ديوانان جديدان منسوبان للشاعر البردوني يثيران جدلا واسعا وكتاب يحسمون الموقف (تقرير)
- فارس محمد الجمعة, 30 ديسمبر, 2022 - 07:58 صباحاً
ديوانان جديدان منسوبان للشاعر البردوني يثيران جدلا واسعا وكتاب يحسمون الموقف (تقرير)

[ الشاعر الراحل عبدالله البردوني ]

بعد أكثر من عقدين ونيف على وفاة الشاعر اليمني الكبير عبدالله البردوني، نشرت هيئة الكتاب بصنعاء الخاضعة لإشراف الحوثيين  ديوانين شعريين تقول بأنهما تابعان للبردوني، رغم أنهما مليئان بالأخطاء اللغوية والأسلوبية والعروضية والمعلوماتية، ولا توافق توجه وفكر الشاعر حسب متخصصين وقرّاء.

 

 الكثير من الشعراء شككوا ببعض ما جاء في ديواني البردوني  "رحلة ابن شاب قرناها" و"العشق في مرافئ القمر" المزعوم،  ودار حول الأمر جدلا كبيرا، لما يحملان من ركاكة واضحة، وأخطاء نحوية، ومعلوماتية فاضحة، وهوامش تثير الريبة، لم يعهدوها في شعره، لا سيما أن البردوني يظهر في الديوانين مبشراً بقدوم جماعة الحوثي، ومتهكماً بمعاوية، الذي يعده الحوثيون العدو التاريخي لـ آل البيت الذي يدعون الانتساب اليه.

 

الكتاب أصدرته الهيئة  العامة للكتاب التابعة للحوثيين في 5 مارس من العام الجاري، وقالت في تقديمها له: "إن الهيئة تزجي هذين العملين الشعريين بالتزامن مع ذكرى العدوان على اليمن"، واصفة البردوني بأنه كان له مواقف شعرية من هذه الذكرى قبل أن تحدث، ونظرات نثرية، واستبصار عقلي  جدير بالتأمل، فاستعصى على النسيان، الأمر الذي اعتبره متابعون توظيفا واضحا لمواقف الشاعر وقصائده.

 

تسبب إصدار الهيئة العامة للكتاب للديوانين بموجة من الجدل الثقافي، وصلت حد التشكيك والانكار في نسبة العملين إلى البردوني، وبينما أكد أدباء يمنيون على أن هذه الأعمال الجديدة التي صدرت للبردوني جزء أصيل من تراثه الأدبي المخفي قسرا، أبدى أدباء آخرون تخوفهم من العبث بأدب الشاعر، والسعي لتوظيفه سياسيا، وحتى توجيهه طائفيا في خضم الصراع المحتدم الذي تشهده البلاد، وخصوصا بعد تسرب معلومات عن اعتزام هيئة الكتاب  التابعة  لحكومة الحوثيين (غير المعترف بها دوليا) إصدار المزيد من الكتب التي لم يطبعها البردوني في حياته.

 

أخطاء وجدل

 

الكاتب والاديب زين العابدين الضبيبي، بدوره  شكك في صحة الديوانين أن يكونا للبردوني، أو أن يكون  البردوني راض عنها أو بنشرها.

 

وفي تصريح لـ "الموقع بوست" قال الضبيبي: "قرأت الديوانيين، وشعرت أن كثير من النصوص لا تشبه البردوني، ولا تضيف لتجربته، ولميزته شيء، أكثر من كونها تسيء اليه".

 

وأضاف: "قد تكون في  تلك القصائد في مجملها من نصوصه، لكنها مجرد مسودات، أو نصوص لم يكن راضٍ عنها، أو من النصوص التي يكتبها الشاعر ثم ما يلبث أن يمزقها، أو يتخلص منها، فبعض النصوص تستحق النشر وهي قلة والبقية نشرها إساءة له".

 

 وافقه القول الأديب زياد القحم، الذي اعتبر القصاصات غير المكتملة، والتي لم تقدم من قبل الكاتب للنشر لم يكن لائق أن تنشر، كونها غير مكتملة الفكرة، وقد تستخدم أو توظف في سياقات أخرى منافية لما أراد الشاعر قوله.

 

 وأضاف القحم في تصريح لـ الموقع بوست: "عبدالله البردوني شاعر كبير بقصائده التي نشرها في حياته، 12 ديوانا، قال فيها ما أراد قوله، أما غيرها من القصاصات غير المكتملة لم يكن لائقا أن تنشر، وهي في كل الأحوال تمثل الناشر، ولا تمثل من ينسبها الناشر إليه، ما لم يكن المؤلف قد أعدها فعلا وسلمها للنشر كنسخة نهائية".

 

غياب مؤثر

 

 الكاتب هشام محمد بدوره اعتبر هذا الجدل والتساؤلات حول هذين الديوانين أمر طبيعي، في ظل تغييب هذا العمل لأكثر من عقدين من الزمن.

 

وفي تصريح لـ الموقع بوست يقول هشام: "لم نطلع على الديوانيين المنسوبين للبردوني مسبقا كمخطوطة، لأقول أنني أعرف العمل أو اطلعت عليه، وما أثير من تساؤلات فهي طبيعية في ظل تغييب العمل لأكثر من 20 عاما".

 

وأضاف هشام: "لا يمكن أن ينجح أحد في كتابة عمل شعري وينسبه لشاعر فريد كالبردوني، لكن بعد حملة التشكيك كان لابد من تبيين آلية عمل اللجنة، وكيف تم تحقيق المخطوطة والتعامل معها واصداراها".

 

وتابع: "أتمنى أن يكون هناك نشر صورة للمخطوطة من قبل وزير الثقافة السابق خالد الرويشان ليطلع الجميع مادام قد تم اصدار العمل، وهنا يمكن دراسة ومقارنة المخطوطة مع العمل المطبوع، ففي حالة هذا العمل نحن لا نتعامل مع كتاب قدمه صاحبه للطباعة، بل نتعامل مع مخطوطة يتوجب العمل عليه وفقا للمبادئ العلمية لتحقيق المخطوطات، ومثل هذه الحالة يتعين تقديم صورة المخطوط الأصل في جزء ملحق من الكتاب المطبوع".

 

وأضاف: "فإذا تم التحقق من المخطوطة فالمحتوى يثبت تلقائيا، مع إني أقول لا يمكن لأي شاعر كتابة نصوص ونسبها إلى البردوني، فروح البردوني لا يمكن تزييفها".

 

وجاهة التشكيك

 

الباحث والصحفي فهد سلطان علق على الموضوع بالقول: "ديوانا البردوني اللذان نشرا مؤخرا يدور حولهما جدل كبير، وهناك ملاحظات قوية - حتى الآن - ولا تخلو من وجاهة تشكك في صحة نسبة الديوانين للبردوني".

 

وفي تصريح لـ الموقع بوست يقول فهد: "رأيي هو أن يتم الإعداد لندوة متخصصة تحتضن عددا من الشعراء والنقاد يمنين وعرب لعمل دراسات وقراءة لنصوص الديواني، وقطعا للجدل مهم أن يقام مؤتمر يضع حدا للجدل والذي قد لا ينتهي سريعا، ولكن على الأقل يعيد الاعتبار للبردوني، ويفتح آفاق واسعة للنقاش حول هذه القضية".

 

اتهامات بالتزوير

 

 بدوره نفى الكاتب والأديب جمال أنام أن تكون القصائد التي تضمنها الديوانين هي قصائد للبردوني متهما  الهيئة  بتزوير وتزييف قصائده  وانتحالها.

 

وقال في تعليق له على الفيس بوك: "هذا شعر لا يشبه البردوني، نعرف البردوني جيدا عصي على السطو والانتحال وغير قابل للتزوير أو التزييف وعينا على شعره، وحفظناه منذ البواكير، وكبرنا جوار قصائده ودواوينه، وظل يقودنا لأكثر من خمسين سنة في عوالم الدهشة فاتحا قلوبنا وابصارنا على مالا يحد من السحر والإبداع والجمال ، نعرف البردوني الى درجة يستحيل أن نخطئه او يلتبس علينا أمره".

 

 الاديب عبدالوهاب الحراسي نشر على صفحته في الفيس بوك  جانبا من الأخطاء اللغوية، والاسلوبية والنحوية، والمعلوماتية للديوانيين، التي وصفها بالأخطاء الفاضحة، والفادحة، وبأنها تثير الريبة، والشك وربما اليقين القطعي بأنها لا تمتد للبردوني بصلة، بالإضافة الى أنها تعد تزييف لمواقف البردوني من الحوثيين، الذين يعدون امتداد للفكر الامامي الذي سبق أن هاجمه الشاعر في العديد من قصائده.

 

 وأضاف الحراسي: "أخطاء لغوية وأسلوبية ومعلوماتية وفكرية  فاضحة، وركاكة واضحة، تعتري الديوانين لا يسع، معها القارئ -سليم النظر والطوية- سوى أن يفترض احتمالين: أنّ معظم مخطوطات القصائد لم تكن جاهزة للطبع، وتحتاج للتعديلات، وأنّ البردّوني كان سيراجعها ويصحّحها، وينقّحها، ولم يسعفه العمر ليفعل ذلك، أو أنّ كل مخطوطات القصائد كانت جاهزة، لكن ثمّة مَن حاول اغتصابها والعبث بمفاتنها، فكانت كما رآها الناس في ديواني الحوثيين، أو الاثنين معا".

 

هيئة الكتاب بصنعاء ترد

 

 عبد الرحمن مراد رئيس الهيئة العامة للكتاب بصنعاء التابعة للحوثيين، والمتهمة بتزوير ديوان البردوني انتقد حملة التشكيك في صحة الديوانين. 

 

وقال مراد في منشور له على فيسبوك: "ديوانا "رحلة ابن شاب قرناها" و"العشق في مرافئ القمر" للبردوني  مثبتان في المرجعيات والتداولات، وفي وثائق حصر الوراثة، بخط اللجنة المشكلة حينها برئاسة القاضي يحي الدرة، وضمت في عضويتها الأديب عبد العزيز البغدادي وكتاب آخرين".

 

وأفاد بأن لدى وزير الثقافة السابق خالد الرويشان نسخة استلمها من الأديب كمال البرتاني الذي كان يشغل حينها مدير مكتب الثقافة بأمانة العاصمة، وقد سرب كمال بعضا منها للنشر.

 

وأضاف مراد: "بدلا من حملة التشكيك والتحامل يمكن الرجوع إلى النسخة التي بحوزة وزير الثقافة السابق والقيام بمقارنتها مع ما صدر عن الهيئة".

 

ردود فعل واسعة

 

موقف ومنطق رئيس الهيئة كان له ردود فعل من قبل العديد من الكتاب والادباء على رأسهم خالد الرويشان نفسه الذي انتقد زج اسمه كشاهد في هذه القضية، كما نفى أن يكون قد أيد هذين الديوانين، أو أذن بنشرهما، أو أن يكون له نسخة أو مخطوطة محتفظا بها، (كما صرح بذلك رئيس هيئة الكتاب) أو أن يكون للبردوني دواوين أخرى غير التي نشرت في حياته والتي بلغت 12 ديوانا .

 

وقال  الرويشان في  منشور له على الفيس بوك بعنوان" تراث البردوني شهادة للتاريخ وصراحة لابُدّ منها": هاتفتُ الشاعر الكبير عبدالله البردوني في خريف 1998 أي قُبيل وفاته بسنة تقريباً من مكتبي في هيئة الكتاب راجياً أن أطبع له ديواناً جديداً وقلتُ له  لقد نشرنا ديواناً جديداً للدكتور عبدالعزيز المقالح هو " أبجدية الروح " وأتمنى نشر ديوانٍ جديد لك أيضاً ضمن منشورات هيئة الكتاب لشعراء وأدباء اليمن  لكنه  رد بالقول  ليس لدي ديوانٌ جديد للنشر.. كان صوته قاطعاً ومؤكِداً.

 

وأضاف: بعد وفاة البردوني بأيام جاء لزيارتي في بيتي العزي الشاطبي ومحمد المهدي وكانا من كاتبي البردوني  وقرائه، لا أتذكّر اليوم بالضبط في تلك الجلسة مَن أهداني نسخةً مما قيل أنهما ديوانَا البردوني الأخيرين الذَين لم يُنشرا بعد، وعندما رأيت النسخة المخطوطة المصورة تلك دهشت ورويت  تفاصيل مهاتفتي للبردوني ونفيه وجود ديوانٍ لديه يمكن طبعه! وبعد ما يقرب من ربع قرن ما زلت أبحث عن تلك النسخة المصورة من الديوانين المنسوبين إليه بعد أن انتقلتُ من بيتٍ إلى بيت ووسط أكوامٍ ضخمة من الكتب، ولم أجدها حتى اليوم.

 

وتابع الرويشان: "أريد أن أُذكّر الذين كتبوا عن المخطوطة معتقدين أن مجرد ذكر اسمي وحصولي على نسخة مصورة منها ذات يوم سيزكيها وسيزكيهم معها  بأنها كانت  مجرد صورة! وأن البردوني لم يسلّمها لي بنفسه بل نفاها وأنني لو اعتقدت بسلامتها تماماً لكنتُ نشرتها وأضفتها على مجموعته!"

 

انتقادات وتوضيح

 

 من جانبه  انتقد الكاتب والروائي علي المقري موقف هيئة الكتاب بصنعاء، وقال بإنهم طالبوها بإتاحة الفرصة لمجموعة من الشعراء والخبراء بشعر البردوني وبعض جلسائه، لمعاينة هذه النصوص وإطلاع محبي البردوني على حقيقتها مهما كانت، إلاّ أن القائمين على الهيئة والتابعين لها رفضوا هذا الطلب، مما زاد الشكوك حول حقيقة هذه النصوص ومصدرها، خصوصاً بعد المقدمة السياسية التي تمتدح السلطة الحوثية، ثم توجههم نحو إصدار كتاب يحمل في عنوانه اسم الحسين، معتبرا ذلك توجه طائفي يسيء للبردوني الذي كان ضميراً لكل اليمن، وليس لمذهب أو طائفة، مضيفا: "فالبردوني كتب عن الحسين في مقالات متفرقة، لكن ذلك كان ضمن سياقات تناول فيها مواضيع وشخصيات أخرى".

 

 ويواصل بالقول: "الأخطاء الواردة في الديوانيين وصلتنا معلومات تفيد بأن مخطوط الكتاب يحتوي على عدد من الخطوط، ولم يُكتب بخط محمد الشاطبي، كاتب البردوني، وحده كما تدعي الهيئة والمدافعون عنها، إلى جانب ما قاله المطلعون على النسخة الأصلية بأن هناك حذفا لبعض القصائد”.

 

استغلال الشهرة

 

يقول  الكاتب والباحث علي محمد زيد: "لا يوجد قارئ أو مثقف يمكن أن يعارض البحث عن نصوص، وأشعار للبردوني يقال إنها لم تنشر أو يُشاع أنها اختفت لأغراض سياسية،  لكن ما ينبغي عدم التسامح معه هو نشر أي نصوص لكاتب لم يعد على قيد الحياة دون تحقيق وتدقيق".

 

 وأضاف زيد في تصريح صحفي: "للتحقيق أصول وقواعد لا ينبغي تجاوزها تحت أي ظرف، قوامها أن يتولَّى محققون مختصون التأكد أولا من أن النصوص المنشورة تعود للبردوني نفسه، وأن الأغراض الخاصة أو السياسية لم تتدخل لاستغلال شهرة المؤلف وسمعته الحسنة ومكانته الثقافية والاجتماعية في اختلاق النصوص أو تعديلها، وهي أغراض متوقعة بعد كل ما جرى ويجري في اليمن من عبث وحروب، قد تدفع إلى إقحام الشاعر العملاق والكاتب العقلاني المستنير في ما لا علاقة له به من صراعات".

 

 وأشار: حق البردوني على الجميع التأكد من أن ما ينشر باسمه يعود له حقا، وهذا يقتضي اتباع طرق التحقيق العلمي المعروفة، وما ينبغي أن يرفضه الجميع هو منع استغلال سمعته الحسنة ومكانته الثقافية والاجتماعية الكبيرة، التي اكتسبها بكده وصبره وصراعه مع الزمن القاسي، لتوظيفها بأي صورة في أغراض لا يرضى عنها ولا يقبلها، وبخاصة إقحامه في تحمُّل وزر المشاركة في ما يجري من تمزيق للنسيج الاجتماعي اليمني”.

 

توظيف سياسي سابق

 

من جهته اعتبر الكاتب  حسين الوادعي أن محاولة استغلال شهرة البردوني  وتوظيفها سياسيا لدى اطراف الصراع في البلاد  ليست جديدة، مشيرا إلى أنه حتى أثناء حياته تسارعت التيارات السياسية لنسبة البردوني إليها، القوميون أرادوا نسبته إلى الناصرية، والاشتراكيون حاولوا إلباسه ثوبا يساريا، وبعض أعضاء الحزب الحاكم آنذاك استغلوا مدحه لعلي عبدالله صالح في الأمن الجمهوري للتلميح إلى قرابة ما من السلطة. حسب تعبيره.

 

‏وقال الوادعي : البردوني كان جوهرا فردا ومستقلا عن كل التيارات والأحزاب، في حين حاول الحوثيون استغلاله أكثر من مرة، مذكرا باستغلال قصيدة “مصطفى” لتبرير السيطرة على صنعاء، أو محاولة استغلال بعض كتاباته الناقدة لتشويه الدول أخرى.

 

وحول مساعي الحوثيين توظيف البردوني في إطار حربهم الثقافية والإعلامية، يضيف الوادعي: “يبدو أنهم الآن انتقلوا إلى مرحلة ثالثة لاستغلال كتب البردوني عبر إعادة نشرها لكي يظهروا أمام اليمنيين بأنهم الجهة الوحيدة التي انبرت لإنقاذ تراث البردوني وتقديم نفسها حامية وحارسة للثقافة اليمنية، ويبدو أن هناك نية لاستغلال بعض الكتابات القديمة البردوني عن ثورية الحسين وكربلاء وإعادة نشرها في كتاب يعطي بعدا طائفيا غير حقيقي للكتابات المقصودة

 

تقويض الوعي

 

الكاتب جمال أنام أفاد انه أجرى  حوار مع الشاعر البردوني للشاهد اللندنية في العام 1998 برفقة الزميل سعيد ثابت ذكر فيه البردوني عن الديوانين "رحلة ابن من شاب قرناها" و"العشق فوق مرافئ القمر" وقال إن هاذين الديوانين طبعا في قبرص، لكن السلطة اليمنية صادرتهما، مازال الغموض يلف هذا الموضوع حتى اليوم ولا شيء واضح على الأطلاق وكل ما هنالك مجرد كلام لا ينبني عليه شعر.

 

وأضاف: يقيني أن زعم الحوثيين عثورهم على الديوانين، واعلانهم تبني نشرهما ليس إلا كذبة كبرى مفضوحة، وتقويض للوعي الشعبي، بدليل هذه القصيدة "بادية الزيف والتصنع" المنشورة باعتبارها من ديوان "رحلة ابن من شاب قرناها"

 

 واوضح أنام : "من الواضح أن لدى الحوثة مشروع تدليس باسم شاعر اليمن الكبير تحت غطاء الديوانين المفقودين، ولا نستبعد تجنيدهم لشعراء باليومية من ساقطي الموهبة والروح الذين يعتاشون على موائد الكبار ويقدمون انفسهم كمزورين بلهاء قابلين للتأجير".

 

وتابع: علاقة الحوثة والبردوني لا يمكن أن تكون سوية ونزيهة، فشاعرنا الجمهوري العتيد ضدهم موقفا ورؤية وشعره منذ كان ضد دعواهم وخرافاتهم الماضية والحاضرة وضد كل ما يمثلونه ويدعون اليه . وتفصح خطوتهم هذه عن الكثير مما يريب.  

 

ودعا أنام إلى العمل في كل ما من شانه حماية الرموز الوطنية  وعدم السماح باستخدامهم على هذا النحو وابقاءهم في مأمن من غوائل الرثاثة والانحطاط المعمم ومهم أن يتحرك النقاد والكتاب والأدباء لمواجهة مثل هذه العمليات التي تستهدف تقويض الوعي والذاكرة وضرب الحساسية الفنية والابداعية ونسف الذائقة والمعيارية وتحطيم القامات الملهمة وتحويلها الى ادوات في خدمة مشروع الخراب لم احتمل عرض المزيد من الأبيات الملفقة ولم أرد إغضاب شاعرنا الكبير والإساءة لمقامه اكثر

 

عداء تاريخي

 

الكاتب سامي غالب أشار الى وجود عداء تاريخي بين السلطات القائمة وبين البردوني منذ نبوغه الشعري والمعرفي؛ نتيجة نقده المستمر لممارسات وسلوكيات تلك السلطات، وحمل اتحاد الكتاب والأدباء اليمنيين مسؤولية العبث الحاصل في إرث البردوني.

 

 وقال غالب: إن "عبدالله البردوني صرح مرارا أنه أنجز ديوانين جاهزين للطبع هما "ابن من شاب قرناها" و "العشق في مرافئ القمر"، وانجز كتابا جاهز للطبع هو "الجمهورية اليمنية" وهذه ثلاث أعمال البردوني كانت قيد الانجاز، أي دفعت للطبع أو جاهزة لأن تطبع"، مشيرا إلى أنه سمع ذلك من البردوني شخصيا في مارس 1998 ونشر كلامه في حوار صحفي أجريته معه لجريدة "الوحدوي".

 

وأضاف "بعد عام ونصف من موت البردوني تقريبا ترددت أقاويل عن السطو على مخطوطة كتابه "الجمهورية اليمنية "من قبل "مندوب الرئيس السابق علي صالح " ـ حسب شهادته.

 

وتابع غالب: "في 2012 والسنوات التي تلت تجدد الحديث عن أعمال البردوني غير المنشورة في غياب الحاكم الذي ناصبه العداء، وفي ظل وزراء لا يمتون بصلة إلى النظام السابق لكن بالتركيز على ديوانيه دونا عن الأعمال الأخرى، نثرا وسياسة"

 

وأفاد:  "بعد سيطرة الحوثيين على صنعاء بدا وكأن البردوني أحد خصومهم التاريخيين إذ أن موقعه في الانترنت الذي يحتوي على أعماله الشعرية المنشورة تم حذفه دون أن تحرك الوزارة واتحاد الأدباء ساكنا، وأشار:  إلى أن ما كتبه الروائي اليمني علي المقري عن العمل الذي طبع في صنعاء مؤخرا ونسب للبردوني جدير بالوقوف والتحقق من جميع محبي البردوني وتلاميذه.


التعليقات