كان 2005 عام الاستراتيجيات، إستراتيجية التعليم الأساسي، إستراتيجية التعليم الثانوي، إستراتيجية التعليم العالي، مع دعم منظمات متنوعة، وحضور أجانب وخبراء، من الجنسين، في الدراسات، والتجارب، والتقييم، والتدريب.
وكنت في الجمعية العامة لكل إستراتيجية، تعرض علينا نتائج الدراسات والتجارب، المشروعات، وتعرض علينا تقارير المتابعة، باللغتين العربية والإنجليزية، وتقارير الإنجاز، ومقترحات التغير، والتطوير.
نقاش مع خبراء أجانب
كان هناك اهتمام واضح بتعليم الفتاة، دعم، تشجيع، مساعدة، تنظيم، وفي اجتماع، كان أحد الخبراء، بريطاني الجنسية، يقارن نسبة الذكور إلى الإناث 1-3، وقال إن هذه الفجوة كبيرة، ويفترض أن تكون النسبة 1-1، ولابد من عمل شيء.
فقلت له: ما رأيك لا نقبل ذكور إلا بعدد الإناث، فتكون النسبة مثالية؟
قال: لا، المطلوب زيادة الإناث في الجامعات.
قلت له عندي حل، ما رأيك أن نلغي امتحان القبول في الكليات على البنات، بل ونلغي معدل التحاق الفتيات فيتم قبولهن بأي معدل، حتى 50%؟
وكان الدكتور محمد محمد مطهر نائب وزير التعليم العالي، حاضرا، فضحك، وقال في هذه الحالة نفقد العدالة بين الجنسين، لكن الكليات متاحة والتعليم متاح للجميع، وليس بالضرورة أن يتساوى أعداد الجنسين.
وفي اجتماع آخر، كانت خبيرة عربية تريد مناقشة اللثام عند الفتيات، وإمكانية نزعه وتحريرها منه، فقلت لها نحن نفهم الحرية غير فهمكم، إذا كانت الحرية عندكم شكلية في الملبس، والتخلف في شكل الملبس، فعندنا حرية الفتاة أن تتعلم، تفكر، تتخصص، تعمل في كل ميادين العمل، وتلبس ما تشاء، وليست حرة إذا فرضنا عليها أن تلبس مثلك، وهي لا ترى ملبسك مثالي.
خبير أجنبي آخر قال نريد أن نضيف مواد محاربة الإرهاب، ونزيل من المقررات الدراسية ما يساعد على الإرهاب، فقلت له إن الإرهابيين لم يدرسوا في مدارس التربية، ولا درسوا هذه المناهج، لهم مدارس خاصة، يعرفها الجميع، ويدعمها رئيس الجمهورية.
وكان هدف هذه الاستراتيجيات هو تعميم التعليم في عام 2015 للجميع، وقد ألفت كتاب إستراتيجية التعليم في اليمن، وصدر ووزع على المشاركين مجانا، بدعم من الدكتور عبدالسلام الجوفي وزير التربية والتعليم، نحو تعليم يمني خالص يلبي أهداف اليمن وتطلعاتها المستقبلية.
صالح يتراجع ويرشح نفسه
شهد عام 2006، ثورة إعلامية وجدل وسجال كبير حول انتخابات الرئاسة، وحرب إعلامية بين أحزاب اللقاء المشترك وأنصاره، وحزب المؤتمر الشعبي العام وأنصاره.
وكانت البلاد تشهد أوضاعا مضطربة وقلاقل هنا وهناك، تهدأ محافظة صعدة في الشمال، فتثور محافظة أبين في الجنوب، ويهدأ تنظيم القاعدة في أبين، فتثور جماعة الحوثي في صعدة، وكأن المخرج واحد.
وفي هذا العام، أجرت معي صحيفة الناس المستقلة، حوارا صحفيا، ونصحت رئيس الجمهورية، بأن يصر على موقفه في عدم ترشيح نفسه، ويدخل التاريخ من أوسع أبوابه، وحتى لا يخرج من أوسخ أبوابه، ولا يسمع لتحشيد الفاسدين للغوغاء، وقد تراجع الرئيس علي عبدالله صالح، ورشح نفسه، فقلت:
تلف وترجع كيما تلف
على محور واحد لم تقف
تفتش عن ومضة في الدجى
تلوح ومن نورها ترتشف
وتنسى بأنك ليل سجا
وتحت ظلامك غول جلف
وكم شمعة تستضيها سدى
تذوب وما شفت حرف الألف
وتشكي شكانا وتبكي معانا
كأنك غير الذي يقترف
أقول لها قد مضى وقتها
فقلبي يدق وعيني ترف.
زخم المنتديات السياسية
عاد زخم المنتديات السياسية، في هذا العام، والتي تدار غالبا في مقايل القات، وتلتقي فيها ألوان الطيف السياسي، وتجري فيها نقاشات حرة ومفتوحة، ومصورة وموثقة، وبحضور الإعلام أيضا، بخلاف المنتديات في التسعينيات، والتي كانت تتم بدون تسجيل أو تصوير، ومنها منتدى الدكتور صادق شائف نعمان.
كان منتدى الدكتور قاسم سلام الشرجبي، كل يوم جمعة يجمع ما كتبه المثقفون عن العروبة والإسلام، الإسلام مع العروبة، والعروبة هي الإسلام، وطوال السنة يناقشون هذا الموضوع، ولم يخرجوا بنتيجة ولا غيروا الاسطوانة.
وفي حال لم تتوفر أو تجمع مقالات، يحدثنا الدكتور قاسم، عن معجزات الصوفية، وخوارق وكرامات، حدثت في العاصمة العراقية بغداد، وبعضها فيها مبالغة وخيال لا يستوعبه عقل، مع احترامي للجميع.
منتدى الشيخ عبدالحميد الحدي، كل يوم أربعاء، يختار لنا مقالا أعجبه في صحيفة أو مجلة، ويكلف من يقرأ المقال، والآخرون يستمعون، ثم يبدأ النقاش حول ما سمعوه.
منتدى الشيخ ميرغني عثمان مسؤول الجالية السودانية في اليمن، كل يوم خميس، ينعقد المنتدى في منزله، لمناقشة مستجدات السودان الشقيق، وأية موضوعات إسلامية.
منتدى مؤسسة الإبداع للآداب والفنون "حق الدكتور عبدالولي الشميري"، كل يوم سبت، نجتمع لنستمع قصائد جديدة من شعراء مجيدين، وشعراء شباب نوجههم، ونشجعهم، ونساهم في تحسين ووزن قصائدهم.
وأسست منتدى لشاعرات مبتدئات، كل يوم أحد، في مركز القرن 21 للتنمية، حق الأستاذ المفكر أحمد قائد الأسودي، وكان معي 15 فتاة دربتهن على الوزن والقافية والنحو، ونظمتُ لهن أمسية في اتحاد الأدباء والكتاب اليمنيين، وأمسية في قاعة مؤسسة الإبداع، وكل واحدة جاء لها عريس، فتركن الشعر والمنتدى.
منتديات متعددة وحرية مبتورة
كان منتدى مؤسسة باكثير، أدبي ثقافي، بينما منتدى علي سيف حسن، سياسي بامتياز، ويحضره أجانب، معظمهم يتعاطون القات، وفي الغالب يبحثون من الحاضرين عن إجابات لقضايا معينة تهمهم.
وتميز منتدى الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، بتقديم دراسات وأبحاث موجهة حول القضايا السياسية والبرلمانية، مثل النظام البرلماني والأنظمة الأخرى، مزاياها وعيوبها، وكانت لي مداخلات كثيرة، أشاد بها الشيخ عبدالله.
ويحضر هذا المنتدى أقطاب في أحزاب المشترك، وفيه تسجيل وتوثيق، وتغطيه وسائل إعلامية، مثل موقع "الصحوة نت"، وإن كان النشر في وسائل الإعلام، يقتصر على حديث القيادات السياسية الكبيرة، ومن منظور حزبي، بينما المتحدثين في المنتدى بالعشرات من المثقفين والمفكرين.
وللأسف، حتى إدارة منتدى الشيخ عبدالله بن حسين الأحمر، تجاهلت مشاركات ورود وتعقيبات معظم المشاركين، في كتابها السنوي، وهذا اعتبره أنا من الأخطاء الكبيرة، فهناك تعليقات مهمة وتضيف قيمة فعلية للقضية التي تم مناقشتها.
وهناك منتدى مركز منارات للدراسات الإستراتيجية، ونشأ المركز في عام 2006، وحشرت قيادات كبيرة في الدولة، مدنيين وعسكريين، في الجمعية العمومية للمركز، مثل اللواء علي محسن الأحمر.
وقدم المركز دراسات متنوعة لمختصين، يعرض الباحث دراسته، ثم يفتح باب النقاش، وتوثق الفعالية كاملة صوت وصورة، وتبث في إحدى القنوات المحلية، بعد حذف كلام وصور "المشاغبين".
ومن المنتديات أيضا، منتدى الدكتور غالب القرشي، وكانت قناة الجزيرة مباشر، تبث الفعالية مباشر، وبكل حرية، بما فيها مداخلات وقصائد موجهة لرئيس الجمهورية، ومنها قصيدة لي، قلت فيها:
لك الجمع والقصر من غير رخصة
وفرض علينا نكمل نقصه
وعيدك دهر ودهرنا صوم
وعيشك رغد وعيشنا غصة
لك الموكب الفخم فوق النجوم
وحزب يمثل أتفه قصة
وأقدامنا ورمت بالمسير
إلى الفجر والفجر أتقنت قنصه
ستبني قلاعا وابني كتابا
بحبر الشرايين اكتب نصه
قلاعك للبوم بعد الخراب
وشعري يدرس عشرين حصة
وحضرت مرة واحدة، منتدى مؤسسة العفيف بلا قات، بتكليف من الدكتور عبدالسلام الجوفي وزير التربية والتعليم، كي أنوب عنه في حضور فعالية تربوية، لأرد على الأسئلة والاستفسارات وأوضح بعض الغموض والإشكالات، وكان الوزير الجوفي، يكلفني أحيانا أنوب عنه، حتى في لجان مجلس النواب، إذا اللجنة البرلمانية تناقش قضية تربوية.
فلاشات فكرية للشباب
في عام 2007، طلب مني مسؤول في وزارة الشباب والرياضة، تأليف كتاب يوزع على المعسكرات الصيفية، يتميز الكتاب بمعلومات مبسطة من عدة علوم ومفاهيم تهم الشباب، فقمت بتأليف الكتاب وأسميته "فلاشات فكرية للشباب".
ولم تستطع الوزارة طباعته، فتواصلت مع اللواء علي الشاطر مسؤول التوجيه المعنوي للقوات المسلحة ورئيس تحرير صحيفة 26 سبتمبر، فطبع ألفين نسخة، وسلمني ألف وخمسمائة نسخة.
وسلمت ألف نسخة لوزارة الشباب مقابل مكافأة رمزية، وتم توزيع 500 نسخة للأصدقاء، ومنهم وزير التربية والتعليم، الذي اطلع عليه، وقرر تعميمه على كل المحافظات، فطبعت المطابع المدرسية منه عشرة آلاف نسخة، وزعتها الوزارة على معسكرات الشباب، في جميع المحافظات اليمنية.
ذكريات العيد في القرية
كان للعيد مذاقا خاصا في القرية، يغادر أهلها المدن التي يعملون بها قبل العيد بيومين أو ثلاث والتوجه إلى القرية لقضاء إجازة العيد مع الأهل والأحباب والجيران في جو أسري مفعم بالحب والفرحة في كل قلب، ويلتقون مع أهل القرية العائدين من مختلف المحافظات هم وأسرهم.
يشرحون للأطفال أيام زمان، كيف كانت القرية في عهد الإمام جوع وفقر وأمراض لا تجد لها علاجا ولا طبيبا، فقد يستمر المرض شهورا عدة، والحشرات بأنواعها تمتص دم الإنسان والعساكر في القرية كل أسبوع على حساب أهل القرية مرة للمتأخرين في دفع الزكاة ومرات للمتأخرين في دفع الفطرة، ومرات لجمع تبرعات للإمام في المجهود الحربي ضد النصارى واليهود أعداء الإسلام والمسلمين.
وأذكر مرة، تصدت النساء للعسكري بالقول إن الإمام يعيش على حسابنا نحن الفقراء ويحارب على نفقتنا وإذا لم ندفع سيقتل أو يموت جوعا، أيش من إمام هذا فليذهب إلى الجحيم، والعسكري يصيح ويتلاسن مع النساء حتى فقد أعصابه، رفع ثوبه وكشف عورته للنساء، بكل وقاحة، كي يهربن من أمامه، وهو ما حدث.
والرجال احتشدوا وطردوه من القرية، وقالوا إذا أراد الإمام دعم الجبهات يرسل غيرك، فلم يجد من يأويه غير أحد المشايخ، وكان بعض الشباب يريد تأديبه، فقالوا القضية ستكبر مع سفيه لا يستحق.
ورغم ذلك قال للشيخ إنه "مضمر"، والمضمر يعني مفروض يرجع لهم بأربعة عساكر، فإن تم تضميرهم تخرج حملة عسكرية على القرية تنهب كل شيء، فقال له الشيخ لا تفضح نفسك مع أصحابك، عندنا عيب تحشر للنسوان، اجزع لك، وإذا غاب عسكري الإمام ينزل عسكري الشيخ يجمع للشيخ من الرعية مصروف ضيوفه أو مناسبته.
صعوبة العيد في المدن زمان
كان الوصول إلى القرية لقضاء إجازة العيد سهل، الأسعار رخيصة والبترول أرخص، المواصلات متوفرة، ومدفن الحبوب موجود والكباش والدجاج، في البيت، والقات من الحول.
وكغيري كنت أقضي العيد في البلاد، لأن البقاء في المدن متعب، لا تجد فيها مطعما ولا بوفية لأن أصحابها في قراهم، فيما عدا المدن الجاذبة مثل عدن، كان العيد فيها جميلا مع أنغام البحر وأجمل منه ذكريات ملاعب الصبا.
اقرأ أيضا: مقبل نصر غالب يتذكر سنوات العودة إلى صنعاء والانقلاب الناصري الفاشل وتعيين الأصبحي وزيرا للتربية
ولكني ذهلت في عام 2003، من توسع العمارات والشوارع والمنازل والقصور والفلل، حتى تحس أن عدن قد تلاحمت مع صبر ولحج والشيخ عثمان، وتوسع المدن السكنية في بير أحمد وبير ناصر، وتوسع الشيخ عثمان في كل الاتجاهات، إلى درجة إني تهتُ بين خور مكسر والشيخ عثمان، وأنا أحاول الوصول إلى الشيخ عثمان عن طريق الشيخ الدويل، ودلني لاحقا أحد الشباب.
وكل الناس يحبون عدن، بذلوا فيها الغالي الرخيص، أملوا فيها آمال الفردوس المفقود، وبمناسبة التوسع العمراني، تعز أيضا أجدها قد توسعت وتواصلت مع مدينة القاعدة، وعلى مقربة من الراهدة، وفيها القصور والعمارات والفلل في كل الاتجاهات.
مهمات رسمية في أعوام متفرقة
في عام 2004، أشرفت على امتحان الثانوية في تعز، ومدير مكتب التربية الشيخ حسين حازب، رافقته لزيارة بعض المناطق مثل ميراب، صعدنا نقيلا طويلا وعرا إلى قمة جبل يقترب من السحاب لنحضر مركز الزاوية الامتحاني بنين وبنات، وسميت هذه القمة بالزاوية لأن الشيخ الصوفي ابن حسان اتخذها زاوية للموالد النبوية والحضرة الصوفية، وهي تقابل قريته في جبل حبشي.
ومن الزاوية شاهدتُ شرعب الهياجم على اليمين، وجبل الصنع من العدين أمامي ومركز مديرية فرع العدين، وخلفي جبل حبشي، وكان بجانبي اثنين من أعضاء مجلس النواب محمد مقبل الحميري، ومحمد سيف عبداللطيف، واستغربت من عدم سفلتة طريق مركز مديرية، ويوم آخر تفاجأت أن طريق جبل حبشي ما زالت كما شفتها في عام 1985، ويوم آخر في طريق شرعب الهياجم، فأين دور المشايخ في استجلاب مشاريع تنموية لمناطقهم؟
المهمة الامتحانية الثانية كانت في عام 2007، إلى محافظة إب، ولأول مرة أتعرف على مديرية بعدان والسيرة، أما مدينة العدين قد زرتها ذات مرة في عام 1988، وكان الرئيس علي عبدالله صالح، ضيف الشيخ صادق باشا، فلم أستطع التحرك في مهمتي حتى انتهى الدوام الرسمي، فبقيتُ فيها لأباشر العمل في اليوم التالي، ولا أعرف أحدا فيها، سكنتُ عند مدير المدرسة، لكن هذه المرة نزلتُ في ضيافة الشيخ نبيل باشا عضو مجلس النواب.
مشايخ العدين، يستثمرون في المانجا والجوافة والليمون، ولم يعد الرعوي وسيلة الاستثمار الوحيدة، فالرعوي لم يعد بحاجة لفلاحة أرض الشيخ مقابل نسبة، ولم تعد الأرض مصدر رزقه، وأصبحت العلاقة بين الشيخ والرعوي علاقة خدمات في شق طريق ومستوصف علاج وخدمات مدرسة مقابل ترشيح الشيخ في الانتخابات.
والعجيب أني وجدت أشجار الديمن، ولم أجدها من قبل إلا في عدن، وتطورت مدينة العدين، في المباني والمدارس الكبيرة وسفلتة الطرق إلى المديريات الأخرى، وأصبحت السيارة تسير عشرين دقيقة من مدينة العدين، إلى مركز مديرية حزم العدين، وعشرين دقيقة إلى مركز مديرية مذيخرة، وعشرين دقيقة إلى مركز مديرية فرع العدين.
قررتُ زيارة مديرية مذيخرة باعتبارها مديريتنا سابقا ولها تاريخ سياسي وعسكري، وإذا بي أصعد جبلا شاهقا ورغم أن الطريق مسفلتة، إلا أنها مخيفة ومرعبة والمركز في قمة الجبل، ومع ذلك ما زالت محمية طبيعية.
وبعد زيارة المركز الامتحاني، سألت أين الحصن الذي بناه علي ابن الفضل، فأشاروا إلى قمة عالية لكن لم يبق فيها حصن ولا قصر إنما بقايا حجار، لقد عمدت الإمامة إلى إزالة آثاره.
انطلقنا إلى مركز حمير العدين، ومنها طريقان مسفلتان الأول عبر خولان العدين إلى مدينة القاعدة، والثاني عبر جبل الشرقي إلى مدينة تعز، وانطلقنا إلى مركز الحمادي "فتح الحاء والميم"، على طريق مرعب في حافة جبل على هاوية سحيقة، وبعد زيارة المركز الامتحاني بدأت أسأل عن الطريق الذي سلكه أهل قريتي في الوصول إلى مذيخرة، باعتبار الحمادي منتصف الطريق بين قريتي "وادي كحال"، والمركز (مذيخرة).
فشرح لي ابن الشيخ حمود سرحان، وهو مدير المركز التعليمي، وحاولت أن أصل إلى قمة جبل كي أرى قريتي فقالوا إن الوقت لا يسمح وعلينا التوجه إلى تعز لتناول الغداء، وعلينا النزول على منحدر شاهق إلى منطقة الجعدي، فإذا بها كما كانت في عام 1967، لم يتغير فيها شيء ثم كشران والمهيع، كنت أتوقع أنها قد صارت مدينة كبيرة مثل القاعدة، إلا أنها بسيطة وعادية.
السلاح في الحجرية ورد عبدالعزيز عبدالغني
في عام 2008، نزلت تعز كي أحضر عرس أولاد الشيخ الحبيب سلطان البركاني، فإذا بي أشاهد زحمة قبائل مسلحة من مفرق جبل حبشي إلى النشمة، سألت بعض السواقين هل أخطأت الطريق أم شلوني الجن إلى محافظة عمران أو الجوف؟
قالوا هؤلاء أتباع مشايخ الحجرية ذاهبون إلى عرس أولاد الشيخ سلطان البركاني، وبعضهم أعضاء مجلس النواب، وفعلا وصلوا جميعا إلى ساحة المعهد المفرغ للعرس.
فقلت يا جماعة أنا اعرف أهل الحجرية أنهم رجل علم وثقافة وتجارة أيش خلاهم قبائل مسلحة، فقال الأستاذ عبدالعزيز عبدالغني، رحمه الله، "مظهر المناسبة فقط".
يتبع في الحلقة القادمة.
*خاص بالموقع بوست.