[ متحدث الحوثيين محمد عبد السلام مع روحاني ]
تدور كثير من التساؤلات بشأن كسر الحظر الجوي الذي حدث في صنعاء، برغم سيطرة التحالف العربي على مختلف منافذ اليمن منذ تدخله في اليمن في مارس/آذار 2015، ومسؤولية الأمم المتحدة عن الرحلات الإنسانية التي تتم في مطار صنعاء.
وأعلنت الخارجية الإيرانية أمس السبت (17 أكتوبر/تشرين الأول) وصول سفيرها الجديد حسن إیرلو المعين لدى حكومة الحوثيين التي تحكم سيطرتها على صنعاء ومناطق أخرى شمال البلاد، وذلك لتقديم أوراق اعتماده لدى الجماعة.
الغريب في الأمر، هو تزامن إعلان ذلك مع بدء تنفيذ صفقة تبادل الأسرى والمعتقلين التي تمت بين الحكومة والحوثيين، والتي تم بموجبها الإفراج عن أكثر من 600 أسير حوثي، ووصول المفرج عنهم إلى مطارات (صنعاء، عدن، سيئون).
تقول الرواية الإيرانية كما نقلت وكالة "شينخوا" الصينية عن مصدر ملاحي، إن السفير وصل الأربعاء الماضي، وهو الموعد الذي وصلت به طائرتان إلى مطار صنعاء، وكان بهما 268 جريحا يتبعون الجماعة كانوا عالقين في سلطنة عُمان منذ سنوات.
وأدانت الحكومة اليمنية بشدة قيام النظام الإيراني بتهريب أحد عناصره إلى اليمن وتنصيبه "سفيرا" لدى الحوثيين، قائلة إن استمراره بانتهاج سلوك العصابات والمنظمات الإرهابية بتهريب الأسلحة والأفراد إلى مليشيات الحوثي الانقلابية يؤكد على عدوانية النظام ونواياه الخبيثة تجاه اليمنيين.
أما وزير الإعلام معمر الإرياني، فأكد أن تصعيد إيران هو امتداد لعدوانها الذي يواصل قتل اليمنيين والتنكيل بهم، والتآمر على أمن واستقرار اليمن والمنطقة، وتهديد المصالح الدولية.
وذكر في تغريدات له أن "المعلومات المتوفرة تؤكد أن المدعو حسن إيرلو مرشد ديني كبير وقائد التدريبات على الأسلحة المضادة للطائرات، ومسؤول عن تدريب عدد من النشطاء الإرهابيين والعناصر التابعة لحزب الله اللبناني في معسكر يهونار الواقع في مدينة خرج شمالي طهران".
وأضاف أن "إعلان نظام الملالي في إيران تعيين سفير جديد لدى مليشيا الحوثي لن يضيف جديدا يذكر في العلاقة بين الطرفين أو مجريات المعركة، سوى التأكيد الإيراني على المسؤولية والرعاية الكاملة للانقلاب الحوثي والوصاية على قرار المليشيا السياسي والعسكري وانتداب حاكم عسكري إيراني لصنعاء".
نفي أممي
من المعروف أن الرحلات الجوية التي تصل إلى صنعاء، كانت تتم أغلبها عن طريق الأمم المتحدة، ولذلك وجهت أصابع الاتهام لتواطؤها في قضية وصول السفير الإيراني إلى اليمن.
ونفى مكتب المبعوث الأممي الخاص إلى اليمن مارتن غريفيث أي دور لهم في نقل السفير الإيراني لدى الحوثيين، داعيا الإعلاميين في تغريدات له في تويتر إلى التأكد من المعلومات قبل نشرها عبر التواصل مع القسم الإعلامي للمكتب.
بينما اعتبر عبد الملك المخلافي، مستشار الرئيس اليمني، أن نفي مكتب غريفيث أمر جيد، لكنه أكد أنه بقي على جهات كثيرة أن تنفي أو توضح.
وأكد في تغريدة له على تويتر أن وصول إيرلو يمثل انتهاكا للقرار 2216، مشددا على ضرورة تقديم الجهات المختلفة التوضيح أو النفي "ليعرف الناس الحقيقة ومن يتعاون مع الحوثة، ويخالف القرار ويطيل الحرب ومعاناة اليمنيين، ويعيق السلام".
من المسؤول؟
ولا يرى الباحث في الشئون الإيرانية عدنان هاشم طريقة أخرى لوصول إيرلو غير مطار صنعاء وبطائرات الأمم المتحدة أو طائرات عمانية، لكنه كذلك لم يستبعد أن يكون الرجل وصل عبر التهريب في البحر، وهي طريقة يتبعها الحرس الثوري في الوصول إلى الأراضي اليمنية.
ولذلك، فهو يعتقد في تصريحه لـ"الموقع بوست" أنه لا أحد ينبغي له تحمل المسؤولية إذا كانت الجهة عن نقله لا تعرف هويته، موضحا أن "التحالف العربي لا يسأل عن الأشخاص المنقولين عبر طائرات الأمم المتحدة أو الطائرات العمانية والرقابة على من يصعدها ضعيف".
لكن المحلل السياسي محمد الغابري حمل من جهته الأمم المتحدة ومبعوثها غريفيث مسؤولية ذلك، ومساهمتها في خرق القرارات الدولية المرتبطة بذلك.
ولم يستثنِ الغابري في تصريحه لـ"الموقع بوست" التحالف العربي من تحمل مسؤولية ما حدث وخاصة السعودية إذا كانت تخضع الطائرات للتفتيش، مستطردا: "هناك احتمال ضئيل أن يكون صول السفير الإيراني تم بتواطؤ من الرياض، لأنه لا يساعد على حلول للأزمة، بل يزيد من إطالتها، كما أنه يمثل إخفاقا مشهودا للرياض".
أما الحكومة اليمنية فذكر الغابري أن لا إرادة لها، على الرغم من مسؤوليتها الأكبر عما جرى ويجري، بحسب قوله.
دوافع تحرك إيران
إضافة إلى أن وصول سفير إيران إلى صنعاء لاقى استنكارا حكوميا وإدانة شديدة اللهجة، يؤكد كذلك الباحث في الشؤون الإيرانية هاشم أن طهران سعت من خلال ذلك إلى تأكيد سيطرتها على العاصمة الرابعة "صنعاء"، بتقديم أكبر دعم دبلوماسي عرفه الحوثيون، وقطع كل خطوط الرجعة لاعتبار الحكومة الشرعية طرفا فاعلا في الحرب.
فيما لفت المحلل السياسي الغابري إلى وصول سفير الحوثيين إلى إيران سابقا واعتمادها له، وقال إنه تحصيل حاصل، واعتبره اعتراف منها بحكومة الحوثيين الشطرية، على الرغم من أنه إعلان إيراني رسمي بخرق قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة بالحالة اليمنية.
وحاولت جماعة الحوثي مرارا الضغط لإعادة عمل مطار صنعاء، وفشلت مرارا، لكن تم عقب ذلك فتحه أمام الرحلات الإنسانية التي كان يتم أغلبها تحت إشراف أممي وذلك منذ مطلع العام الحالي.
وأثارت تلك الخطوة آنذاك المخاوف من إمكانية استغلال الحوثيين للمطار، وإدخال خبراء إيرانيين وغيرهم، وتهريب قادة الجماعة وربما سلاح أيضا.