سوق في الشارع.. زنزانة في البيت .. أسواق في تعز تثير استياء المجتمع وسط حلول بديلة (تقرير)
- معاذ العبيدي الثلاثاء, 07 فبراير, 2023 - 03:02 مساءً
سوق في الشارع.. زنزانة في البيت .. أسواق في تعز تثير استياء المجتمع وسط حلول بديلة (تقرير)

[ بعض أسواق تعز مثلت إشكالية كبيرة للمجتمع - الموقع بوست ]

"ظهر وماشقدرش أوصلك، زحمة" بهذه الكلمات يتركني سائق الباص في جولة العواضي على مقربة من وسط المدينة، عند عودتي ظهرا من الجامعة، بينما كان يفترض به أن يوصلني إلى فرزة التحرير، لكن البسطات والباعة يتسببون بزحام خانق يحول دون ذلك، حسبما تقول ندى نائف الطالبة العشرينية في جامعة تعز التي تضطر لاستكمال مسافة الكيلومتر المتبقي نحو منزلها سيرا على الاقدام.

 

الأمر صعب بالنسبة لفتاة تمر وسط زحام كبير، حيث ترتفع احتمالات التعرض للمضايقات، "لا مكان للمشي، الشارع مليان ناس وبياعين وخارجين من سوق القات، اكره نفسي بسبب الزحمة".

 

بالقرب من نهاية شارع جمال الذي يتوسط المدينة، يستقر مايعرف بالسوق المركزي وسط مدينة تعز، متسببا في أحداث زحمة مرورية، تمتد من شارع جمال شمالا حتى نهاية شارع التحرير جنوبا، ومن جولة العواضي غربا إلى جولة الأخوة شرقا. ويبلغ الزحام ذروته بين العاشرة صباحا والثانية ظهرا.

 

ويفترش الباعة الشارع لبيع القات في الشارع وعلى الارصفة فيما يستخدم المتسوقون نصف شارع جمال لايقاف السيارات، ويتسبب الباعة والزبائن وعرباتهم في اغلاق معظم الشارع والممرات الفرعية، ما يتسبب في كثرة المضايقات والتحرش وصعوبة دخول الناس منازلهم او خروجهم منها خاصة النساء.

 

تتعدد الأسواق والنقل واحد

 

تخصيص أسواق بديلة للباعة، وأصحاب البسطات كان من ضمن مسودات الحلول، التي قدمتها مؤسسة شباب سبأ من أجل معالجة مشكلة موقع السوق المركزي بمدينة تعز، ضمن ورقة بحثية أوصت بنقل السوق إلى مكان آخر.

 

تعددت المقترحات ولم تنفذ الأفكار ولا التوصيات التي اقترحت نقل "المركزي" ضمن عمليات مرتبة إلى سوق الزغروري حيث العمل ساريا لاستصلاحه مجددا.

 

ويضم الزغروري مساحة واسعة كانت أغلقت بسبب مشاكل أمنية بعد ما كان سوقا للقات، وبالإمكان استئجاره من مالكيه ونقل السوق المركزي إليه.

 

المقترح الثاني تمثل في اجتزاء مساحة من فرزة الحوبان واغلاقها، وتم ترتيبها كمكان للباعة وتنظيم عمليه الدخول والخروج حسب "شباب سبأ".

 

"لانستطيع السواقة انهم في كل مكان، شلوا نصف الشارع" يشتكي سائقون من الباعة وبسطاتهم، في حين يشجعون المقترحات التي من شأنها نقل السوق الى مكان آخر.

 

النقل ليس الحل الوحيد، كما يقول نواف التعزي صاحب بسطة 30 عاما" ملقيا اللوم على آخرين "الواجب بدل عمل حملات لمنع البيع في الشارع، مراقبة الموتورات والباصات اللي يقفوا بالشارع هم يفرزوا من أجل الركاب ويقطعوا الطريق".

 

  مدينة التربة والوساطة المجتمعية

 

لنقل السوق المركزي بحسب تصور مؤسسة شباب سبأ، يمكن الاستعانة بتجربة محلية قامت بها مبادرة مشروع المرأة والسلام، ونجحت بنقل السوق في مدينة التربة الشبيهة بمدينة تعز من حيث منسوب الزحام.

 

 لم تكن تتوقع "حنين" عضو مبادرة مشروع المرأة والسلام أن جلسات الوساطة المجتمعية التي رتبت لها هي وفريقها بمقدورها تحقيق عملية نقل السوق من داخل مدينة التربة، وأنهم سيحلون مشكلة مستحكمة في ثلاث مناطق سكنية مزدحمة بأهلها، هي (الطيار - القيادة - الفرزة) التي كانت متضررة من وجود السوق هناك لنحو 40 سنة.

 

وبحسب "حنين الزكري" فقد عملت المبادرة مطلع 2021 على ترتيب جلسات حوار مجتمعي بين الأطراف التي أيدت والتي عارضت نقل السوق، تمثلت في المواطنين المتضرررين طرفا أول، بينما مثل الطرف الثاني عاقل السوق الذي ناب عن بائعي الخضار المعارضين تماما عملية نقل السوق.

 

بعد عدة جلسات وساطة ومقاربة الآراء واستيعاب المصالح والحاجات والمخاوف، تقول حنين توصلنا مع الأطراف إلى حل مرضٍ للجميع.

 

وتضيف: "الحل تمثل في نقل السوق بشكل مؤقت إلى مكان أخر يحقق للسوق نشاطه، ولايؤذي السكان في محيطه الجديد، إلى حين ايجاد موقع مناسب وحل دائم، وقد اتفق الجميع، ووثقت اتفاق الحل بتوقيعات الاطراف"، موضحة أن السلطة المحلية والجهات الأمنية تعاونت مع الفريق، وأمنت عملية نقل السوق.

 

 كان ذلك السوق يتسبب في أحداث زحام كثيف، تسبب قطع الممرات الجانبية المؤدية الى المنازل، جراء انتشار العربات والبسطات، الأمر الذي حد من حرية الحركة لدى المواطنين، وقيد حركة الفتيات والنساء اللواتي يقطن المنازل الواقعة حول السوق وفي الجوار.

 

ظل السوق لأربعة عقود مصدرا يوميا للمهاترات والتحرش والمضايقات المباشرة وغير المباشرة للسكان، حتى ظنوا بأن لأحل يمكنه انقاذهم من كل ذلك بعد كل تلك الفترة الزمنية الطويلة، وذلك الكم من الشكاوى، لكن تجربة ميدانية واحدة جادة مستنيرة تمكنت من فعل ذلك" تقول "حنين".

 

وتضيف "لابد من استيعاب احتياجات ومخاوف كافة الأطراف والتعريف بها فيما بينهم، بحيث يقدّر الجميع حقيقة الموقف ويحددون بأنفسهم ما ينبغي فعله وينفذوه".

 

تجربة مصرية

 

مشكلاتنا هي مشكلات العالم فلماذا لا نتبادل الحلول، ففي مصر موّل صندوق تطوير العشوائيات انشاء سوق التونسي الجديد في محافظة القاهرة بـ  14,720,000 دولار، حيث ضم السوق خمسة مباني، و400 محل تجاري، واستوعب السوق البديل بمساحة 30 الف متر مربع 5 اسواق عشوائية كانت ضمن سوق الجمعة المقام اسفل كوبري التونسي.

 

بالإمكان الاستفادة من تجربة سوق التونسي في مصر داخل مدينة تعز، من خلال بناء مجمع سوقي كبير يستوعب الأسواق العشوائية التي تفترش المدينة، وليس المركزي فقط، وتفادي هذا الزحام، كما يمكن استرجاع مبنى السوق المركزي والعمل على اعادة تأهيله ونقل الباعة إليه.

 

مرايا الحدث

 

 كانت الورقة التي أعدتها منظمة شباب سبأ ذكرت أنه بالامكان استعادة الدورين الأول والأرضي من مبنى السوق المركزي وتخصيصهما للباعة المتواجدون في الشوارع  للحد من الزحام.

 

وستضمن الدور الأرضي  مساحات لابأس بها يمكنها استيعاب عشرات البسطات وتوزيعها خلاله، بينما يضم الدور الأول أكثر من 72 محلا يتم تأجيرها حاليا كمخازن لنفس البسطات بـ12 الف ريال للمحل الواحد، ويعد هذا الحل مناسبا مؤقتا لو أمكن العمل عليه من نظر بعض المواطنين.

 

عرف قبلي

 

في وضع شبيه وقبل بضع سنوات قام المواطنون في مديرية شرعب السلام بنقل سوق "الربوع" من وسط المباني إلى منطقة أخرى اكثر اتساعا ومناسبة لاستمرار نشاطه دون أن يتسبب في أحداث زحام، واستخدم المواطنون في ذلك مبدأ لا ضرر ولا ضرار الساري خلال الأعراف القبلية في اليمن.

 

 

*انتجت المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي.

 


التعليقات