[ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب - أرشيفية ]
بعد مرور قرابة أربع سنوات على الحرب، بدا غريبا أن يتم الحديث عن بدء انسحاب إيران من اليمن وسوريا التي تعيش في ظل الحرب منذ 2011.
الكثير من علامات الاستفهام أثارتها تصريحات الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التي قال فيها إن إيران باتت تختلف عما كانت عليه سابقاً وبدأت في سحب رجالها من سوريا واليمن. وقد أشار إلى أن سبب ذلك هو أن هدف طهران الوحيد حاليا هو البقاء على قيد الحياة.
ورأى أن الخلافات داخل طهران تؤثر سلبا عليها، مؤكدا أن الولايات المتحدة استطاعت كبح الزخم الإيراني في المنطقة، لافتا إلى قيام المرشد الإيراني بإجراء تعديلات على حساباتهم.
لم تكن هذه هي المرة الأولى التي يتحدث فيها ترامب عن ذلك، فسبق وأن قال إن إيران باشرت بسحب رجالها من سوريا واليمن، بعد انسحاب الولايات المتحدة من اتفاق النووي الإيراني.
تقاتل إيران في اليمن عبر وكلائها الحوثيين، وتثبت كثير من التقارير الدولية استمرار تسليحها لتلك الجماعة، برغم وجود قرار دولي يمنع ذلك، وهي مستمرة بدعمهم في مختلف المجالات حتى اليوم.
ومنذ تدخل التحالف العربي باليمن عام 2015، خسر الحوثيون محافظات مختلفة تركز أغلبها في الجنوب، فيما ظل الوضع كما هو عليه في الشمال ما عدا تحرير أجزاء واسعة من محافظات كمأرب.
معركة تسويقية
وكان الرئيس الأمريكي ترامب قد وعد سابقا بإلغاء الاتفاق النووي مع إيران، وتراجع عنه بالفعل في 2018. كما أنه يسعى لبناء جدار بين بلاده والمكسيك لحماية الأمن القومي.
في تعليقه على تصريحات ترامب بشأن انسحاب إيران، قال الإعلامي عبدالله دوبلة إنها لا تعكس واقعا حقيقا على الأرض.
وبيَّن لـ"الموقع بوست" أنها تؤكد حاجة ترامب لإنجازات يسوقها لناخبيه، فضلا عن معركته مع الكونجرس بغرض تأييد خطته لبناء جدار مع المكسيك.
ولا يبدو للباحث في الشؤون الإيرانية عدنان هاشم أن إيران تمر بمرحلة ضعف ولم تنسحب لا من اليمن ولا سوريا.
وأكد لـ "الموقع بوست" أن ترامب لا يبدو أنه يعي جيدا ما يقول، فحتى اليوم لا يعرف توجهات السياسة الخارجية الأمريكية.
وأضاف "من الصعب توقع انسحاب إيران من اليمن حاليا، فهي ترى أن وجودها في اليمن أكثر تأثيرا على دول الخليج وأقل كلفة بكثير من وجودها في سوريا أو العراق".
إيران في ميزان القوة
دار الكثير من الجدل حول تداعيات إلغاء الاتفاق النووي الإيراني، وتأثيره على المنطقة العربية، بسبب وجود مخاوف من استمرار إيران بتفعيل البرنامج النووي، وعمل دول أخرى في هذا الجانب، فضلا عن إثارة طهران لمزيد من الفوضى.
مع التوصل للاتفاق النووي، انفتحت إيران على أسواق روسية وصينية وأوربية، واستمر حجم التبادل التجاري بالصعود، كما ضاعفت طهران من صادراتها وهو ما أدى إلى تحسن اقتصادها.
لكن مع انسحاب أمريكا من الاتفاق من المتوقع أن تتعرض إيران لخسائر اقتصادية فادحة، فضلا عن تجديد واشنطن العقوبات عليها، وكل ذلك يؤثر على قوة طهران الكلية بشكل سلبي.
وكانت الحكومة اليمنية قد رحبت بقرار الرئيس الأمريكي ترامب الأخير بشأن انسحاب بلاده من الاتفاق النووي، فهي ترى أن الاتفاق جنت من ورائه طهران مكاسب كثيرة ساعدتها في تصدير العنف والإرهاب إلى جيرانها.
علاقة وطيدة بالحوثيين
منذ عام 1983 بدأت إيران برعاية جماعة الحوثي في اليمن، وبرزت بشكل أكبر خلال القرن الماضي، مع توسع رقعة الاستقطابات وتسفير عدد منهم إلى قم الإيرانية للدراسة.
استمر الدعم الإيراني لتلك الجماعة عسكريا وماليا، ثم خاضت الحكومة اليمنية ستة حروب ضدها في الفترة ما بين 2004 - 2010، دون أن تتأثر كثيرا، وهو ما وضع علامات استفهام كثيرة حول سبب ذلك.
لم يتوقف الحوثيون عن تنفيذ أجندة إيران باعتبارهم وكلاء لها، فبدؤوا بالمعارك في المحافظات القريبة من معقلهم بصعدة، إلى أن تم إسقاط صنعاء في سبتمبر/أيلول 2014.
يؤكد المتحدث باسم الحكومة راجح بادي في مقال له، أن إيران تعتمد على أذرعها وأدواتها كون مصلحتها في عدم استقرار المنطقة العربية، وابتزاز المجتمع الدولي لخدمة مشروعها.