بسبب الازدحام والظروف المعيشية.. أطفال في صنعاء خارج أسوار المدارس (تقرير)
- فايز الضبيبي الجمعة, 20 نوفمبر, 2020 - 10:00 صباحاً
بسبب الازدحام والظروف المعيشية.. أطفال في صنعاء خارج أسوار المدارس (تقرير)

[ طلاب في إحدى المدارس - أرشيف ]

محمد طفل يبلغ من العمر 8 سنوات، تقيم عائلته في حي اللكمة بمديرية معين التابعة لأمانة العاصمة صنعاء.

 

وللسنة الثالثة على التوالي تعجز أم محمد عن تسجيله في مدرسة حكومية في حي اللكمة.

 

تقول أمه "مضت ثلاث سنوات وأنا لم أستطع تسجيله في مدرسة حكومية، يعاني ابني من ضعف في النظر، فهو يجد صعوبة بالغة في الرؤية، وكنت أتمنى أن يقبل في مدرسة أم حبيبة القريبة من بيتنا، قبل عامين أخذته إلى المدرسة، فرفض وكيل المدرسة قبوله، في اليوم التالي حضرت مبكرًا لأقابل مديرة المدرسة، لكنها أخبرتني أن الفصول ممتلئة".

 

منظمة العفو الدولية كانت قد أشارت في تقرير سابق إلى أن ملايين الأشخاص من ذوي الإعاقة في اليمن تحمَّلوا سنوات من النزاع المسلح، وكانوا من أكثر الفئات تعرضاً للإقصاء في غمار تلك الأزمة التي وصفتها الأمم المتحدة بأنها أسوأ أزمة إنسانية في العالم.

 

محاولات باءت بالفشل

 

يقول الدكتور عبد الكريم غانم الباحث في علم الاجتماع السياسي: "سلمت لي أم محمد ملف ابنها.. في بداية العام الدراسي الماضي، على أمل أن إدارة المدرسة قد تقدر مجيئي، لأني كنت في السابق ضمن الهيئة الإدارية المنتخبة من مجلس الآباء في بعض مدارس الحي، توجهت -حينها- إلى مدرسة أم حبيبة القريبة من منزل أسرة محمد، إلا إن الإدارة اعتذرت، بحجة وصول الطاقة الاستيعابية للفصول إلى الحد الأقصى، حاولت إلحاقه بمدرسة سقطرى، رغم بعدها عن مسكن أسرته، وضعف بصره الذي يعرضه للخطر، إلا أن هذه المدرسة رفضت قبوله هي الأخرى، ولذات السبب".

 

ويضيف غانم "في العام التالي كررت المحاولة عدة مرات، في البداية كانت إدارة مدرسة أم حبيبة تقول إن باب التسجيل لم يفتح بعد، وبعد أيام بدأت الدراسة، إلا أن الإدارة رفضت قبوله، بحجة أن الفصول ممتلئة".

 

 ردود أفعال

 

بعيون باكية تلقت أم أحد الأطفال خبرا يفيد بعدم قبول ابنها في المدرسة للعام الثاني على التوالي.

 

تقول في حديثها: "ينتابني حزن شديد مع كل يوم يمر من عمر ولدي وهو خارج المدرسة، وأتألم كل يوم وأنا أشاهد أقرانه يذهبون أو يعودون من المدرسة يحملون حقائبهم، بينما ولدي ما يزال خارج المدرسة".

 

طلاب يتلقون تعليمهم خارج إحدى المدارس

 

وبحسب معلمة في إحدى مدارس الأمانة "تعاني المدارس الحكومية من ازدحام شديد وإقبال كبير للطلاب، ما جعل بعض المدارس ترفض تسجيل الطلاب الجدد، في ظل نقص المعلمين والفصول الدراسية والكتب والإمكانات الضرورية، وتوقف رواتب المدرسين منذ ما يزيد عن أربعة أعوام".

 

 ظروف مناسبة

 

تفيد منظمة الأمم المتحدة للطفولة يونيسف" في تقرير لها بشأن وضع التعليم في اليمن، إن نحو 500 ألف طفل يمني انقطعوا عن الدراسة مؤخرا، ليضافوا إلى مليوني طفل أصبحوا خارج المنظومة التعليمية منذ بدء الحرب في اليمن 2015.

 

وكان مدير مكتب التربية بأمانة العاصمة زياد الرفيق قال في تصريح سابق إن نحو 730 ألف طالب وطالبة في المرحلتين الأساسية والثانوية، بدؤوا العام الدراسي 2020 -2021، في 903 مدارس أساسية وثانوية حكومية وأهلية في مختلف مديريات الأمانة، معلنًا استكمال الاستعدادات لبدء العام الدراسي وتهيئة الظروف المناسبة لعودة الطلاب والطالبات للمدارس.

 

في حين يرى الدكتور عبد الكريم غانم أن التعليم صار مجرد عملية احتواء، مضيفاً "مع ذلك ما يزال الكثير من أبناء الأسر الفقيرة والنازحون والمهمشون وذوو الاحتياجات الخاصة وأبناء المهاجرين من القرن الإفريقي لا يتمكنون من دخول المدارس الحكومية".

 

تأخر صرف الرواتب

 

لم يتحصل ما يقرب من ثلاثة أرباع معلمي المدارس الحكومية في 11 محافظة رواتبهم على مدى أكثر من عامين، مما تسبب في تعطيل العملية التعليمية لحوالى 3,7 ملايين طفل في هذه المحافظات، بحسب تقارير اليونيسف.

 

الأمم المتحدة حذرت مطلع شهر أكتوبر الماضي من أن "التأخر في دفع رواتب المعلمين يمكن أن يؤدي إلى الانهيار التام لقطاع التعليم والتأثير على ملايين الأطفال اليمنيين، وخاصة الفتيات والفئات المهمشة".

 

جاء ذلك بالتزامن مع دعوة بيان مشترك صادر عن منظمتي "يونيسف" و"يونسكو"، بمناسبة اليوم العالمي للمعلمين الذي يوافق 5 أكتوبر (تشرين الأول)، إلى ضرورة "استئناف دفع رواتب ما يقرب من نصف المعلمين اليمنيين والموظفين في المدارس".

 

ووصف البيان الوضع في اليمن بـ"المزري" في ظل استمرار الصراع وحدوث الكوارث الطبيعية وتفشي الكوليرا والحصبة وشلل الأطفال مما أدى إلى خروج أكثر من مليوني طفل من المدارس في حين أن 5.8 ملايين طفل كانوا مسجلين في المدارس قبل جائحة كورونا هم الآن عرضة للتسرب من التعليم.

 

وناشدت المنظمتان أطراف الصراع في اليمن "العمل من أجل تحقيق السلام للسماح بالتعافي والعودة إلى الحياة الطبيعية خاصة للأطفال، الذين عانوا من عواقب نزاع ليسوا طرفاً فيه ".

 

مطالبات

 

ناشطون ومعلمون يمنيون طالبوا المجتمع الدولي والأمم المتحدة بالضغط على الحكومة المعترف بها دوليا وسلطة الحوثيين في صنعاء لإيقاف الحرب والانصياع للسلام، ودفع رواتب الموظفين وخاصة المعلمين، من أجل إنقاذ التعليم، وتوفير البيئة التعليمية المناسبة للأطفال.

 

 * تم إنتاج هذه المادة من قبل شبكة إعلاميون من أجل طفولة آمنة التي يديرها مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي وبتمويل من منظمة الطفولة (اليونيسف)، وتم نشرها بمناسبة اليوم العالمي للطفل وفقًا لتفاهم بين الموقع بوست والشبكة.


التعليقات