[ على مدى الأسبوعين الماضيين تضاعف معدل الإصابة أكثر من ثلاثة أضعاف ]
تدفقت مساعدات طبية وإغاثية واسعة أعلنت عنها العديد من الدول في محاولة منها لاحتواء وباء الكوليرا الذي يطبق على المواطنين داخل اليمن، وتسبب في عشرات الحالات من الوفاة وإصابة الآلاف.
وتعددت تلك المساعدات التحالفات العسكرية القائمة، وأعلنت دولا عديدة إرسال شحنات من المساعدات الإغاثية والطبية إلى الداخل اليمني، في وقت تتصاعد فيه حالات الوفاة والإصابة، لتصل إلى وفاة مصاب كل دقيقة جراء هذا الوباء.
وكانت منظمات طبية قالت الأسبوع الماضي إن طفل يمني يموت كل دقيقة، وعادت هذا الأسبوع لتقول إن طفلا يموت كل 35 ثانية، وهي أرقام مخيفة، وتنذر بفاجعة جماعية داخل اليمن.
سلطنة عمان التي ظلت بعيدة عن العمليات العسكرية في اليمن، ولم تنحاز إلى أي طرف طوال العامين الماضيين، تدخلت في الجانب الإنساني، وأرسلت مئة طن من المساعدات إلى اليمن عبر محافظة حضرموت.
السعودية كانت قد أعلنت أن مركز الملك سلمان سير قافلة غذائية لـ100 ألف أسرة بـاليمن مؤخرا، وكذلك دولة الإمارات التي قالت وسائل إعلام تابعة لها إنها سيرت جسرا جويا من المعونات الإغاثية والطبية إلى اليمن.
أستراليا دخلت أيضا على خط الوضع الإنساني في اليمن، ونشرت صحيفة أسترالية استطلاعا كشفت من خلاله بأن ثلثي الأستراليين لا يعرفون أن 23 مليون شخص يتضورون جوعا في أجزاء من شرق أفريقيا واليمن.
وذكرت الصحيفة أن ربع المشمولين في الاستطلاع أكدوا أنهم سيتبرعون لصالح العمل الإنساني في اليمن إذا كانوا على علم بهذه الأزمة المستفحلة.
وقال بول أوكالاجان الرئيس التنفيذى لكاريتاس أستراليا إنه خلال المجاعة الأثيوبية عام 1984، اتخذ آلاف الأستراليين الإجراءات وقدموا تبرعات كجزء من حفلات لايف أيكيد للقضاء على الفقر والجوع.
تركيا كان لها إسهام أيضا، ووعد السفير التركي لليمن ليفنت إيلر بإرسال سفينة إغاثة تركية، وأكد خلال لقائه بوزير الإدارة المحلية رئيس لجنة الإغاثة عبدالرقيب فتح إن بعثة من الصليب الأحمر ستصل مدينة عدن (جنوبي اليمن) للترتيب والتنسيق بشأن استقبال السفينة الإغاثية التركية التي ستكون محملة بمواد إغاثية وأجهزة طبية وكراسٍ متحركة.
وكانت روسيا وعدت أيضا بإرسال شحنات من المساعدات الإغاثية إلى اليمن، وأعلنت الصين أيضا اتخاذ نفس الخطوة فيما يتعلق بإرسال المساعدات لليمنيين.
وكانت اللجنة الدولية للصليب الأحمر حذرت من انهيار وشيك للمنظومة الصحية في اليمن بالتزامن مع تفشي الكوليرا بمعدلات غير مسبوقة.
وقالت اللجنة في بيان نشرته على موقعها الرسمي، إن عدد الحالات المشتبه في إصابتها بوباء الكوليرا في اليمن مرتفع، إذ أن واحدا من كل مئتي يمني يشتبه في إصابته بالوباء.
وأكدت ماريا ديل بيلار باوزا مورينو، منسقة الخدمات الصحية للجنة الدولية للصليب الأحمر في اليمن إنه "خلال الأسبوع الماضي تم تسجيل أكثر من خمسة ألف حالة اشتباه جديدة يوميا.
من جهة مماثلة، ذكرت منظمة إنقاذ الطفولة أن تفشى وباء الكوليرا في اليمن يتصاعد بمعدل مثير للانزعاج، حيث حذر الخبراء من أن طفل يمني يصاب بالمرض كل 35 ثانية.
وحذر مدير المؤسسة الخيرية في اليمن غرانت بريتشارد من أن البلاد "على وشك الانهيار التام"، حيث إن مجموعة من الظروف القريبة من المجاعة والبنية التحتية الشديدة تساهم في انتشار الكوليرا.
وعلى مدى الأسبوعين الماضيين، تضاعف معدل الإصابة أكثر من ثلاثة أضعاف، وفقا لمنظمة إنقاذ الطفولة.
وتفيد التقارير بأن الشباب أصبحوا أكثر المتضررين تأثرا متزايدا، إذ يمثلون في الوقت الراهن 15 سنة تقريبا نصف عدد الحالات تقريبا، مقارنة بنسبة أربعين بالمئة في الأسبوع الماضي.
وحتى 13 يونيو/حزيران، تم تسجيل 129.185 حالة يشتبه في إصابتهم بالكوليرا/الإسهال المائي الحاد و942 حالة وفاة في عشرين محافظة من محافظات اليمن الـ22، وتقدر تقديرات اليونيسيف أن هناك 250 ألف حالة في غضون ستة أشهر.
وقالت الدكتورة ميرتكسل ريلانو ممثل منظمة اليونيسف في اليمن إن الوباء جاء على رأس الأزمة فى الخدمات العامة التى شلت نظم الصحة والمياه والصرف الصحي، وتضيف "جاءت الكوليرا في اللحظة التي كان فيها النظام على وشك الانهيار، حيث يتزايد الفقر، ووصل معدل سوء التغذية إلى ذروته".
وتردف "يمكنك أن تتخيل ما يمكن أن يفعله الإسهال لطفل ضعيف بالفعل، حيث يكون جهازه المناعي في حده الأدنى".
ويقول الدكتور نيفيو زاجاريا، رئيس مكتب منظمة الصحة العالمية في اليمن، إنه يركز على "المناطق الساخنة" التي هي مصادر المرض.
وتقدر إحصائيات لصندوق الأمم المتحدة للطفولة أن نصف عدد الحالات الجديدة في البلاد التي مزقتها الحرب وصل عددها 124 ألف حالة، وأن أكثر من 920 شخصا توفوا حتى الآن جراء المرض.
ويقول المسؤولون إن المرض ينتشر بسرعة وتصارع المستشفيات لمواجهة هذا المرض.
وقال جيرت كابيلير، المدير الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا لمنظمة الأمم المتحدة للطفولة "اليونيسيف"، "كل يوم لدينا ما لا يقل عن خمسة إلى عشرة آلاف حالة أبلغ عنها حديثا في جميع أنحاء البلاد.
ويضيف "هذا أمر غير مسبوق ويتطلب استجابة غير مسبوقة واسعة النطاق من السلطات هنا، ولكن أيضا من المجتمع الدولى".
من جانب آخر، قال رئيس بعثة اللجنة الدولية في اليمن، ألكسندر فيت، إن عامين من النزاع المسلح دفعا منظومة الرعاية الصحية في اليمن إلى شفير الانهيار، مؤكدا أن "هذا التفشي لوباء الكوليرا يأتي ليكون بمثابة الدليل الأحدث والأوضح على مدى فداحة الضعف الذي أصاب الأشخاص والبنى التحتية بسبب الطريقة التي يجري بها هذا النزاع".
ولم يعرف بعد طبيعة التنسيق حول دخول المساعدات الإنسانية في اليمن، وما إذا كانت ستصل عبر الحكومة اليمنية الشرعية في مناطق سيطرتها، أم عن طريق ما يسمى بحكومة الإنقاذ التي يتفشى المرض في مناطقها بشكل أكبر.