[ تطورات عديدة متصلة بالوضع في الحديدة ]
تتسارع وتيرة الأحداث في محافظة الحديدة (غربي اليمن) لتأخذ أكثر من منحى تصعيدي، وسط معارضة أممية لمعركة عسكرية تلوح مؤشراتها، ومساع دبلوماسية تستبق تلك المعركة.
فقد ذكرت مؤسسة موانئ البحر الأحمر تعرض سفينة مساعدات تابعة لها لهجوم قبالة الميناء، وأشعلت النار في غرفة المحركات بعد تسليم حمولتها من المساعدات التابعة لبرنامج الغذاء العالمي من قبل مجهولين بينما كانت ترسو على بعد 60 كلم من الميناء.
وقالت الأمم المتحدة إن جماعة مسلحة مجهولة ”على متن زورق فتحت النار وحاولت السيطرة“ على السفينة التي كانت على بعد نحو 60 كيلومترا قبالة ساحل الحديدة.
وقالت المتحدثة بيتينا لويشر لرويترز إن كلا من الطاقم والسفينة بخير ولم تقع إصابات أو أضرار واضحة بالسفينة.
تأتي هذه الحادثة بعد حوالي شهر على تعرض سفينة تركية لحادثة مماثلة، عندما أعلن التحالف العربي أن انفجارا وقع داخل السفينة التي كانت محملة بأطنان من القمح الروسي، ونشط إعلام التحالف العربي حينها في اتهام السفينة بأنها كانت تحمل شحنة من الأسلحة ستصل للحوثيين.
وأعلن التحالف العربي لاحقا أن السفينة لم تتعرض لانفجار داخلي، بل تعرضت لهجمات من قبل جماعة الحوثي، نافيا أيضا أنها كانت تحمل موادا مشبوهة كالأسلحة، لكن ناطق التحالف نفسه لم يصدر أي تعليق على ما تعرضت له سفينة الأمم المتحدة، حتى كتابة هذه المادة.
ونشطت الهجمات على السفن والملاحة الدولية قرب الحديدة بالتزامن مع إعلان التحالف العربي عزمه تحرير المدينة من الحوثيين، وفي الشهر الماضي أعلن التحالف الذي تدعمه الولايات المتحدة أنه أحبط هجمات بزوارق سريعة ملغومة أرسلها الحوثيون ضد سفن تجارية من بينها ناقلة نفط في البحر الأحمر وأصيبت ناقلة نفط سعودية قبالة الحديدة في أبريل نيسان مما أدى إلى وقوع أضرار محدودة بها، وفق رويترز.
مخاطر ضد الملاحة
تشير حالة التصعيد في ميناء الحديدة إلى محاولات مستميتة لإظهار وجود مخاطر تهدد الملاحة الدولية كمقدمات استباقية من شأنها إظهار مبررات المعركة العسكرية المحتملة، خاصة مع وجود رفض دولي للتدخل العسكري الذي يسوقه التحالف العربي.
يتزامن هذا مع إعلان قوات العمالقة والألوية المنخرطة معها عن تقدم عسكري لها باتجاه مطار الحديدة، وأكد ركن العمليات العسكرية في ألوية العمالقة العقيد أحمد قائد محمد الصبيحي في حوار مع الموقع بوست وجود ضوء أخضر لتلك القوات من التحالف العربي للتقدم نحو الحديدة.
وقال العقيد تركي المالكي الناطق باسم التحالف العربي بأن القوات المدعومة من التحالف باتت على بعد تسعة كيلومترات من الحديدة، نافيا وجود أي تباطؤ في هذه العملية.
مساع إماراتية للحرب
في المقابل أظهرت المواقف الدبلوماسية وجود تحفظ دولي على معركة الحديدة، بالتوازي مع تمسك طرف التحالف العربي بخياره العسكري في الحديدة.
وكشف موقع المونيتور الأمريكي عن رفض وزير الخارجية الأمريكية طلب الإمارات في تفجير المعركة العسكرية بالحديدة،
قال إن وزير خارجية الولايات المتحدة مايك بومبيو نقل لدولة الإمارات العربية المتحدة معارضة واشنطن في تنفيذ عملية عسكرية بميناء الحديدة ضد جماعة الحوثي.
وأفاد بأن الوزير الأمريكي أبلغ نظيره الإماراتي عبدالله بن زايد معارضة واشنطن لعملية عسكرية في الحديدة أثناء لقائهما في الرابع عشر من مايو/أيار المنصرم، وكشف بأن الوزير الإماراتي رد بأن بلاده لا يمكنها أن تمضي قدما دون موافقة الولايات المتحدة.
وقال المتحدث باسم الأمن القومي الأمريكي للمونيتور - ترجمه الموقع بوست -إن موقف الولايات المتحدة واضح بالنسبة لمعركة الحديدة ينطلق من رغبة واشنطن بعدم دعم الإجراءات التي تدمر البنية التحتية الرئيسية، أو التي من المحتمل أن تؤدي إلى تفاقم الوضع الإنساني الرهيب الذي اتسع في هذا النزاع.
ويتطابق هذا الحديث مع ما كشفته صحيفة وول ستريت جورنال الأمريكية التي ذكرت بأن الإمارات العربية المتحدة تسعى للحصول على مساعدة مباشرة من الولايات المتحدة لاستعادة ميناء الحديدة.
ونقلت الصحفية في خبر ترجمه "الموقع بوست" عن مسؤولين أمريكيين أن إدارة ترامب تدرس نداء من الإمارات العربية المتحدة للحصول على دعم مباشر من الولايات المتحدة للاستيلاء على ميناء اليمن الرئيسي للمساعدات الإنسانية من مقاتلي الحوثي المتهمين بتلقي الدعم من إيران.
وصرح مسؤولون أمريكيون للصحيفة بأن السعوديين والإمارات العربية المتحدة لن يتصرفوا حتى يتلقوا الدعم الأمريكي، لكن واشنطن قلقة بشأن الخسائر التي يمكن أن تحدثها مثل هذه الخطوة في البلد الذي مزقته الحرب.
وقال مسؤول رفيع المستوى للصحيفة: "ما زلنا نشعر بالكثير من المخاوف بشأن عملية الحديدة، نحن لسنا مرتاحين بنسبة 100٪ ، وحتى لو شن التحالف هجومًا فهل سيكون بمقدوره القيام بذلك بشكل جيد وتجنب وقوع حادث كارثي".
وكشفت الصحيفة بأن مسؤولين في الإدارة الأمريكية على دراية بالوضع في اليمن يعتزمون الاجتماع يوم الاثنين لمناقشة الخطوات التالية فيما يتعلق بالوضع في ميناء الحديدة.
تحفظ أممي وحقوقي
تشير عملية التحفظ الأمريكية إلى المخاوف من التداعيات التي قد تولدها العملية العسكرية للتحالف العربي في الحديدة، كما تؤكد أن العمليات العسكرية للتحالف تمضي وفق الرؤية الأمريكية ومساعدة واشنطن التي تقدمها للتحالف.
هذه المواقف تأتي أيضا متطابقة مع القلق الذي تبديه الأمم المتحدة تجاه الوضع في الحديدة، والتي اقترحت تطوير عملية التفتيش وآلية التحقق على الواردات التي تصل ميناء الحديدة من حين لآخر تحت رقابة أممية مشتركة مع التحالف العربي.
وتقول منظمة (Security Council Report) إن "تكثيف القتال وامكانية هجوم التحالف العربي الذي تقوده السعودية على الحديدة الخاضعة لسيطرة الحوثيين والتي حذرت الأمم المتحدة في العام الماضي من أنها ستكون كارثية، تبقى مخاوف رئيسية أخرى قد تهدد بتقويض عمل مبعوث الأمم المتحدة".
وأضافت المنظمة في تقرير لها ترجمه "الموقع بوست" أن العلم بإستراتيجية المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن جريفيث لاستئناف مفاوضات السلام والنظر في أفضل السبل التي يمكن لمجلس الأمن دعم جهوده في مجال الوساطة هي مسائل أساسية.
وجاء هذا الموقف متسقا مع مواقف أخرى لوكالات الإغاثة وحقوق الإنسان والتي حذرت من تأثير المعركة العسكرية في الحديدة على الوضع الإنساني في اليمن.
اعتراض دولي
وتجلى الموقف الدولي بشكل أكبر في تصريحات رئيسة الوزراء البريطانية تيريزا ماي التي أكدت في اتصال هاتفي مع ولي العهد السعودي على إن إنهاء التدهور الحاصل في اليمن لن يكون إلا عبر مفاوضات سياسية، وذلك في وقت تتوقع فيه أطراف دولية اندلاع أزمة إنسانية بسبب معركة ميناء الحديدة.
ووفقا لموقع الجزيرة نت فإن محادثة ماي مع ولي العهد السعودي جاءت بعدما قال المبعوث الأممي غريفيث إن إصرار القوات السعودية والإماراتية على السيطرة على ميناء الحديدة يعني أنهما لا يريدان السلام على طاولة المفاوضات.
وصرح المتحدث باسم رئيسة الوزراء البريطانية الأحد بأنها حثت ولي العهد السعودي على دعم جهود المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث، وقال إن ماي ناقشت مع ابن سلمان الوضع الإنساني في اليمن، وضرورة بذل كل ما هو ممكن لتخفيف معاناة اليمنيين.
جهود المبعوث الأممي
في هذه الأثناء كثف المبعوث الأممي لليمن مارتن غريفيث جهوده في التواصل مع مختلف الأطراف اليمنية للمرة الثانية، في إطار مساع للخروج بتصور للحل في اليمن، قبيل تقديمه لإحاطته الثانية لمجلس الأمن في الثامن عشر من الشهر الجاري.
التقى جريفيث أطراف التحالف العربي والحكومة الشرعية في الرياض، ويزور صنعاء في الوقت الحالي لذات المهمة، والتقى فيها بمهدي المشاط رئيس المجلس السياسي الأعلى والقيادي في جماعة الحوثي.
ولم تتطرق تغطية وكالة سبأ التابعة للحوثيين عن أي تفاصيل في اللقاء الذي جمع المبعوث الأممي بالمشاط عن معركة الحديدة، وتطرق اللقاء وفق الخبر الذي بثته الوكالة عن المطالب التي ترفعها الجماعة الحوثية من وقت لآخر كتسليم رواتب الموظفين الحكوميين وفتح مطار صنعاء، وتأكيدها على رغبتها في السلام.
أما المبعوث الأممي فقد أكد خلال اللقاء أنه سيدشن مرحلة جديدة من التفاوض والحوار والبدء بالتركيز على الجانب الإنساني ورفع المعاناة غير المسبوقة عن الشعب اليمني بالتزامن مع قضايا التسوية السياسية.
غير أن وكالة رويترز كشفت في تقرير لها أن محادثات مارتن جريفيث مع جماعة الحوثي في صنعاء كانت من أجل تسليم ميناء الحديدة إلى المنظمة الدولية في مسعى لتجنب هجوم محتمل على المدينة من التحالف الذي تقوده السعودية.
ونقلت رويترز سياسي يمني مقرب من حكومة الرئيس عبد ربه منصور هادي قوله إن جريفيث تقدم بمقترح للحوثيين لوضع ميناء الحديدة تحت إشراف الأمم المتحدة، كما نقلت عن مصدر مقرب من جماعة الحوثي ومصدر آخر مقرب من حكومة هادي أن مقترح وضع الميناء تحت إشراف الأمم المتحدة يخضع حاليا للنقاش.