[ صورة للمسابقة التي وزعها عناصر القاعدة في تعز ]
تسود المخاوف في محافظة تعز من تنامي دور جماعات متشددة، من خلال سيطرتها على عدد من المساجد في المدينة، وترويجها لأفكارها الإرهابية عبر منابرها.
وأصبح تنظيم القاعدة (أنصار الشريعة) في مدينة تعز التي تشهد حربا منذ أكثر من عامين، يمثل تحدياً كبيرا لا يتهدد عدم تحرير محافظة تعز من مليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية فحسب، وإنما المناطق المحررة داخل المدينة برمتها بالخطر، وسط تحذيرات من أن تنامي دور تنظيم القاعدة سيؤدي إلى اتساع دائرة الفوضى.
مسابقات وجوائز
وقام عناصر تنظيم القاعدة الخميس الماضي بتوزيع أوراق مسابقة جائزتها الأولى بندقية هجومية من نوع كلاشنيكوف، والجائزة الثانية دراجة نارية، والثالثة جهاز كمبيوتر محمول، والرابعة مسدس، فضلا عن جوائز مادية بقيمة 20 ألف ريال.
وتحمل الأوراق والأدبيات التي وزعها تنظيم القاعدة اسمه التنظيمي المعروف بـ"أنصار الشريعة"، وهو ما يعني أن التنظيم تمكن من التسلل إلى المدينة، وحظي هناك بدعم وتأييد واضح لخلط الأوراق في المدينة، وتصعيب عملية تحريرها، وزرع الألغام فيها مستقبلا.
ويعمل التنظيم على إغراء الشباب بتلك الجوائز، عبر طرح العديد من الأسئلة التي تلفت الانتباه إلى منهج القاعدة، ورؤيته الفكرية، مستخدما نفوذه وحجم السلاح الذي بات يمتلكه.
التنظيم جاهر بتحركاته ومارس العديد من الأنشطة
ويقول سكان محليون في مدينة تعز لـ"الموقع بوست" إن الأحياء التي يتواجد فيها عناصر القاعدة هي: النقطة الرابعة، وأحياء المواصلات، والجمهوري، و مدرسة أروى، والجحملية العليا، والسفلى.
أاضاف السكان أن عناصر التنظيم يمنعون أي مسلح من غير أتباعهم من دخول الأحياء التي يتواجدون فيها، كما يقومون بتنظيم حلقات في المساجد يدعون إليها الشباب، ويركزون على الشباب من الأسر الفقيرة، خاصة الفئة العمرية بين (14-18) عاما.
وأكدوا أن عناصر التنظيم باتوا منتشرين من جولة باب موسى حتى منطقة الجحملية العليا، ويستغلون الشباب الذين ينتمون لأسر فقيرة، ويقومون بتوزيع المساعدات لتلك الأسر في سبيل استقطاب مجندين جدد.
ويستغل عناصر القاعدة الصراع بين فصائل المقاومة في تعز، للتحرك في أوساط المجتمع، والترويج لأفكارهم، مستغلين حالة الانفلات الأمني التي تشهدها بعض أحياء المدينة.
محاضرات في المساجد
وكشف بيان صادر عن التنظيم بتاريخ 3 مايو 2017، ان محاضرة كان سيلقيها أحد قيادات التنظيم يدعى “أبو البراء” في مسجد العيسائي بشارع التحرير الأعلى، حول "من هم الإرهابيون؟".
ويشير البيان إلى أن القيادي السلفي أبو العباس منع أبو البراء من إلقاء المحاضرة في المسجد، رغم أن مراقب اللجنة العدلية التابعة لكتائب أبو العباس، رضوان كواتي، أذن بإلقاء المحاضرة.
بيان وزعه التنظيم في تعز
ويكشف البيان أن عناصر القاعدة باتوا يتحركون في تعز بشكل علني وطبيعي ويروجون لأفكارهم الإرهابية في أوساط المجتمع، وهذا الترويج هدفه الحقيقي إيجاد حاضنة اجتماعية ورفد التنظيم الذي يعمل تحت يافطة أنصار الشريعة بمقاتلين جدد.
شخصيات التنظيم
ويؤكد مصدر خاص لـ"الموقع بوست" أن أحد قيادي التنظيم في مدينة تعز، وهو حارث العزي، نجل القاضي لطف العزي، الذي يعد من أكبر الموالين للرئيس المخلوع علي عبدالله صالح، وصهره همام الصنعاني، الذي حول مركز شرطة حوض الأشراف إلى سجن خاص تابع للتنظيم، واستولى على مدرسة الشعب، واتخذ منها محكمة تابعة له يتولى حارث العزي مهمة رئاستها.
وأضاف المصدر أن همام الصنعاني يسيطر على مبنيي الضرائب والبريد، واتخذ منهما معسكرا تدريبياً لتدريب عناصر تنظيم القاعدة ويتولى المعسكر شخص يدعى معاذ المشمشة.
وأشار المصدر إلى عن حارث العزي وهمام الصنعاني قاموا سابقاً بتفجير ضريح الشيخ عبد الهادي السودي المتوفى عام 932 هجرية، بحسب بعض المراجع التاريخية.
دلالات الظهور
برأي كثير من المراقبين الذين استطلع "الموقع بوست" آراؤهم في تعز، فإن تنظيم القاعدة لم يكن موجودا في المدينة، التي كانت من أوائل المدن التي تصدت لتوغل مليشيا الحوثي والمخلوع صالح، ورفضت سيطرتهم عليها.
لكن مؤخرا -بحسب المراقبين الذين تحفظوا على أسمائهم خشية استهدافهم - بات نشاط التنظيم ملحوظا، مع تدفق أعداد كبيرة من عناصر التنظيم إلى المحافظة، في ظل تسهيلات حصلوا عليها من قبل أطراف معينة، تسعى لتشويه المقاومة والجيش الوطني، والإساءة لأدوارهما في تحرير المحافظة.
وسبق عملية الظهور حملات إعلامية منظمة سوقت مدينة تعز باعتبارها بؤرة للتنظيمات المتشددة، الذي يتطابق في رؤاه الفكرية مع تيار موجود على الأرض داخل مدينة تعز.
وبحسب هؤلاء، فإن ظهور تنظيم القاعدة بمدينة تعز علناً، يتزامن مع انتصارات حققتها قوات الجيش الوطني والمقاومة الشعبية في الساحل الغربي للمحافظة، وفي الجبهة الغربية للمدينة، بهدف خلط الأوراق في مدينة تعز.
يقول مصدر خاص لـ"الموقع بوست" إن تنظيم القاعدة في تعز يملك أسلحة وأطقماً ومدرعات، بينما إدارة الأمن لا يوجد معها إلا أربعة أطقم عسكرية، وإمكانياتها ضعيفة، وليس لها القدرة على إخراج مسلحي التنظيم من عدد من أقسام الشرطة والمباني الحكومية التي لا يزالون مسيطرين عليها.
وأكد المصدر ان هناك علاقة وثيقة بين ما سماها أنصار الشريعة والمخلوع صالح، ومصيرها محتوم بتحرير محافظة تعز من مليشيا الحوثي والمخلوع صالح الانقلابية، مؤكداً أن الحكومة الشرعية أمام تحد كبير يستوجب من الرئيس عبدربه منصور هادي بالتوجه نحو حل حقيقي بسرعة حسم المعركة بتعز.
السلاح الموزع
بالنسبة للسلاح الذي عرضه تنظيم القاعدة كجائزة، فيطابق ذات السلاح الذي استخدمه إرهابيون في كثير من الجرائم التي وقعت في أكثر من بقعة حول العالم.
وهو عبارة عن سلاح آلي اخترعه الجنرال السوفييتي ميخائيل كلاشنيكوف، وقدم النموذج الأول من بندقية كلاشنيكوف، أو أك-47، في الخدمة الفعلية في الجيش السوفياتي في عام 1948.
السلاح المستخدم لدى القاعدة هو ذاته الذي تستخدمه جماعات إرهابية حوال العالم
وبات هذا السلاح رائج عالميا، بعد انتشاره بشكل كبير حول العالم، وبطريقة يصعب معها تتبع دورته في كثير من البلدان، وكانت ليبيا أكثر دولة تم إغراقها بهذا النوع من السلاح، وفقا لبيان أعده فريق الخبراء الخاص بليبيا في مجلس الأمن.
لكن النسخة الأخيرة منه تبدو حديثة بالنسبة للطرازات المختلفة التي تم إنتاجها من هذا الصنف، وتتطابق بشكل كبير مع تلك التي تستخدمها مليشيا الحوثي، وتوزعها على مقاتليها في الجبهات داخل اليمن منذ العام 2014.