[ المهرجان كان يعد الأول من نوعه في اليمن ]
منعت جماعة الحوثي إقامة "مهرجان فوانيس السماء"، والذي كان من المقرر انطلاقه في العاشر من يناير الجاري بنادي الوحدة الرياضي بصنعاء تحت شعار "أمنيات مُحلِّقة".
وكان الفريق المنظم للتظاهرة الأولى من نوعها في صنعاء أعلن في صفحته على فيس بوك إلغاء المهرجان بسبب توجيهات من قبل السلطة الحوثية بالمنع، وأبدى الفريق أسفه لأمر الإلغاء، كما أعلن للجماهير المشارِكة عن آلية استعادة التذاكر التي كانت قد نفدت قبل يومين من انطلاق المهرجان، بسبب إقبال الناس الشديد عليها.
جهود مهدورة
الفريق المنظم للتظاهرة عٙبّر عن أسفه واستنكاره للمنع قائلاً: "كان حلمنا بسيطاً جداً وأملنا كبير حد السماء، كان هدفنا إسعاد الناس وتلطيف أجواء صعبة تمر علينا جميعاً، لكّٙنا كُسرنا، وجُل أمانينا الآن أن يعذرنا الجمهور الذي كان يترقب موعد المهرجان بلٙهف ولم نستطع إسعاده".
فكرة مهرجان "فوانيس السماء" قامت على شراء عدد كبير من الفوانيس، يتم توزيعها على الجمهور المُشارك عبر تذاكر، ويُسلم فانوس واحد لكل من يساهم في شراء تذكرة، وفي الموعد المحدد في السابعة مساءً، العاشر من يناير 2019، كان الجمهور سيجتمع في نادي الوحدة بصنعاء، ويقوم بإطلاق الفوانيس ليلاً في آن واحد، لتُحلق في السماء بشكل بهيج.
إلغاء دون مُبرِّر
أسامة الشهاري، رئيس الفريق المُنظم للتظاهرة تحدث لـ "الموقع بوست" قائلاً: "أبلغتنا الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة الأمر الواقع في صنعاء بإلغاء المهرجان دون ذكر السبب، رغم أن الفريق كان قد نسق مع الجهات الأمنية ولم يعترضوا على الأمر في البداية، لكنهم فجأة وقبل موعد الانطلاق بيوم قرروا إلغاء المهرجان، وذهبت جهودنا في التخطيط والتنظيم للتظاهرة لأكثر من شهرين سدى، ما نزال اليوم مُدانون بمبالغ مالية كبيرة لبعض الجهات التي ساهمت معنا".
وعن أهداف الفريق قال الشهاري: "إن المهرجان كان لأجل استعادة بعض البهجة المسلوبة من الناس بسبب الحرب وتردي الظروف المعيشية، قررنا عمل شيء يحاكي أمنيات الجماهير المكبوتة وأحلامهم التي تعثرت بفعل الصراع، فكان هذا المهرجان "فوانيس السماء" فكرة جميلة لبث بعض البهجة".
وأضاف: "اختفت فرحتنا منذ مدة، لذلك قررنا استعادتها عبر "فوانيس السماء"، وإطلاق أمنياتنا لتحلق مع هذه الفوانيس بعيداً، كان المهرجان دعوة للناس للالتفاف والتضامن، ولحظة إطلاق الفوانيس قررنا أن تكون مهيبة، نطلق الفوانيس نحو السماء مع الجماهير الغفيرة ونحن نردد نشيدنا الوطني بفخر وحب، وفي لحظة تكون الفوانيس قد حلّقت في الجو نهتف جميعاً بأغنية أيوب "لمن كل هذي القناديل، تضوي لمن"، ثم نجيب بصوت واحد: لأجل اليمن".
ويردف الشهاري في أسف: "لحظات حُلمية جميلة وممتلئة بمشاعر الحب والانتماء كانت ستعيشها الجماهير، لولا أنهم حرمونا منها دون سبب".
وعن سبب نفاد التذاكر قبل حلول موعد المهرجان، يقول الشهاري: "إن الجماهير في صنعاء كانت بحاجة ماسّة إلى متنفس تهرب فيه من وطأة الواقع وقسوته، إضافة إلى أن فكرة المهرجان مختلفة على النمط المألوف وهي الأولى من نوعها في صنعاء، وتخاطب الذائقة الجمالية عند الجماهير، لهذا السبب لاقى المهرجان إقبالا كبيرا".
استهجان وتنديد
وقد لاقى فعل المنع استهجاناً واسعاً من قبل الجماهير المشاركة، بينما لم توضح الأجهزة الأمنية التابعة لسلطة الحوثي سبب هذا المنع. جدير بالذكر أن سلطة صنعاء تخشى تنظيم مثل هذه التظاهرات الفنية وتراها مناؤئة لها، وذلك قد يعود للطبيعة الراديكالية لهذه الجماعة التي تمارس كبتا شديدا على المواطنين في صنعاء.
تحتج مها النجار -إحدى المُشاركات في المهرجان- ضد فعل الإلغاء، حيث تقول موجهة الحديث للفريق المُنظم للمهرجان: "لا نريد استعادة نقود التذاكر، فقط امنحونا الفوانيس، وكل شخص يطلقها مساءً من سطح منزله طالما مُنعنا من إقامة التظاهرة في نادي الوحدة".
أمنيات مكسورة
وتضيف النجار: "كنتُ متحمسة جداً للتظاهرة، وأنا حزينة الآن، يبدو أننا لن ننجح بشيء في صنعاء، وأمنياتنا المُحلِّقة غدت أمنيات كسيرة، ألا يكفينا الوضع المتردي الذي نعيشه"، وتتساءل: "لماذا يتم حرماننا من أبسط حقوقنا، ليخبرني أحد عن الضرر الذي قد ينتج عن هذا المهرجان".
وتنهي النجار حديثها قائلة: "الأمر العبثي هو عدم وجود أي مبرر لسلطة الحوثي لأفعالها التي تقوم بها، وهذا استخفاف بالجهود التي تُبذل في شيء ليتم إلغاؤه في النهاية بكل بساطة. لم يكن كثيراً علينا هذا المهرجان، والفرح ليس كثيراً أيضاً على المواطنين في صنعاء في ظل الوضع الذي يعيشونه".
وفي الأونة الأخيرة عمدت مليشات الحوثي إلى تضييّق الخناق على الحراك الثقافي في صنعاء، حيث تفرض رقابة صارمة على أي نشاط أياً كان نوعه، فقبل شهرين من الآن كانت قد ألغت إقامة "مهرجان كرامة اليمن" للأفلام، وبعد ذلك بفترة قصيرة كانت المليشيات قد منعت "مؤسسة القيادات الشابة" من إقامة فعالية كبيرة كانت قد حضرّت لها لاستعراض أعمالها السنوية.