[ معاناة المرأة اليمنية في ظل الحرب ]
يصادف اليوم الثامن من مارس/آذار اليوم العالمي للمرأة، تتويجا لنضالها، وللمطالبة بحقوقها، ومحاولة دعمها لتقوم بدور ريادي في مختلف المجالات، جنبا إلى جنب مع شريكها الرجل.
بدأت العاملات في صناعة الملابس بنيويورك الأمريكية بالإضراب عام 1856، للمطالبة بحقوقهن، وتشكلت حركة الخبز والورد التي امتدت إلى أوروبا، وبدأت الولايات المتحدة الاحتفال بتلك المناسبة في 8 مارس/آذار 1909، فدعت عقبها الأمم المتحدة للاحتفال بذلك اليوم سنويا منذ عام 1975.
عقود طويلة مضت والنساء يناضلن من أجل الحصول على حقوقهن، ونجحن بنسب متفاوتة في كثير من البلدان منها اليمن، لكن جاءت الحرب لتعود المرأة عشرات الخطوات إلى الوراء بعد أن فرضت الحرب عليها واقعا مغايرا، وأًصبحت في أحايين كثيرة تحلم فقط بالحياة وبالعيش دون جوع، بعد أن أصبح 82% من اليمنيين بحاجة لمساعدات إنسانية.
واقع مأساوي
ويحتفل العالم تحت شعار "المرأة في عالم العمل المتغير .. تناصف الكوكب 50/50 بحلول عام 2030"، وهو بعيد كل البعد عن واقع المرأة اليمنية، التي أثرت الحرب بشكل كبير عليها، فنالت النصيب الأكبر من المعاناة.
ترى أسماء محمد أن ذلك الشعار بعيد كل البعد عن واقع المرأة في اليمن، التي تعاني كثيرا مع استمرار الحرب التي بدأت عقب انقلاب سبتمبر/أيلول 2014.
تروي معاناتهن لـ"الموقع بوست" بكثير من الوجع بعد رحلة النزوح الطويلة التي ما تزال تعيشها.
تقول أسماء "نزحت بداية الحرب إلى ريف تعز، ولم نستطع تحمل ظروف الحياة هناك، فانتقلنا إلى صنعاء، ثم عدنا إلى منزلنا الواقع قرب شارع الأربعين الخاضع لسيطرة الحوثيين وبقينا ستة أشهر احتملنا فيها صنوف العذاب، إلى أن قررنا ثانية النزوح إلى محافظة إب في مارس/آذار 2016 بعد أن وصلت قذيفة ومضاد طيران إلى منزلنا مرة أخرى".
لم تكتمل معاناتها هناك، بل زادت جراء المعاملة غير الحسنة في إب، تؤكد "منذ قرابة عام لم نتعرف هناك على أحد".
وتتابع أسماء "نريد أن نعود إلى تعز كيفما كان الوضع، لكن منزلنا تدمر، وابني الذي يبلغ من العمر أربع سنوات، كلما سمع ذلك، يصرخ ويبكي ويقول: بموت".
وقبل يومين أعلن تكتل المبادرات النسائية في تعز مقتل 666 امرأة، وجرح 1883 في اليمن بنيران مليشيا الحوثي في الفترة من أبريل/نيسان 2015 وحتى نهاية يناير/كانون الثاني 2017.
وتصدرت نساء محافظة تعز وسط البلاد قائمة الضحايا، حيث قتلت 211 وجرحت 1121 امرأة، في حين حرمت 44.484 فتاة من التعليم، كما حرمت 41 امرأة حق الأمومة بفقدها جنينها، وفقدت 3582 أسرة الحق في الأمان، إضافة إلى فقد 4103 امرأة شهريا حقهن في الصحة.
معاناة تخلو من أمل
وتقول الصحفية جوهرة عبدالله إن المرأة تغير واقعها كثيرا بسبب الحرب، ففقدت ابنها وزوجها، وترملت وفجعت بفقيدها، وفوق ذلك فهي وفي كثير من الحالات لا تستطيع أن تراه لمرة أخيرة، فيتضاعف وجعها مرتين.
وتطرقت في حديثها لـ"الموقع بوست" عن تضرر المرأة الموظفة، التي تأثرت كثيرا بسبب انقطاع الرواتب، بالإضافة إلى عدم شعورها بالأمان، وحرمانها من حقها بالحصول على ترقية في عملها.
كما تعثرت المرأة -كما تروي عبدالله- في دراستها كطالبة، ولم تحصل على فرصة الحصول على المقاعد الدراسية والمنح، وباتت لا تشعر بالأمان عقب أن أصبحت مستهدفة كمتعلمة.
وتضيف "وازداد وضع المرأة الفقيرة سوءا بعد أن فقدت معيلها، وكذا الضمان الاجتماعي، فنزحت وتشردت، وأصبح زواج أكثر النساء صعبا نتيجة لتردي الوضع الاقتصادي في البلاد".
وباتت فرصة حصول المرأة الخريجة على وظيفة صعبة للغاية، مشيرة إلى وجود نساء يعشن كل تلك الصعوبات معا.
فاعلية المرأة
لكن وبرغم كل ذلك البؤس الذي عاشته المرأة، كان هناك نساء قمن بأدوار ريادية في مختلف المجالات، خاصة منذ ثورة فبراير/شباط 2011 وحتى الآن، واجهن الواقع الذي بات الموت حاضرا فيه أكثر من الحياة، بكثير من التحدي.
رئيسة مؤسسة نحن هنا للإغاثة والتنمية صباح الشرعبي، تذكر أن المرأة خرجت جنبا الي جنب مع أخيها الرجل مطالبة بإسقاط النظام الأسري، الذي ظل جاثما على الشعب اليمني لأكثر من ثلاثة عقود، رافضة الظلم والفقر والجوع والمرض الذي طغى على الحياة العامة.
وأكدت لـ"الموقع بوست" أن المرأة رقما حاضرا في كل مراحل ثورة الشباب، ووقفت في وجه آلة القمع الهمجية، وخرجت في مقدمة الصفوف، وقدمت الدعم لهم في مجالي التغذية والتطبيب، فضلا عن قيادتها للمسيرات والإعداد للمهرجانات المناهضة للظلم والطغيان، وأصبحت هي الشهيدة والجريحة والمعاقة وأم وحتى زوجة شهيد.
ضحت المرأة بالكثير، من أجل اليمن، وكان هذا بمثابة أولى لبنات انتزاع الحق المكفول لها، وبدأ الاهتمام الفعلي بها كجزء أصيل في المجتمع، ولا يمكن تجاوزه في أي عملية سياسية، كما تقول "الشرعبي".
ووفقا للناشطة الحقوقية، فقد عزز ذلك الفعل حضورها البارز والمهم في مؤتمر الحوار الوطني، لتضع وبكل ثقة بصماتها في صياغة مخرجاته كوثيقة شاملة لبناء الدولة اليمنية الحديثة، دولة النظام والقانون والمساواة والعدل، وباتت حاضرة في كل مواقع صنع القرار، منتزعة حقها بنسبة لا تقل عن 30 في المائة.
وأشارت إلى دور المرأة خلال فترة الحرب التي شنتها مليشيا الانقلاب، فلم تقف مكتوفة الأيدي، وذهبت لتقديم الدعم والمساندة في الجبهات وكذا للمواطنين، من خلال عملها كمسعفة وفي مجال الإغاثة والرصد والتوثيق لكل الجرائم المرتكبة بحق المدنيين، بالإضافة إلى الإعلام بنشرها لأضرار ونتائج الحرب، وإطلاع الرأي آ العام عليها.