الحكومة أمام اختبار صعب.. هل تحصل على دعم لإنقاذ اقتصاد اليمن؟ (تقرير)
- خاص الإثنين, 11 يناير, 2021 - 05:04 مساءً
الحكومة أمام اختبار صعب.. هل تحصل على دعم لإنقاذ اقتصاد اليمن؟ (تقرير)

[ اجتماع للحكومة اليمنية في عدن ]

لم يلبث تحسن قيمة الريال اليمني سوى بضعة أيام، عقب تشكيل الحكومة، ثم عاود التذبذب والتراجع أمام سلة العملات الأخرى، مع الهجوم على مطار عدن الذي أثار كثيرا من علامات الاستفهام.

 

شكلت عودة الحكومة خطوة جيدة، لكنه لم يتضح بعد ما إذا ستكون مثمرة أم ستظل عاجزة عن مواجهة التحديات المختلفة التي ستواجهها، وتلبي تطلعات اليمنيين الذين تشتد معاناتهم يوما بعد آخر بسبب استمرار الحرب.

 

ونظرا لتزامن تشكيل الحكومة اليمنية التي يشارك فيها ما يُعرف بـ"المجلس الانتقالي الجنوبي"، مع التوصل للمصالحة السعودية-القطرية، التي تمت بعد أعوام من المقاطعة والصراعات، هناك بعض الأمل بانعكاس ذلك إيجابيا على الملف الاقتصادي، وتحسنه بعض الشيء خاصة إذا ما تم تفعيل موانئ البلاد واستئناف تصدير النفط والغاز.

 

ومنذ اندلاع الحرب في اليمن، كان الملف الاقتصادي هو الأكثر تضررا، خاصة مع انقسام السياسة المالية في البلاد، ومنع جماعة الحوثي تداول العملات ذات الإصدار الجديد في مناطقها، واعتبارها الإصدار القديم كعملة أخرى يزيد سعرها كلما تراجع الريال أمام العملات الصعبة في مناطق الحكومة.

 

أوضاع غير مستقرة

 

تبدو الحكومة في وضع صعب، بعد استهداف مطار عدن بالتزامن مع وصولها إلى العاصمة المؤقتة عدن، قبل نحو أسبوعين، والذي خلف 28 قتيلا، وأكثر من مئة مصاب.

 

ومنذ وصول الحكومة في ديسمبر/كانون الأول الماضي، شهدت عدن اضطرابات عدة، تظهر عدن بأنها هشة أمنيا.

 

وأقرت اللجنة الأمنية في العاصمة المؤقتة عدن، عدة إجراءات تهدف للحد من الاختلالات الأمنية، وتعزز الاستقرار، من بينها تطبيق طوق أمني عليها بمشاركة جميع الوحدات العسكرية والأمنية.

 

وأرجع محافظ عدن، أحمد لملس، سبب ذلك إلى إعادة تنشيط القوى الإرهابية والجماعات التخريبية خلاياها بهدف إقلاق الأمن والسكينة، وخلط الأوراق لإظهار عدن غير مستقرة، وعرقلة عودة البعثات الدبلوماسية، ودفع المنظمات لإيقاف أنشطتها في العاصمة المؤقتة.

 

فرص دعم الحكومة

 

تواجه الحكومة الكثير من التحديات، وهي بحاجة كما يبدو للتحرك الجاد للتصدي لذلك، ومحاولة النهوض، وإنقاذ البلاد مما وصلت إليه خاصة في الجانب الاقتصادي.

 

وفي صعيد ذلك، يقول الصحفي هشام المُحيا إن الحكومة تشكلت بعد مخاض عسير، مرر التحالف خلال مفاوضات تشكيلها كل ما يريد من خطط لتنفيذها، حيث شرعن لانقلاب عدن الذي نفذه الانتقالي، وحصل على تنازلات من الشرعية فيما يتعلق بانسحاب المجلس من أبين وعدن وسقطرى.

 

ولفت في تصريحه لـ"الموقع بوست" أن الانسحابات التي تمت بناء على اتفاق الرياض كانت شكلية، إلى جانب أن التحالف أهدى حقيبة وزارة النقل للانتقالي، وهو ما كانت ترفضه الحكومة لخطورة ذلك.

 

وبسبب الصعوبات الكثيرة التي تعترض طريق الحكومة، يتوقع الصحفي المحيا أن تحظى بدعم مؤقت من التحالف سينتهي وسيتزامن مع تصعيد جديد للمجلس، وبخصوص المجتمع الدولي أكد المحيا أن السعودية والإمارات هما من تتحكمان بمواقفه بأموالها.

 

ولنجاح الحكومة، يتطلب ذلك -كما يرى المحيا- ألا يتدخل التحالف في قراراتها، وكذا إيقاف الدعم الإماراتي عن الانتقالي، والسماح للسلطة باستخدام موانئها ومطاراتها لتصدير ثرواتها وفي مقدمتها النفط والغاز.

 

وهو ذات الاتجاه الذي ذهب إليه الباحث في الشؤون الاقتصادية نبيل الشرعبي، الذي يستبعد تقديم السعودية دعم اقتصادي للحكومة الجديدة، كون ذلك الملف لا يزال ينتظر التفاهم بين طرفيها التابعين للرئيس عبد ربه منصور هادي والانتقالي، وما ينضوي تحتهم من مكونات.

 

وأضاف لـ"الموقع بوست" أنه إذا حققت مفاوضات الملف الاقتصادي نجاحا انعكس على الواقع، فالسعودية لن تقدم سوى دعم متواضع، ليقينها بعدم جدوى استمرار تقديمها مزيد من الدعم في هكذا حال، مبررا ذلك بالقول: "إذ ليس من المعقول أن تقدم السعودية أي دعم دون نجاح الحكومة في تشكيل موازنة وحشد الموارد المحلية، ناهيك على أن دعما خارجيا لن يجدي دون تدفق عوائد البلد إلى خزينة مجمع عليها".

 

تحديات وخطوات لازمة

 

وسبق أن واجهت الحكومات السابقة صعوبات في البقاء بعدن، بسبب التضييق الذي كان يُمارس ضدها من قِبل الانتقالي، وفي ذلك الصعيد، يذكر الصحفي الاقتصادي وفيق صالح أن الحكومة الحالية أمامها كثير من التعقيدات، أبرزها التدهور الاقتصادي والمعيشي، وانهيار وتعطل كثير من القطاعات الخدمية مثل التعليم والصحة وقطاع الكهرباء، وكذلك توقف الرواتب عن أكثر من مليون موظف في القطاع الحكومي بمناطق سيطرة الحوثيين.

 

أضف إلى ذلك -يذكر صالح لـ"الموقع بوست"- أن وقف تدهور العملة والحفاظ على استقرار أسعار الصرف، هو التحدي المحوري الذي يواجه الحكومة، وإذا ما نجحت في إعادة تعافي قيمة العملة الوطنية، فإن ذلك سينعكس إجمالا عن استقرار أسعار السلع الأساسية والمواد الغذائية.

 

وعن طرق تحسين الحكومة للوضع الاقتصادي، أفاد أنها بحاجة لتفعيل كافة مؤسسات الدولة، واستئناف عملية الصادرات المعطلة منذ بداية الحرب، وكذلك وقف عملية نهب الإيرادات الضريبية والجمركية، وإيداع عائداتها إلى البنك المركزي في عدن، ووضع برنامج تقشفي شفاف تتمكن عبره من ترشيد النفقات وتحسين أوعية الموارد، إضافة إلى ومحاربة كافة أوجه الفساد والاختلالات الحاصلة في معظم المؤسسات الإيرادية.

 

وشدد على أهمية أن تقوم الحكومة بتفعيل الأدوات النقدية للبنك المركزي والعمل بشكل صحيح، وكذا اختيار كوادر مؤهلة ذات كفاءة عالية في إدارة مؤسسات الحكومة، من أجل الارتقاء بأداء الحكومة وتحسين الإيرادات وحمايتها من العبث والنهب، وانتظام عملها من الداخل، وعدم إحداث أي فراغ في مؤسسات الدولة، وكذلك حل مشكلة الانقسام النقدي وعملية حظر الطبعة الجديدة من العملة، والتي فاقمت من معاناة المواطنين بصورة جنونية.

 

كما أكد الصحفي اليمني أن الحكومة ستكون قادرة على الإيفاء بكل التزاماتها المالية تجاه المواطنين إذا التزمت بذلك، وقامت أيضا بنشر الأمن والاستقرار في كافة المناطق المحررة، واتخاذ إجراءات حاسمة وسريعة في الملف الأمني، والقضاء على كافة مظاهر الاختلالات الأمنية التي ساهمت في تصنيف اليمن كبيئة طاردة للاستثمار، وذلك لتهيئة الأجواء والبيئة السلمية للعمل الاستثماري الذي سيساعد على تنشيط كافة القطاعات التجارية والاقتصادية.

 

حكومة بلا موازنة

 

وتعمل الحكومة هذا العام أيضا دون اعتماد موازنة، ويعتقد الباحث والصحفي في الشؤون الاقتصادية نبيل الشرعبي، أن ذلك أحد نتائج اتفاق الرياض النهائي، والذي ركز كليا على الشق الأمني والعسكري، وترك المجال الاقتصادي إلى حيث لا نعرف، برغم أنه كان يجب أن يترافق مع الشقين الأمني والعسكري.

 

وبحسب الشرعبي، فإن عدم تقديم الحكومة الجديدة برنامج لها حتى الآن، يكشف بأن التشكيل لهذه الحكومة لم يكن وفقا لمعايير الكفاءة، بل قائم على التقاسم غير الواعي بمدركات شغل الوظائف العليا بالدولة.

 

ومن خلال تصريحات غالبية الوزراء في الحكومة، قال إنه ليس لديهم وعي بجوهر الوظائف التي سيشغلونها، وبقاءها دون موازنة وتأخير برنامجها الحكومي، سيجعلها فاشلة، وستقدم صورة قاتمة ستنعكس على أي حكومة قادمة.

 

ولإنعاش الاقتصاد، فكل ما تملكه الحكومة -وفق الشرعبي- هو وعود بالدعم المشروط بإجراء إصلاحات في وظائف الحكومة، وإعلان موازنة، وحشد الموارد المحلية، وتكوين احتياطي نقدي أجنبي قائم.

 

وتستمر أسعار السلع الغذائية حتى اليوم بالارتفاع، غير متأثرة بشكل واضح بتحسن قيمة الريال اليمني، الأمر الذي يفاقم معاناة المواطنين، الذين أصبح أكثر من 82% منهم بحاجة لمساعدات إنسانية.


التعليقات