في خطوة مثلت اختراقاً أمنياً خطيراً لقي محافظ محافظة عدن جنوب اليمن مصرعه مع عدد من مرافقيه، إثر تفجير سيارة مفخخة في موكبه أثناء توجهه إلى مقر عمله في مبنى المحافظة.
وتبنى تنظيم «الدولة الإسلامية» فرع اليمن المعروف إعلاميا باسم (داعش) عملية الاغتيال التي تمت أمس ضمن سلسلة اغتيالات طالت العديد من الشخصيات العسكرية والأمنية والسياسية في محافظة عدن، جنوبي اليمن، منذ عودة الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي إليها قبل أسابيع للاستقرار فيها كعاصمة مؤقتة.
وقال تنظيم «الدولة» في تغريدة منسوبة له في موقع التواصل الاجتماعي (تويتر) إن عناصره نجحوا في اغتيال محافظ عدن جعفر محمد سعد و8 من مرافقيه، بواسطة تفجير سيارة مفخخة كانت مركونة في الطريق العام التي مر بها موكبه، صباح أمس، في منطقة التواهي في محافظة عدن.
وجاء الهجوم في عدن حيث عاد الرئيس عبد ربه منصور هادي ليشرف على القتال ضد الحوثيين المتحالفين مع إيران.
وذكر حساب على «تويتر» منسوب لتنظيم «الدولة الإسلامية» في بيان بثه على الإنترنت أنه فجر سيارة ملغومة أثناء مرور موكب المحافظ وتوعد بشن المزيد من العمليات ضد «رؤوس الكفر في يمن الإيمان والحكمة»، حسب البيان.
ونشر الحساب صورا قال إنها للسيارة المفخخة بينما كانت تمر السيارة البيضاء التي كانت تقل المحافظ، ثم نشر التنظيم صورتين لكرة ضخمة من اللهب قال إنها للسيارة لدى انفجارها.
وكان سكان ومسؤول محلي ذكروا في وقت سابق أن انتحاريا صدم موكب المحافظ بسيارته الملغومة.
وذكرت مصادر محلية أن عملية الاغتيال استهدفت موكب سعد أثناء تحركه في مديرية التواهي عقب خروجه من منزله باتجاه ممارسة عمله الحكومي، الذي عيّن فيه في تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، بناء على طلب إماراتي، خلفا لقائد المقاومة في عدن نائف البكري، الذي عيّنه هادي محافظا لمحافظة عدن عقب تحريرها من المتمردين الحوثيين ومسلحي علي صالح، وسرعان ما قام هادي بتغييره بجعفر سعد بشكل مفاجئ وغير مبرر.
وذكرت مصادر حكومية أن الرئيس هادي شكل لجنة تحقيق عاجلة في عملية اغتيال محافظ عدن أمس للكشف عن مرتكبي هذه العملية الحقيقيين وعن ملابساتها وتداعياتها، رغم التقصير الشديد والخلل الأمني الواضح الذي صاحب وأعقب عملية الاغتيال.
وأكدت أن هادي شكل لجنة التحقيق خلال اجتماع طارئ بقيادات أمنية وعسكرية في محافظة عدن، من بينها وزير الداخلية المعين الأسبوع الماضي اللواء حسين عرب.
غير أن العديد من المحللين السياسيين شككوا في صحة نسبة هذا البيان إلى تنظيم «الدولة»، وقالوا إنه يمكن لأي جهة القيام بمثل هذه العملية وفتح حساب في موقع تويتر أو فيسبوك باسم التنظيم، وتبني المسؤولية عن العملية لخلط الأوراق.
وقال المحللون اليمنيون إن توقيت العملية قبيل بدء مفاوضات مفترضة «بين الحكومة الشرعية والمتمردين يشير إلى المستفيد من هذه العملية في هذا التوقيت بالذات».
وبرروا توقعاتهم هذه بدلالات التوقيت الحساس لارتكاب هذه «العملية التي لا تخدم سوى المتمردين الحوثيين وأتباع الرئيس السابق علي صالح مع قرب انعقاد مؤتمر جنيف 2 في 15 الشهر الجاري بشأن المفاوضات بين الحكومة اليمنية والمتمردين الحوثيين وحلفائهم من أتباع صالح، لرفع سقف الورقة التفاوضية لصالحهم».
وقالوا لـ»القدس العربي»:»اللعبة مكشوفة، وداعش ما هي إلا الشماعة الجاهزة التي يرمون عليها جرائمهم بهدف لفت الأنظار وحرف مسار معركة التحالف العربي من مواجهة المتمردين الحوثيين إلى مواجهة «داعش»، كمطلب دولي، والذي قد يدفع بالمجتمع الدولي إلى الوقوف إلى صف المتمردين الحوثيين بذريعة محاربة داعش».
وتساءلوا «لماذا لم يقم تنظيم «داعش» حتى الآن في تنفيذ عمليات ضد المتمردين الحوثيين الذين يصفهم بأقذع الأوصاف أو يستهدف مواقع مهمة في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، واقتصرت عملياته المعلنة على المناطق التي تسيطر عليها الدولة في المحافظات الجنوبية؟».
وفي الوقت الذي أبدى فيه العديد من المراقبين مخاوفهم من تداعيات هذه الحادثة وتأثيراتها على مسار الوضع الأمني في عدن وعلى استقرار الرئيس هادي فيها في ظل هذه الاختلالات الأمنية التي شهدت فيها محافظة عدن سلسلة من عمليات الاغتيال للرموز السياسية والعسكرية والأمنية التي توجت أمس باغتيال محافظ عدن، قال وزير الإعلام محمد عبد المجيد قباطي إن هادي لن يغادر محافظة عدن وسيواصل ممارسة عمله منها.