الطرقات البديلة في تعز.. عبور صعب ومشقات جديدة تثقل المسافرين (تقرير)
- تعز - مبارك الباشا السبت, 06 يوليو, 2019 - 06:02 مساءً
الطرقات البديلة في تعز.. عبور صعب ومشقات جديدة تثقل المسافرين (تقرير)

[ الطرقات البديلة في تعز.. دروب وعرة ومنحدرات قاتلة ]

يجد مسافرو تعز صعوبة في التنقل هذه الأيام عبر الطرقات البديلة التي لجؤوا إليها، بعد إغلاق مليشيات الحوثي المدخل الشرقي للمدينة في منطقة الحوبان التي يتمركزون فيها، ويحكمون حصارًا خانقًا على تعز منذ أربعة أعوام.

 

وكان المسافرون قد استحدثوا -بعد إغلاق مدخل الحوبان- هذه الطرق البديلة في مناطق جبلية وعرة ومحفوفة بالمخاطر التي تزداد خلال فصل الصيف، بسبب هطول الأمطار وتدفق السيول في هذه الطرقات الممتدة في سلسلة جبلية تقع ضمن مديريات خدير والحجرية جنوبي تعز، وقد غدت هاتان المديريتان مناطق عبور للكثير من المسافرين الذين يقصدون مدينة تعز والمناطق الواقعة في الريف الجنوبي والغربي للمحافظة.

 

دروب وعرة

 

ويخوض المسافرون القادمون من محافظات الشمال، مثل صنعاء، ومأرب، وإب، رحلة شاقة للوصول إلى الشق الغربي من مدينة تعز، إذ تبدأ الرحلة من منطقة الحوبان ثم تتجه صوب "دمنة خدير" الواقعة في الجنوب الشرقي لتعز، وتنحدر بعد ذلك باتجاه الغرب مغادرة دمنة خدير عبر طُرق فرعية، مجتازة سائلة الصرام صعودًا صوب الأقروض ثم منطقة نجد قُسيم، وصولاً إلى خط الضباب. وتسمى هذه الدروب بـ"طريق الأقروض" التي تربط شرق تعز (الحوبان) بالشق الغربي منها (منطقة الضباب).

 

وتستغرق هذه الرحلة عبر طريق الأقروض من أربع إلى خمس ساعات، بسبب ضيق الطريق ووعورتها، الأمر الذي يضطر السائقين إلى التوقف بشكل متواصل لإفساح المجال لعبور المركبات القادمة من الاتجاه المعاكس.

 

مشقة مُرهقة

 

المشقة التي تجشمها فتحي المجيدي في سفره رفقة عائلته من صنعاء إلى منطقته الواقعة في مديرية المسراخ، من أجل حضور عرس شقيقه، جعلته يلغي أي احتمالات قادمة للسفر، طالما أنها ستحتم عليه العبور من طريق الأقروض.

 

استغرق المجيدي 12 ساعة ليصل إلى منزل عائلته في منطقة المسراخ، متنقلاً في خمس مركبات، في حين يقول إن رحلته من صنعاء إلى القرية لم تكن لتتجاوز الـ7 ساعات قبل إغلاق المنفذ الشرقي لمدينة تعز.

 

مداهمة السيول

 

ويوضح المجيدي أن رحلة العناء بدأت حين وصل منطقة الحوبان قادمًا من صنعاء، حيث اضطر إلى ركوب المشقة عبر دروب قاسية بعد أن توجه صوب "دمنة خدير" ثم الأقروض. فقد عانى من الخوف والقلق مع المسافرين في ليلة ماطرة في سائلة الأقروض بعد تلقيهم تحذيرات من الأهالي باحتمال نزول السيل. لكنه يقول لـ"الموقع بوست" إنه شعر بالامتنان بعد تجاوزهم للسائلة قبل مداهمة السيل.

 

وتؤكد مصادر محلية في منطقة الصرام لـ"الموقع بوست" سقوط ثمانية أفراد من أسرة واحدة ضحايا للسيل بعد أن اعترض سيارتهم، وجرفها في سائلة الصرام خلال العام الماضي.

 

منحدرات قاتلة

 

ويزداد السفر خطورة في هذه الطرقات خلال فصل الصيف، بسبب السيول، إضافة إلى الصعوبات التي يجدها السائقون في المنحدرات الزلقة إثر المطر، سيما في "رأس النقيل" أعلى الأقروض، وهي المنطقة الأكثر وعورة، والتي شهدت أكبر عدد من الحوادث منذ أن غدت طريقا بديلا للمنفذ الشرقي لتعز، حيث تعبر المركبات سلسلة جبلية ضيقة وخطرة، وكان آخر تلك الحوادث سقوط سيارة نقل إلى أسفل الجبل في منطقة "رأس النقيل" التي تفصل ما بين الأقروض ونجد قسيم، وقد تسبب الحادث بوفاة السائق وثلاثة آخرين، حدث هذا قبل أقل من شهر، بحسب إفادة فيصل المدار، أحد السائقين العاملين في خط الأقروض.

 

عبور غير آمن

 

يشير فيصل إلى جملة من المخاطر التي تعترض السائقين العاملين في خط الأقروض-الدمنة-تعز، أبرزها اندلاع الاشتباكات في جبهة الأقروض بشكل مفاجئ. يقول: "أحيانًا يغلقون الطريق ليوم أو يومين، ومرات أخرى نضطر إلى الوقوف لساعات ريثما تهدأ المواجهات التي تندلع بشكل متقطع بين قوات الجيش الوطني الشرعي التابعة لمحور تعز وجماعة الحوثي المتمركزة في منطقة الخٙلِل أسفل الأقروض".

 

وإلى جانب سيارات نقل المسافرين، تعبر من طريق الأقروض الشاحنات المحملة بالبضائع التجارية القادمة من عدن، حيث تمر من منطقة طور الباحة في لحج ثم تسلك طريق حيفان وصولاً إلى دمنة خدير ثم خط الأقروض، وهذه الطريق هي أحدى الوسائل البديلة لدخول البضائع التجارية إلى قلب مدينة تعز، إلى جانب منفذ "خط التربة" المتصل بطريق "هيجة العبد" في مديرية المقاطرة، بيد أن بعض التجار يفضلون جلب بضائعهم عبر طريق حيفان-الدمنة-الأقروض، لأنها أقل وعورة من خط التربة-هيجة العبد، بحسب إفادة السائق عدنان الشريحي.

 

بلطجة وابتزاز

 

يشكو الشريحي، وهو سائق شاحنة نقل تجارية، من الابتزاز الذي يتعرض له سائقو الشاحنات في النقاط الحوثية في عدة مناطق، ويقول إنهم يدفعون لأفراد تلك النقاط مبالغ مالية تصل إلى خمسة آلاف ريال مقابل السماح لهم بالعبور، وتعترضهم تلك النقاط في ثلاث مناطق، في "الكدرة"، و"الصرام"، و"الخلِل"، وكلها تابعة لمديرية خدير.

 

يضيف الشريحي: "يأخذون تلك المبالغ اعتباطًا دونما وجه حق، وتذهب لأفراد النقاط الحوثية الذين يمارسون البلطجة والابتزاز ضد المسافرين في هذه المناطق النائية". ويؤكد أن سائقي الشاحنات المحملة بالبضائع يدفعون إضافة إلى ذلك مبالغ ضريبية في دمنة خدير، تذهب لصالح الحوثيين.

 

وتشهد فترة ما بين عيد الفطر وعيد الأضحى، ازديادا كثيفا للمسافرين إلى الريف الغربي والجنوبي لتعز، إذ يضطرون لعبور خط الأقروض متجاوزين صعوبات كثيرة، وتكلفة مواصلات باهظة، ويكونون في الغالب قادمين من بلدان الاغتراب خارج اليمن، أو من المحافظات اليمنية الأخرى، فيعودون بكثرة خلال فترة الأعياد من أجل إقامة حفلات الزواج أو لقضاء المناسبات العيدية بين أهلهم في القرى التابعة للريف المحاصر والمعزول بتعز، منذ أربع سنوات، بسبب إغلاق منفذ الحوبان، الذي كان يصل شرقي تعز بغربها.


التعليقات