[ نادي الخريجين في جامعة صنعاء وسيلة حوثية لقمع الحريات والتضييق على الطلاب ]
تواصل جماعة الحوثي فرض قيودها وإجراءاتها على طلاب الجامعات، بشقيها الحكومية والخاصة، في مناطق سيطرتها، عن طريق إنشاء هيئات ومؤسسات داخل تلك الجامعات والسيطرة على نشاطاتها وأعمالها.
وتقول جماعة الحوثي إن تلك الإجراءات، تأتي بهدف "حراسة الفضيلة" و"تحقيق الهوية الايمانية"، بينما يقول طلاب واكاديميون بانها تأتي ضمن مسلسل الجماعة في تقييد الحريات العامة، ومراقبة انشطة طلاب الجامعات، واضفاء الطابع الطائفي على تلك النشاطات والاعمال.
واقدمت جماعة الحوثي مؤخرا على انشاء ما اسمته بنادي الخريجين وهو كيان استحدثته الجماعة في جامعة صنعاء في 2020، ويرأسه احد القيادات الحوثية ويمتلك مبنى بالقرب من رئاسة جامعة صنعاء، وله فروع في كافة الجامعات في مناطق سيطرة الحوثيين.
وعبر هذا النادي، قامت جماعة الحوثي بإصدار لائحة صارمة تفرض على الطلاب عدم القيام باي انشطة أو احتفالات أو مشاريع، إلا بعد الرجوع للنادي، وإخراج تصريح بذلك، وأن تخضع لسياسته وتوجهاته، وتحديد عقوبات للمخالفين لتلك التوجيهات، بهدف استقطاب طلاب الجامعة والخريجين، والسيطرة الكاملة على أي فعاليات تخص الخريجين وتسخيرها وفق توجيهات واهداف الجماعةـ وفق ما قاله طلاب واكاديميون في جامعة صنعاء للموقع بوست
تعسف واستخفاف
يقول محمد الذي يعمل معيدا في إحدى كليات جامعة صنعاء إن "سلطة الحوثيين في الجامعة تزداد عاما بعد أخر، وازدادت حدتها منذ انشاء ما اسموه بنادي الخريجين في 2020م، لإجبار الطلاب على الالتزام بتعليماته وتطويعهم عليها خاصة فيما يتعلق بحفلات التخرج".
في حديث لـ "الموقع بوست" يضيف محمد "لم تقتصر ممارسات النادي على حدود الجامعة، بل تعدى الى كل الجهات الخدمية التي تقدم خدمات للطلاب في حفلات التخرج وغيرها، كـ مكاتب تنظيم المناسبات والتصوير والتمثيل والانشاد ومالكي الصالات ومعامل الخياطة وشركات الأمن".
وفي 16 أكتوبر 2020م ، تداولت وسائل إعلام حوثية، خبر اجتماع رئيس نادي الخريجين مع ممثلي فرق ومكاتب ومعامل التصوير، والذي عقد لمناقشة جميع ما يتعلق بمجال عمل فرق التصوير في احتفالات التخرج، وتوقيعهم على قائمة الضوابط والتعليمات الخاصة بفرق التصوير، وقد كانت اهم مخرجات الاجتماع عدم حجز التصوير لاحتفالات التخرج او ما يتعلق بتلك الاحتفالات الا عبر النادي، ويتم رفع عرض السعر والطلبات الخاصة بكل فريق خلال 48ساعة من الاتفاق مع الدفعة.
عاصم خريج إحدى الجامعات الخاصة في العاصمة صنعاء، يشكو عن نموذج من تلك الممارسات التعسفية التي تمارسها جماعة الحوثي عبر نادي الخريجين بالقول :"كان حفل تخرجي في شهر سبتمبر الماضي، ونحن نتجهز للحفل والصالة شبه مليان من الأباء والامهات والاخوة والاخوات والاصحاب لكل متخرج ومتخرجة، فمندوب النادي نظر إلى عند أحد الخريجات، قال إن البالطو التابع لها لا يمثل "الهندام الإيماني" بحجة انه قصير ومنعها من العرض".
وأضاف عاصم في حديثه لـ"الموقع بوست" هرع مندوب نادي الخريجين وأطفأ الاضواء واجبرها على تغيير البالطو، وتسبب هذا الموضوع في تأخير البدء بالاحتفال، حيث لم يبدأ الا بعد الساعة العاشرة والنصف صباحا، واثناء ذهابنا لإخراج صور الحفل، امتنع مكتب التصوير إلا بعد الاشراف عليها من قبل مندوب النادي، واثناء اخراجها، اتضح حذف اغلب صور الخريجات للسبب نفسه.
وتابع "كان النادي يهدد بإلغاء الاحتفال واستمر هذا السلوك والتعامل معنا حتى الدقائق الأخيرة للحفل، حيث ألغوا علينا بعض الفقرات، وفرضوا علينا أخرى من قبلهم، واقتصر الحفل على ثلاث فقرات فقط، بالإضافة إلى الزوامل التي حسستنا أننا أمام قناة المسيرة مش في حفل تخرج ـ حسب وصفه.
الجدير ذكره اننا حصلنا على عشرات الحالات المشابهة لما ذكره الخريج عاصم، منها طرد خريجين وخريجات من الحفل أمام أهاليهم الذين حضروا احتفال أبنائهم وبناتهم، دون أي احترام لمشاعر الخريجين وأهاليهم، وعرقلة اقامة حفلات من أسبوع لأخر من قبل النادي بحجة عدم الالتزام بالتوجيهات، مما لا يسع المجال لذكرها في هذا المقام.
ومما تم ملاحظته من خلال متابعتنا لمقاطع فيديو لحفلات التخرج، والتي نشرها خريجون وناشطون، هو أن تكريم الخريجين يتم من قبل رئيس أو مندوب النادي فقط، بينما يقف عميد الكلية أو رئيس الجامعة وغيرهم من الدكاترة من الاكاديميين للتصوير وأخذ الصور فقط، وقام النادي بحجز وتخصيص الصفوف الأولى المخصصة للضيوف لرئيس واعضاء النادي، بينما يقعد العمداء وكبار الضيوف الاكاديميين خلفهم، في استخفاف وتعسف واضح للمكانة العلمية والاكاديمية لتلك الكوادر.
تطويع ممنهج
يقول محمد تتبع جماعة الحوثي من وراء نادي الحريجين سياسة ممنهجة ومرحلية، تهدف الى تطويع طلاب الجامعات على نهجها وسياستها، ولا أزال اتذكر لحظة إعلان النادي بأهدافه البراقة التي تحمل في ظاهرها خدمة ومساعدة الطلاب والخريجين وتسهيل مهامهم وانشطتهم ، حيث استبشرت واستبشر الطلاب خيرا بهذا النادي، فقد تمثل دوره خلال العام الاول لإنشائه في الاشراف على الحفلات دون أي تدخل من قبلهم في انشطة أو فعاليات وخصوصيات حفلات التخرج، لكن في العام التالي 2021م أصدر النادي توجيهات وتعميمات بمنع أغاني ما اسموهم مرتزقة العدوان، وجاء على رأسهم المنشد أمين حاميم، أما هذا العام 2022 فقد منعوا الاغاني الوطنية وفقرات البرع بحسب التعليمات التي وصلتنا من النادي مؤخراـ حسب تعبيره.
باسم عمل رئيس للجنة التحضيرية لدفعته، وكان حفل التخرج التابع لهم منتصف الشهر الماضي، عبر لـ "الموقع بوست" عن معاناته بالقول: يمثل النادي دور حارس البوابة، لا يمر أي نشاط إلا بموافقته، حيث أصبح يتدخل في كل شاردة وواردة تتعلق بحفلات التخرج، من اختيار أعضاء اللجنة التحضيرية، واعتماد الحفل، واختيار شعار اللجنة، واسم الدفعة، واعتماد المجلة قبل الطباعة، وبالطوهات التخرج، والتأكد من نوع القماش، واللون، والتصميم، والعبارات المكتوبة عليه، وصولا الى التوجيه بضرورة استكمال فقرات الحفل قبل اذان الظهر، مالم يقوموا بإطفاء الكهرباء وطرد الحاضرين.
المحامي والناشط الحقوقي هادي وردان يقول: إن جماعة الحوثي تحاول ان تضفي على مشاريعها ببعض المسميات الاخلاقية، وتحت ذرائع مختلفة، كي تكسب عواطف العوام، لكنها في الباطن تدس السم في كيان الجسد اليمني الذي تغذى على الوسطية، وعاش على الحريات وعلى اقامة المناسبات والأفراح بكل حرية بما لا تتعارض مع القيم والمبادئ والاخلاق الاسلامية.
وأوضح: ما يظهر ويمارس بشكل طبيعي وواضح في جميع المجالات في كل أجهزة الدولة من قبل جماعة الحوثي، هو جزء ممنهج ويترجم سياسة الجماعة وتوجهها في توسيع منهجها الطائفي والعنصري، وبالتالي كل تصرف تقوم به وكل عمل تمارسه منذ سيطرتها على اليمن، ما هو الا من اجل تمديد نفوذها وتوسيع مذهبها ونشر ثقافتها العنصرية الطائفية، والشعب اليمني يتفاجأ يوم بعد اخر بظهور ثقافات وممارسات قمعية مختلفة لم يعشها الشعب اليمني وليست من ثقافته ولم يعرفها اليمنيون منذ عصور .
سرقة فرحة الخريجين
يتابع عاصم حديثه لـ "الموقع بوست" بالقول "بدأت مضايقات النادي لنا يوم الحفل منذ دخولنا البوابة، حيث منعونا من اصطحاب البخاخات والورد وبعض الفل، وعند سؤالنا عن السبب أجابنا القائمون على حراسة البوابة من التابعين للنادي، والذين يسمونهم "الأمن الوقائي"، بأنها تعليمات الحفل، فحاولنا تجاوز الصدام معهم بهدف الابقاء على بهجة الفرحة، وتركنا ما بحوزتنا ودخلنا لتنكسر قلوبنا مرة أخرى بمحاولة إحرام إحدى الخريجات من التكريم بحجة عدم الالتزام بما اسموه "الهندام الإيماني" ( كما سبق ذكره )، واهدار وقت طويل من زمن الحفل لحل هذه الاشكالية، وبعد بدأ الحفل لاحظنا الابتداء بفقرات تابعة لهم وحذف فقرات أخرى، لنتفاجأ بعد الانتهاء من فقرة التكريم بقيام مندوب النادي بإغلاق السماعات بحجة دخول وقت الظهر واجبرونا على المغادرة.
وأضاف "أنا وغيري الكثير من الخريجين في مختلف الجامعات، نتعرض لنفس الأساليب والممارسات لسرقة اجمل فرحة حلمنا بها ونرسمها ونتعب من شأنها لسنوات، لنتفاجأ بهذه العينات التي لم تتلقى حتي التعليم الاساسي لتاتي لتسرق منا هذه الفرحة، وبالقوة ايضا وتجعل كل امرنا تحت تصرفاتها.
المحامي وردان تابع حديثه لـ "الموقع بوست" بقوله: لم يتبق لهذا الجيل غير الفرحة بتخرجه، بعد أن دمرت الجماعة بفكرها ونهجها حاضرهم وسرقت مستقبلهم، ولم يتبق لهم الا الفرحة بهذا اليوم، فقامت بعمل قيود وانشاء كيان خاص بها اسموه "بنادي الخريجين" ، بقصد الزامهم على طقوس وعلى الحان وزوامل وثقافات منبوذة تم فرضها بواسطة هذه النادي.
نادي استثماري
أنور وهو أحد الخرجين من جامعة صنعاء يقول " كنا نظن أن نادي الخريجين سيكون عمله ومهامه متركزة في دعم الطلاب الجامعيين، وتقديم التسهيلات لهم، ومساعدتهم اثناء الدراسة وبعدها، من دورات ومنح وغيره، لكننا تفاجأنا ان هذا النادي خرج عن مساره واصبح مشروع استثماري، فعلى سبيل المثال، في ادارة حفلات التخرج، يستغلوا علاقاتهم ونفوذهم مع عدة جهات لاحتكار تنظيم وتنسيق وإدارة حفلات التخرج حق الطلاب الجامعيين بحيث تكون عبرهم فقط".
وأشار إلى أن نادي الخرجين ليس همه الاساسي الطلاب الجامعيين، ولا هدفه ضبط السلوكيات في حفلات التخرج، ولكنهم يتعاملوا مع حفلات التخرج مثل أي مهرجان أو فعالية ترفيهية فيها رعاة وداعمين وكيشنات، والهدف من الاجراءات التي يشترطوها هو عشان ما يكون أي حفل إلا عبرهم فقط.