تابعت وتابع اليمانيون جميعاً وكل المهتمين بالثورة اليمنية العظيمة (11فبراير) على مدى الأسبوع الفائت العديد من الخطابات والمقالات والتحليلات السياسية والقراءات المختلفة عن ثورة الشعب السلمية، الثورة التي قرر اليمانيون فيها أن يلتحقوا بركب التاريخ والحضارة، أن يثبتوا للعالم أجمع أنهم شعب عريق، شعب له ماض وينبغي أن يكون له حاضر ومستقبل يفاخرون به الأمم يصنعونه بأيديهم.
كانت الكثير من الكتابات منصفة وأخرى فيها لغة حديثة لم نعهدها من قبل وهو ما يؤكد أن الثورة تتجدد عام بعد عام، ومحطة تلو أخرى، فيما كانت بعضها لا تزال تعيش أوهام الماضي والبعض الآخر تعبر عن ردة بغيضة.
في 11 فبراير خرج اليمانيون وقد تحولت نبضات قلوبهم هتافاً يقض مضاجع الطغاة بأبيات أبي القاسم الشابي "إذا الشعب يوماً أراد الحياة.. فلا بد أن يستجيب القدر"، "ولابد للظلم أن ينجلي.. ولابد للقيد أن ينكسر"، "ومن يتهيب صعود الجبال.. يعش أبد الدهر بين الحفر"، وهذا الشعب العظيم أراد الحياة فاستجاب له القدر.
نعم لقد خرجنا وكنا متمردين على نظام القهر والبؤس، على نظام حاولت العائلة ومراكز القوى النافذة أن يختزلوا الوطن في ذواتهم، و أن يورثوا تضحيات أسلافنا من أجل دولة جمهورية ديمقراطية قائمة على الحق والعدل والمواطنة المتساوية، خرجنا وكنا متمردين بنظرهم، وبنظر القوانين التي فصلوها على مقاسات مصالحهم، وبما يمكنهم من استعبادنا وإذلالنا وقهرنا والاستحواذ على مستقبلنا.
قرر جيل ثورة فبراير أن يكونوا أحراراً، وأن ينقذوا مستقبلهم ومستقبل الأجيال القادمة، وأن يعيدوا الحق لأهله من مغتصبيه، قرروا أن يكونوا مواطنين لا عبيد.
إن أهم قرار اتخذه ثوار فبراير بنظري هو قرار أن يكونوا مواطنين، فهذا القرار التاريخي ناضل اليمانيون من أجله، وخاضوا ثورات وانتفاضات كبرى، في مسيرة الشعب النضالية، من أجل تحقيق يمن المواطنة المتساوية الذي نكون فيه مواطنين، لا تمييز بيننا لصالح جهةٍ أو قبيلة أو منطقة أو مذهب، بل نكون يمانيين جميعا متساوين أمام القانون.
مرت الثورة بمحطات عديدة والتحق بها الكثيرون، البعض منهم آمن بأهداف الثورة ونبلها وقيمها، ودافع عنها، ولم يكن يفكر بالمكاسب، والبعض شاركنا الساحات وهتف معنا بإسقاط النظام، والبعض عارض الثورة وناصبها العداء في بعض محطاتها، ولكن إرادة التغيير انتصرت، ووصل اليمانيون إلى مؤتمر الحوار الوطني ليصيغوا مشروع الدولة، المتمثل بوثيقة مخرجات مؤتمر الحوار الوطني، والذي يمثل الخلاصة الفكرية لمشروع ثورة الحادي عشر من فبراير.
لم تعجب هذه الخلاصة بعض رفاق الساحات، كما راقت مخرجات الحوار لبعض من كان لديهم توجسا من الثورة التي دخلت في محطة أخرى من محطات فرز القوى، فانطلق العابثون ومن يشكل مشروع فبراير بعدالته خطراً على مصالحهم الغير مشروعة بالتخطيط والتدبير للانقلاب عليها، مستغلين في ذلك ما تمكنوا منه من مقدرات الوطن التي استولوا عليها طيلة عقودٍ مضت، إضافة إلى أخطاء البعض ممن تعاملوا مع الثورة كغنيمة ومكاسب ضيقة وتصرفوا معها كرماة أحد.
لم يكن دور رماة أحد عادياً ث، بل كان دوراً رئيسياً ومدمراً يجب أن نعترف به، وأن نقر بأن جبهة قوى الثورة وانقساماتها وتهافت البعض على الغنيمة، وإقصاء بعض الشركاء، قد وفر فرصة لتأخير تنفيذ بعض وعود الثورة التي انتظرها المواطن، ووفرت مدخلاً للقوى المضادة للثورة والتي سهلت انقلاب 21 سبتمبر الأسود.
ختاماً إنني أشعر بالفخر أنني سأحكي لأبنائي ذات يوم إنني كنت من شباب فبراير الذين قرروا أن يكونوا مواطنين، والذين أداروا عجلة قطار الثورة، ذلك القطار الذي التحق به الكثيرون في محطاته المختلفة، وواصلوا السير معنا في بعض محطاته ثم تخلفوا عن السير في مسيرة الشعب التي تنادي بالحياة للجميع، والتحقوا بمسيرة الموت التي ترى في قتل اليمانيين غاية ترجى، وإنني على ثقة أن مسيرة قطار الثورة سيستمر في السير في محطات قادمة، وسيلتحق بها آخرون من أبناء شعبنا، كما ستتناقض مستقبلا مع من هم معنا بنفس الدرب سائرون، كما فعلت من قبل مع من التحقوا بالانقلاب، فالثورة ستواصل السير وستحقق أهدافها وأنها لثورة حتى النصر.
وعاش اليمانيون أحراراً أُباه..
مانع المطري - قيادي بالثورة الشعبية وعضو اللجنة التنظيمية للثورة و عضو مؤتمر الحوار الوطني
المقال خاص بالموقع بوست