[ سيول الأمطار تجرف مخيمات النازحين في مأرب ]
فقدت حميدة وافي (50عاما) خيمتها الوحيدة وطعام أطفالها ودفائهم وفراشهم بعد ليلة شديدة البرودة والمعاناة التي عاشتها مع الأمطار والرياح التي استمرت لساعات طويلة، لم يصمد مسكن حميدة أمامها سوى ساعات قليلة حتى اقتلعته بما فيه تاركة الأسرة بأطفالها ونسائها في العراء لليلة كاملة.
النازحة حميدة المنحدرة من مديرية حريب نهم شرق العاصمة صنعاء منذ العام 2018م في مخيم السويداء شمال محافظة مارب (الذي يأوي أكثر من 1800 أسرة نازحة من مناطق يمنية مختلفة بحسب احصائيات ادارة النازحين) وبحسب حميدة أن الأمطار والرياح العاتية حولت ليلتهم مطلع الشهر الجاري الى ليلة باردة "عشناها تحت الامطار والرياح الشديدة التي قطعت الخيام وبللت الامطار الدفاء والفراش والغذاء وبتنا في العراء "وبحسب حميدة أنها لم تتلقى أي مساعدات من المنظمات الانسانية او السلطات المعنية.
تستقبل اليمن موسم أمطار غزيرة حذرت منها مراكز الارصاد الجوية في البلاد الذي يشهد حرب ونزوح واسع في مناطق مختلفة تحتضن محافظة مأرب أكبر اعداد للنازحين في البلاد حيث يقام فيها 194 مخيم للنازحين فيما تحتضن أكثر من اثنين مليون نازح بينهم الاطفال والنساء.
قال نائب إدارة وحدة النازحين بمارب خالد الشجني إن حالة التأهب والاستعداد لمواجهة الفيضانات المتوقع حدوثها في المحافظة خلال موسم الامطار بطيئة مقارنة بحجم الكارثة المتوقع حدوثها بفعل الفيضانات المتوقعة, وأن استجابة شركاء العمل الانساني لنداء الاستغاثة الذي اطلقته ادارة النازحين للعمل على خطوات تقليل خسائر الكارثة قبل وقوعها اضاف معوقات كثيرة تواجه عملية اخلاء النازحين من مناطق الخطر وممرات السيول.
وأشار الشجني أن وحدة النازحين تعمل على حشد جهود المنظمات الانسانية الشريكة لتوفير مخزون طارئ من المأوى والغذاء لتلبية الاحتياجات في وقتها المناسب لمواجهة الكوارث بفعل الفيضانات المتوقعة .
وأوضح أن السلطة المحلية بمارب شكلت الشهر الماضي لجنة الطوارئ لتقييم المخاطر من مختلف النواحي التي قد يتعرض لها النازحين في المخيمات والمساكن بفعل الفيضانات والتي قامت بتحديد ممرات السيول وبدئ اخلاء ممرات السيول من السكان النازحين الى مناطق اكثر امان لتقيل المخاطر التي قد تنتج خلال موسم الامطار القادم وعمل حلول على المدى البعيد.
عمليات اخلاء النازحين
ولفت إلى أن عملية اخلاء الاسر الساكنة بالقرب او في ممرات السيول الى مناطق اكثر امان بدأت منتصف الاسبوع الماضي وستستمر حتى اخلاء كل من شملهم تقييم لجنة الطوارئ وقرر اخلاء مناطقهم لتقليل الخسائر المادية والبشرية واطلاق التحذيرات للأسر الواقعة في مناطق الخطر.
وأكد ان لجنة الاخلاء تواجه صعوبات من بينها عدم توفر اماكن بديلة اكثر امان لأخلاء النازحين اليها من مناطق الخطر بفعل عدم توفر ارض خاصة بالدولة انما كل الاراضي المتاحة هي ملك خاص وذلك يشكل عائق كبير امام عمل الاخلاء ويعرقل سرعة العمل قبل حدوث الكارثة كما حدث خلال الاعوام الماضية وتعرض الكثير من النازحين في ممرات السيول للانجراف والوفاة وتكبد الخسائر المادية وفقدان المساكن .
الكثير من الأسر التي لا زالت تسكن على ممرات السيول وقد تتعرض للمخاطر بحسب الشجني، فإنه تم اشعار الاسر بضرورة اخلاء اماكن سكنهم الا أن اللجنة لم تستطع على توفير مناطق امانة لنقل النازحين اليها حتى الآن.
وأفاد أن ادارة النازحين اطلقت نداء استغاثة الى جميع الشركاء الانسانيين في مارب لإنقاذ ارواح الاسر النازحة ونقلها الى مناطق امنة من مناطق الخطر المحدق بهم بفعل الفيضانات المتوقعة بحسب تحذيرات وبلاغات مراكز الارصاد وكذا مركز الهلال الاحمر والصليب الاحمر في اليمن.
وطبقا للشجني فإن الاستجابة من قبل الشركاء الانسانيين ضعيفة جدا حتى اللحظة في وقت قصير تسعى فيه ادارة النازحين الى العمل بقاعدة (الوقاية خير من العلاج ) لمعالجة الاشكالية قبل وقوع الكارثة وتخفيف الاضرار, مضيفا أن التدخلات من قبل الشركاء ايضا ضعيفة جدا مقارنة بحجم الطلب والاحتياج الواسع للنازحين في مختلف الاحتياجات الغذائية والحماية والمأوى وغيرها بحسب وصفه.
واستطرد أن الاحتياجات التي تتطلبها الاسر النازحة في مارب كثيرة منها توفير مسكن امن ومستدام لا يتأثر بعوامل الطبيعة بشكل مباشر ويقدر على مقاومة الامطار والرياح الرملية خاصة أن مارب طقوسها صحراوية شديدة الحرارة وشديدة البرودة خلال طقوسها المتقلبة بين الصيف والشتاء.
وبحسب ادارة النازحين فإن عدد الأسر التي تحتاج الى مأوى 47,862 أسرة نازحة منها 288 اسرة نازحة تعيش تحت الاشجار ودون مسكن ولا خيمة , بينما تعيش 13 الف اسرة في مباني غير مكتملة ومملوكة لغيرهم ,اضافة الى وجود 178 مخيم للنازحين مهددة بالإخلاء من مواقعها لعدة اسباب منها مخاطر الفيضانات تهدد سكانها وايضا مطالبة مالكي الاراضي بحاجتهم للأرض التي انشئ عليها المخيم وذلك في 13 محافظة يمنية تحتضن النازحين تحت سيطرة الحكومة المعترف بها دوليا.
أضرار الامطار
وتشهد اليمن حرب دخلت في عامها التاسع بين قوات الحكومة المعترف بها دوليا وجماعة الحوثي المدعومة من ايران أدت إلى أكبر كارثة إنسانية في العالم في وقت تستمر المواجهات المسلحة في مختلف خطوط النار في البلاد ودون ملامح حتى اليوم لإحلال السلام فعليا على ارض الواقع رغم المبادرات الواسعة الداعية الى سلام شامل ومستدام بين الاطراف اليمنية بوساطة الامم المتحدة وبعض الدول .
وتسببت الأمطار الغزيرة منذ منتصف مارس الماضي في حدوث فيضانات في العديد من المحافظات اليمنية ادت الى تضرر أكثر من 13ألف أسرة في مخيمات النازحين بحسب جمعية الهلال الاحمر اليمني بما فيها المحافظات التي تحتضن مخيمات النازحين في مارب والجوف وسيئون بحضرموت والمهرة مخلفة 14 قتيل و30 جريح وأضرار واسعة في المنازل والمخيمات.
ويحمل النازحين الذين اضطرتهم الظروف الصعبة لبناء منازلهم على ممرات السيول هموم الامطار حيث يضل النازحين بعيدا عن منازلهم طوال ساعات هطول الامطار تحسبا للسيول التي جرفت منازلهم خلال العام 2021.
يقول النازح عبد الرقيب البعداني الذي بنى مسكن لأسرته على ممر السيول في وسط مدينة مأرب أن سيول الأمطار العام قبل الماضي جرفت منزله بالكامل ولم تبقي له اثر ولم يتمكن حتى اليوم من اعادة بناء منزله بالكامل وبالكاد بنى غرفة لنومه واطفاله ولكنه يحمل هم عودة الامطار الغزيرة التي قد تجرف منزله .