة في الملف النووي الإيراني، التي يبدو أن الإيرانيين والأمريكان يفهمون بأن اليمن جزء من هذه النقطة، وهذا طبعا يتحدث عنه الكثيرون، سواء سياسيين أمريكان أو محليين.

 

* ما الذي يفسر برأيك تعيين الولايات المتحدة الأمريكية لمبعوث خاص بها إلى اليمن، والحال أن هناك مبعوثا أمميا يتولى هذه المهمة، وقيل إنه خبرات لسنوات، وقريب من الفاعلين في المشهد اليمني منذ أن كان سفيرًا للاتحاد الأوروبي لدى اليمن؟

 

** طبعا الولايات المتحدة الأمريكية منذ أن بدأ عهد الرئيس بايدن، أراد أن يقدم أوراق اعتماده للعالم بحل الأزمة اليمنية وحل الملف اليمني، وهذا طبعا كان أحدى وعوده الانتخابية، ما عين مبعوثا أمريكيا خاصا، ولكن الأمريكان ابتعدوا عن الملف اليمني منذ فترة طويلة جدًا، وعندما حضروا إليه، كانت إيران عبر الحوثيين قد تمددت وكانت الأمور قد تعقدت بشكل أكبر، بالتالي الحضور الأمريكي هو لصالح الأزمة اليمنية بالتأكيد، ولكن إذا لم يتم التعامل معه جيدًا، إذا كان الأمريكيون معهم أوراق ضغط، وأرواق الضغط لا يمكن أن تتوفر بشكل سياسي، أوراق الضغط ينبغي أن تكون عسكرية لإرغام الحوثيين.

 

من الواضح أن الولايات المتحدة تستطيع تتحدث مع السعودية وتستطيع أن ترغمها ببعض الأمور لتتقدم إلى السلام، ولكن ليس لديها أوراق كافية للحديث مع الحوثيين ولجلب الحوثيين إلى طاولة السلام، وعمل سلام مستدام وطويل.

 

*ماذا عن موقف الحكومة اليمنية المعترف بها دوليا من المبعوث الجديد وأفكاره الجديدة؟

 

** أولاً الحكومة اليمنية غائبة أو مغيبة تماما عن المشهد السياسي، ولكنهم متمسكون بالثلاثة المرجعيات: مؤتمر الحوار الوطني، المبادرة الخليجية، قرار 2216، ولكن خارطة الصراع العسكري تغيرت، ولا تستطيع بالمضي بهذا الطريق، بمعنى الآن أصبح اليمن مجموعة حروب ومجموعة مليشيات، الحكومة اليمنية واحدة من هذه المليشيات الموجودة.

 

لديك في الساحل الغربي طارق محمد علي عبد الله صالح، لديه 79 ألف جندي، ولديه مملكة كبيرة في الساحل الغربي، يسيطر على ميون بدعم إماراتي، المجلس الانتقالي الجنوبي مسيطر على معظم المناطق الجنوبية والعاصمة المؤقتة عدن، يوجد لديه ما لا يقل عن مئة ألف جندي ومسلحون مجهزون، ولديه أيضا دعم إماراتي يديرون السجون، لديه أيضا النخبة الحضرمية الممولة إماراتيا، وتزيد عن ثلاثة آلاف مقاتل يسيطرون على مطار المكلا وفيه قاعدة عسكرية إماراتية كبيرة جدا في هذه المنطقة، ولديه الآن سقطرى، تحتلها الإمارات بشكل كامل، وفيها قوات سعودية ايضا، ولديه الآن جزيرة ميون سيطرت عليها الإمارات وبني عليها قواعد عسكرية، والآن يتواجد عليها الأمريكان، وهناك معلومات خاصة تقول إن الاسرائيليين متواجدين فيها، وأن هناك اتفاق بين الإمارات وإسرائيل على قيادة هذه الجزيرة بشكل عام، بالإضافة طبعا إلى الحوثيين، بالإضافة إلى المليشيات الحكومية اليمنية والمليشيات الأخرى.

 

الخارطة العسكرية لا بد أن تتغير لتتغير قواعد الصراع السياسي. بمعنى، أن من يقود خارطة الصراع السياسي أو من يحدد المضي فيه هو الوضع العسكري في الميدان. ما دام الحوثيون لديهم القدرة وما دام الإمارات لديها هذه المليشيات وما دام السعوديون متواجدين في المهرة وغيرها، فإذن الأمور لن تحل بهذه الطريقة وما دام الإيرانيون داعمين للحوثيين، فسيظلون يقايضون بهذه الورقة حتى يستطيعون الحصول على أكثر مكتسبات في الملف النووي الإيراني.

 

*إذن هذا المشهد المعقد، هذه التجاذبات، هذه المصالح المتضاربة بين مختلف الفاعليين سواء على الأرض أو على المشهد السياسي، يقودنا إلى التساؤل عما يدور من حديث في كواليس المشهد السياسي اليمني حول خيارات المرحلة الانتقالية من خلال نقل السلطة إلى رئيس توافقي جديد أو تشكيل مجلس رئاسي، برأيك، هل هذا ممكن؟

 

**هذه عقدة أخرى، بمعنى بالمنطق والعقل كيف يمكن نقل السلطة بهده الطريقة، إذا نقلت السلطة بهذه الطريقة سيكون المستفيد الوحيد هم المليشيات سواء الحوثيين أو المجلس الانتقالي أو طارق صالح أو من المليشيات الموجودة، الحل لا يمكن أن يتم بهذه الطريقة، طبعا من مصادري الخاصة، أنا أتحدث أن هذا الحديث يدور في الإعلام أكثر وبين السفراء غير المؤثرين.

 

* لكن أحمد سبق وأن طرح هذه الفكرة أو فكرة تقترب منها وزير الخارجية الأمريكي الأسبق جون كيري في العام 2016م أليس كذلك؟

 

** صحيح، ولكنها لم تكن مقبولة لدى الحكومة اليمنية ولا حتى لدى السعوديين. السعوديون لا يمكن أن يفكروا بهذه الطريقة. لا بد أن يكون هناك حل معيين يحفظ كرامة الجميع، يحفظ كرامة الدول التي تدخلت في الصراع اليمني، ويحفظ أيضا كرامة الأطراف الأخرى. بهذه الطريقة، سيقدم على طبق من ذهب المشروعية للمليشيات الأخرى لإزاحة الحكومة اليمنية.

 

صحيح أن الحكومة اليمنية لم تعد حاكمة، ولكنها في الأخير، هي تعبر عن الشرعية اليمنية، وتعبر عما تبقى من الحضور السياسي في البلد. إلا إذا كان المشهد سيكون بأن هناك طرفا واحدا هو الذي سيقوم بتحديد المسار، بمعني كما يحدث الآن في أفغانستان، بمعني أن طالبان هي الآن المسيطرة على المشهد، وأصبحت أمرًا واقعا. الآن سنعود مرة أخرى إلى الحسم العسكري، وهذا حاليا غير ممكن، حتى الحوثيين بمقدراتهم في هذه اللحظة لا يستطيعوا أن يحسموا المشهد بأنفسهم وبشكل عامل، ولا الحكومة تستطيع أن تحسم بشكل عامل، ولا الانتقالي يستطيع أن يحسم بشكل كامل، ولا قوات طارق صالح تستطيع أن تحسم.

 

هنا يحتاج الأمر -إذا كان هذا الأمر مطروح وهو رئاسة انتقالية وادارة جديدة للبلاد- يحتاج إلى كتلة واحدة تستطيع أن تستولي على البلاد بشكل كامل، وتفرض إدارتها بالقوة.

 

*في هذا الحال أحمد أنت وصفت إمكانية تشكيل مجلس رئاسي أو نقل السلطة إلى نائب رئيس توافقي جديد، وصفتها بالعقدة الجديدة في المشهد المعقد أساسا في اليمن، في هذه الحالة، كيف يمكن للمبعوث الأممي الجديد أن يحقق اختراقا في الأزمة اليمنية وهي المهمة التي جاء من أجلها باعتباره رابع مبعوث أممي في اليمن؟

 

**سؤال جميل، لكن دعيني أعيد صياغة آخر جزء منه لأقول: ما الذي سيفعله المبعوثان الأممي والأمريكي خاصة وأنني أتحدث أن الثقل الأمريكي كبير ومهم جدا وبأن المبعوث الأممي سيكون مجرد ميسر لمهمة المبعوث الأمريكي. كما قلت: الثقل الأمريكي كبير. أمريكا لديها ملفات كثيرة جدًا تتعامل معها. أنا أعتقد بأن هناك قضايا وحقائق مهمة جدا.

 

الخارجية الأمريكية قبل فترة قالت إن إزاحة الحوثي لا يمكن أن تكون بالتمني، بالتالي، فإن الحديث عن وجود حل في اليمن ينبغي أن يعود إلى تفكييك خارطة الصراع العسكري. بمعنى أن شعور كل طرف من الأطراف أنه الأقوى في هذه الحرب سيطيل تعقيد المشهد بشكل كبير. الرؤى والأدبيات التي تقدمها الأمم المتحدة أو التي يقدمها المبعوث الأمريكي الخاص إلى اليمن ليس لها معنى في ظل هذا الظروف. حتى لو افترضنا بأن الأزمة اليمنية حلت عبر الملف النووي الإيراني وعبر توافق إيراني أمريكي سعودي وعبر كل الدول التي تتعامل بالملف اليمني، فستظل العقدة اليمنية. يكون اليمن على مبدأ لا منتصر ولا مهزوم لا غالب ولا مغلوب. أولا ينبغي أن ترتب الخارطة العسكرية في اليمن.

 

ثانيا إذا أراد الإمريكيون وإذا أرادت الأمم المتحدة أن تقود اليمن إلى سلام مستدام فعليها أن تجلس مع الأطراف المحلية، وعلى الأطراف المحلية أن تكون جزءا من هذا الحوار.

 

الآن مثلا: كيف يمكن أن يوجد حل إذا كانت الإطراف المحلية خارجة من هذا الصراع أو هي مجرد قفازات لدول أخرى؟ الحكومة اليمنية تتلقى الأمر من السعودية، الحوثيون يتلقون الأمر من الإيرانيين، المجلس الانتقالي الجنوبي وطارق صالح يتلقون الأمر من الإماراتيين، وبالتالي، على هذه الدول جميعا، على هذه الجيوش أن تفكك لتصبح جسدا واحدا إولا، أو على طرف من الأطراف أن يكون هو الأقوى، وأن يفرض قوته، وهذا طبعا من الواضح أنه شبه مستحيل، حتى هذه اللحظة.

 

*بالتالي أحمد أمام هذا المشهد المعقد الصعب أمام هذه الوضعية الشائكة أي دور للشعب اليمني في مسارات حل الأزمة؟

 

** أولا، الشعب اليمني والحكومة اليمنية، الأحزاب والمكونات السياسية، كل المنظمات الفاعلة، والمؤثرون في الساحة، هم الغائبون عن هذه الحرب. لا دور لليمني. أصبحت اليمن هي ساحة حرب لهؤلاء اللاعبين، وكل يوم تكبر هذه الكرة، تكبر ليصبح اليمنيون خارج هذه اللعبة. الشعب اليمني جزء منه في الداخل مشغول بتوفير لقمة العيش، مشغول بالمشاكل الاقتصادية ومشاكله الإنسانية، مشغول بالمشاكل التي جلبتها هذه المليشيات، سواء تحدثنا عن الحوثيين أو الانتقالي أو حتى عن جيش الحكومة الموجود في مأرب، أو عن بعض النازحين، نتكلم عن ملايين اللاجئين في الخارج أصبحوا الآن يبحثون عن لقمة عيشهم.

 

اليمنيون هم الغائب الوحيد عن هذه الحرب. المفترض أن يكونوا هم الحاضرين في هذه الحرب. عندما يحضر الشعب ككيانات سياسية وكنخب، هنا سيستعيد اليمنيون دورهم. حتى هذه اللحظة لا أرى أي حل، وإن كان فهو حل موضعي جزئي لا يفيد بشيء. ستبقي الحرب إلى ما لا نهاية، حتى يستعيد اليمن زمام المبادرة ويخرج كل هؤلاء اللاعبين عن المشهد.


التعليقات