[ عاصفة الحزم باليمن.. إخفاق للتحالف وتفريخ للمليشيات ]
تعيش اليمن في ظل الحرب التي دخلت عامها السادس، دون ظهور أي نهاية لما يجري، غير دعوات الأمم المتحدة لترك القتال في الجبهات والاستعداد لمواجهة فيروس كورونا الذي تقترب الإصابات به في مختلف الدول من نصف مليون.
بعد سنوات من الحرب وعرقلة نتائج أي اتفاق، أصبح الحوثيون هم من يقدمون مبادرات السلام، ويهددون بتصريحاتهم المملكة العربية السعودية التي تقود التحالف العربي الذي تدخل في اليمن في مثل هذا اليوم.
على أرض الواقع نفذ الحوثيون عدة هجمات صاروخية وبطائرات مسيرة ضد السعودية ومواقع حيوية فيها أبرزها شركة أرامكو النفطية، فضلا عن المعارك التي تشتعل من حين لآخر على الحدود بين البلدين.
وخلال قرابة شهرين، توجه الحوثيون بنظرهم نحو الجوف تلاها مأرب والبيضاء، دون وجود أي ردة فعل رادعة من قِبل التحالف، ما أثار كثيرا من علامات الاستفهام حول ما يحدث، وما الذي يعنيه ذلك.
حسابات خاطئة
وفي صعيد ذلك، يرى المحلل السياسي ياسين التميمي أن التحالف العربي لم يكن معترضا على انقلاب الحوثيين مع الرئيس السابق علي عبد الله صالح ضد السلطة الانتقالية في صنعاء، ولكنه شعر بالقلق حيال النتائج السياسية لذلك، حيث كان يفترض أن يخرج حزب التجمع اليمني للإصلاح من المعادلة السياسية عبر حرب مسيطر عليها بين الحوثيين والإصلاحيين، تنتهي بإنهاك الطرفين وإنهاء التبعات السياسية لثورة فبراير/شباط 2011.
تقديرات تلك المرحلة -وفق التميمي في حديثه لـ"الموقع بوست- كانت ترجح كفة الحوثيين وصالح على حساب القوى السياسية الأخرى، بتأثير القلق من موجة الربيع العربي بالنسبة للرياض وأبوظبي والأنشطة الإرهابية المفترضة للقاعدة وداعش بالنسبة للغرب، والأهم من كل ذلك هو إجهاض ثورات الشعوب واستحقاقها بالنسبة للجميع.
ولتلك الأسباب، حرف التحالف معركته منذ وقت مبكر، لتنصرف بانشغالاتها العسكرية الميدانية والسياسية نحو استهداف قوى ثورة فبراير الذين يختزلون بعبارة "الإخوان"، وهذا الأمر أدى إلى تراجع زخم المعركة والآمال المنعقدة عليها، وبدأ تجار الحروب يمسكون بزمام الأمور في الميدان، ما أدى إلى تخفيف الضغط على الحوثيين ومكنهم من تلقي المساعدات النوعية من إيران، والانتقال إلى مرحلة الهجوم وتحقيق المكاسب الميدانية كما رأينا مؤخرا في نهم شرقي صنعاء والجوف.
فقدان البوصلة
ومن وجهة نظر الصحفي كمال السلامي، فقد بات واضحا أن التحالف العربي بعد خمس من عملياته العسكرية في اليمن فقد البوصلة، وتاه عن أهدافه وتحول للبحث عن مكاسب في المناطق الخلفية البعيدة عن الصراع مع الحوثي.
ودلل على ذلك بالقول لـ"الموقع بوست" إنه قبل خمس سنوات كانت جماعة الحوثي أضعف بكثير، لم تكن تمتلك هذا القدر الهائل من التسليح والتأهيل، كما أنها كانت تفتقر إلى القاعدة الشعبية، لكنها اليوم صارت متغلغلة في المجتمع وتملك قاعدة شعبية صنعتها بالكثير من خطط التعبئة الدينية والإعلامية، فضلا عن استفادتها من فشل التحالف وفقدانه البوصلة.
وبالنظر إلى النتائج يتضح للسلامي أن تدخل التحالف خدم الحوثيين أكثر من غيرهم، في المقابل تم إضعاف الشرعية، وظهرت خلافات بينية داخل القوى المؤيدة لها، وتشكلت مليشيات مناطقية نجحت في تقليص وتحجيم الشرعية، والشرعية بدورها تحولت إلى عبء أكثر من كونها حامل سياسي للقضية الوطنية، وتحول الحوثيون من الدفاع إلى الهجوم والتحالف للبحث عن حلول للخروج بماء الوجه.
الخروج من المأزق
وللخروج من مأزق الحرب الحالي الذي تتمزق عبره البلاد، يتوجب -كما يفيد التميمي- سحب البساط من تحت أقدام التحالف، والتقليل من سطوته الحالية على الشرعية ورأسها.
وهذا يتحقق من خلال احتشاد وطني شعبي ونخبوي ضد أي مشاريع تستهدف اليمن، يكون ضمنه شخصيات رسمية ذات ثقل إلى الحد الذي يسمح بتغيير مجريات الأحداث على الأرض، وإجبار التحالف على احترام خيار الشعب اليمني الذي يكتسب شرعيته من نتائج مؤتمر الحوار الوطني الشامل.
بينما يرى الصحفي السلامي أن الحسم العسكري أصبح بعيد المنال، كما أن الحلول السياسية تصب في صالح الحوثي، والحل الوحيد كما يعتقد يكمن في التحول العاجل للنظام الاتحادي، وأن يبدأ كل إقليم في إدارة نفسه بنفسه تحت مظلة سلطة مركزية تمارس دور الإشراف، وبهذا فقط سنقطع الطريق على مشاريع التمزيق التي تتصدر لها المليشيات شمالا وجنوبا وبدعم من بعض دول الإقليم.
وتشهد اليمن ركودا واضحا في بعض جبهات القتال، في الوقت ذاته تكاد أن تكون غارات التحالف العربي ضد الحوثيين شبه متوقفة، بعد تنفيذها -تحديدا- خلال عام الحرب الأولى مئات الغارات الجوية التي استهدفت مواقع عسكرية.
في حين لا يزال الرئيس عبد ربه منصور هادي في الرياض، أما الحكومة فلم يتمكن كامل أعضائها من العودة إلى العاصمة المؤقتة عدن، وظل فيها رئيس الوزراء لفترات متقطعة لكنه عاد مؤخرا إلى المملكة.