[ أم سعاد بائعة الخبز في لحج ]
في قلب الشارع الرئيس بمدينة الحوطة تتخذ الكثير من النساء من مهنة بيع الخبز فرصة للعيش، في ظل ظروف اقتصادية معيشية معقدة فاقمها الارتفاع الجنوني في أسعار الدقيق، وهي المادة الرئيسة التي تتم منها صناعة الخبز لتتضاعف معها حجم المعاناة لدى البائعات والتي معظمهن متقدمات في السن ويقتتن من هذه المهنة كخيار وحيد للعيش.
باكراً تغادر أم سعاد في العقد السادس من عمرها منزلها في ضواحي مدينة الحوطة نحو السوق قاطعة مسافة 2 كيلومتر مشيا على الأقدام من أجل بيع منتجها من الخبز وهي تعمل في بيعه منذ ثلاثة عقود، ويشكل مصدر العيش الوحيد لها فهي لا تملك أي مصدر للعيش، فبيع الخبز هو الطوق الوحيد للعيش في ظل ظروف الحياة التي ازدادت مصاعبها.
في حديثها لـ "الموقع بوست" تقول أم سعاد إنها باتت عاجزة بسبب تقدم السن إلى جانب معاناتها من أمراض مزمنة، لكنها لا تملك مجال آخر للانفاق على نفسها غير بيع الخبز في سوق الحوطة، مشيرة إلى أنه تم حرمانها من الحصول على مساعدة المنظمات الاغاثية ولا تجد على مساعدة دورية تمنح لها كل أربعة أشهر لا تكفي لشراء أدنى الاحتياجات.
تشرح أم سعاد معاناتها في عملية تجهيز الخبز الصعبة وتمر بمراحل عديدة فهي تبدأ العمل في الرابعة فجرا من خلال إشعال الحطب وعجن الدقيق بالماء مع قليل من الدخن والزيت وتركه لمدة نصف ساعة، ثم تبدأ عملية خبزه على التنور الطيني بعد أن تنخفض شدة اللهب ليكون جاهزا بعد ربع ساعة ثم تنقله بعد للسوق للبيع.
كفاح من أجل البقاء
تنتج أم سعاد في اليوم قرابة خمسين قرصا من الخبز وتستمر في عرضه في سوق الحوطة إلى قرابة الظهيرة، لا تستطيع تحمل حرارة الشمس لتقدم سنها ومعاناتها من مراض "الضغط والسكر" فتعود تارة بمردود يغطي المتطلبات ومرة تعود عائدة بمنتجها، فالفائدة تتراوح في اليوم بين 2500 ريال - 3000 ريال تعمل على دفعها لصاحب البقالة كي يعطيها بعضا من مادة الدقيق لليوم التالي، فيما يتم أحيانا أخذ مادة الدقيق ديناً (آجل).
مهنة شاقة لا تخلو من مصاعب في ظل تقدم العمر وارتفاع المواد الأساسية التي يكلفها الكثير ناهيك عن ارتفاع أسعار شراء الحطب التي تتم عليه انتاج رغيف الخبز منها، من خلال باعة تقوم بالشراء منهم كل أسبوع بما يعادل ستة ألف ريال.
لكن أم سعاد، تقول إن ارتفاع سعر الكيس الدقيق وعدم ثباته زاد من حجم المتاعب لها ولزميلاتها بائعات الخبز الأخريات، الأمر الذي يعملن على التخفيف من وطأة الخسائر عند إعادة كمية كبيرة من الانتاج من السوق حيث يقمن بالتفاوض مع تاجر الحطب الذي يقوم بتزويدهن بالحطب من خلال إعطاء الراجع من الخبز لتاجر الحطب لحيواناته مقابل بعض حزم الحطب، وفق أم سعاد.
لكن أكثر صعوبة تواجههن بائعات الخبز عدم وجود سوق خاص بهن لعرض منتجهن، حيث يفترشن الأرض في قلب شارع الحوطة تحت حر الشمس والأتربة، وهو الأمر الذي يجعل من بعض الناس تعزف عن الشراء.