تتقدم المقاومة الشعبية وقوات الجيش الوطني صوب العاصمة صنعاء تدريجيًا، عبر السيطرة على المناطق الجبلية الوعرة التي تواجهها والتي تفصلها عن العاصمة، وسط مواجهات عنيفة، يساند فيها طيران التحالف تقدم قوات الشرعية، من خلال قصفه للمواقع الأمامية التي يتمركز فيها المتمردون.
ورفضت مصادر عسكرية الإفصاح لـ«الشرق الأوسط» عن خططها العسكرية الخاصة بتحرير صنعاء، لكنها أكدت أن إحدى خطواتها، في الوقت الراهن، التحام القوات في عدد من الجبهات.
ويأتي هذا التقدم، في الوقت الذي اتهم قيادي في المقاومة الشعبية بصنعاء المخلوع صالح وعددًا من قادة الانقلاب، بالسعي إلى الحصول على ضمانات جديدة بعدم الملاحقة القضائية والقانونية جراء ارتكاب جرائم الحرب ضد اليمنيين، وفي مقدمتها الانقلاب على الشرعية،
وقال عبد الكريم ثعيل، عضو المجلس الأعلى للمقاومة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» إن «ما يقال عن نية المخلوع علي عبد الله صالح تسليم العاصمة صنعاء إلى قوات الشرعية دون قتال، لا يعدو كونه، حتى الآن، شائعات»،
وأضاف أن «الشرعية والمقاومة والتحالف والمجتمع الدولي مجمعون على أنه لن يفلت المجرمون من العقاب»، مؤكدا أن «تسليم العاصمة يكمن في خطوات عملية على الأرض، دون تفاوض أو حصانات كالتي يبحث عنها المجرمون».
وأردف القيادي في مقاومة صنعاء لـصحيفة «الشرق الأوسط» أنه «إذا لم يدرك المجرمون أن أمامهم طريقين فهم خارج نطاق تغطية العقل، الطريقان هما انتحارهم على أسوار قوات الشرعية أو الفرار قبل أن تطالهم يد العدالة، أما نحن فنتمنى أن يستسلم المجرمون مبكرًا، ويقروا بجرمهم، ويسلموا ما نهبوه، من الدولة والمواطنين، لنتمكن من ضمان محاكمة عادلة لهم»
وجاء تعليق قيادي المقاومة على الأبناء التي ترددت عن إيفاد المخلوع صالح وسطاء إلى العاصمة العمانية مسقط للقاء قيادات من الشرعية والتحالف، لبحث تسليم صنعاء دون قتال، بعد تفاقم خلافات طرفي الانقلاب (الحوثي - صالح)، أخيرًا، وهي الأنباء التي لم يتم تأكيدها أو نفيها، حتى اللحظة.
وخلفت المواجهات التي شهدتها جبهات القتال في شرق صنعاء، خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية، عشرات القتلى والجرحى في صفوف ميليشيات الحوثيين والقوات الموالية للمخلوع صالح، في حين أكدت مصادر المقاومة الشعبية مقتل وإصابة ما لا يقل عن 10 من عناصر المقاومة وقوات الجيش الوطني.
وجددت المقاومة التأكيد على أن الحوثيين يدفعون بمئات الشباب المغرر بهم إلى محرقة الحرب، في محاولات متكررة لاستعادة بعض المواقع التي فقدوها في فرضة نهم، والتي باتت تحت سيطرت القوات المقاومة والجيش الوطني وجرى تحصينها، بشكل جيد، الأيام القليلة الماضية، وقد تجاوزت التحصينات معسكر الفرضة الاستراتيجي بعدة كيلومترات.
وقال الشيخ محمد مشلي الحرملي، نائب المجلس الأعلى لمقاومة صنعاء، في بيان صادر عنه أمس، إن «قوات الشرعية، جيشًا ومقاومة، تتأهب حاليًا للتحرك صوب صنعاء لتحرير مناطق جديدة باتجاه نقيل ابن غيلان الاستراتيجي الذي يشرف على بني حشيش من شرقه ويهيمن على أطراف مديرية بني الحارث، أولى مديريات أمانة العاصمة، من جنوبه وجنوبه الغربي ويطل على مشارف أرحب من غربه وغربه الشمالي».
وفي حين تجري المواجهات في جبهة نهم، تدور مواجهات مماثلة، في الجوار، بمديرية مجزر ومناطق قبائل الجدعان في محافظة مأرب، وفي الوقت الذي يحاول الحوثيون تعزيز وجودهم في صرواح والعودة إلى مناطق أخرى في مأرب، وهي محاولات توصف بـ«الفاشلة واليائسة»، فإن المقاومة والجيش الوطني، في مأرب وصنعاء، يسعيان إلى تصفية ما تبقى من جيوب للمتمردين بين المحافظتين لالتحام قواتهما.
وبهذا الخصوص، صرح عضو المجلس الأعلى للمقاومة في صنعاء، عبد الكريم ثعيل بالقول إنه «خلال أيام بإذن الله ستلتحم جبهات صرواح والمخدرة وهيلان، آخر مناطق محافظة مأرب، بجبهات جبال صلب ووادي حريب نهم وجبال قرود وملح ومحلي إلى أطراف مسورة وشمال غربي فرضة نهم، بمحافظة صنعاء، لتصبح قوات الشرعية في خط واحد دون فواصل وعقبات ممتدة من أقصى الشمال إلى أقصى الجنوب في كامل الجهة الشرقية لمحافظة صنعاء، وبذلك سيكون من السهل على قوات الشرعية التقدم كتلة واحدة باتجاه خولان من الجنوب الشرقي وبني حشيش وبني الحارث من الشرق وإلى مديرية أرحب من الشمال الشرقي وإلى مديرية حرف سفيان بمحافظة عمران من أقصى شمال فرضة مهم وشمالها الشرقي».
إلى ذلك، يقوم المتمردون الحوثيون بحشد مقاتلين من أبناء القبائل وأبناء المحافظات الشمالية الفقيرة، التي تتميز بكثافتها السكانية وبنسبة الأمية المرتفعة، وذلك للمشاركة في القتال فيما يسمونه «تحرير اليمن»، وتتركز الحملة، التي تجري في صنعاء، على الوعد والوعيد لمأرب وسكانها والجيش الوطني والمقاومة هناك، وهو ما فسره المراقبون بأنه «حالة انكسار لدى الميليشيات»،
على اعتبار أن مأرب تعتبر، حاليًا، المركز الرئيسي لإدارة المعارك في شمال وشرق البلاد ضد الميليشيات الانقلابية، ويستخدم الحوثيون إعلامًا دعائيًا يقوم على تصوير اليمن وكأنه يتعرض لغزو من الولايات المتحدة الأميركية وإسرائيل، حيث لا تخلو شعارات الحوثيين وخطاباتهم، من اتهامات يومية للولايات المتحدة، بدرجة رئيسية، بقصف المواقع والمعسكرات وغيرها.