[ صورة لإشهار المجلس الموحد للمحافظات الشرقية ]
تعيش المحافظات الشرقية لليمن خلال العامين الأخيرين، حراكا شعبيا يسعى لتحديد مسار سياسي جغرافي بعيد عن هيمنة الجنوب في 1967 ووحدة 1990، بحسب ما يتداوله ناشطو تلك المحافظات وعدد من المكونات التي ظهرت حديثا وأبرزها المجلس الموحد للمحافظات الشرقية الذي تم إشهاره من مدينة سيئون، مطلع يناير من العام الجاري 2024 م.
ويطالب أبناء المحافظات الأربع (المهرة، حضرموت، سقطرى، شبوة) بشراكة عدالة وندية في إدارة شئونهم والاستفادة من ثروات محافظتهم في تحسين مستوى الخدمات.
في استطلاع لـ "الموقع بوست"، حاولنا معرفة أراء أبناء المحافظات الأربع من المشاريع الجديدة التي تنادي بالندية وأخرى بالشراكة وثالثة باستقلال بعض المحافظات كدولة لها استقلالها الخاص.
تكثيف الجهد ومغازلة الاشقاء
الناشط الإعلامي، عزيز محمد الأحمدي، رئيس تكتل الاعلاميين والصحفيين والنشطاء بمحافظة شبوة، قال إن غالبية أبناء المحافظات الشرقية لم يؤمنوا يوماً بالمكونات التي لها مشاريع ما بعد عام 2013، ويرون أن مخرجات الحوار الوطني هي الحل الأمثل للخروج من المستنقع الذي وقعت فيه البلاد، ويؤكدون أن الأقاليم هي الحل والمشروع الوطني الذي سينصفهم بعد مرورهم بمراحل مختلفة لم تنصفهم إلى يومنا هذا.
وحول أولوياته الرئيسية التي ينتظر تحقيقها من المجلس الموحد للمحافظات الشرقية ضمن رؤيته وأهدافه، لا يعتقد الناشط الأحمدي تحقيق أهداف كبيرة في المرحلة الراهنة والظروف التي تمر بها البلاد، لكنه في المقابل أكد على قيادة المجلس الموحد للمحافظات الشرقية في مواصلة جهوده التي بدء فيها منذ أشهر والعمل على إثراء ندواته والتكثيف منها وكذا الاستفادة من النزول الميداني، للجلوس مع كل أطياف المجتمع بالمحافظات الشرقية، للاستماع لآرائهم وتقريب وجهات النظر بينهم.
ويربط رئيس تكتل الإعلاميين بمحافظة شبوة نجاح مشروع المجلس الموحد وتحقيق تقدم كبير بحل الأزمة اليمنية، داعيا قيادته إلى تكثيف أعماله على أرض الواقع ولفت نظر الأشقاء في دول التحالف والحكومة الشرعية بضرورة إشراك أبناء المحافظات الشرقية في أي مشاركات أو مفاوضات قادمة، مع عدم التوقف عبر التحرك الجاد حتى لا يولد الإحباط في صفوف أنصار ومؤيدي المشروع.
كسب رضاء الفاعلين في السياسة اليمنية
إلى محافظة حضرموت التي شهدت بروز مشاريع متعددة، اتفقت معظمها على مظلومية وتهميش أبناءها في الإدارة وحرمانهم من الوظائف العليا بالدولة وضعف التمثيل الدبلوماسي لكوادرها، حاولنا من خلال الناشط السياسي المهندس، عبدالحافظ خباه، معرفة مدى تلبية مشروع اقليم المحافظات الشرقية لاحتياجات وتطلعات ابناءها في ظل تعدد المشاريع السياسية تلك.
يقول الناشط خباه إن إقليم المحافظات الشرقية لديه فرصة للنجاح وتلبية تطلعات الإقليم، أولا كون لديه اجماع سياسي يستند على مخرجات الحوار الوطني، وكونه يمثل رقعة جغرافية واسعة تخرجه من الفئوية والمناطقية الضيقة.
في حديثه لـ "الموقع بوست" يضيف الناشط خباه أن ما يحتاجه هذا المشروع هو قيادة متعلمة ومؤهلة تهتم بالجانب التنموي ولديها امكانيات للتواصل مع الفاعلين في السياسة اليمنية وبث رسائل مطمئنة، إضافة إلى تعزيز التواصل مع تجار المهجر لأحداث نهضة تنموية يشعر بها المواطن.
وركز المهندس خباه على عدد من الأولويات التي يجب أن تحظى باهتمام قيادة الإقليم، تتمثل في الجانب السياسي وكفالة الحريات للجميع مع وجوب فرض القانون، وكذا الاهتمام بتحسين الوضع الاقتصادي وتحسين الخدمات وكسب رضاء الفاعلين في السياسة اليمنية.
وشدد على أن تكون الفرص في تولي القيادة السياسية والاقتصادية، الكفاءة، وليست المحسوبية او الفئوية، إلى جانب طمأنت رؤوس الأموال، لكي تستطيع الاستثمار في البلد لتغيير الواقع الاقتصادي نحو الأفضل.
وأرجع خباه مشروع (المجلس الموحد) بالأفضل لأسباب عديده أبرزها: وجود ثقة كبيرة لدى الناس بنجاحه باعتباره يشمل محافظات الإقليم، عدم وجود منافس سياسي له حاليا، إلى جانب تنوع قيادته من كل أطياف المجتمع.
ودعا إلى أن تكون اطروحاته وطنية وليس مناطقية، مع تجاوز سلبيات الماضي وإعطاء صلاحيات للمحافظات للتنافس في التنمية المحلية.
عدم الثقة في المشروع
المهندس المدني، طارق الحاج، من محافظة شبوة اعتبر تلبية مشروع إقليم المحافظات الشرقية باحتياجات وتطلعات أبناءه في حال تم على أسس واضحة وثابتة وبإدارة جيدة ونزيهة. مشيرا إلى أن السيادة والخدمات الأساسية للمواطن والتعليم والاستثمارات الحديثة هي أولويات رئيسية ينشدها المواطن من المجلس ضمن رؤيته وأهدافه.
وحول تساؤلنا لمشاركته كمواطن في صنع القرار السياسي وتقييم أداء المسؤولين السياسيين اليوم بمحافظتك، أشار المهندس الحاج إلى أن رأيه يتلخص في "إبداء الرأي والمشاركة في صنع الرأي العام الذي يصنع أثراً في عملية صنع القرار السياسي".
ولفت إلى أن أبرز الفرص والتحديات التي تواجه تنفيذ مشروع "اقليم المحافظات الشرقية" تتركز في تباعد وجهات النظر والتوجهات الحزبية واختلاف المصالح.
ويقلل المهندس طارق الحاج من ثقته في مشروع "اقليم المحافظات الشرقية" بناء على المعطيات الحالية، لكنه في المقابل تمنى في حال تم تنفيذه أن يحقق تغيرات ايجابية وملموسة على المدى القريب والبعيد.
وطالب بأن يوجه مشروع المجلس الموحد نحو تمكين القيادات الشابة والكوادر المؤهلة بعيدا عن أي اعتبارات أخرى.
مشروع ضمن التنوع السياسي
في السياق ذاته تشير الناشطة سلمى الثقلي من محافظة سقطرى أن مشروع إقليم المحافظات الشرقية الذي يتبناه المجلس الموحد للمحافظات الشرقية، يأتي ضمن سياق التنوع السياسي في شرق اليمن، وقد يلبي بعض احتياجات وتطلعات أبناء هذه المنطقة.
الناشطة الثقلي ربطت نجاح المشروع حول اعتماده في مدى قدرته على التوفيق بين مصالح مختلف الأطراف والفئات في الإقليم، وعلى مدى انسجامه مع إطار عمل شامل للدولة اليمنية.
وأوضحت أن أولويات المجلس الموحد للمحافظات الشرقية ترتكز في تحقيق التنمية الاقتصادية والاجتماعية للمنطقة، وحماية حقوق المواطنين وتمكينهم، إلى جانب ايلائه اهتماماً خاصاً بتعزيز الحوكمة الرشيدة وسيادة القانون، وبناء مؤسسات فاعلة وشفافة.
المشروع بحاجة للكثير من الحوار والمشاورات
إلى ذلك يشير الصحفي، عيسى المهري، من محافظة المهرة أن مشاركة المواطنين في صنع القرار يتطلب تعزيز آليات المشاركة المجتمعية والشفافية في عملية صنع القرار السياسي. داعيا المسؤولين السياسيين إلى أن يكونوا أكثر انفتاحاً وقابلية للمساءلة أمام المواطنين.
وحول الفرص والتحديات أمام مشروع الإقليم الشرقي، ذكر الصحفي، عيسى المهري، أن تعزيز التنمية والاستقرار في المنطقة، وتقوية الهوية المحلية والتنوع الثقافي يمثل أحد أبرز التحديات أمام قيادة المجلس الموحد وكذا تحقيق التوازن بين مصالح مختلف الأطراف، وضمان وحدة اليمن والتماسك الوطني.
وبين الصحفي المهري، أن هناك حاجة إلى مزيد من الحوار والمشاورات الشاملة لتطوير هذا المشروع وكسب مزيد من الثقة الشعبية والدولية، كما أن تنفيذ المشروع يجب أن يكون بطريقة تضمن الاستقرار والتنمية في المنطقة وتعزز الوحدة الوطنية، مع الأخذ في الاعتبار مصالح كافة الأطراف المعنية وتعزيز الوحدة الوطنية في اليمن.