عام على اتفاق ستوكهولم.. "محلّك سر" وإنجازات في مخيلة غريفيث (تقرير)
- خاص الاربعاء, 18 ديسمبر, 2019 - 05:55 مساءً
عام على اتفاق ستوكهولم..

[ لحظة التوقيع على اتفاق السويد بين الحكومة اليمنية وجماعة الحوثي ]

عاد "اتفاق ستوكهولم" إلى الواجهة مجددا، بعد مرور أكثر من عام على التوقيع عليه في السويد، والذي كان بهدف التوصل لاتفاق سياسي ينهي الأزمة في البلاد، لكنه اقتصر بدرجة رئيسية على محافظة الحديدة.

 

تم الضغط على الأطراف اليمنية للمشاركة في مشاورات السويد، بعد أن كانت الحكومة والتحالف على بُعد أمتار قليلة من ميناء الحديدة الإسترايتجي، لكن وبرغم ذلك لم يتم تنفيذه حتى اليوم.

 

وكثيرا ما اندلعت مواجهات عسكرية في الحديدة برغم إلزام اتفاق ستوكهولم الأطراف الموقعة عليه بوقف إطلاق النار، كان آخرها تصدي القوات المشتركة التي تقاتل في الساحل الغربي، لهجمات شنها مسلحو الحوثيين على مواقعها في منطقة الدريهمي جنوبي المحافظة.

 

وغادر اليوم المبعوث الأممي إلى اليمن مارتن غريفيث صنعاء بعد لقائه بزعيم جماعة الحوثيين عبد الملك الحوثي وآخرين، متجها إلى السعودية المتوقع أن يلتقي فيها بالرئيس عبد ربه منصور هادي.

 

وكانت مجموعة الأزمات الدولية قد حذرت، في تقرير لها، من تدهور الوضع في اليمن واستمرار الركود في تنفيذ اتفاق ستوكهولم بما ينذر بحرب إقليمية أوسع.

 

اتهامات متبادلة

 

وتتبادل الحكومة والحوثيين الاتهامات بشأن عرقلة تنفيذ اتفاق ستوكهولم، الذي تم خرقه مرارا طوال الأشهر الماضية.

 

فمستشار الرئيس اليمني عبد الملك المخلافي أكد لصحيفة "الشرق الأوسط" أن الاتفاق غير قابل للتنفيذ بسبب تهرب الحوثيين من تنفيذ بنوده، التي تنص على تسليم الموانئ الثلاثة (الحديدة ورأس عيسى والصليف) إلى السلطة المحلية.

 

واعتبر الاتفاق بأنه بات في حكم الميت، مطالبا الأمم المتحدة بتحمل مسؤولياتها.

 

من جهته، أكد  رئيس الوزراء معين عبد الملك أن الصمت الأممي والدولي وعدم الوقوف بجدية وحزم أمام رفض وتنصل جماعة الحوثي عن تنفيذ بنود اتفاق ستوكهولم، بمحاوره الثلاثة، يشجعها على مزيد من التمادي في تحدي الإرادة الشعبية والدولية والقرارات الملزمة.

 

ونقلا عن قناة "المسيرة"، فقد ذكر الناطق باسم الحوثيين محمد عبد السلام أن زعيم الجماعة طالب خلال لقائه بغريفيث تعزيز الخطوات الإنسانية فيما يتعلق بالأسرى والمعتقلين في سجون دول التحالف، مشددا على ضرورة أن تحظى جوانب أخرى بالاتفاق بمزيد من الاهتمام بينها مطار صنعاء.

 

وفي وقت سابق، اتهم رئيس مجلس النواب اليمني الشيخ سلطان البركاني غريفيث بتجزئة الحل بالذهاب إلى اتفاق ستوكهولم الذي ركز على مدينة وميناء الحديدة.

 

ويشمل اتفاق ستوكهولم نقاطا عدة، بينها وقف إطلاق النار وإعادة انتشار قوات الحوثيين والحكومة من الموانئ الثلاثة إلى خارج المدينة وفق مرحلتين.

 

محاولات إنقاذ الاتفاق

 

ولا يعتقد الإعلامي ياسر حسن أن تنجح الجهود المبذولة حاليا في إنقاذ اتفاق ستوكهولم، كونه لم يُنفذ منه أي شيء غير بعض الأمور الشكلية التي لا معنى لها.

 

وأوضح لـ"الموقع بوست" أن موانئ الحديدة التي يفترض تسليمها من قِبل الحوثيين ما زالت بأيديهم ولن يسلموها، والمجتمع الدولي غير جاد في جهوده لتنفيذ الاتفاق حتى وإن تم التصريح بذلك، لكن على أرض الواقع هناك تواطؤ مع تلك الجماعة.

 

ولفت إلى تصريحات مسؤولين حكوميين بشأن الاتفاق، واستنكارهم الصمت الأممي والدولي وعدم الوقوف بجدية أمام رفض وتنصل الحوثيين عن تنفيذ بنود الاتفاق، وهو ما يشجع الجماعة على مزيد من التمادي في تحدي الإرادة الشعبية والدولية.

 

ووفقا لحسن فهناك بوادر توافق بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية، وهو ما سيجعل الحوثيين أكثر قوة وتماسكا ولن يتخلوا عن الموانئ ولن ينفذوا اتفاق ستوكهولم.

 

استناداً على المعطيات القائمة، فإن الإعلامي وديع عطا يقول إن من الصعوبة بمكان التنبؤ بأي نجاح محتمل لهذا الاتفاق الذي وصفه بـ"العقيم"، نظراً لاعتبارات عديدة، أهمها أن خطوات بناء الثقة التي كان يفترض أن يبنى عليها ما بعدها لم يتحقق أيٌ منها.

 

واستطرد في تصريحه لـ"الموقع بوست" بأنه لم يتم إعادة الانتشار في الموانئ ولم يُورّد أي ريال إلى خزينة البنك المركزي، ولا يزال كيلو16 مغلقا ولا تزال نقاط المراقبة تتعرض للانتهاك اليومي، ناهيك عن القصف اليومي الذي يطال المدنيين في حيس والتحيتا والدريهمي ومنظر وغيرها.

 

وبحسب عطا فإن غريفيث وحده من يبيع الوهم للمجتمع الدولي، ويحاول عبثاً تسويق ما يعتبره هو تقدماً بينما الانتهاكات لا تكاد تتوقف في معظم نقاط التماس، وفق تعبيره.

 

مستقبل الحديدة

 

وفي حال إعلان وفاة اتفاق ستوكهولم، يتوقع الإعلامي حسن أن يبقى الوضع في الحديدة على ما هو عليه تحت سيطرة الحوثيين، مستبعدا أن تقدم السعودية أو الإمارات أي دعم للقوات اليمنية للتقدم نحو تلك المحافظة، خاصة وأن أبوظبي صار لها تواصل مع الجماعة -وإن كان غير معلن- إلا أن الحوثيين أعلنوا أنهم لن يستهدفوا مصالحها.

 

وأشار إلى وجود بوادر اتفاق جديد بين الحوثيين والمملكة العربية السعودية، متوقعا أن يصب ذلك في صالح الجماعة.

 

بينما يذكر الإعلامي عطا أن الاتفاق أصلاً ولد ميتاً لأنه تأسس على تكريس المعاناة الإنسانية، ولأن قرابة 400 ألف نازح من مختلف مناطق الحديدة لم يعودوا حتى اليوم إلى منازلهم، فضلا عن استمرار الحوثيين في زراعة الألغام والعبوات الناسفة ناهيك عن تعزيزهم للقبضة الأمنية على المدينة وفي نحو 24 مديرية لا تزال كاملة تحت سيطرتهم، وفيها يستحدثون الخنادق ويبنون المتارس ويلغمون البيوت.

 

وعليه "فإن فاتورة تحرير الحديدة ستكون أكثر فداحة هذه المرة عنها قبل 9 يونيو/حزيران 2018 -تاريخ توقيف معركة التحرير- لأن المليشيات الحوثية الانقلابية صارت أكثر تغلغلاً وأكثر استعداداً لأي معركة محتملة، إضافة إلى استثمارها للغطاء الدولي من خلال المبعوث الأممي لشرعنة (احتلالهم للحديدة) التي قدموا إليها بعصاباتهم المسلحة في أكتوبر 2014"، وفق عطا.

 

وتشدد الحكومة مرارا على عدم مشاركتها في أي جولة مشاورات جديدة قبل تنفيذ اتفاق ستوكهولم، فيما يعتبره البرلمان العربي عنصرا أساسيا في عملية السلام في اليمن وينبغي على كل الأطراف الالتزام به.


التعليقات