رغم الإهمال
أفراد الجيش في تعز صمود بين هجمات البرد ولسعات الجوع (تقرير)
- تعز - خاص الأحد, 22 نوفمبر, 2020 - 10:09 مساءً
أفراد الجيش في تعز صمود بين هجمات البرد ولسعات الجوع (تقرير)

[ وضع بائس يعيشه أفراد الجيش الوطني المرابطون في الجبهات بتعز ]

تزداد معاناة أفراد الجيش الوطني المرابطين في جبهات محافظة تعز، مع ليالي الشتاء الباردة، في ظل الإهمال المتعمد من قبل الدولة وعدم توفير معدات السلامة للجنود لمواجهة البرد.

 

ليس ثمة ما هو أقسى من البرد على أجساد الجنود في جبهات تعز، حد تعبير أحد الجنود، "يكاد يسري مع الدماء ويمر في تجاويف العظام ويختلط مع الأضلاع لوطأته الشديدة".

 

وتزداد لسعات البرد في الليل كما هي طبيعة الشتاء في اليمن البالغة الصعوبة، حيث تختلف مناطق دوام الجنود باختلاف الجبهات والمناطق، لكن أغلب الجبهات تقع في الجبال والوديان وهي أماكن يزداد فيها البرد كثيرًا.

 

يقول الجندي عيسى السامعي في حديثه لـ"الموقع بوست" إن الاشتباكات تجددت خلال الفترة الأخيرة في كل خطوط القتال في تعز والجبهات الشرقية حيث يقاتل هو ورفاقه تحديداً.

 

يتحدث عيسى عن الجرائم التي ترتكبها جماعة الحوثي بحق المدنيين والتي تأتي عقب كل انتصار يحققه الجيش الوطني كحدث معتاد، وتقوم جماعة الحوثي بشن قصف عنيف على الأحياء المزدحمة بالسكان مما يتسبب دائماً بقتلى وجرحى من المدنيين.

 

وهو ما بات معروفاً ومشهوداً في تعز أن الحوثي دائما يلجأ لاستهداف الأحياء السكنية بالمدفعية الثقيلة والدبابات وراجمات الصواريخ.

 

واستهدفت الجماعة خلال الأسابيع الماضية عددا من الأحياء السكنية والمدارس والجامعات والمساجد سقط على إثرها عدد من المواطنين الأبرياء قتلى وجرحى، وألحق أضرارا جسيمة بالأعيان المدنية وتكبد المواطنون خسائر كبيرة في الممتلكات، وهذه الممارسات تتنافي.

 

عن المعاناة، يذكر عيسى أن أفراد الجيش الوطني في جبهات القتال يعيشون أوضاعا صعبة للغاية، خاصة مع قدوم برد الشتاء، ويصف عيسى ليل العسكري بالقول:"إن ليل الجندي مع الثلوج والغمام قاس جدا، فعندما تزور الفرد وتلامس يديه كأنه يعيش داخل ثلاجة تبريد، ونهارهم رياحا شديدة".

 

ويضيف عيسي أن ما يفاقم من معاناة الجنود على نحو شديد للغاية هو شحة الدعم اللوجستي الذي لايأتي للجنود حيث يفتقرون لأبسط الأشياء التي تتعلق بالتدفئة، مشيرا إلى أن الجنود بحاجة سريعة وعاجلة للبطانيات للتدفئة وجاكيتات تقيهم لسعات البرد وكفوف وكوافي لكي يستطيعوا الصمود والمقاومة.

 

بدوره، "بشار المخباشي" جندي في جبهات غرب مدينة تعز تحدث عن العديد من الصعوبات التي تواجه الأفراد في الجبهات، لعل أبرزها تأخر صرف رواتب الجنود المرابطين في الجبهات والتي -حد قوله- أنها تصل بعد مدة خمسة أشهر كاملة "شهر يونيو كان آخر مرة استلمت فيها الراتب".

 

يتابع المخباشي "هناك صعوبات عديدة تواجه الجنود لا سيما وهم يعولون أسرهم وعائلاتهم، مما يضطرهم إلى الاستدانة والنتيجة تتراكم عليهم الديون من المحلات والبقالات".

 

الجدير بالذكر أن هناك بعض الجنود ممن يقاتلون في الجبهات بدون أرقام عسكرية وبدون تعزيز مالي، يعيشون ظروفا استثنائية بالغة القسوة يعتمدون على مصاريفهم اليومية التي تبلغ 500 ريال في كل يوم في أوقات اعتيادية وقابلة للزيادة إلى ألفي ريال في أوقات خاصة حسب اشتداد المعركة أو سلة غذائية تصرف له نادراً، فظروفهم بالغة الصعوبة لكن رغم ذلك ما إن تزورهم حتى تتفاجأ بعزيمتهم ومعنوياتهم العالية في الميدان.

 

ليل الجندي وضراوة المعارك

 

إذا ما تحدثنا عن ضراوة المعارك فإن المعارك التي تدور رحاها في الجبهات ضارية جدًا، تعمد المليشيات إلى قصف المواقع التي تتمركز فيها قوات الجيش الوطني في مختلف الجبهات بشتى أنواع الأسلحة الثقيلة، وكذلك القنص المباشر واستخدام العبوات الناسفة والألغام، "إلا أن العزيمة ما وهنت" كما قال أحد الحنود وتأتي مواجهة هذه الهجمات ببسالة من قبل الجنود في الجبهات الشرقية أو الشمالية أو حتى الغربية والجنوبية.

 

هناك عدة احتياجات يحتاج إليها الجنود في الجبهات بتعز، منها الإعاشة والتغذية والجاكتات والبطانيات حتى يقوى بها على البرد القارس في ليالي الشتاء، وكذلك دعم المقاتلين الذين لا توجد أسماؤهم على كشوفات الرواتب ولو بالسلال الغذائية لأسرهم.

 

انتصارات رغم المعاناة

 

وفي السياق تحدث الناطق باسم محور تعز العقيد عبد الباسط البحر عن تزايد معاناة أفراد الجيش مع ازدياد موجة البرد الشديدة.

 

وقال البحر في حديثه لـ"الموقع بوست" إن القضية الجوهرية التي تمثل جذر المعاناة للأبطال في الجبهات تتمثل في عدم انتظام صرف الرواتب -حد تعبيره- فالجندي يعاني من حالة عوز ووضع معيشي سيئ، فالرواتب لم تصرف منذ ستة أشهر، وهذه جريمة كبرى ولا بد من وضع حل جذري لها.

 

ولفت إلى تجدد المواجهات العسكرية خلال الأسابيع الماضية في شرق المدينة وشمال شرق وغرب المدينة وفي مقبنة جبهات عدة، حي مدرات وجبل هان والصباحي في حذران وجبهة عصيفرة والأربعين حي الكهرباء شمال المدينة.

 

وتابع أن أفراد الجيش سطروا ملاحم بطولية وحققوا انتصارات عسكرية، استطاعوا خلالها تأمين بعض الأحياء والمواقع رغم المعاناة الشديدة التي يعاني منها الأفراد في الجبهات، مشيرا إلى أن الجيش الوطني بتعز يعتمد على الراتب اعتمادا كليا فالذخيرة والسلاح والتغذية والعلاج والمصاريف اليومية ومصروفات الجرحى كلها من الرواتب التي لا تنتظم، حد قوله.

 

ويختتم العميد البحر بالقول "إن كثيرا من الجنود الذين في الجبهات لديهم عوائل وأسر تحتاج إلى نفقات، لا نستطيع توفير الجواكت التي تقيهم لسعات البرد الشديدة وهم في المتارس، نفتقر لإمكانات الحرب في حدها الأدنى من ذخيرة وسلاح وتغذية، وأحيانا لا نستطيع أن نوفر للجندي وجبة عشاء واحدة".


التعليقات