[ وفد سلطنة عمان مع قيادات الحوثي بصنعاء ]
يتابع اليمنيون بتفاؤل حذر الجهود التي تبذل من قبل دولة سلطنة عمان والأمم المتحدة لوقف إطلاق النار في البلاد والتوصل إلى سلام دائم وشامل، يضع حداً لنزيف الدم المستمر لأكثر من ثمان سنوات، آملين أن تعيد تلك الجهود تطبيع الحياة المدنية واستعادة دور المؤسسات السيادية والخدمية والتخفيف من الأزمة الإنسانية التي يعيشونها.
ووصف مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى اليمن هانس جروندبرج في وقت سابق من الشهر الجاري مسألة إنهاء الحرب في اليمن، بأنه ليس أمرا سهلا، وأرجع السبب في ذلك إلى فقدان الثقة بين الأطراف المتحاربة وارتباطات الحرب بأطراف دولية، وقال إنه يضغط من أجل هدنة موسعة والوصول إلى نهج شامل وكامل من أجل الوصول إلى حل سياسي يفضي إلى وقف الحرب وتحقيق السلام.
ومنذ أكتوبر الماضي تحاول الأمم المتحدة التوصل إلى اتفاق يفضي إلى استئناف تمديد الهدنة، إلا أن تلك الجهود تعثرت على مدار الأربعة الأشهر الماضية؛ بسبب شروط الحوثيين على رأسها صرف رواتب الموظفين (المدنيين والعسكريين) من عوائد النفط فقط، الأمر الذي رفضته الحكومة الشرعية، كونه مخالف لاتفاق ستوكهولم،المبرم بين الطرفين.
إحراز تقدم
تحدثت مصادر دبلوماسية ومسؤولين لوسائل الإعلام، عن وجود تقدم في أغلب المواضيع التي كانت محل خلاف، سواء كانت في المواضيع بين الحوثيين والحكومة الشرعية، أو بين الحوثيين والمملكة من جهة أخرى.
الحديث جاء مؤخرا على لسان وزير الخارجية السعودي، الأمير فيصل بن فرحان آل سعود، الذي قال إنه يتم تحقيق تقدم صوب إنهاء حرب اليمن.
وأضاف بن فرحان، خلال حديثه بإحدى جلسات المنتدى الاقتصادي العالمي في دافوس، أن الصراع المستمر منذ ثمانية أعوام لن يحل إلا من خلال تسوية سياسية، وأن هذا يجب أن يكون محور التركيز، إن هناك تقدما يحرز لكن لا يزال هناك عمل يتعين القيام به ـ حسب وصفه.
ومضى الوزير السعودي قائلا: إن المطلوب الآن هو إيجاد طريقة لإعادة العمل بالهدنة، وتحويلها إلى وقف دائم لإطلاق النار، لكنه أشار في الوقت نفسه إلى أن إمكانية حدوث ذلك أمر غير واضح الآن، وأن هناك عقبات كبيرة في الطريق.
الكاتب الصحفي "أحمد الشلفي" بدوره قال إن الحوار السعودي الحوثي الذي تم في العاصمة صنعاء، وصل إلى نهايته، وأن كثيرا من الأفكار المختلف عليها تم الاتفاق حولها.
وأشار الشلفي -في سلسلة تغريدات بحسابه على تويتر- إلى أن "الحوار كان سعودي حوثي ولم تكن الحكومة اليمنية جزءا منه".
حل مستدام
أكد حقوقيون ومحامون ومتابعون لمجرى المشاورات الجارية على ضرورة أن تتخلل تلك المشاورات نقاط رئيسية؛ لضمان تحقيق نتائج فعالة، معتبرين ذلك بأنه يؤسس لحل وإلى سلام آمن ومستدام.
وقال رئيس منظمة سام للحقوق والحريات "توفيق الحميدي" إن أي حل أو مبادرة سلام من أجل إنهاء الصراع في اليمن، يجب أن يستند على نقاط رئيسية تضمن تحقيق العدالة للضحايا.
وفي حديث لـ "الموقع بوست" أشار الحميدي إلى أهمية أن يستند أي حل على حل الملف الإنساني بشكل شامل دون استثناء، بحيث يشمل المهجرين قسرًا في الداخل والخارج وتسليم رواتب الموظفين العموميين وإعادة تشغيل المؤسسات المالية والمطارات والموانئ، ورفع الحصار الداخلي وفي مقدمته حصار مدينة تعز، وإلغاء وجود النقاط المسلحة لتسهيل حركة التنقل بين المدن دون عوائق .
وأكد الحميدي على أهمية إطلاق سراح كافة المعتقلين والمعتقلات على خلفية الحرب الدائرة في اليمن، وإغلاق كافة السجون السرية غير القانونية والكشف عن مصير المخفيين قسرًا وضمان عودة الديمقراطية للإرادة الشعبية من خلال عملية انتقالية تضمن مشاركة كافة القوى السياسية والمدنية.
وشدد في الوقت نفسه على ضرورة تقديم جميع المنتهكين لحقوق الانسان إلى محاكمات عادلة، تضمن تحقيق العدالة وتمنع أي تجاوز من قبل أي طرف، وتحقق تطلعات الشعب اليمني في حكم ديمقراطي، إلى جانب توفير الحقوق الأساسية التي كفلها القانون الدولي.
وتابع الحميدي: الحكومة اليمنية، وجماعة الحوثي، إلى جانب دولتي الإمارات، والسعودية، مطالبون جميعاً بوضع كل الخلافات جانباً، وإيلاء معاناة اليمنيين الاهتمام الكافي، للخروج بحل يضمن حماية المدنيين وحقوقهم، وإنقاذهم من المأساة الإنسانية المزرية التي يفاقمها استدامة الصراع داعيا كافة الدول المتدخلة في الحرب بضرورة وقف دعمهما للمسلحين بشكل فوري وكامل، والانسحاب من دولة اليمن.
وأفاد بأن أي مبادرة لا تنطلق من المسار القانوني هي محاولة للالتفاف على حقوق ملايين اليمنيين، واستخفاف بما تعرضوا له من اعتداءات على الحق في الحياة والسلامة الجسدية.
مسارات قانونية
قانونيون بدورهم أشاروا إلى ضرورة أن تتوافق مخرجات المشاورات الجارية مع المسارات القانونية المعمول بها سواء محليا أو دوليا محذرين في الوقت نفسه من أن تفضي تلك المشاورات إلى التنازل أو التفريط في أي من تلك المسارات.
المحامي عبد الرحمن برمان بدوره اعتبر المواضيع التي ذكرت في المشاورات بأن أغلبها حقوقية على رأسها تسليم الرواتب والافراج عن المعتقلين وفتح الطرقات والمطارات أمام المسافرين، وكذلك الموانئ لاستيراد المواد الغذائية والبترولية، لكنه أشار إلى ضرورة أن تضبط ذلك الحقوق بمسار قانوني تحفظ للشرعية وللدولة هيبتها وكيانها.
وقال برمان في تصريح لـ "الموقع بوست": بالنسبة لدفع المرتبات فالإجراءات القانونية التي يجب اتباعها في هذا الملف هي أن يتم أولا توريد إيرادات الدولة إلى حساب خاص في البنك المركزي اليمني وبناء عليه يتم صرف الرواتب وفق كشوفات 2014 كما نص عليه اتفاق ستوكهولم حتى يتم انهاء الحرب واستعادة الدولة.
وأضاف: بالنسبة للإفراج عن المعتقلين، فالحرية حق أيضا للإنسان، كفلتها كل القوانين، والرسالات السماوية، ولا يجوز التنازل عنها، حتى من الشخص نفسه، وما يتم من عملية اختطافات، هي جريمة في القانون اليمني، والمقترح في هذا الملف، هو أن يتم فصله عن الملف السياسي والعسكري وأي ملفات أخرى، والتعامل معه كقضية انسانية، ويجب أن يطبق هذا القرار دون استثناء، مالم يرتكب المعتقل جريمة جنائية، أما إذا كانت لسبب المشاركة مع طرف من أطراف الصراع، أو أسباب سياسية، فهذا يجب الافراج عنهم بشكل عام على قاعدة الكل مقابل الكل كما نص عليه اتفاق ستوكهولم.
وتابع برمان: بالنسبة لفتح الطرق والمطارات والموانئ فقد عانى الناس بشكل كبير من هذه القضية، عانوا من موضوع السفر الداخلي من محافظة لأخرى، خصوصا بين مناطق سيطرة الحكومة والحوثيين والعبور عبر الحواجز والنقاط وبعظهم تعرضوا للانتهاكات وبعضهم قتلوا بهذه الحواجز بسبب السفر.
وقال "يجب أن تفتح المطارات والطرق والموانئ من أجل تسهيل إدخال المواد الغذائية، وفي الوقت نفسه من حق الحكومة أو السلطة الشرعية في البلاد أن تتخذ اجراءاتها في ما يضمن عدم دخول أي أسلحة، وذلك بإقامة اجراءات في عملية التفتيش، لكن يجب ألا تعرقل أو تأخر هذه العملية دخول المواد الغذائية وكذلك الوقود والأدوية الضرورية.
استغلال وتجيير
المحامي عبد المجيد صبرة بدوره اعتبر السبب في الأزمة القائمة، والخلاف القائم، هو الانقلاب على مخرجات الحوار الوطني المجمع عليها من قبل كل أطياف وشرائح المجتمع، والتي أعلن علنها في يناير 2014 وتؤسس لدولة مدنية ديمقراطية لكل اليمنيين، حسب وصفه.
وفي حديث لـ "الموقع بوست" يقول صبرة: "النقاط الرئيسية التي تضمنتها المشاورات الجارية لم تحدث إلا بسبب الخلاف بين الأطراف السياسية، وطبعا فإن السبب الرئيسي لهذا الخلاف هو الانقلاب على مخرجات مؤتمر الحوار الوطني".
وأضاف: إن عدم صرف المرتبات والاعتقالات التي تمت والأموال والممتلكات التي نهبت تمت بدافع سياسي خارج إطار الدستور والقانون والمواثيق الدولية، حتى وإن تمت بعض تلك الانتهاكات ظاهريا عن طريق القضاء كالاعتقالات والاستيلاء على أموال المعارضين، كما تفعل جماعة الحوثي، فذلك لا يعدو عن كونه مجرد استغلال وتجيير للقضاء لصالح السياسة ولا يخرجها عن كونها انتهاكات مخالفة للدستور والقانون.
وتابع صبرة: "ومن هذا المنطلق فإن صرف المرتبات والإفراج عن المعتقلين وإعادة الأموال المنهوبة من خلال المشاورات الحالية، هو عودة للوضع الطبيعي وتراجع عن تلك الانتهاكات التي انتهكت بحق كل طرف أو جماعه أو حزب أو فرد، ويعد ذلك انصياع وعمل بنصوص الدستور والقانون والمواثيق الدولية، التي تجرم تلك الانتهاكات خصوصا عندما تكون بدوافع سياسية، ويكون المجتمع هو الضحية".
وأردف: بدون ذلك فإنه لامعنى لتلك المشاورات، إذا لم يتمخض عنها تلبية تلك النقاط الرئيسية، إذ كيف يقبل طرف ما بحل سياسي دون أن تعود الممتلكات المنهوبة أو يفرج عن المعتقلين؟!