تحولات خالد اليماني من داعم للوحدة إلى مُنظِّر للانفصال.. هل انتهازية سياسية أم بحثاً عن مكاسب؟ (تقرير)
- خاص الثلاثاء, 25 نوفمبر, 2025 - 12:05 صباحاً
تحولات خالد اليماني من داعم للوحدة إلى مُنظِّر للانفصال.. هل انتهازية سياسية أم بحثاً عن مكاسب؟ (تقرير)

[ خالد اليماني ]

مثَّل التحول المفاجئ والجذري في موقف الدبلوماسي اليمني ووزير الخارجية الأسبق، خالد اليماني، من مدافع صلب عن الوحدة اليمنية إلى مُنظّر ومؤيد علني لانفصال الجنوب، مادة دسمة للجدل السياسي والتندر الساخر بين اليمنيين.

 

هذا الانقلاب الدراماتيكي في المواقف، والذي جاء بعد نحو 6 سنوات من إقالته من منصبه كوزير للخارجية في يونيو 2019 ولم يعد تدويره بأي منصب جديد، أثار عاصفة من ردود الأفعال التي تراوحت بين الانتقاد اللاذع والسخرية المريرة، مما دفع الكثيرين إلى ربط موقفه الجديد بفقدان المنصب، وسط اتهامات متبادلة وتفسيرات مختلفة للأسباب الحقيقية لهذا الانقلاب السياسي.

 

وقد غذت تصريحات اليماني الأخيرة، التي زعم فيها أن "اليمن دولة فاشلة" وأن استقلال الجنوب لم يعد "شعاراً عاطفياً بل مشروعاً سياسياً متماسكاً"، موجة من التعليقات والتنّدرات على وسائل التواصل الاجتماعي. وركزت السخرية في جوهرها حول شيئين اثنين: "الانتهازية السياسية واكتشاف الحقيقة المتأخر".

 

وبشأن اكتشاف الحقيقة المتأخر: تساءل الكثيرون بسخرية عن سبب "اكتشاف" اليماني لهذه "الحقائق" حول فشل الدولة والحاجة للانفصال فقط بعد إقالته، وليس خلال فترة عمله الطويلة كوزير وسفير يمثل الدولة الموحدة.

وحول "الانتهازية السياسية": يرى منتقدوه أن تحوله ليس نابعاً من قناعة حقيقية، بل هو محاولة انتهازية للتقرب من مراكز القوى الجديدة في الجنوب (كالمجلس الانتقالي الجنوبي المدعوم إماراتياً) لضمان موطئ قدم في المشهد السياسي المستقبلي.

 

خادم مطيع للإمارات

 

وفي السياق قال وزير الثقافة السابق خالد الرويشان إن "خالد اليماني احترق من ساعة جلوسه إلى جانب رئيس الوزراء الإسرائيلي نّتِنياهو قبل سنوات! هل ما زلتم تتذكرون!؟

 

وأضاف: فلماذا تغضبون من رجلٍ محترق! تغضبون من رجلٍ يريد تقسيم بلاده!

 

 

وتابع: "اليمن الكبير جعله سفيراً ووزيراً للخارجية، فأبى إلاّ أن يظل صغيراً خادماً مطيعاً للإمارات وللنّتِن، النّتِن بالطبع يهمّه تقسيم اليمن الكبير إذا لم تعرفوا، من أحلام النَّتِن أن يتم تقسيم اليمن وتقسيم كل بلد عربي، متابعا "تلاميذ النّتِن ينشطون في ظلام ما نعيشه اليوم مثل بَقٍّ الخرائب".

 

اضطرابات مرحلية

 

من جانبه نائب رئيس هيئة التشاور والمصالحة الدكتور عبدالملك المخلافي كتب "بالنسبة لأيّ سياسيٍّ حصيف، ولأيّ مسؤولٍ سابقٍ تولّى مواقعَ رسميةً في الدولة اليمنية، يُفترض أن يكون أكثر وعيًا بطبيعة المسؤولية الوطنية، وأن يدرك أن الدعوة إلى تفكيك اليمن ليست رأيًا عابرًا، بل مسٌّ بجوهر الدولة وتاريخها ومستقبلها".

 

وقال "فاليمنُ الواحدُ ليس خيارًا مرحليًّا أو مشروعًا سياسيًّا يمكن تبديله بخيارٍ أو مشروعٍ آخر، أو التراجع عنه حين تتبدّل المواقع أو تتغيّر الحسابات أو تتطلّب ذلك المصلحة الذاتية".

 

 

وأضاف "اليمن الواحد هو تاريخٌ وهويةٌ ونضالٌ وتضحياتُ أجيال، وهو مستقبلُ شعبٍ كاملٍ ومصلحتُه العليا. ولا تُغيّر من هذا الجوهر اضطراباتُ مرحلةٍ استثنائية، ولا الوقائعُ المؤقّتة التي تفرضها الظروف".

 

وتابع المخلافي "أمّا شكلُ الدولة وصياغتُها السياسية والدستورية، فهو شأنٌ يقرّره اليمنيون بإرادتهم الحرة، وفق احتياجاتهم ومشكلاتهم، لكنّ ذلك لا يمكن أن يتحقّق قبل إزالة المشكلة الجامعة التي تواجه اليمنيين بكل مكوّناتهم وتطلّعاتهم، وهي مشكلةُ العنصرية والطائفية والهيمنة الخارجية التي تمثّلها المليشيا الحوثية وارتباطُها بالمشروع الإيراني".

 

استرزاق

 

من جهته سخر الكاتب الصحافي عامر الدميني بالقول: "هذا البرميل عمل وزير خارجية باسم اليمن في أهم فترة، ومندوب لليمن في الأمم المتحدة، واليوم ينقلب يسيئ للوحدة، ويروج للانفصال بشكل طافح بالاسترزاق، والتضليل الساذج".

 


 

انتهازية سياسية

 

النائب البرلماني علي أحمد العمراني كتب مقالا تحت عنوان من يجرؤ على الكلام؟! وقال "قد يبدو مضمون ما أعلنه اليماني مفاجئاً وصادماً، فقد كان إلى عهد قريب يمثّل اليمن في أكثر المناصب حساسية وأهمية".

 

وأضاف "مع أنه كان ممكناً أن يكون لأي منا موقفٌ وحدوي معلن، ومناهض للانفصاليين وداعميهم، في عهد الرئيس هادي، ولا يؤاخَذ عليه، أو يُقال من عمله بسببه، خلافاً لمن جاء بعده، لكن التعيينات التي تمت منذ 2015 لم يكن معيار الولاء المطلق للجمهورية اليمنية، ولليمن ووحدته، أساسياً في التعيين. وقد شوهد بن مبارك واليماني في حفل في أمريكا عام 2017، وأعلام الانفصال تغمر المكان ويكاد أن يغرقا في تلك الأعلام الانفصالية. بل إن بن مبارك امتدح، ضمناً، مضمون تلك الأعلام يومذاك. وكان أحدهما وقتذاك سفير اليمن في واشنطن، والآخر مندوبها الدائم في الأمم المتحدة.

 

 

يتابع العمراني "أما بعد تمكين الانفصاليين، بإرادة التحالف ودعمه، ودمجهم في الحكومة والرئاسة، وإصدار تعيينات تخدم الانفصال، وخضوع مجلس الرئاسة تماماً للانفصاليين، فلا غرابة أن يعلن أمثال اليماني رأياً مثل ذلك، ويتكاثر الذين يخطبون ودّ الانفصاليين والتقرب إليهم".

 

واستدرك "نعلم أن أغلبية أبناء اليمن، في كل بقعة فيه، يدركون أن تجزئة بلدهم خطرٌ عظيمٌ وعارٌ تاريخي وإهانة بالغة، لا تخدم إلا مصالح وأطماعاً خارجية، قديمة وحديثة، ولذلك فإنهم ليسوا مع تجزئة بلدهم بالتأكيد".

 

من دبلوماسي وطني إلى منظّر بائس للمشروع الانفصالي

 

بدروه شنّ الكاتب الصحفي والباحث السياسي ياسين التميمي هجومًا لاذعًا على اليماني، متهمًا إياه بالتحوّل إلى “مُنظّر عديم المصداقية للمشروع الانفصالي” بعد سلسلة مواقف وتصريحات قال إنها تخدم المجلس الانتقالي الجنوبي وتروّج له كممثل وحيد للقضية الجنوبية.

 

وقال التميمي إن اليماني، الذي شغل مناصب دبلوماسية رفيعة بينها مندوب اليمن لدى الأمم المتحدة وسفير في واشنطن قبل توليه حقيبة الخارجية، كان يُنظر إليه كشخصية وطنية “عقلانية”، لكنه انجرّ ـ بحسب قوله ـ خلف توجهات إعلامية وسياسية مرتبطة بالإمارات، خصوصًا عبر الكتابة المنتظمة في إندبندنت عربية، التي وصفها بأنها “نسخة عربية مشوهة” من الأصل البريطاني.

 

واعتبر التميمي أن انخراط اليماني في الخطاب الداعم للمجلس الانتقالي يمثل "سقوطًا مدويًا" ونسفًا لمصداقيته السابقة، مشيرًا إلى أن الانتقالي “ليس ممثلًا وحيدًا للجنوب ولا يمتلك أرضية نضالية أصيلة”، ووصفه بأنه “مشروع إماراتي بامتياز” يستند إلى دعم سياسي ومالي واسع من أبوظبي.

 

وربط التميمي توقيت تصريحات اليماني بالمشهد الإقليمي، لافتًا إلى أنها جاءت عقب مطالبة ولي العهد السعودي للرئيس الأميركي دونالد ترامب بإنهاء الحرب في السودان، وهي الحرب التي قال إن الإمارات “منخرطة فيها بشكل سافر”.

 

 

وأكد الكاتب أن المجلس الانتقالي لم يقاتل الحوثيين منفردًا كما يدّعي، ولا يملك القدرة على فرض مشروعه الانفصالي على الأرض، معتبرًا أن الحديث المبالغ فيه عن “القضية الجنوبية” مجرد “نضال مزيف” يوظَّف سياسيًا أكثر مما يعكس واقعًا ميدانيًا أو توافقًا شعبيًا.

 

وأضاف التميمي أن الانقسام داخل الجنوب يعود إلى ما قبل الوحدة، وأن الهوية الجنوبية نفسها “فسيفسائية ومتباينة”، ما ينفي ـ بحسب رأيه ـ وجود أرضية موحدة لمشروع الانفصال.

 

وختم بالقول إن مواقف اليماني الأخيرة “لن تضيف إلى وزنه السياسي شيئًا”، بل ستخصم من رصيده الوطني، في ظل ما يصفه بـ“الاصطفاف المخجل” خلف مشاريع لا تخدم اليمن ولا القضية الجنوبية.

 

في حين غرد ناصر الضبياني بالقول "خالد اليماني الذي شغل عدة مناصب في وزارة الخارجية وتغنى بالوحدة الوطنية اليمنية سنوات طويلة وبعد ما تعب من سفير في دكة الانتظار منذ ثمان سنوات، دخل محشر باسم الجنوب".

 

 

وتساءل الضبياني: هل أصبح أغلب الجنوبين كمسؤولين من فقد السلطة أو تم تغييره رجع ثائر يغني باسم الجنوب؟


التعليقات