[ جرعة سعرية جديدة وقاتلة في تعرفة المواصلات الداخلية في مناطق سيطرة الحوثيين ]
قررت الشابة جوهرة محمود تقديم استقالتها من عملها في مؤسسة أهلية على خلفية رفضهم رفع راتبها، بفعل ارتفاع أجور المواصلات نتيجة الأزمة الخانقة في مشتقات الوقود بالعاصمة اليمنية صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين منذ أكثر من شهرين.
ورفع مالكو باصات النقل الداخلي مطلع الشهر الجاري، أجور المواصلات بنسبة مائة بالمائة، ما مثل عبء كبير على الموطنين وطلاب الجامعات والموظفين، دون أي دور لسلطة الحوثيين لضبط هذه الأسعار وتوفير المشتقات النفطية، حيث اكتفت على عدد من الباصات المجانية لنقل المواطنين.
وتقول "جوهرة" إنها تحتاج باليوم الواحد 1200 ريال يمني أجور لثلاثة مشاوير، بدلا من 600 ريال قبل الجرعة الجديدة، مشيرة إلى أنها تأتي من شارع خولان إلى مقر المؤسسة الأهلية التي تعمل فيها بمنطقة التحرير وسط صنعاء.
تقديم استقالة
تضيف لـ"الموقع بوست" أنها تحتاج نصف راتبها كأجور للمواصلات بالشهر إلى جوار إيجار المنزل، ولعدم قدرتها على تحمل الأعباء الإضافية للمواصلات، قدمت طلب لرئيستها في العمل برفع مرتبها بما يوازي ارتفاع المواصلات، لكنها لم تتلقى أي استجابة منها حول طلبها، ما أجبرها إلى تقديم استقالتها.
وتشير إلى أن المؤسسة تتحجج بأنها غير قادرة على رفع رواتب الموظفين، حيث أنها أصبحت غير مستفيدة من مرتبها شيء بعدما رفع مالك المنزل الإيجار أيضا، فضلا عن تلك الارتفاعات في المواد الغذائية.
وينفق الموظف عبدالله محمد أكثر من نصف مرتبه على المواصلات، بعد الجرعة الجديدة التي أعتبرها ضربة قاضية لليمنيين الساكنين في مناطق سيطرة الحوثيين، في نفس الوقت يأمل أن يكون هناك حل جذري ودور فاعل لسلطة صنعاء لوضع حد لهذه الجرعة التي يجب أن ترفع فيه القيود عن ميناء الحديدة والسماح للشاحنات الدخول إلى العاصمة.
يقول "عبدالله" لـ"الموقع بوست" وهو موظف في أحدى المؤسسات غير الحكومية إنه يصرف أكثر من ألف ريال في المواصلات يوميا من وإلى عمله، في حين أصبح غير قادر على توفير مصاريف لأولاده مع انفاق مرتبه على التنقل.
البقاء في المنزل
وفضلت سحر قائد البقاء في منزلها منذ بدأ جرعة المواصلات الجديدة، مؤجلة كل أعمالها ومشاويرها الخاصة حتى يتم التراجع عن هذا الارتفاع الجنوني، بينما تؤكد أنها تحتاج باليوم الواحد في حالة خروجها إلى ثلاثة ألف ريال.
تقول "قائد" إنها بقت في المنزل بعد ما طلب أصحاب الباصات على المشوار الواحد 200 ريال بدلا من 100 ريال، حيث لديها مشاوير كثيرة تقضيها في مجال عملها، لكنها أجلتها بالكامل وجلست في المنزل حتى تأتي انفراجة لازمة المشتقات النفطية التي تسببت بارتفاع الأجور والمواد الغذائية.
ويستبعد محسن سعيد تراجع ملاك الباصات عن رفع أجور المشاوير الداخلية، لعدم وجود رقابة حقيقية من أجل ضبط وردع المتسببين في هذه الارتفاع ومحاسبة كل مالك باص يبتز المواطنين وتوفير المشتقات النفطية وتحديد سعرها.
حملات فاشلة
ويضيف لـ"الموقع بوست" أن سلطة الحوثيين بدأت بحملات على سائقي باصات الأجرة عبر أفراد الضبط المروري التي شكلتها حديثا، لكنها تراجعت فور انطلاقها بسبب توقف الباصات وانتشار المواطنين في الشوارع المنتظرين للباصات، ما دفعهم إلى تدشين حملة "تكافلون" لنقل المواطنين مجانا عبر باصات حكومية تابعة للمؤسسات أو التعاقد مع باصات.
يقول سائق باص إن هيئة النقل البري التابعة للحوثيين تصرف لهم ثلاثين لتر بترول وعشرة ألف ريال، مقابل نقل المواطنين مجانا داخل الشوارع العاصمة، مشددا إلى أنه يعمل من الصباح حتى المساء في عملية توصيل المواطنين من الحصبة إلى الجامعة الجديدة وصولا إلى جامعة صنعاء القديمة.
ويضيف مطالبا عدم الكشف عن هويته لـ"الموقع بوست" أنه يشتغل في وقت الذروة الصباح عند خروج الطلاب والموظفين حتى الساعة التاسعة والنصف ويوقف حتى ساعة واحدة، قبل استئناف العمل حتى الثالثة عصرا.
"نريد دولة مسؤولة"
وتؤكد الدكتورة الجامعية سامية الأغبري أنها "تريد دولة مسؤولة توفر الخدمات وتضبط الأسعار وتراعي الحقوق والحريات، مشيرة إلى أنها ليست بحاجة لباصات مجانية أو مخابز خيرية أو صدقات وزكوات"، بحجم احتياج المواطنين لدولة حقيقية.
وتضيف "الأغبري" وهي أستاذة صحافة بكلية الإعلام جامعة صنعاء في منشور لها على الفيس بوك: " نحن سئمنا حقاً من طريقة الشفقة وإسقاط العفة المعيشية للمواطنين!".
وتشهد العاصمة اليمنية صنعاء والمحافظات الخاضعة لسيطرة الحوثيين أزمة مشتقات نفطية خانقة منذ شهرين، نتيجة احتجاز قاطرات الوقود بالجوف على خلفية طلب شركة النفط الحوثية بدخولهم عبرها، واستمرار القيود المفروضة من قبل التحالف بقيادة السعودية على ميناء الحديدة.